الوطن القطرية – 26-04-2012
_______________________
العلامة السيد علي الأمين: «أمـــل» و«حــزب اللــه» خـــارج الدولـــة
حوار نورما أبو زيد خوند
اعتبر العلامة السيد علي الأمين الذي يعتبر علامة فارقة على المستويين اللبناني والعربي، أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لن تسقط «لأن الأمين العام لـ«حزب الله») السيد حسن نصر الله قال إنها لن تسقط، وشبّه تجربتها في الحكم بتجارب الحكومات السابقة «والفارق الوحيد هو أنه سابقا كانت المحاصصة تجري بين فريقي 8 و14 آذار والآن المحاصصة ضمن الفريق الواحد».
ورأى العلامة الأمين في حوار خص به الوطن، إن مطالبة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بحكومة تكنوقراط تشرف على الاستحقاق الانتخابي المقبل «لا معنى لها»، متسائلا في هذا الإطار «هل يمكن لحكومة تكنوقراط أن تمنع هيمنة سلاح حزب الله في الجنوب وفي البقاع وفي بيروت؟».وما ينطبق على حكومة التكنوقراط ينطبق أيضا على الاستحقاق الانتخابي المقبل، بحيث أعرب الأمين بأن لا فائدة من حصول انتخابات 2013 النيابية «لأنها سوف تنتج نفس الحالة السابقة» كون المواطن لا يستطيع أن يدلي برأيه بحرية.
وفي سياق حديثه عن هيمنة سلاح «حزب الله» على لبنان، سأل العلامة علي الأمين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان دون أن يسميه «كيف تكون رئيس دولة وتطالب ببقاء سلاح خارج سلطتك؟».
واتهم الأمين قوات «اليونيفيل» بالتعايش مع سلاح «حزب الله» في جنوب الليطاني «مع أنها وجدت من أجل مساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها»، واعتبر أن إشراكها بمهمات على الحدود الشمالية لخلق ممرات إلى سوريا ليس فكرة سديدة لأن «التجربة التي عشناها معها ولا نزال لا تشجّع على القول إنها تجربة مفيدة»، معتبرا أن وجودها في الجنوب لا يقدّم ولا يؤخّر. هذا وقد قام الأمين بجولة أفق على المنطقة شملت سوريا وإيران والبحرين، بحيث اعتبر في الموضوع السوري انه «لا يبدو من خلال سير الأحداث أن المجتمع الدولي مستعجل لإنجاز الحل السياسي للأزمة».
وفي حين استبعد استصدار قرار يقوم على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يشمل تدخلا عسكريا لأن «سوريا ليس فيها نفط مثل ليبيا والعراق»، نصح بالابتعاد عن اللغة التي تقول إن الإطاحة بالأسد لا يمكن أن تكون إلا عبر اغتياله، مشيرا إلى أن «الإصلاح يمكن أن يتحقق دون هذه الدماء».أما في الموضوع البحريني، فرأى العلامة علي الأمين أن «تغيير النظام ليس مطلبا شعبيا ويضر بالمعارضة أكثر مما يفيدها»، وأشار إلى أن «المطلوب من المعارضة والموالاة هو الذهاب إلى الحوار الذي دعا إليه ولي العهد»، معبرا في هذا الإطار عن ثقته بالنظام البحريني لأنه «قادر على إجراء الإصلاحات وليس ممتنعا عنها وقد حاول مرارا مد يده».
وإذ نفى الأمين علمه بحجم الارتباط القائم بين المعارضة البحرينية وإيران، قال إنه يعلم من خلال الإعلام الإيراني أن هناك دعما من النظام الإيراني لمطالب المعارضة.
وعلّق الأمين على زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى جزيرة «أبو موسى» معتبرا أنها «كانت تذكيرا للمجتمع الدولي بأن في يد إيران أوراقا يمكن استخدامها لمواجهة العقوبات الاقتصادية»، وفي ما يلي نص الحوار:
بداية، هل تؤيدون سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة اللبنانية تجاه ما يجري في سوريا؟
-إن سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة اللبنانية حيال ما يجري في سوريا من أحداث مأساويّة هي سياسة تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان وتساهم في عزلة لبنان دوليا وتظهر انحيازه لجانب النظام السوري وهي تعبير عن فهم خاطئ لمبدأ الحياد الذي يعني عدم إدخال لبنان في محاور الصراعات الإقليمية والدولية وليس بمعنى التخلي عن تأييد الشعوب في مطالبها المشروعة.
ما المطلوب من الحكومة اللبنانية؟
-ليس المطلوب منها أكثر من أن تقف مع مطالب الشعب السوري المشروعة، وأن تقدّم العون والمساعدة للنازحين، وأن لا تقول بأنها مع النظام في قمع المظاهرات.
ليس مطلوبا من الحكومة أن تقدّم سلاحا وأن تشارك كما هو الحال في الدول العربية التي ساندت الحركة الشعبية في سوريا من خلال مطالبتها النظام السوري بأن يتوقف عن العنف وأن يستجيب لمطالب الشعب المشروعة بل أن تقول إنها ضد قمع المظاهرات السلمية.
هل يستطيع لبنان اتخاذ موقف علني مناهض وسوريا على حدوده دون أن يعود ذلك بالضرر عليه؟
-الأردن أخذ هذا الموقف وهو أيضا على حدود سوريا..
(مقاطعة) ولكن تأثيرات سوريا ليست كبيرة على الداخل الأردني كما هو الحال في لبنان؟
-هم يقولون إنهم في لبنان حكومة السيادة والاستقلال وإنهم جزء مؤسس من حركة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فكيف يكونون الشيء ونقيضه؟ كيف يفتخر لبنان بأنه من مؤسسي شرعة حقوق الإنسان وإذا به ينأى بنفسه عن حقوق الإنسان السوري علما انه لا يجوز له أن ينأى بنفسه عن أي حقوق في العالم!!
كيف ترون موقف الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل» من الأزمة السورية، وهل تعتقدون أن الحزب لطّخ يده بدماء المعارضة السورية كما يتهمه البعض؟
-إن موقف الثنائي (أمل وحزب الله) بالتأييد المطلق للنظام السوري ناشئ من ارتباطهما بالسياسة الإيرانية وهما بموقفهما هذا يعبّران عن ذلك الارتباط وليس عن وجهة نظر الطائفة الشيعية خصوصا ولا عن وجهة نظر اللبنانيين عموما، وأمّا ما يقال عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في قمع المعارضة السورية فهي مجرّد أخبار ليس عليها دليل يقيني ملموس، ولا نعتقد أن النظام السوري وصل إلى درجة من الضّعف تستدعي أن يستعين بعناصر من «حزب الله» في عمليات القمع والقتل.
تقاطعت بعض المعلومات حول حراك تقوده باريس في مجلس الأمن الدولي من أجل إشراك قوة «اليونيفيل» العاملة على الحدود الجنوبية بمهمات على الحدود الشمالية أبرزها خلق ممرات إلى سوريا. هل تجدون أن فكرة إنشاء ممرات عبر لبنان هي فكرة سديدة ولا تلحق ضررا بلبنان؟
-إن التجربة التي عشناها ولا نزال مع قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان لا تشجّع على القول بأنها تجربة مفيدة وأن الفكرة سديدة. فهي عاجزة عن حماية المواطنين من قوى سلاح الأمر الواقع المنتشرة في أماكن تواجدها، يضاف إلى ذلك عجز الدولة اللبنانية وهذا ما جرى معنا في جنوب لبنان حيث أقدمت بعض المليشيات بالهجوم المسلح على دار الإفتاء الجعفري في مدينة صور الواقعة جنوب الليطاني في منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني ولم يفعلوا شيئا لمنع العناصر المسلحة التي لا تزال تحتل الموقع منذ أحداث السابع من مايو 2008 حتى اليوم بعد إبعادنا عن الجنوب، ولم نتمكن من استرجاع المحتويات الشخصية من مكتبة ومستندات وغيرها رغم الدعاوى القضائية!! يضاف إلى ذلك الحوادث الكثيرة التي كان يظهر فيها السلاح المليشياوي بمرأى ومسمع تلك القوات.
هل نستطيع أن نستخلص من كلام سماحتكم بأن وجود القوات الدولية في الجنوب لا يقدّم ولا يؤخّر بحسب وجهة نظركم؟
-طبعا، الأداء الموجود لم يمنع شيئا. لم يمنع من إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل، ولم يمنع أيضا اعتداءات إسرائيل على الجنوب، فإذن ماذا يصنع؟! هذه القوات إلى الآن لم تقدّم كشفا للأمم المتحدة أو للحكومة اللبنانية بأنها صادرت قطعة سلاح أو صادرت صاروخا، إذن ماذا تصنع؟! هي تتعايش مع السلاح في جنوب الليطاني مع أنها وجدت من اجل مساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها، وهذه الدولة إلى الآن لم تبسط سلطتها بحضور الجيش اللبناني وبحضور قوات الطوارئ الدولية.
(مقاطعة) إذن ماذا يفعل الجيش اللبناني في الجنوب؟
-هو حاضر دون سلطة لأن السلطة هي لقوى الأمر الواقع. الكل يعلم أنه عندما جرت بعض الأحداث الأمنية في جنوب لبنان سواء ضد أفراد أو حتى ضد قوات الطوارئ الدولية لم يصنع الجيش اللبناني شيئا ولا قوات الطوارئ الدولية صنعت شيئا، إذن وجودهم شكلي دون مضمون عملي.
أي إذا غادرت قوات الطوارئ الدولية وغادر الجيش اللبناني الجنوب الأمور تبقى على حالها؟
-طبعا لأن الحدود الجنوبية لا يحميها الجيش اللبناني ولا قوات الطوارئ الدولية، وإذا صدر قرار لقوى الأمر الواقع بأن تخرق هذه الهدنة فعندئذ سوف تخرق هذه الهدنة ولن يمنع خرق الهدنة لا الجيش اللبناني الموجود ولا قوات الطوارئ الدولية الموجودة.
إذن «حزب الله» يقول في الجنوب الأمر لي بحسب رأيكم.
-بطبيعة الحال في الجنوب وفي غير الجنوب.
المعلوم أن السياسة الخارجية للبنان تتحكم بها قوى الأمر الواقع المسلحة وكذلك الوضع الميداني والعسكري في الجنوب هو بأيديهم وليس بيد لا السلطة اللبنانية ولا بيد قوات الطوارئ الدولية.
معظم الرأي العام الشيعي ينظر إلى شيعة «14 آذار» بصفتهم عملاء تابعين للمعسكر الغربي أو في أحسن الأحوال بصفتهم أبناء المظلة الحريرية، أنتم كيف تنظرون لأنفسكم؟
-نحن لسنا جزءا من «14 آذار» وأنا هنا أتحدث عن نفسي، وأنا كنت وما زلت من رجال الدين الذين كانوا يقومون بنشاط عام لتوعية الناس والدعوة إلى الإصلاح وإلى قيام الدولة وإلى انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وإلى بسط سلطة الدولة كاملة وكانت هذه شعاراتنا منذ ثمانينات القرن الماضي قبل ولادة «14 آذار». نحن مشروعنا الدولة التي تبسط سلطتها وبعدئذ ولدت «14 آذار» فالتقت معنا على مشروع الدولة الذي حملته، ونحن ما زلنا نطالب بدولة المؤسسات والقانون وبأن تكون الدولة هي المرجعية الوحيدة للمواطن اللبناني دون مرجعية الأحزاب والزعامات، ونحن لا علاقة لنا بالارتهان.
لماذا المزاج الشيعي العام يميل إلى «حزب الله» و«حركة أمل»؟
-هذا طبعا بحسب الإعلام. نحن لا ننكر بأن لـ«حزب الله» و«حركة أمل» حضورا لكن هذا الحضور ليس ناشئا من قناعة شعبية 100 % وإنما ناشئ من الإمكانات والمقدرات الموجودة بين أيديهم.
الدولة اللبنانية مع الأسف لم تقف مع المطالبين بها ومع أنصارها وإنما انضمت إلى الذين شهروا السلاح بوجهها وأسقطوا هيبتها.
هناك سلاح وهناك خدمات وهناك مال وكله موجود بيد هذا الفريق ومن الطبيعي أن تتحدث وسائل الإعلام عنه، أما الصوت المعتدل داخل الطائفة الشيعية الذي يطالب بالدولة فلم تقف الدولة معه إن لم نقل إنها وقفت ضده في كثير من الأحيان.
كم يمثّل الصوت المعتدل داخل الطائفة الشيعية؟
-الطائفة الشيعية كسائر الطوائف اللبنانية هي كانت مع مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ولكنها ليست مع «حزب الله» في تهديم مشروع الدولة.
(مقاطعة) ولكن أليس «حزب الله» مشروع مقاومة؟
-انتهى مشروع المقاومة والمقاومة لا يمكن أن تكون مقاومة احتياطية وقد أصبحت جيشا ينتظر اعتداء من قبل العدو ليرده وهذه مهمة الجيوش التابعة للدول ولذلك قلنا بعد ما جرى في «حرب تموز» فلينضم «حزب الله» إلى الجيش اللبناني وإذا اعتدت إسرائيل الكل عندئذ يواجه هذا العدوان أما أن يبقى له سلاحه المعزول تحت شعار المقاومة فهذا غير مقبول لأن المقاومة هي عمل يومي وجهاد متواصل من أجل تحرير الأرض. من سنة 2000 إلى سنة 2006 لم يكن هناك أي عمل مقاوم ضد إسرائيل ومن «حرب تموز» والى يومنا هذا لا يوجد أيضا أي عمل مقاوم لإسرائيل إذن كيف هي المقاومة؟!
(مقاطعة) قوة ردع.
-قوة ردع هي مهمة الجيوش وليست مهمة المقاومات الشعبية.
من أقرب اليوم إلى مشروع الدولة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أو الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله؟
-كلاهما خارج الدولة التي نطمح لها والتي دعا إليها الإمام الصدر والتي يطمح لها الشيعة والتي يطمح لها اللبنانيون. هما عطّلا هذه الدولة في مرات عديدة وما زالا يعطّلانها. مجلس النواب عُطّل مرارا وتكرارا و«حزب الله» و«حركة أمل» أوجدا مشكلة السابع من مايو التي أسقطت صورة الدولة، فكيف يكون الرئيس بري أقرب إلى الدولة من السيد حسن نصر الله؟ كلاهما لا يساهمان في بناء دولة المؤسسات والقانون وإنما يساهمان في بناء دويلة تكون تابعة لهما.
نرى بري اليوم يعقد جلسات نيابية كثيرة حيث لا حاجة إليها بينما عندما كانت الحاجة إليها لانتخاب رئيس جمهورية وإخراج البلاد من حالة الفراغ التي أوصلتنا إلى حرب أقفل المجلس النيابي ووضع المفتاح في جيبه، وجلسات هذه الأيام هي عملية الهاء للشعب عن قضاياه المعيشية ولذلك أنا وصفتها قبل أيام بأنها ذات الصوت العالي والمضمون الخالي.
هذا فيما خص مجلس النواب ولكن ما تقويمكم لتجربة حكومة ميقاتي داخليا؟
-من الواضح أنها تجربة كتجارب الحكومات السابقة، والفارق الوحيد هو أنه سابقا كانت المحاصصة تجري بين فريقي 14 و8 آذار والآن المحاصصة ضمن الفريق الواحد، ويبقى أن الأقوى هو المرجعية في تحديد الأمور. السيد حسن نصر الله قال بأن هذه الحكومة لن تسقط وهذا معناه أنها لن تسقط وإذا قال عليها أن تسقط فهذا يعني أن عليها أن تسقط، ولذلك أسأل الذين يطالبون الآن بحكومة تكنوقراط أو بحكومة حياد ماذا يمكن لهذه الحكومة التي سوف تأتي أن تفعله إذا لم تكن تمتلك الخيول الجياد؟! وما ينطبق على الحكومة ينطبق أيضا على الانتخابات النيابية المقبلة. فما الفائدة من الانتخابات النيابية ما دام أن هناك دولة لا تستطيع أن تبسط سلطتها وأن تحمي رأي المواطن. مهما كان هذا القانون الانتخابي ومهما كانت هذه الحكومة كل هذا لا يجدي شيئا. لا معنى لحكومة تكنوقراط.
(مقاطعة) كأنكم تقولون فليسلم البلد إلى «حزب الله» وليقف الجميع موقف المتفرج؟
-حتى لا يكونوا غطاء لهذا الأمر. ماذا يمكن لحكومة تكنوقراط أن تفعل؟؟ هل يمكنها أن تمنع هيمنة السلاح في الجنوب وفي البقاع وفي بيروت؟؟ طبعا لا، فكيف يمكن للمواطن أن يدلي برأيه بحرية!!
إذن أنتم ضد حصول انتخابات؟
-أنا لست مع هذه الانتخابات بهذه الطريقة القائمة والموجودة لأننا سوف ننتج نفس الحالة السابقة.. أنا لم أسمع رئيس دولة في العالم أو وزيرا أو نائبا أو رئيس مجلس نواب يطالب بسلاح أن يبقى خارجا عن سلطة الدولة. فكيف تكون أنت رئيس دولة وتطالب ببقاء سلاح خارج عن سلطتك؟ وكيف تكون أنت رئيس مجلس نواب وتطالب ببقاء سلاح خارج عن سلطة دولتك التي ترأس مجلس نوابها؟
بالانتقال من الملف اللبناني إلى الملف السوري، كيف تقرؤون الموقف الخليجي عموما والقطري خصوصا من أحداث سوريا؟
-إن موقف دول مجلس التعاون الخليجية من الأحداث السورية كان موقفا متقدما يعبّر عن العلاقات الأخوية مع الشعب السوري والالتزام بحقوق الإنسان، وكانت دول الخليج وما زالت تعبّر عن حرصها على وقف سفك الدماء والخروج من الأزمة بالحلول الممكنة، وقد كان للموقف القطري المميز كبير الأثر في دفع الجامعة العربية والمجتمع الدولي لاتخاذ قرارات مهمة جعلت من الأزمة السورية في واجهة الأحداث العالمية التي يجب السعي من أجل وضع حد للعنف الجاري على الأراضي السورية.
هل تعتقدون أن المجتمع الدولي متعجل لإنجاز تسوية سياسية في سوريا؟
-لا يبدو من خلال سير الأحداث أن المجتمع الدولي مستعجل لإنجاز الحل السياسي للأزمة فيها على عكس ما جرى في مناطق أخرى.
(مقاطعة) هل يعني ذلك أنكم تستبعدون خطوات تصعيدية من قبيل استصدار قرار يقوم على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يشمل تدخلا عسكريا في نهاية المطاف؟
-هذا أمر مستبعد من خلال موقف روسيا والصين وعدم وجود مصالح لبعض القوى الغربية. فسوريا ليس فيها نفط مثلا مثل ليبيا ومثل العراق وقد يكون من الصعب أن يؤخذ مثل هكذا قرار.
ألا تقول الوقائع المتصلة بالأزمة السورية التي أثبت فيها النظام السوري صموده إن الإطاحة بالرئيس بشار الأسد لا يمكن أن تكون إلاّ عبر اغتياله؟
-هذه اللغة ليست لغة تغيير وإصلاح بقدر ما هي لغة ثأر وانتقام، وهذه اللغة أنا أرى أنه يجب أن نبتعد عنها وأن لا نكون من المروجين لها. يمكن أن يتحقق الإصلاح دون هذه الدماء سواء كانت دماء الشعب أو دماء الحكام.
هل تعني أنه يُمكن للرئيس الأسد أن يُعيد الأمور إلى نصابها؟
-يُمكن إذا استجاب الآن إلى المبادرة الدولية أن يبقى في السلطة لكن لن يبقى كما كان عليه. حتما سيحصل تغيير وطريقة الحكم الأحادية التي كانت في السابق سائدة والتي فيها نوع من التسلط انتهت.
(مقاطعة) أي سيبقى من وجهة نظركم ولكن دون أجنحة؟
-سيكون وإنما هو جزء وليس الكل. كان في السابق الكل والآن لم يعد الكل وسيكون البعض.
هل تعولون كثيرا على مبادرة المبعوث الأممي كوفي عنان؟ وماذا لو لم تنجح هذه المبادرة؟ وما فرص التمكن من الحصول في السياسة على ما عجز الآخرون من انتزاعه في الميدان؟
-إن مبادرة المبعوث الدولي كوفي عنان تشكّل فرصة مهمة لوضع حد لمعاناة الشعب السوري فيما لو تم التزام النظام بكل بنودها، وتُشكّل بالالتزام بها بداية لتغيير سياسي بعيد عن استمرار العنف وسفك الدماء، ويجب أن تسعى جميع الأطراف إلى نجاح هذه المبادرة لأن عدم نجاحها سيؤدي إلى تفاقم الأمور وإلى المزيد من الكراهية والعدائية التي تضرب النسيج الوطني في سوريا والتي تهدّد باستمرارها وتصاعدها بقاء الدولة الواحدة.
هل تعتقدون أن المعارضة السورية ملتزمة ببنود مبادرة عنان؟
-ما سمعناه من «المجلس الوطني السوري» ومن فصائل معارضة كثيرة هو أنهم ملتزمون بهذه المبادرة، ونأمل أن تكون الأمور على الأرض كذلك.
هل بإمكان المعارضات السورية أن تصوغ برنامجا موحدا للمرحلة المقبلة؟
-من خلال الأوراق والوثائق التي أعلنتها جهات عديدة في المعارضة يبدو أن هناك رؤى متقاربة من تصور ما سوف تكون عليه المرحلة المقبلة ولا أرى أن ذلك له كبير الأثر على حركة الداخل بل العكس هو الصحيح لأن حركة الداخل المرتبطة بالأوضاع الداخلية والمستمرة في التظاهر والإعلان عن مطالبها هي التي فرضت هذه المتغيرات الدولية وهي التي تفرض في نهاية المطاف البرنامج الموحد للمعارضة في الخارج.
تتبنى إيران مبادرة المبعوث الأممي ولكنها تضع لها خريطة طريق على رأسها بقاء الأسد على راس السلطة. هل توافقون على أن إيران وروسيا وسوريا و«حزب الله» ألبسوا الأسرة الدولية بزة اسمها مبادرة كوفي عنان؟
-إن طبيعة الأنظمة الأحادية لو تُركت ونفسها ترفض المبادرات الداخلية والخارجية لأنها لا تعترف بوجود من يعارضها في الأصل وهي حينما تقبل بوجود مبادرة دولية فهذا يعني أنها لم تعد قادرة على إنكار الواقع الموجود على الأرض ولذلك لا أرى أن القبول بمبادرة كوفي عنان كان ناشئا عن رضى من الدول الثلاث (روسيا، سوريا وإيران) بل مجريات الأحداث في الداخل والخارج هي التي فرضت القبول بها وإن أعطوها شكل الأحاديّة الذي سوف يتغيّر حتما في المرحلة السابقة.
ننتقل من دمشق إلى طهران. ما هي برأيكم أبعاد زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى؟
-زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى في ظل الخلاف الإيراني مع المجموعة الدولية حول الملف النووي كانت تذكيرا للمجتمع الدولي بأن في يد إيران أوراقا يمكن استخدامها لمواجهة تلك العقوبات الاقتصادية ورسالة إلى دول منطقة الخليج خصوصا دولة الإمارات العربية إذا التزمت بتنفيذ تلك العقوبات الاقتصادية.
هل تتوقعون أن تنتقل عدوى الربيع العربي إلى طهران؟
-هذا من المتوقع جدا والحركة التي سبقت الربيع العربي كانت موجودة في طهران لكن النظام تمكن من قمعها بشكل عنيف جدا ولذلك خمدت ولكن الأمور ممكن أن تنطلق مجددا في إيران لأن أي إنجاز يحققه الربيع العربي في الدول العربية سيتأثر به الشعب الإيراني حتما.
ما قراءتكم لمجريات أحداث البحرين، وهل تضعون المعارضة البحرينية في خانة الدمى التي تحركها طهران؟
-لا علم لدينا بوجود ارتباط لكل أطراف المعارضة البحرينية بطهران كما أننا لا نعلم حجم الارتباط القائم بين بعض المعارضة وإيران ولكننا نعلم من خلال الإعلام الإيراني أن هناك دعما من النظام الايراني لمطالب المعارضة، ونحن كنا قد قلنا في ما مضى إن المطلوب من المعارضة والموالاة هو الذهاب الى الحوار الذي دعا إليه ولي العهد واليوم يبقى الحوار والتوافق هما السبيل الوحيد إلى إنهاء الأزمة القائمة بعيدا عن التدخلات الخارجية.
هل مطالب المعارضة البحرينية محقة من وجهة نظركم أم غير محقة؟
-يمكن أن نفصّل في هذه المطالب لأنها تنقسم الى قسمين. هناك مطالب ذات طبيعة اجتماعية واصلاحية في الادارات وفي المؤسسات، وهناك مطالب اسمها تغيير نظام. أنا قلت سابقا إن المطالب الإصلاحية وتحسين الأوضاع الاجتماعية هي أمور يُجمع عليها الشعب البحريني كله بكل طوائفه وهذه المطالب من الطبيعي أن يقف المرء معها وأن لا يعارضها وأن يطالب الحكومة بأن تستجيب لها من خلال الحوار، أما مطلب تغيير النظام فهو ليس مطلبا يُجمع عليه الشعب البحريني إذ أن قسما كبيرا من الطائفة السنية وآخرين يرفضون تغيير النظام فكيف يمكنك أن تغيّر عقدا اجتماعيا لشريك معك في الوطن هو لا يقبل بتغييره، ولذلك ليس مطلبا شعبيا تغيير النظام، ومن هنا إذن نقول هذا المطلب ليس محل إجماع ويضر بالمعارضة البحرينية أكثر مما يفيدها. ينبغي على المعارضة أن تحدّد ما هو مطلوبها وما هو مرادها، فإذا قالت بأن المراد هو المطالب الاجتماعية والاصلاحات السياسية في الادارات وفي الامور المعيشية فهذا أمر مطلوب.
(مقاطعة) هل تعتبرون أن النظام البحريني قادر على إجراء هذه الاصلاحات؟
-نعم قادر وليس ممتنعا عن هذه الاصلاحات وقد حاول مرارا أن يمد يده، وأذكر أن ولي العهد دعا مرارا إلى الحوار وكان المفروض أن تبادر المعارضة إلى قبول مثل هكذا حوار لأن ما يمكن أن يحصلوا عليه بالتفاهم والحوار يبقى أكثر من النتائج التي يمكن أن يحصلوا عليها من خلال النزاع والانقسام