الجمعة , مارس 29 2024

شهادات شيعية – بقلم الشيخ عباس حايك

شهادات شيعيَّة…

بقلم الشيخ عباس حايك,
جريدة صدى البلد –  الاثنين 1 يوليو

حتى لا نُعيد ما بدأه بعض المساهمين كتابةً في الموضوع الشيعي من زاوية اللبننة لطائفةٍ مملوكةٍ لدولةٍ فارسيةٍ كما يَصطَلحُ على ذلك المختلفون مع السياسة الإيرانية وبخاصة في ما يتصل بالشيعة عموماً وباللبنانيين منهم خصوصاً… ومن هنا لا بدَّ من رفع سقف الإصلاح تحت عِمَّة دينية لصعوبة ذلك على المدنيين في لحظةٍ شيعيةٍ متخمة بالمسرودات المذهبية وتكاد أن تنحصر الأسماء المعنية في هذا المجال بالمرجع اللبناني السيد علي الأمين باعتباره الموقف المعبِّر وبوضوح عن أزمة الراهن الشيعي بكل اتصالاته الداخلية وأبعاده الخارجية وهو الشخص الممتلئ بالتجربة الشيعية وبكل محمولاتها…

لذا الاستحضار هنا متاخم لموقعه وموقفه وما نتج عن ذلك من نتائج تستدعي التقاط الدوافع الشرعية المفضية الى خروج على السلطة الشيعية من أبوابها الكبيرة خوفاً ومخافةً على طائفة تحتاج الى الفرملة الواقعية والموضوعية حتى لا يأخذها اندفاعها السريع الى مهاوٍ مشابهة لما وقعت فيه الطوائف الغالبة والقوية من قبل قيام ونهضة الطائفة الشيعية…من هنا يتحوَّل الضعف في فرادة الموقف الى قوَّة اللحظة التاريخية والى فعلٍ متصلٍ بالمستقبل السياسي لا بالحصَّة السياسية الظرفيَّة كما يفهمها المستفيدون من قوَّة الحاضر… وتكمن أهميَّة الفرادة “الأمينيَّة” أنها تستدعي سيرة رجُلَين تمأسست المؤسَّسة الشيعية على فعليهما وهما: الامامان موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين اللذان حرَّكا الطائفة في ملاحةٍ وطنيَّةٍ دون أن يدفعاها الى بواخر محمَّلة بمصالح واستراتيجيَّات غير لبنانية، وبالتالي ثمَّة مشابهة من الأحداث جعلت من المرجع السيد علي الأمين وريث نهجيهما بدءاً من اختلاف الامام موسى الصدر مع المرجعيَّات التقليديَّة الدينيَّة والسياسية ومحاربتهم له وما تبع ذلك من خلاف مع سياسة المقاومة الفلسطينية وأطُرها من أحزاب الحركة الوطنية ما أدَّى ذلك الى ملاحقة الامام الصدر ونفيه من مدينة “صور” وهذا ما حصل أيضاً مع الامام شمس الدين أثناء اختلافه مع الفهم الايراني للشيعة اللبنانيين آنذاك وتمَّ تهجيره من مكان اقامته في الضاحية أثناء الفتنة الشيعية وبعد ذلك وقع الاختلاف مع المرجعية السياسية ، وأبقى على خلافه الجذري مع ولاية ايران في لبنان … هذا المشهد تكرَّر مع المرجع السيد علي الأمين الذي خاصمته المرجعية السياسية التقليديَّة ومؤسَّستها الدينيَّة وتمَّ نفيه من مدينة “صور” بعد اعتداء على المنزل ومركز الافتاء الجعفري وتطوَّر الخلاف الى تصدُّع في بنية الموقف الشيعي… اذاً نحن أمام وريث مماثل في الشكل والمضمون… وقد لعِبَ ذوقه الفقهي والفكري والاجتهادي دوراً في جعل الخصوصيَّة الشيعيَّة جزءاً من الفهم الاسلامي للدين وكمذهبٍ يملك طريق في التفكير الديني يقرِّبه من باقي المذاهب كقيمة علميَّة متفقهة لاغناء البحث العلمي في الاسلام… هذه الشهادات الشيعية لرموز علميَّة وفقهيَّة غذَّت الدور الشيعي ومنحته أفقاً غير مغلقٍ على خصوصيَّة تُحجِّم من فواعل طائفةٍ خلاَّقةٍ وتجعلها منكمشة داخل ثوب المذهب…من هنا كان رفضهم لأيِّ اعتبار يشير الى الشيعة كحالةٍ خاصةٍ أو جهةٍ متماسكة لتلبية مصالح خارجيَّة هكذا فهموا وعملوا لشيعيَّة لبنانية متمسِّكة بالدولة باعتبارها الشرط الأساسي لضمان وحماية الأقليات المهتجسة من وهمٍ أكثريٍّ قد يكون موجوداً في ظروف كثيرة….

المصدر: نيو ليبانون.انفو