السبت , نوفمبر 9 2024

أسئلة عن ولاية الفقيه- جواد حيدري – إيران

بسم الله الرحمن الرحیم
  السلام علیکم و رحمة الله و برکته
سماحة العلّامة السيد علی الامین
 بعد الدعاء لكم بالصحة والعافية نسأل جنابكم حول موضوع الخطیره فی ولاية الفقیه؟                         
أود طرح عدة أسئلة على سماحتكم في ظل المؤامرات الغربية والاستكبار العالمي في بث الشائعات حول وجود خلافات عميقة لدى مراجع التقليد وعلماء في الدول الاسلامية مع أصل ولاية الفقيه وعدم قبول ولاية وقيادة آية الله الخامنئي.
1.هل تعتقدون سماحتكم بأصل ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية؟
2.هل تعتقدون سماحتكم أن آية الله الخامنئي هو المصداق الكامل لولي الأمر؟
3.ما هو حكم إضعاف مكانته ومقامه وأيضا حكم مخالفته من الناحية الشرعية؟
الحمد لله رب العالمین
10/5/2013
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 
الأستاذ جواد حيدري المحترم 
تحية طيبة ونسأل الله لكم دوام الصحة والعافية لك
أجوبة سماحة السيد على أسئلتكم : 
1.هل تعتقدون سماحتكم بأصل ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية؟
ج1- جرى البحث في علم الفقه عن ولاية الفقهاء بعيداً عن السلطة السياسية على الأفراد والجماعات والأنظمة والحكومات وقد تعرّض الفقهاء للبحث عنها في كتبهم وأبحاثهم الفقهية نفياً وإثباتاً في موضوعات الأحوال الشخصية للأشخاص الفاقدين لأهلية إجراء العقود والمعاملات بسبب اختلال بعض الشروط المعتبرة عند العقلاء والشرع في نفوذ معاملاتهم وعقودهم والتزاماتهم كالبلوغ والعقل والرشد فإذا فقد الشخص شرطاً من هذه الشروط أو غيرها مما هو معتبر فقد أصبح هذا الشخص فاقداً لأهلية إجراء المعاملات والعقود ولو أوقع عقداً في هذه الحالة لم يكن نافذاً في حقه ولا تترتب عليه الآثار والإلتزامات ولا يكون مشمولاً لقاعدة نفوذ العقود المسدل عليها عند الفقهاء بقوله تعالى: (أوفوا بالعقود) فهو شخص مسلوب العبارة على حدّ العبارة الواردة على ألسنة علماء الفقه والأصول. ولذلك يكون الفاقد لها كلاً أو بعضاً، قاصراً يحتاج إلى الولي الذي يتدبّر أموره ويرعى شؤونه وينظر إلى المصلحة في معاملاته وعقوده.
وقد جرى البحث عن ولاية الفقيه في إطار البحث الفقهي عن ولاية الأب والجدّ على الصغير وولاية عدول المؤمنين على الذي فقد الولي كاليتيم وغيره ممن يحتاج إلى من يقوم مقامه في معاملاته الشخصية واقتصرت ولاية الفقيه على هذه الموارد وأشباهها.
ولذلك أسس الفقهاء قاعدة فقهية بشأن هذه الولاية استناداً إلى النصوص الشرعية والروايات مفادها أن الفقيه الحاكم: (وليّ من لا وليّ له)، فتكون ولايته متأخرة ـ على تقدير ثبوتها ـ عن ولاية الأبوين ولا تكون ثابتة في الأصل ولا شاملة للشخص الذي يكون ولياً لنفسه وعلى نفسه لاكتمال عناصر شخصيته الحقوقية بتوفر الشروط المعتبرة في نفوذ معاملاته وتصرفاته.
وبهذا المعنى تكون الولاية المشار اليها هي الأقرب إلى عنوان الوصاية ومعناها وليس لها علاقة بالمعنى السياسي للولاية أو السلطة السياسية على الإطلاق.
وقد استمرت ولاية الفقيه على هذا المنوال في عصور عديدة بما في ذلك عصر الأئمة المعصومين عليهم السلام حيث لم تكن لهم الولاية السياسية فكيف يمنحون هذه الولاية التي لم يمارسوها إلى الفقهاء في زمانهم أو بعدهم؟!. وقد استقر الرأي عند معظم الفقهاء وكاد أن يكون إجماعاً منهم على ان الولاية على تقدير ثبوتها للفقهاء فهي بمعنى المرجعية الدينية التي تعني رجوع الناس اليهم في معرفة الأحكام الشرعية باعتبار أنهم من أهل الاختصاص في ذلك وهذا هو المعنى المستفاد من الأحاديث الواردة عن النبي (ص) والأئمة (العلماء ورثة الأنبياء) و(مجاري الأمور بيد العلماء الأمناء على الحلال والحرام) وغيرها الكثير من الأحاديث الناظرة إلى دور العلماء في نشر وتبليغ الأحكام الشرعية وتعليمها كما قال أحد كبار المؤسسين والمحققين في علم أصول الفقه الشيخ الأنصاري بعد استعراضه لتلك الروايات:
(والإنصاف بعد ملاحظة سياقها أو صدرها وذيلها يقتضي الجزم بأنها ـ الروايات ـ في مقام بيان وظيفة العلماء والفقهاء من حيث الأحكام الشرعية، لا كونهم كالنبي (ص) والأئمة (ع) في كونهم أولى بالناس في أموالهم) انتهى كلامه.
وقد عبّر عن هذه الرؤية العامة لدى فقهاء الشيعة العلامة المجتهد الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه فقه الإمام الصادق في أواخر القرن الماضي بقوله: (ونحن نعتقد أن المعصوم وحده هو الذي يجب اتباعه في جميع أقواله وأفعاله سواء أكانت من الموضوعات أم من غيرها. أما النائب والوكيل فلا، بداهة أن النائب غير المنوب عنه والوكيل غير الأصيل وليس من الضرورة أن يكون النائب في شيء نائباً في كل شيء، وأيضاً نعتقد أن من قال وادّعى أن للمجتهد العادل كل ما للمعصوم هو واحد من اثنين لا ثالث لهما، إما ذاهل مغفل، وإما يجر النار إلى قرصه ويزعم لنفسه ما خص الله به صفوة الصفوة من خلقه وهم النبي وأهل بيته (ع) وأعوذ بالله من هذه الدعوة وصاحبها). انتهى كلامه.
هذا بحث مختصر عن المنشأ والمستوى العلمي والدور العلمي البعيد عن السياسة لولاية الفقيه من الناحية النظرية عند كبار العلماء والمجتهدين في مختلف العصور التي مرت بها. ومن أراد التوسع فليرجع الى كتابنا المطبوع باسم (ولاية الدولة ودولة الفقيه).
س2-هل تعتقدون سماحتكم أن آية الله الخامنئي هو المصداق الكامل لولي الأمر؟
ج2- نحن نرى أن سماحة آية الله السيد الخامنئي هو ولي الأمر بالنسبة إلى الشعب الإيراني بوصفه حاكماً اختاره شعبه وفق المؤسسات الدستورية التي وافق عليها الشعب الإيراني، ولا نرى له ولاية خارج الحدود الجغرافية للدولة الإسلامية في إيران لأن الشعوب الإسلامية خارج حدود إيران لم يكن لها حق المشاركة في اختياره بمقتضى الدستور الإيراني، وهي شعوب تابعة لدولها وأنظمة الحكم فيها 
فلا يصح أن تكون عليها ولاية من خارج دولها.
3.ما هو حكم إضعاف مكانته ومقامه وأيضا حكم مخالفته من الناحية الشرعية؟
ج3-إذا اختار الشعب حاكماً وفق الدستور الذي وافق عليه فيجب الإلتزام بطاعة الحاكم وفق القوانين الدستورية والأحكام الشرعية وليس له طاعة خارجها، وللشعب حق النقد والإعتراض وإظهار النصيحة وعلى الحاكم الإستماع، وقد ورد عن الإمام علي عليه السلام قوله لأصحابه ورعيّته (…. فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَال بِحَقّ، أَوْ مَشُورَة بِعَدْل، فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِىءَ، وَلاَ آمَنُ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي، إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اللهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي، فَإنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ، يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى، وَأَعْطَانَا الْبصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى.)
10/5/2013