مؤتمر الزكاة – البحرين- العلاّمة السيد علي الأمين:
الإسلام يطلب منا سد حاجات بني البشر وتكريمهم وليس بناء مشاريع ومؤسسات خاصة باسم الفقراء والمحتاجين
العلاّمة السيد علي الأمين من المؤتمر العالمي للزكاة والتنمية الشاملة والمستدامة في #مملكة_البحرين:
الإسلام يطلب منا سد حاجات بني البشر وتكريمهم بتلك الأموال التي تعود إليهم بالدرجة الأولى، وليس لبناء مشاريع ومؤسسات خاصة باسم الفقراء والمحتاجين.
ولذلك نحن نجدد تلك الدعوة إلى توحيد بيت المال وصندوق الأموال الشرعية وتحديد المصارف لها حسب الأوليات، ولا بد من إيجاد لجنة عليا تقوم بدراسة وتحديد جهات الصرف والإستحقاق وطرق الجباية.وقد دعونا في #لبنان قبل سنوات عديدة إلى توحيد بيت المال وتحويله إلى مؤسسة بعدما كثرت صناديق الجباية والجمع للصدقات والأموال الشرعية وانتشرت تلك الصناديق في الشوارع وفي أماكن العبادة والمحال التجارية والبيوت، وتتولاها جمعيات وجهات تابعة للأحزاب، وقد ازداد عدد الفقراء والمحتاجين على الرغم من كثرة تلك الصناديق المنتشرة في الداخل والخارج.
وقد ظهرت المشكلة في إدارة هذه الأموال، فقد يذهب بعض تلك الأموال لبناء المساجد التي لا حاجة إليها مع وجود الحاجة الماسة إليها من الفقراء والمحرومين !.
وطنية – القى سماحة العلاّمة السيد علي الأمين،عضو مجلس حكماء المسلمين، كلمة في افتتاحية المؤتمر العالمي للزكاة في مملكة البحرين، جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى آله الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع عباد الله الصالحين.
نتقدم بالتّحيّة والشكر للقيادة الرشيدة إلى الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المحروسة، وإلى صاحب الرعاية وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف معالي الشيخ خالد بن علي آل خليفة، ونشكر ونحيّي أيضاً أعضاء صندوق الزكاة والصدقات في الوزارة والدكتورة حفصة الغريب وكل القائمين والمشرفين على هذا المؤتمر الدولي-الزكاة والتنمية الشاملة.
واضاف: لقد أحسن القائمون على هذا المؤتمر المتميّز الإختيار بجعلهم الزكاة موضوعاً للبحث عن التنمية المستدامة والشاملة، فإن لهذه الفريضة في الإسلام دوراً مهماً وآثاراً جليلة في حياة المجتمع والأمّة، فالصلاة التي هي عمود الدين قد قرنت بها فريضة الزكاة في كثير من آيات القرآن الكريم، كقول الله تعالى:(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )وورد في الحديث:(إن الله أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلّى ولم يزكّ لم تقبل منه صلاته).
وتابع: ” وفريضة الزكاة فيها تجسيد عملي للإيمان، فهي تخرجه من دائرة القول والإعتقاد إلى ميدان العمل، فبأداء الزكاة يتجاوز المرء نفسه متعلّماً منها التضحية والإيثار في سبيل الآخرين، وعاملاً بمبدأ التعاون على البرّ والتّقوى، مساهماً في بناء عائلته الكبرى في الوطن والمجتمع والأمّة، فالإيمان ليس لقلقة باللسان، وإنما هو ما وقر في القلب وصدّقه العمل، وهو الذي يتطلب من صاحبه أن يتّجه نحو جوهر البرّ ومضمونه بعيداً عن الشكل والصورة، كما ورد في قول الله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
و أردف الامين: “إن تشريع الزكاة في الإسلام كان من أهم الدعائم لقيام المجتمع المتضامن بعضه مع البعض الآخر في السرّاء والضرّاء، وهو من أهم التشريعات التي تكافح آفة الفقر الذي يشكل أهمّ الأسباب التي تؤدّي إلى شقاء الإنسان وتعاسته، وترمي المجتمع بالتّخلّف وتجعل منه موضعاً للإستغلال من قبل أهل التّطرّف والإنحراف، وقد ورد في الحديث: (الفقر هو الموت الأكبر) و(كاد الفقر أن يكون كفرا) و(لو تمثّل لي الفقر رجلاً لقتلته).
واشار الى ان الزكاة كانت في صدر الإسلام من أهم الروافد لبيت المال الذي يرعى مصالح البلاد والعباد من دون نظر إلى انتماءاتهم الدينية، وقد ورد في بعض الأخبار أن الإمام عليّاً في عهد خلافته كان يتفقد بعض أحياء الكوفة فرأى شيخاً كبيراً يتسوّل، فقال مستنكراً لمن كان معه : ما هذا ..!.فقالوا..هو نصراني، يا أمير المؤمنين، فقال لهم : لقد استعملتموه حتى إذا عجز منعتموه!. وأمر بإعطائه من بيت المال.
واضاف: “وفي عهد عمر بن عبد العزيز-الذي لقب بالخليفة العادل لشيوع العدل في زمانه-ذهب بعضهم بالزكاة يطوف بها على الفقراء في الشام فرجع بها لأنه لم يجد فيها فقيراً.
وقد فرضها الله على الأغنياء، وجعلها من حقوق الفقراء، فقال سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
وورد في الحديث: (إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما متع به غني؛ والله تعالى سائلهم عن ذلك ).
ولفت الامين الى ان ” التنمية المستدامة والشاملة التي تبحثون عنها في مؤتمركم هذا هي ما تسعى الدول المتقدّمة إلى تحقيقه في مجتمعاتها وشعوبها، لها ولأجيالها القادمة، والزكاة مع غيرها من الأموال الشرعية والصدقات يمكن أن تكون من أهم الدعامات لها في مجتمعاتنا وشعوبنا، يستعان بها من خلال تنظيم مواردها ومصارفها على إبعاد شبح الفقر وما ينشأ عنه من آفات تصيب المجتمع، فهي فريضة إذا قام بها من وجبت عليه من الأفراد والمؤسسات تشكل أكبر رافعة للنهوض الإقتصادي والتّقدّم العلمي والعمراني لبلادنا والتنمية الإجتماعية وتطوير المعاهد الثّقافية والتّعليمية التي تصنع الوعي والمعرفة لأبنائنا وأجيالنا القادمة تحفظ لهم حقوقهم وتحصنهم من دعاة التطرّف والإنقسام ويستمرون على نهج الوسطية والإعتدال في بناء أوطانهم والمحافظة عليها والدفاع عنها.
هذا، ولكن كل ذلك يحتاج إلى التخطيط السليم وإلى تنظيم تلك الأموال الشرعية جبايةً وصرفاً.
وقد دعونا في لبنان قبل سنوات عديدة إلى توحيد بيت المال وتحويله إلى مؤسسة بعدما كثرت صناديق الجباية والجمع للصدقات والأموال الشرعية وانتشرت تلك الصناديق في الشوارع وفي أماكن العبادة والمحال التجارية والبيوت، وتتولاها جمعيات وجهات تابعة للأحزاب، وقد ازداد عدد الفقراء والمحتاجين على الرغم من كثرة تلك الصناديق المنتشرة في الداخل والخارج.
وقد ظهرت المشكلة في إدارة هذه الأموال، فقد يذهب بعض تلك الأموال لبناء المساجد التي لا حاجة إليها مع وجود الحاجة الماسة إليها من الفقراء والمحرومين !.
فالإسلام يطلب منا سد حاجات بني البشر وتكريمهم بتلك الأموال التي تعود إليهم بالدرجة الأولى، وليس لبناء مشاريع ومؤسسات خاصة باسم الفقراء والمحتاجين.
وجدد العلاّمة السيد علي الامين “الدعوة إلى توحيد بيت المال وصندوق الأموال الشرعية وتحديد المصارف لها حسب الأوليات، ولا بد من إيجاد لجنة عليا تقوم بدراسة وتحديد جهات الصرف والإستحقاق وطرق الجباية”.
وختم سماحته: ولا يسعنا في الختام إلا أن نجدد الشكر لكم، سائلين الله تعالى لكم التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.