السبت , ديسمبر 14 2024
الامين | معنى الإسلام في قول الله تعالى ( إن الدّين عند الله الإسلام )

الجزء الثاني – في حوار عام وشامل تناول مختلف القضايا مع جريدة اللواء :التقريب بين المذاهب ليس صفقة سياسية بل هو في طليعة الخير،والمرجعيات الدينية في العراق لم تقم بالدور التقريبي المطلوب

الجزء الثاني – في حوار عام وشامل مع العلاّمة السيد علي الأمين تناول مختلف القضايا مع جريدة اللواء :

التقريب بين المذاهب ليس صفقة سياسية بل هو في طليعة الخير

والمرجعيات الدينية في العراق لم تقم بالدور التقريبي المطلوب

السيّد علي الأمين - جريدة اللواءتناول العلامة السيد علي الأمين في الجزء الأول من هذا الحوار مسألة تراجع الدور العلمي لعلماء جبل عامل، كما تناول قضية ولاية الفقيه والجدل المثار حولها، وأكد أيضاً ولاء الشيعة لوطنهم أينما كانوا.

واليوم في الجزء الثاني من الحوار يتناول السيد علي الأمين مسألة التقريب بين المذاهب حيث يرى أنها من المسائل التي يجب العمل عليها بعيداً عن المساومات.

كما تناول بعض العادات التي تحولت بسبب الجهل والتقاليد حتى أصبحت وكأنها عبادات.

التقريب بين المذاهب

  • مسألة التقارب بين المذاهب هناك من يطرح لحل الإشكالية بين الشيعة وأهل السنّة عموماً أن يتجاوز ويصلوا الى حل وأن يوقف السلفيون وأهل السنّة تكفير الشيعة فيما يقوم علماء الشيعة بإزالة ثقافة شتم الصحابة ما هو تقييمكم الموضوعي؟

– إن مسألة التقريب بين المذاهب ليست صفقة من الصفقات السياسية التي يتنازل فيها فريق لآخر إنها مسألة من المسائل التي يجب العمل عليها من منطلقات الدعوة الدينية بعيداً عن المساومات وأنصاف الحلول، وقد قام السلف الصالح من أئمة أهل العلم والمصلحين بهذا الدور التقريبي تطبيقاً لقوله تعالى:

(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)

ولا شك بأن الدعوة الى التقريب بين المسلمين تقع في طليعة الخير والمعروف الذي يجب الأمر به وأن الفرقة والإنقسام وكل عوامل الإضعاف للأمة الواحدة في طليعة المنكر الذي يجب النهي عنه وقد أمر الله بالإعتصام بحبله ونهى عن التفريق كما في قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)

وقوله تعالى: ( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)·

ولذلك يجب التخلي شرعاً عن كل ما من شأنه أن يحدث الفرقة بين المسلمين من منطلق الدين الواحد الذي يجمعهم كما في قوله تعالى: (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).

ولا شك بأن تكفير فرقة من المسلمين كلاً أو بعضاً هو من أشد عوامل الفرقة فتكاً في وحدة الأمة والجماعة وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:

(ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا··}

وفي السنّة النبوية الجامعة كما جاء في روايات كنز العمال عن رسول الله (ص):

(المسلمون كالرجل الواحد) (المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله) و (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم عليه النار) وغير ذلك من الروايات والأحاديث النافية لكفر من آمن بالله ورسوله·

ولا شك أيضاًً بأن سب الصحابة المسلمين المؤمنين بالله ورسوله بحسب القواعد والأصول التي درسناها معدود في جملة المنكرات والمحرمات الشرعية التي يجب الإقلاع عنها وقد نهى الله تعالى عن سب الكافرين فكيف يرضى بسب المؤمنين!

وقد جاء في الحديث: (سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر، وأكل لحمه حرام من معيصة الله)·

وقد سمع الإمام علي (ع)وهو في صفين قوماً من أصحابه يسبون أهل الشام فقال:(إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان سبّكم إياهم اللهم أحقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالتهم حتى يُعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغيِّ والعدوان من لهج به)·

وفي بعض الروايات أن قوماً قدموا من العراق إلى المدينة المنورة يريدون الإمام علي بن الحسين وبعد أن دخلوا عليه ذكروا أبا بكر وعمر وعثمان بسوء ونالوا منه فقال لهم: (ألا تخبرونني من أنتم؟! أنتم من المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، قالوا: لا· قال: أفأنتم من الذين تبوّأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، قالوا: لا· فقال: أما أنتم فقد تبرأتم من أن تكونوا من هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله في حقهم والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا} اخرجوا فلا بارك الله فيكم.

 

إقتراحات لتفعيل التقارب

أ- التأكيد على مرجعية كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه وبالعودة إلى سنّة رسول الله الجامعة تمسكاً بقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} فإن الرجوع إلى الله هو الأخذ بكتابه والرجوع إلى الرسول هو بالأخذ بسنته الجامعة الموافقة لكتاب الله وقد أكدت هذا المعنى الكثير من الأحاديث منها قوله عليه السلام (إذا التبست عليكم الفتن كغياهب الليل المدلهم فعليكم بالقرآن) ومنها (القرآن هو الحكم بين المسلمين إذا اختلفوا والدليل لهم إذا ضلوا) هذه المرجعية للقرآن الكريم مع تلك السيرة الصالحة من السلف الصالح في الرجوع إليه في فض النزاعات وفصل الخصومات هي التي حصّنت الأمة من عوامل التمزّق والإنقسام في أول أمرها وهو ما يصلح أمر الأمة في آخر أمرها وقد كان القرآن يذكرهم بآياته المدّوية بأنهم اخوان في دين الله (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً)· وبهذه المرجعية لكتاب الله كانت تحلّ في الماضي عقد الاختلاف وتترسّخ روابط المحبّة والأئتلاف بين المسلمين لأن القرآن عندهم في وضع القداسة لا يختلفون في الحق الذي يظهره ولا في الباطل الذي ينكره.

ب – العمل على تغيير وتعديل منهاج التدريس في المعاهد والحوزات الدينية وفتح أبوابها لاستقبال طلاب العلوم الدينية من مختلف المذاهب والتأكيد على أن الدين الذي يجمعنا هو الإسلام وأنّ المذاهب هي آراء وأفكار واجتهادات مشروعة، وأن الاختلاف فيها لا يعني اختلافاً في الدين وخروجاً منه·

ج- انشاء جامعة علمية للتقريب بين المذاهب ينتشر طلابها وعلماؤها في العالم الإسلامي للتبليغ الديني ويكون مقرُّها في مكّة المكرّمة أو المدينة المنوّرة·

د- انشاء محطة فضائية باسم الاعتدال الديني لبث البرامج الدينية التي تساهم في ثقافة الاعتدال والوسطية ونبذ الفرقة والتعصُّب·

هـ – انشاء هيئة مشتركة في مكّة المكرّمة لتحديد المناسبات الدينية في العالم الإسلامي وتوحيدها لمناسبات الحج والأعياد.

 

مسألة التقريب وقضية العراق

  • هل إحتلال العراق أحدث مسألة تصادم بين السنّة والشيعة وأوقف مشروع التقارب؟ وهل تلقي أحداث العراق بظلالها مرة أخرى على التقارب بين الطائفتين؟

– لا يجوز أن يتوقف مشروع التقارب ويجب أن يعمل العقلاء والحكماء في هذه الأمة على الإستمرار بهذا الواجب الديني الكبير الذي ينقذ الأمة من أخطار التطرف والتفرق التي تهدد وحدتنا واستقرارنا داخل مجتمعاتنا وأوطاننا والتي تهدد أمتنا بالعزلة عن الأمم الأخرى وبمزيد من العدوات لها في العالم والذي أراه أن التطرّف والتفرّق يغذي أحدهما الآخر ولذلك يجب أن تتظافر جهود الدول العربية والإسلامية والمصلحين فيهما على التعاون من أجل دفع هذا الشر المستطير على قاعدة قوله تعالى: ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير} ولا يزال الخير موجوداً في أمّة محمد إلى يوم القيامة كما هو مضمون الحديث·

وقد كان لما جرى في العراق ويجري الأثر السيء على عملية التقارب التي كانت ضعيفة في الأساس، ومما لا شك فيه أن الصراع على السلطة في العراق ساهم إلى حد كبير في نبش دفائن الماضي ونكء الجراح والذي أعطى البعد الطائفي والمذهبي للصراع هي محاولات استقواء الأطراف الطامحة للسلطة بالعصب المذهبي لتحصيل مزيد من المواقع والنفوذ داخل النظام الجديد· والمرجعية الدينية في العراق لم تقم بالدور المطلوب لمنع الإنفجارات المذهبية والاحتقانات الطائفية ودخول رجال الدين في العملية السياسية في العراق هو الذي طبع الصراع السياسي على السلطة بطابع المذهبية والطائفية، وقد خرجت المرجعية الدينية في النجف الأشرف عن الطريقة المعهودة في الإبتعاد عن الصراعات السياسية السلطوية وأصبحت في بعض الأحيان مع فريق داخلي ضد آخر في الإنتخابات النيابية والتعيينات الحكومية وهذا ما لم يحصل له نظير في عهود المرجعية الطويلة وصولاً إلى عهد أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين رفضوا الدخول في معركة السلاطين وكانوا يطلبون من شيعتهم عدم الخروج على السلطان كما جاء في الحديث عن الإمام جعفر الصادق (لا يخرج الخارج منّا أهل البيت إلاّ واصطلمته البلية واخترمته المنيّة وكان خروجه زيادة في مكروهنا ومكروه شيعتنا) وهو بذلك كان يريد ابعاد الشيعة عن الدخول في الصراع على السلطة الذي يلهب نار العداوة والبغضاء ويعمل على تمزيق الأمّة من داخلها ولا تجني منه الأمة سوى المزيد من الضعف والإنحلال كما قال الله تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} وفي الحديث (ما ذئبان ضاريان بأشد فتكاً في قطيع غنم من حب الرياسة في دين المسلم)·

 

اجتهاد وليس تعصباً

  • هل يُقدم الشيعة مذهبهم على أنه مذهب خامس إضافة إلى المذاهب الأربعة السنّية، أم أنهم يقدمونه على أنه البديل الصحيح؟

المذاهب تكوّنت من آراء العلماء وأفكارهم واجتهاداتهم في أصول الدين وفروعه وكلُّ مجتهد وفقيه انما يفتي برأيه بعد قيام الدليل الصحيح بنظره على المسائل، وليس له أن يفتي بدون الموازين العلمية التي يعلم بحجّتها وصحَّتها لأنه حينئذٍ يكون قد أفتى بغير علم، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يكون مصيباً باجتهاده للواقع، فقد يكون مصيباً وقد يكون مخطئاً، ولذلك ورد في بعض النصوص الدينية أنّ المجتهد إذا أصاب فهو مأجور وإذا أخطأ فهو معذور، وفي بعضها أنه إذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجرٌ واحد، وإذا كان احتمال عدم اصابة الواقع موجوداً فهذا يعني أن رأيه في الواقع ليس الصحيح الأوحد وليس له أن يحكم ببطلان اجتهاد الآخرين وآرائهم ولذلك ورد في تعريف الاجتهاد، أنّه بذل المجتهد الوسع في سبيل تحصيل الظن بالحكم الشرعي، ولذلك فإنّ كلّ اجتهاد في دائرة الكتاب والسنّة يعتبر اجتهاداً مشروعاً· وعلى هذا الأساس يكون رأي المجتهد رأياً شرعياً وليس رأياً للشريعة، لأن آراء المجتهدين قد تتعدد وتختلف ولكن رأي الشريعة في الحقيقة والواقع هو واحد لا يتعدّد، وباعتبار أنّ آراء المجتهدين هي آراء شرعيّة لاجتهادات مشروعة يكون العمل على وفقها صحيحاً ومبرئاً للذمّة ولا يجب الاعادة فيما لو انتقل إلى رأي فقيه آخر يخالف من كان يعمل سابقاً برأيه وفتواه، وهكذا الحال بالنسبة للعمل على وفق مذهب آخر فيما إذا كان حين العمل مستجمعاً لشرائط الصحة على وفق مذهبه وهذا هو المشهور والمعروف بين علمائنا وهذا أن دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على أنّ حدود الصحة لا تقف عند حدود مذهب معين ولا عند رأي فريق أوحد·

 

  • هل الشيعة يقبلون مرويّات الصحابة عن النبي (ص) ويعملون بها؟

– انَّ الأخذ بسنّة رسول الله (ص) مما اتفق عليه المسلمون امتثالاً لقول الله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} مضافاً إلى الروايات المتواترة الداعية للتمسّك بسنَّة رسول الله (ص) ولكنّ البحث وقع بين العلماء حول وسائل اثبات السنّة المروية عن رسول الله (ص) وهذا ما أدى إلى ولادة ما يسمى بعلم الرجال حيث تتمُّ فيه دراسة أحوال الرواة ومدى وثاقتهم وعدالتهم وقد اختلفت موازين الجرح والتعديل عندهم· ومن خلال دراستي الفقهية في النجف الأشرف وقراءاتي للكتب الفقهية المختلفة كان الإستدلال الفقهي يعتمد على مرويّاتٍ لصحابة رسول الله (ص) وتستنبط منها القواعد الفقهية والأحكام الشرعية ولا أنكر أن هناك شيئاً من الخلل في منهج الإستدلال عند بعض فقهاء المذاهب عموماً خصوصاً في علم الرجال وموازين الجرح والتعديل حيث يذهب بعضهم إلى طرح الرواية وعدم العمل بها لأن الراوي ليس من مذهبه وليس له نفس معتقده في المسائل الخلافية مثلاً ولذلك كنا نقرأ أن هذه الرواية راويها عامي المذهب أو فاسد الإعتقاد وأن الراوي رافضي أو معروف بالتشيّع وغير ذلك من العبارات التي كنّا نشعر بعدم موضوعيتها وبعدم كونها سبباً كافياً لطرح الرواية وعدم العمل بها خصوصاً وأن المطلوب هو معرفة أحكام الشريعة السمحاء التي لا تنحصر بفريق من الرواة دون فريق اخر ولا علاقة لمعتقد الراوي ومذهبه بعدم صدق الحديث وعدم صدوره عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ولذلك تولَّد لدينا إتجاه حول إعادة النظر في منهج الدراسة والإستدلال المعتمد في الدراسة الفقهية التي يغيب عنها الرأي الآخر وهذا ما يشكل عنصر ضعفٍ في عملية استنباط الأحكام الشرعية التي تحتاج إلى البحث الموضوعي عنها في مظانٍّ وجودها، فكيف يعتقد الفقيه أنه قد وصل إلى حكم الله تعالى عندما يستثني في طريق البحث عن حكم الشريعة الألوف المؤلفة من الروايات والأحاديث والنصوص الدينية لمجرد أن جامع الحديث ليس من مذهبه!·

أفلا يحتمل فقيه المذهب الشيعي وجود الحكم الشرعي المبحوث عنه في تلك النصوص التي تخلّى عنها ولم يرجع إليها؟!· أفلا يحتمل فقيه المذهب السنّي وجود الحكم الشرعي الذي يريد الوصول إليه في تلك الروايات التي أسقطها عن الإعتبار؟!·

فأين الموضوعية في طريقة الإستنباط العلميّة؟! وأين البحث والإستقصاء؟! وأين استفراغ الفقيه وسعيه وجهده في الوصول إلى الحكم الشرعي؟! بل قد لا يكون عند الفقيه المجتهد الذي يمارس عملية الإستنباط كتب الحديث المعتمدة عند الطرف الآخر!!· وقد أدى هذا الإنغلاق والطرح المتبادل لهذا العدد الهائل من الروايات إلى عدم الإحاطة اللازمة عند كثير من الفقهاء لأنهم قد انطلقوا في البحث العلمي من وسائل محدودة في عملية الإثبات وأصبح المجتهد منهم فقهياً لمذهب خاص وليس فقهياً في الشريعة الإسلامية بمعناها الواسع·

 

مسألة التكفير

  • الشيعة لا يختلفون في تكفير من يتجرأ على تكفير علي (رضى الله عنه) كما هو مذهب الخوارج فهل يلام أهل السنّة لو سحبوا هذا الكلام على من يكفر أبا بكر وعمر؟

– إن منطق التكفير للمسلمين هو منطق مرفوض ولذلك قد نقل الإجماع عن علماء المسلمين قاطبة أنه لا يجوز تكفير أهل القبلة فكيف يجوز التطاول بالتكفير على أئمة المسلمين والخلفاء الراشدين؟! والقضية ليست في القاء اللوم على فريق دون فريق آخر وإنما هي في عدم جواز التكفير أصلا وهذا ما يجب أن يتجنبه الجميع وإذا أخطأ البعض أو تعمّد الخطأ بعض آخر فهذا لا يكون مبرراً لمواجهة الخطأ بالخطأ والظلم بالظلم والحرام بالحرام وقد قال الله تعالى: ولا يجر منكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}·

وأمّا في قضية الخوارج فهي قضية ظرفية وزمانية ارتبطت بظرفها وزمانها وبالفعل الذي حصل بالظرف والزمان وهو الخروج المسلح على إمام الزمان ولا تنتقل صفة الخروج إلى الذرية والوارثين والأعقاب لأنها ليست من قضايا النسب والميراث فالذين خرجوا على إمام زمانهم بالسلاح هم الخوارج الذين انطبق عليهم الوصف ولحقهم الحكم كما قال الله تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى} وأما غيرهم فهو غير مشمول للموضوع ولا للحكم ولذلك نقول أن مسألة الخوارج التي يتعرض لها الفقهاء المعاصرون ومن سبقهم في أحكام الكفار أصبحت من المسائل التي انتفى موضوعها فيجب أن تحذف من البحث والتداول الذي يحدث الفرقة بين المسلمين الذين لا يوجد بينهم اليوم طائفة باسم الخوارج وإنما هم مسلمون بدون هذا القيد والوصف الذي حمله غيرهم من الماضين في زمن خاص وقد ورد عن الإمام علي قوله: (لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه)·

وفي عهد الإمام علي عندما كانت معارضة الخوارج كلامية فقط لم يمنعهم الإمام من المعارضة والتعبير ولم يأخذهم بحكم التكفير كما جاء في كلام الإمام علي عندما كان جالساً مع بعض أصحابه ومرت إمرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم فقال عليه السلام (إن أبصار هذه الفحول طوامح وإن ذلك سبب هبابها فإذا نظر أحدكم إلى إمرأة تعجبه فيلامس أهله فهي امرأة كامرأته) فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه، فوثبت القوم ليقتلوه فقال عليه السلام: (رويداً انما هو سبّْ بسب أو عفو عن ذنب)· وقالوا له وهو على منبر مسجد الكوفة ليس لك الحكم يا علي (لا حكم إلا الله) فقال: (كلمة حق يراد بها باطل! نعم إنه لا حكم إلا الله· ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا الله وانه لا بد للناس من أمير برّ أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفيء ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح برّ ويستراح من فاجر)، وهذا يعني أنّ معارضة الخوارج عندما كانت سياسية وكلامية لم يكن فيها تكفير ولا منع من حرية التعبير ولذلك كان الردُّ من الإمام علي (ع) بتوضيح تلك الشبهات التي كانت سبباً لمواقفهم·

 

عادات وليس عبادات

  • ما هو رأيكم بضرب الصدور وإدماء الرؤوس وما تسمونه التطبير في إحياء مراسم عاشوراء؟

– إن هذه الأمور التي تمارس في إحياء مراسم عاشوراء تندرج تحت عناوين العادات والتقاليد التي تراكمت عبر مئات السنين وليس لها في معظمها أساس من الشرع وقد تترسخ بعض العادات إلى درجة يصعب معها الإقلاع عنها لأنها أصبحت في نظر القائمين بها جزءاً من الشعائر الدينية التي يعتقد أصحابها أنهم ينالون الأجر والثواب عليها وهنا يأتي دور العلماء الذين يجب أن يُظهروا الحقيقة للناس وعندما كنا في العراق كان رأي جملة من العلماء يخالف تلك المظاهر ولكنهم كانوا لا يجرؤون على التصريح بذلك خوفاً من جمهور الناس الذين اعتادوا على تلك الأعمال وقد أفتى بعض العلماء بحرمة إدماء الرؤوس والأجساد وبعض المظاهر الأخرى وقد تعرّض هذا البعض إلى حملات واسعة من التشهير وصلت إلى حد التكفير كما جرى ذلك للمرحوم السيد محسن الأمين الذي حرَّم تلك المظاهر قبل منتصف القرن الماضي وألف كتاباً لتهذيب السيرة الحُسينية ولتصحيح أداء خطباء المنبر الحسيني·

وعلى كل حال فإنّ الشيعة مدعوون إلى أن يرجعوا إلى أئمتهم من أهل البيت الذين لم يمارسوا مثل هذه العادات والتقاليد في عاشورا مع أنهم أنفسهم هم أصحاب المصيبة بأبيهم وجدهم الإمام الحسين وأهل بيته سلام الله عليهم أجمعين·

ب.س.

شارك المعرفة وانشر