حزب الله يُهين العمامة الشيعية بالإدعاء على المفتي الأمين!
أحمد الحسن
لطالما كانت العمامة الشيعية مصدر فخر واعتزاز واحترام وتقديس من كافة الطوائف في لبنان والعالم ، هذه العمامة التي خرَّجت مراجع التقليد الذي يفتون في كل صغيرة وكبيرة من شؤون الحياة والإنسان ، بمعنى أنهم يفهمون في كل شيء ليُعطوا لكل موضوع من موضوعات الأحكام الشرعية الفقهية حُكمه الفقهي والشرعي والاجتهادي ، وتخرَّج من صفوف المعممين الشيعة في النجف الأشرف وقم المشرفة وجبل عامل وغيرها من حاضرات الحوزات العلمية الدينية الشيعية ، تخرَّج الملايين من العلماء والفقهاء والأدباء والمفكرين والباحثين في شتى العلوم عبر التاريخ ، ويقول المؤرخ الأكبر حجة التاريخ المرجع الراحل السيد محسن الأمين في كتابه الخالد : ” أعيان الشيعة ” ، يقول إنه قد خرج ثُلُثا علماء الشيعة من جبل عامل في القرون المتطاولة والأزمنة الغابرة وحتى زماننا ..
وعانى علماء الشيعة في جبل عامل ما عانوه من الملاحقات الأموية والعباسية في العصرين الأموي والعباسي ، كما اضطهدوا في الحقبتين العثمانية والفرنسية ، إلى أن كان الاستقلال الكبير للبنان فتنفس علماء الشيعة العامليين الصعداء ، ومن ثم واجهوا الغربة زمن حاكمية المقاومة الفلسطينية للبنان والجنوب ، لتعاود إسرائيل المحتلة إلى أذيتهم في حقبة احتلالها .. واليوم جاءت النوبة لحزب الله …
هذا الحزب الذي خرج من رحم حركة أمل ومن مظلة علماء الدين الشيعة ، متحصناً بفيء مجموعة من رجالات الحوزة ، ليشكلوا الإرشاد الروحي الأولي لقواعده في أيامه الأولى ، وقبل حزب الله حافظت عمامة الشيعة في لبنان على عنفوانها وقوتها وثقلها الاجتماعي ، حيث كان عدد علماء الدين الشيعة اللبنانيين داخل لبنان وخارجه لا يتجاوز الثلاث مئة معمم وذلك يوم انطلقت مسيرة التعبئة العامة لحزب الله .. فوجد حزب الله في هذا القطاع أرضية خصبة لتحقيق نفوذه وتمدده السياسي والاجتماعي مستغلاً نفوذ علماء الدين لتقوية قواعده الشعبية ولتعبئة النفوس للسيطرة على المساجد والمناطق ، فعمد حزب الله إلى تخريج كم هائل من المعممين بلغوا قرابة الألفين ، دون المواصفات العلمية والعملية المطلوبة ، وهنا بدأت معاناة العمامة الشيعية في لبنان ، فتقلص احترامها بنسبة كبيرة بسبب هذه الأعداد من المعممين الذين أفرزتهم سياسة الحزب ، وازدادت نسبة هذا التقلص بسبب الحرب الضروس التي خاضها حزب الله وحركة أمل ضد بعضهم البعض ، حيث استخدمت العمامة الشيعية لأول مرة في لبنان لتغطية جرائم قتل وسفك دماء الشيعة !
هتك حرمة المفتي الامين
وتأتي الجريمة اليوم من لون آخر بحق العمامة الشيعية من خلال إصرار حزب الله على هتك حرمتها مرة بعد مرة من خلال استدعاء الفقيه المجتهد المفتي السيد علي الأمين ليمثل أمام القضاء اللبناني ..!
وفي الوقت الذي لا يجد هذا الاستدعاء مبرراته القانونية ، تجاهل جيش المعممين في حزب الله أن إهانة عمامة المفتي الأمين هي إهانة لعمائمهم في آن معاً ، وأنهم فتحوا بذلك باب إذلال مجتهدي الشيعة بعد أن أهانوا العمامة الشيعية .. ونسوا أن أكثر من خمس مئة من معمميهم تفقهوا في مدرسة المفتي الأمين يوم كان مدرساً وأستاذاً في حوزة النجف الأشرف في العراق وفي حوزة قم المشرفة في إيران وفي حوزة المعهد الشرعي الإسلامي في بيروت وحوزة معهد الدراسات الإسلامية في مدينة صور الجنوبية وفي حوزة مشهد السيدة زينب عليها السلام في ريف دمشق ، ولكن صح فيهم قول الشاعر :
أعلمه الرماية كل يوم
فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني
أحمد الحسن