الإثنين , يناير 20 2025

الأئمة والدعوة إلى التشيع

الأئمة والدعوة إلى التشيّع

سؤال ورد إلى العلامة السيد علي الأمين

-ما هو المقصود من قول الأئمة عليهم السلام (أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا)؟

العلاّمة السيد علي الأمين: نحن كان لنا موقف منذ سنوات عديدة رفضنا فيه ما يسمى بالدعوات المذهبية لأنها تحدث الفرقة بين أبناء الأمة الواحدة وهو أمرٌ لم يعتمده السلف الصالح من الأئمة والعلماء، وهذا من إدخال المذاهب في عالم السياسة وليس له علاقة بالدين لأن الدين الإسلامي هو النهر العظيم الذي يجمع بين ضفتيه كل المذاهب التي تشكل مصدراً لثروتنا الفكرية والفقهية وكلها تعبر عن آراء واجتهادات في فهم الشريعة الإسلامية. وقد رفض أئمة أهل البيت(ع)الدعوة لأنفسهم كما رفضوا الدعوة إلى التّشيُّع فراراً من جعل بعضهم له إطاراً خاصّاً لمجموعة دينية معزولة عن محيطها وقومها، أو حزباً سياسياً يطرح المشاريع السياسية الخاصة التي تدخلهم في لعبة الصراع على السلطة، وهو مما يعمّق الشرخ والانقسام داخل الأمة الإسلامية ومجتمعاتها، وهذا ما يستفاد من سيرة الأئمة العملية ومن الأخبار الكثيرة المروية عنهم بهذا الشأن ، ومنها: على سبيل المثال أنهم كانوا يطلبون من الشيعة أن يكونوا دعاة لهم بأعمالهم وسلوكهم وأن يكونوا زيناً لأئمتهم لا أن يكونوا شيناً عليهم، وأن يكونوا بركة على من جاوروا وسلماً لمن خالطوا وأن يقيموا أفضل العلاقات مع خلطائهم بالصلاة في مساجدهم وأداء الأمانة إليهم وعيادة مرضاهم وتشييع موتاهم والشهادة لهم وعليهم، وقد ورد عن الإمام الصادق(ع) أن المصلي خلفهم كالمصلي خلف رسول الله في الصفّ الأوّل.

والمقصود من الأمر الوارد في السؤال (أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا) هو العمل بسلوكيات الأئمة التي تجسّد أخلاقيات الإسلام في علاقات أبناء الأمة الواحدة مع بعضهم وشركائهم في الدين والوطن، وليس المقصود منه الدعوة إلى التشيّع كحركة تحمل المشاريع السياسية الخاصّة بحثاً عن السلطة والنفوذ بزيادة عدد الأتباع والأنصار .

وفي بعض الروايات التي نذكرها تفسير (الأمر ) بما ذكرناه ، منها : -مارواه حماد قال : قلت لأبي عبدالله جعفر بن محمد(ع):إني أدخل بلاد الشرك، وإن من عندنا يقولون: إن مُتَّ ثَمَّ، حُشرت معهم،قال فقال لي: يا حمّاد إذا كنتَ ثَمَّ تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قال، فقلت نعم، قال: فإذا كنت في هذه المدن مدن الإسلام تذكر أمرنا وتدعو إليه؟ قال، قلتُ: لا.فقال لي : إنك إن تَمُتْ ثمَّ، تحشر أمّةً وحدك ويسعى نورك بين يديك.

-وعن خيثمة قال دخلت على أبي جعفر(الباقر ع)أودّعه فقال: يا خيثمة أبلغ من ترى من موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيُّهم على فقيرهم وقويُّهم على ضعيفهم وأن يشهد حيُّهم جنازة ميِّتهم وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإنّ لقيا بعضهم حياةً لأمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا، يا خيثمة أبلغ موالينا أنا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا بعمل وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع وأن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره .

-٢-وما رواه ابن مسكان، عن ثابت أبي سعيد قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا ثابت مالكم وللناس، كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطاعوا، كفوا عن الناس ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمي وجاري، فإن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلا يسمع بمعروف إلا عرفه ولا بمنكر إلا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره.

٣- وما رواه الفضيل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ندعوا الناس إلى هذا الامر؟ فقال: يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه حتى أدخله في هذا الامر طائعا أو كارها.

٤ – وما رواه علي بن عقبة، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم الناس، فإن المخاصمة ممرضة للقلب …وإنني سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره. .. ولذلك نحن نرفض العمل التبشيري لأنه يحدث الفرقة بين المسلمين وليس له أي مردود من الناحية الدينية لأن انتقال المسلم من مذهب إلى مذهب آخر هو كنقل الماء من ضفة النهر إلى الضفة الأخرى وليس انتقالاً من الكفر إلى الإسلام ولا من الفسق إلى الإيمان!. والواجب هو العمل على تقارب المسلمين ووحدتهم وليس العمل على ما يحدث الفرقة ويزيد الانقسام بينهم ولمزيد الإطلاع على دور الأئمة ومشروعهم الوحدوي يراجع كتابنا ( الأحزاب الدينية ) والله الموفق للصّواب.

شارك المعرفة وانشر