-الدولة لا تحاسب النواب على تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، ولكنها تحاسب المواطن على مخالفة قانون السير!!
-الحوار خارج مؤسسات الدولة هو الوسيلة الأفضل في ظل عجز الدولة عن تطبيق القانون والدستور
-لوقف إلزامي لإطلاق النار في سورية وخروج المقاتلين غير السوريين منها،والشعب السوري هو يقرر مصير النظام
– النفوذ الإيراني في لبنان والسياسة الأميركية في المنطقة
علي الحسيني – صحيفة المستقبل
في الوقت الذي يرى فيه المرجع الديني العلامة السيد علي الأمين أن الحوار بين اللبنانيين عموما وتيار «المستقبل» و«حزب الله» خصوصاً عامل مهم لثبيت الإستقرار في البلد، على الرغم من أن هذا الحوار كان برأيه بحاجة إلى إدخال عناصر اخرى من اجل ان تُضفي عليه طابع غير مذهبي، يؤكد أن النفوذ الإيراني على لبنان من خلال «حزب الله» لا يقتصر على الطائفة الشيعيّة فقط بل يشمل كل الدولة كون الحزب هو الجهة المُهيمنة على الدولة ومؤسّساتها».
وفي حديث الى «المستقبل» قال الأمين: «نحن ننظر بإيجابية إلى الحوار الجاري بين حزب الله والمستقبل، وهو، بعيداً عن الحكم على النوايا وما نطمح إليه من نتائج، يبقى الوسيلة الأفضل للمضي باتجاه البحث عن الحلول للمسائل الجوهرية المختلف عليها في ظلّ ضعف الدولة وعجزها عن فرض مرجعية القانون والدستور على الجميع. كما أننا نرى ان الحوار يفتح الطريق عن قرب لتفهّم كلّ فريق للآخر، ولا شك في أنه يساهم على الأقل في عدم ارتفاع منسوب الاحتقانات السياسية والطائفية التي تحملها الرياح الآتية من الصراعات الدموية الجارية في المنطقة».
وعن مآخذه على جزء من الحوار بين الحزب والتيّار يُشير الأمين إلى «أننا قد اقترحنا إدخال عناصر أخرى على الحوار، وخصوصاً من تيار المستقبل لإخراج الحوار من الإطار المذهبي وإعطائه البعد الوطني، فإن الطرفين لا يتحاوران في الخلافات الفقهية بين المذاهب وإنما يتحاوران في مسائل سياسية يشاركهما الرأي فيها آخرون من مذاهب وطوائف أخرى ممن ينتمون إليهما حزبيّاً وسياسيّاً»، معتبراً «خطوة الحزب بإتجاه الحوار تعبّر عن بداية لتغيير في أدائه مع الداخل اللبناني، وهي تنمّ عن حصول التفكير بطريقة تختلف عن الماضي في التعاطي الذي كان يغلب عليه عدم الاستعداد لاستماع الرأي الآخر».
ويتحدث الأمين عن المعوقات التي تمنع إنتخاب رئيس للجمهورية فيشدد على أنّ «النوّاب الذين يمتنعون عن النزول إلى المجلس النيابي والقيام بواجبهم الدستوري في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية هم الذين يعوقون عملية الإنتخاب، وكتلة حزب الله النيابية وحلفاؤها يتحمّلون مسؤولية هذه المخالفة الدستورية الكبرى ممن يفترض أن يكونوا المؤتمنين على الدستور، ولا يمكن أن نعفي الدولة من المسؤولية عن تعطيل الدستور حين تحاسب المواطن المخالف لقانون السير ولا تحاسب النائب المخالف لأهم واجباته الدستورية. وهذا ما يعطينا صورة عن فشل الدولة في تطبيق شعار النّأي بالنّفس عن الأعاصير التي تهب في المنطقة ووصلت إلى الحدود اللبنانية، فهي لم تستطع أن تجعل انتخابات رئاسة الجمهورية بمنأى عن التأثيرات الخارجية، فكيف تنأى بنفسها عن الأحداث الأمنية التي تنعكس على الداخل اللبناني من خلال وجود أطراف فيها تعبر الحدود خلافاً لرأيها لتشارك في القتال على الأراضي السورية».
ويُلفت إلى أن «استمرار حزب الله بالمشاركة في القتال على الأراضي السورية يزيد من مخاوفنا على لبنان لأن تدخله هناك يزيد من الاحتقانات المذهبية في المنطقة وهذا ما ينعكس على لبنان وسيترك آثاره السلبية خصوصاً عند الشعب السوري الذي سوف يحمّل حزب الله الكثير من مآسيه». وقد رأى أن تدخل الحزب في سوريا هو من أسباب استدراج التنظيمات المتطرّفة لتطرق أبواب لبنان ويصل إرهابها إلى الأراضي اللبنانية لأنه عندما تقاتل أنت على أرض الآخرين فإنك تجعل من أرضك ساحة ليقاتلك عليها الآخرون».
«مصير النظام السوري يقرّره الشعب السوري» هذا ما يؤكده الامين، ولكن «ما نتمنّاه هو أن يتوقف نزيف الدماء في سوريا ومسلسل الدمار والخراب والنزوح، ولا شك بأن استمرار الصراع في سوريا سيزيد من تعقيدات المشهد المستقبلي وصعوبته ليس في سورية وحدها بل في المنطقة كلها. كذلك المطلوب من المجتمع الدولي العمل على وقف إلزامي لإطلاق النار وخروج كل المقاتلين غير السوريين من الأراضي السوريّة وإعطاء الفرصة الحقيقية للشعب السوري التي تتيح له التعبير عن رأيه بحرية عن مستقبل سوريا، وقد آن الأوان لاقتناع كل من النظام والمعارضة بأن استمرار القتال لن يؤدي إلّا إلى المزيد من المآسي للشعب السوري والتدمير لسوريا، ولذلك لا بدّ من الشروع بالبحث عن الحلول السياسية التي توقف إراقة الدماء والدمار وتحفظ الحقوق المشروعة للشعب السوري.
ويرى الأمين أن «النفوذ الإيراني على لبنان هو بتزايد مستمر وذلك من خلال الأحزاب المرتبطة بإيران وخصوصاً حزب الله، وهذا النفوذ لا يقتصر على الطائفة الشيعية بل يشمل كل الدولة اللبنانية لأن الحزب المرتبط بالسياسة الإيرانية وحلفاءه بغطائه هم الطرف الأقوى المهيمن على الدولة اللبنانية ومؤسساتها بسبب ضعفها وهو ما أدى إلى ارتباط مصالح الناس بالأحزاب المهيمنة على الدولة العاجزة عن حماية الرأي الآخر واحتضانه داخل الطائفة الشيعية وغيرها».
أمّا في ما خصّ المباحثات الإيرانية – الأميركية حول «النووي» فيرى الأمين أن «أميركا وايران كسائر الدول التي تبحث عن مصالحها في المنطقة، ولا نستبعد حصول التقارب بينهما في مستقبل الأيام على الملف النووي وغيره، كما أننا لا نرى أن السياسة الايرانية القائمة تخدم المصالح المشتركة بينها وبين الدول العربية وشعوب المنطقة، ولا نعتقد أيضاً ان ايران ستكون في منأى عن تداعيات السياسات التي تعمل على استغلال الخلافات التاريخية بين السنة والشيعة وتوظيفها في المشاريع السياسية»، مشيراً إلى أن أميركا غير متضررة من جعل إيران فزّاعةً في وجه محيطها العربي، فأميركا بذلك تبقي على جذوة الخلافات بين دول المنطقة وشعوبها وتجعل من نفسها حاجة لمختلف الأطراف».