جريدة اللواء 23-04-2008
عرض: خليل برهومي
صدر للعلامة المجتهد السيد علي الأمين كتاب هام بعنوان “وهل يخفى القمر··· العيد الضائع بين الرؤية الشرعية والحسابات الفلكية.
ويجدّد السيد الأمين دعوته ذوي الشأن إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة، تضم ممثلين ذوي خبرة عن دول منظمة المؤتمر الاسلامي، يكون مركزها في مكة المكرمة، وتكون، باتفاق الجميع، المرجع الأوحد في تعيين مواقيت المناسبات الدينية، وبذلك نضع حداً لكل الاختلافات حول مسألة الهلال ورؤيته، حيث إنه لم يعد من المقبول في العصر، حسب رأي السيد الأمين، ومع توفر وسائل التواصل التي تجعل من العالم قرية واحدة ان تحصل مثل هذه الاختلافات حول تحديد رؤية الهلال لاسيما أن هناك امكانية تحصيل المعرفة ودوام الاطلاع وجمع الشهادات حول هذه المسألة الهامة في حياة المسلمين·
ويتساءل السيد الأمين قائلاً: اليس لهذا الجدل من حدود؟ ذلك الجدل الذي كثر في السنوات الأخيرة حول تحديد اليوم الأول لشهر رمضان المبارك الذي كتب الله فيه الصيام، بحيث وقع الناس في حيرة من أمرهم في تحديد بداية الشهر ونهايته·
ويرى السيد الأمين أن الشريعة السمحاء غير مسؤولة عن الاختلافات في وجهات النظر حول هذه العبادة ولا عن سواها فهي خاطبت أصحاب اللسان بلغتهم وبيّنت لهم مقاصدها المطلوبة منهم، وقد تحققت الممارسة الطويلة لهذه العبادة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي العهود التي جاءت بعده، غير ان البعد الزمني عن عصر التشريع والتطبيق، وظهور عوامل أخرى، والابتعاد عن قواعد اللغة العربية وأصولها، أديا إلى خفاء الدلالة وعدم وضوح المقصود من النص الديني، فاحتاج ذلك إلى الاختصاص في جملة من العلوم الأخرى للمساعدة على فهم النص التشريعي وتحديد المقصود الشرعي منه·
ويؤكد السيد الأمين أن وجوب الصوم مرتبط بثبوت الهلال، فقد ذكر الفقهاء طرقاً عديدة لاثبات الهلال أساسها المعتمد هو الرؤية، فمن رأى هلال رمضان وجب عليه الصيام ومن رأى هلال شوال وجب عليه الافطار، والدليل على ذلك هو النص الديني الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم : “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” وقد ورد مضمون هذا النص في روايات عديدة وألسنة مختلفة وكلها تؤكد على اعتبار الرؤية وسيلة لاثبات الهلال·
ويتساءل السيد الأمين عما إذا كان النص الديني “صوموا لرؤيته” يتساوى في الدلالة مع عبارة “صوموا لولادته” معتبراً انه إذا ثبتت هذه المساواة بين العبارتين امكن اثبات هلالي الصوم والافطار بغير الرؤية، من حسابات المراصد الفلكية التي تفيد العلم واليقين بالولادة، وإن لم تثبت هذه المساواة بين الجملتين لم يصح الاعتماد على المراصد الفلكية وان أفادت علماً بالولادة·
ويقول العلامة الأمين أنه وصل الاختلاف في التوقيت إلى حد تشكيك بعض المسلمين بصحة عبادة الحج، ويعود السبب في ذلك إلى تعدد الجهات والمرجعيات التي تتصدى لتحديد اوائل الشهور القمرية، وإلى اعتماد بعضهم على آليات جديدة في التحديد مستبقاً دعوة الرؤية الشرعية ورأي الهيئة المشرفة على شؤون الحج والتي كان الأمر موكولاً اليها منذ القدم في تنظيم الأمر ومنع الاختلاف وتعزيز لروح الوحدة والائتلاف بين الحجيج خصوصاً والمسلمين عموماً·
ومن الآليات الجديدة التي يعتمدها بعض الاساتذة المعاصرين خلافاً للمشهور بين الفقهاء، آراء علماء الفلك وحساباتهم التي ينتج عنها الغاء الاعتماد على الرؤية البشرية، لأن الحسابات الفلكية تكون نتائجها سابقة على الرؤية البشرية في أغلب الأحيان، ولذلك بدأ هذا البعض يعلن عن بداية الشهور القمرية قبل اسبوع أو أكثر من الموعد الشرعي لالتماس الهلال، مما يؤدي إلى وقوع الخلاف المسبق مع دعوات الرؤية المتأخرة، وإلى التشكيك في مواعيد عبادة الحج·
ودعا الأمين في نهاية البحث إلى تجديد الدعوة والاقتراح على ذوي الشأن بتشكيل غرفة عمليات مشتركة من قبل دول المؤتمر الاسلامي، يكون مركزها في مكة المكرمة، ويجتمع فيها ممثلون من ذوي الخبرة، وتكون هذه الغرفة الممثلة للجميع، هي المرجع الوحيد في تحديد المناسبات الدينية، وبذلك يمكن ان نضع حداً نهائياً لكل هذه الاختلافات حول مسألة الهلال، التي لم يعد من المقبول في هذا العصر أن يحصل فيها مثل هذا الاختلاف مع وجود وسائل التواصل التي تجعل من العالم قرية واحدة من حيث امكان المعرفة والاطلاع وجمع الشهادات من مختلف البلدان وتوثيقها·