البابا تواضروس الثاني في مؤتمر الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب:
نحتاج إلى تظافر الجهود لترسيخ قيم التعاون المشترك
لؤى على – ناهد الجندى – أمنية جلال «اليوم السابع»
قال البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية، خلال افتتاحية مؤتمر الأزهر لمواجهة الإرهاب: «نرحب بكم جميعا على أرض مصرنا الحبيية ليس على الأرض فقط، ولكن نرحب بكم فى قلوبنا، أخى الفاضل فضيلة إمام الأزهر أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر ضيوفنا الأحباء والأعزاء من كل أقطار هذه المنطقة التى حماها الله بالديانات السماوية أرحب بكم بهذا الملتقى وهذا المؤتمر وما أحلى أن يجتمع الأخوة معا».
وتابع: «وإذا تحدثنا عن المسيحية فى تاريخها على أرض مصر كان العصر الفرعونى بدأت فى القرن الميلادى ونادت المسيحية ومازالت تنادى بحقوق كثيرة نادت أولا بأن الإنسان هو بمثابة النور الذى ينير للآخرين، فقال واحد من القديسين أى مصباح بلا نور وأى مسيحى بلا حب فنادت المسيحية بالحب جمعيا فسار الإنسان نورا وهو أيضا ملحا للأرض وسار الإنسان هو رسالة فالله عندما يخلق الإنسان يخلقه ليكون رسالة على الأرض ونادت المسيحية أيضا بالمحبة بحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل نفسك وقدرتك وأهم من ذلك أن تحب قريبك أكثر من نفسك ومن العلامات المميزة جدا فى حياة الإنسان».
وأوضح البابا تواضروس: «قال الإنسان المقدس إن كنت لا تحب أخاك الذى تراه فكيف تقدر أن تحب الله الذى لا تراه واتسع مفهوم القريب ليست القرابة الجسدية ولكن القرابة الإنسانية فكل إنسان ذو قرابة وعلاقة مع كل أحد فلنا أب واحد هو آدم وأم واحدة هى حواء أيضا نادت المسيحية باحترام التنوع فأكثر ما نستخدمه كل يوم هى أيدينا وأصابع أيدينا تعلمنا التنوع فإذا كانت أصابع أيدينا متماثلة ومتشابة شكلا وحجما ووضعا سوف يصعب علينا أن نؤدى أعمالنا ولكن الله أعطانا هذا التنوع فى أيدينا لتكون الصورة واضحة لكل إنسان فينا فى كل يوم إن المبادئ الأساسية فى الحياة المسيحية هو الحوار الدائم، فلا ننسى أن تلاميذ السيد المسيح كانوا على حوار دائم معه رغم أن بينهم من كان طبيبا ورساما، رسالة السيحية أن يسالموا جميع الناس وأن يسالم كل أحد ويعيش بسلام».
وأضاف قائلا: «عشنا فى مصرنا فى كنائسنا من أجل أن نصلى كل يوم من أجل المدينة التى نعيش فيها ومن أجل جيراننا ومداخلنا ومخارجنا ونصلى كل يوم من أجل رئيس الأرض والجيش والوزراء والجنود، هكذا تعلمنا الكنيسة نصلى أيضا من أجل العاملين والمرضى والمسافرين ومن أجل والأرامل والأيتام والمساكين ومن أجل الفلاحين الذين يفلحون الأرض مصدر الغذاء ومن أجل المغتربين والمحبوسين والذين فى شدة أو ضيق وعاشت بصورة وطنية لم تسعى فى أى يوم لأى سلطة زمنية أو مكانية وشاهدة للوطن يشهد التاريخ أن الأمة المصرية بكل طوائفها كانت تآذر الزعيم أحمد عرابى فى ثورته وكان فريق من كبار المفكرين يلتفون حوله منهم عبد الله النديم المسلم وأديب إسحاق المسيحى وحين اندلعت ثورة 1919 كانت ثورة وطنية وكانوا المصريين جميعا رجلا واحدا وقلبا واحدا تعانق الشيخ والقسيس فى سبيل الكفاح الوطنى ورفعوا شعار الثورة عاش الهلال مع الصليب».
وأكد البابا تواضروس أن مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا، مضيفا: «أن ثورات الربيع العربى لم تكن ربيعا سمعنا عن مجازر ومذابح وصدامات كثيرة ولم يكن هذا الإسلام الذى عرفناه فى مصر وبين جرئنا وأحبائنا ثورتي 25 يناير و30 يونيو جاءت لتعيدا الأوضاع لنصابها، وإن مصر وطن فريد ومصر التى قال عنها الدكتور جمال حمدان إنها فلسفة الطبيعة وهذا الوطن أبوه التاريخ وأمه الجغرافيا».
وأردف: «مصر فى التاريخ عندما تبحث عنها ستجدها هى الوطن الوحيد الذى يأخذ الشكل المربع فى العالم وهذه تؤكد اللوحة البديعة التى رسمها الله لمصر وفى وسط أرض مصر يجرى نهر المنيل ويعيش كل مصر حوله وتصير الأرض أمنا والنيل أبونا ومن النهر لا نشرب الماء فقط ولكننا نشر الاعتدالية وظهرت حياة الوطن فى الصورة الاعتدالية وعاش كل إنسان مصر من العصر الفرعونى حتى العصر الإسلامى بعيدا عن كل عنف وينبذ كل عنف وقدمت مصر الصورة الأرقى لهذه الحياة الحضارية بكل ما تشمله وحتى اليوم نستخدم فى لغتنا كلمات من العصر الفرعونى والقبطى والإسلامى واللغة تشهد على ذلك».
وأشار: «فى حرب أكتوبر 73 اشترك الأقباط مع أخوتهم المسلمين فى صناعة الانتصار، مضيفا أن الكنيسة المصرية كانت دائما مدافعا عن الوحدة الوطنية، لافتا إلى أن الكنائس تعترضت على أرض مصر للهجوم والحرائق المفتعلة، وقلنا إن للحرية ثمنا غاليا وحرق الكنائس هو جزء من هذا الثمن الذى نقدمه لبلادنا بصدر رحب ولتكن كنائسنا قربانا نقدمه من أجل سلام مصر وقلنا إن وطنا بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن».
المصدر: نشرة لتعارفوا الصادرة عن مؤسسة العلامة السيد علي الأمين للتعارف والحوار