العلامة السيد علي الأمين في حديث لـ الأنباء عن الأوضاع في لبنان والمنطقة:
– ليدخل السيد نصر الله في حوار بشأن السلاح الخفيف الذي قال عنه بأنّه هو الّذي يستخدم في الحرب الأهليّة.
– العراق أمام تحدي بناء الدّولة الواحدة والفاعلة التي ترفض التدخل بشؤونه.
– الإنتصار والفشل في الانسحاب الأميركي في العراق.
– النفوذ الإيراني سيقوى بعد الإنسحاب الأميركي وعلى العراقيين الاستفادة منه لوحدة بلدهم.
– الفشل الأميركي في تحقيق نموذج ديموقراطي للحكم في العراق.
– الإستجابة للمبادرة العربية يدفع خطر التدويل عن سوريا.
– بيروت – الأنباء – إتحاد درويش 21-12-2011
شدد العلامة السيد علي الأمين على انه لا يمكن الاطمئنان الى المستقبل في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني وفي لبنان عموما الا من خلال دولة تمسك بزمام الأمن وتطبق القوانين على كامل الاراضي اللبنانية، ورأى ضرورة ايجاد صيغة لانتظام السلاح ضمن الدولة اللبنانية، معتبرا كلام السيد حسن نصرالله حول رفضه الحوار بشأن السلاح امرا خطأً، داعيا إياه الى جعل السلاح الخفيف الذي قال انه يمكن ان يحدث حربا أهلية موضوعا للحوار بشأنه وجعله تحت سلطة الدولة اللبنانية.
ودعا العلامة الامين في حديث لـ «الأنباء» الى تنظيم الخطاب الديني الذي يعزز روابط الاخوة والوحدة بين المسلمين، لافتا الى ان التعرض لبعض الرموز الدينية كان يمكن ان ينتهي بكلمة واحدة بأننا لم نقصد الاساءة دون ان تأخذ الامور جدلا واسعا، معتبرا انه لا ارضية في لبنان لأي اقتتال طائفي.
وفي الشأن المتصل بالثورات العربية اكد العلامة الامين ان حركة الشعوب من خلال القضايا التي ترفعها تبشر بمستقبل افضل للمنطقة، معربا عن اعتقاده ان الاسلام السياسي لم يعد ذلك الاسلام المعزول والمنزوي انما اصبح اسلاما يقبل بالرأي الآخر.
ورأى ان التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة العراقية والشعب العراقي بعد الإنسحاب الأميركي هو بسط سلطة الدولة على كامل الاراضي وان يعود العراق واحدا ارضا وشعبا ومؤسسات، وفيما يلي نص الحوار:
مخالف للقرار الدولي
كيف تقيمون الوضع الامني القائم في الجنوب انطلاقا مما تعرضت له القوة الفرنسية العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية؟
٭ ان الاعتداء الذي وقع على قوات الطوارئ الدولية هو نتيجة لبقاء الجنوب ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات، وهو ناشئ من عدم بسط الدولة سلطتها الكاملة على كامل اراضيها في الجنوب، ولذلك يمكن ان تبقى أرض الجنوب مرشحة لحدوث خروقات مادام الامن فيها ليس بيد الدولة بالكامل خصوصا ان الدولة قبلت بعد حرب 2006 والقرار الدولي 1701 بوجود سلاح جنوب الليطاني مع ان ذلك مخالف للقرار الدولي، لذا لا يمكننا ان نطمئن الى المستقبل في تلك المنطقة وفي لبنان عموما الا من خلال دولة تمسك بزمام الأمن من خلال اجهزتها وتطبيق القوانين على كامل الاراضي اللبنانية.
حرب داخلية
هل هذا الامر يبعث على القلق بشأن الوضع الأمني جنوبا وفي لبنان عموما؟
٭ في الجنوب يبقى الامر مفتوحا مادام يمكن ان تحصل خروقات للقرار 1701 مما يؤثر على عمل قوات الطوارئ الدولية وعلى دورها وهذا الخلل يحمل معه احتمال حدوث نزاعات مسلحة في المنطقة، اما على مستوى لبنان الداخلي فلا ارى اسبابا لاندلاع اي حرب داخلية خصوصا ان الأفرقاء النافذين والفاعلين هم يقولون اننا لا نريد الدخول في اي فتن داخلية وفي المقابل لا يوجد من يصارعهم على الوضع في لبنان لان السلاح موجود بأيدي هذا الفريق الواحد الذي يمسك هو الآن بأمور السلطة، والحرب تحتاج دائما الى فريقين والى طرفين ونحن لا نرى بأن هناك طرفا آخر مسلحا بالشكل الذي يتيح له ان يدخل في حرب وهو بالأصل لا يريد سوى أن تبسط الدّولة اللبنانية سلطتها على كامل أراضيها.
انتظام السلاح
ما موقفكم مما اعلنه السيد حسن نصرالله بأن سلاح المقاومة باق وانه لا نقاش حوله على طاولة الحوار وان معظم اللبنانيين يملكون السلاح الخفيف؟
٭ نحن نقول ان هذا السلاح لا شك انه مصدر من مصادر القوة للبنان ولكنها القوة التي تنتظم في مشروع الدولة اللبنانية، وبالتالي لسنا مع القاء هذا السلاح في البحر ولا مع نزعه بالقوة ولكننا مع وجود صيغة لانتظام هذا السلاح ضمن الدولة اللبنانية، لان هذا ما يطمئن اللبنانيين عموما وما يعطي ايضا قوة فاعلة للدولة في مواجهة الاعتداءات المحتملة. من هنا اقول ان رفض الحوار بشأن السلاح بالمطلق أراه أمرا خطأ وليس من الحكمة لأي زعيم سياسي أن يرفض الحوار حول أية نقطة من النقاط ولا يجوز تحديد الحوار بنقطة اريدها ولا يريدها غيري وهكذا، هذا أمر لا يساعد على تنفيس الاحتقانات التي نحن بحاجة إلى تخفيفها وإزالة أسبابها خصوصا في ظل الاحتقان الكبير الموجود في المنطقة، أنا وجدت ايجابية في كلام السيد نصر الله عندما قال إن الذي يمكن أن يستعمل في الحرب لاأهلية هو السلاح الخفيف وأما الأسلحة الأخرى مثل الصواريخ وغيرها فهذه لا تستخدم في الحرب الأهلية إذن تعال ايها السيد لنتحاور بشأن ايجاد صيغة لهذا السلاح الخفيف وجعله تحت سلطة الدولة اللبنانية، لأننا نريد أن نضم هذا السلاح الى الدولة من كل اللبنانيين بمن فيهم حتى حزب الله، اما الاسلحة الثقيلة التي يقول بأنها لا تستخدم في الحرب الأهلية يمكن أن نبحث فيها لاحقا. إذن هو لم يغلق أبواب الحوار نهائيا والاسلحة الثقيلة الموجودة بحوزة المقاومة هذه يمكن التنسيق بينها وبين الجيش اللبناني حولها، أما فيما يعود إلى الاسلحة الخفيفة فليدخل السيد نصر الله في عملية حوار بشأن انتظامها ضمن مشروع الدولة لتكون هي المسؤولة وحدها عن تطبيق القانون.
الوحدة بين المسلمين
شهدنا في الفترة الأخيرة بعض التصريحات والمواقف لرجال دين تسيء إلى العلاقة بين المسلمين، هل تخشى على لبنان من فتنة طائفية؟
٭ يجب التركيز دائما على عناصر الوحدة الاسلامية التي تساهم في الوحدة الوطنية لعموم اللبنانيين ولا توجد خشية حقيقية من وجود فتنة بين المسلمين لأننا نعتقد ان هناك كثيرا من العقلاء ومن الحكماء الذين يتصدون لمعالجة هذا الأمر كما لا توجد أرضية للفتنة الطائفية، واعتقد أن الخلافات السياسية والاحتقانات الكبرى في المنطقة قد تحاول ان تنفس هنا أو هناك لكن يجب تنظيم الخطاب الديني بالشكل الذي يعزز روابط الاخوة والوحدة بين المسلمين، لقد ذكرت سابقا بأن البعض قد يصرح بما يسيء إلى بعض الرموز الدينية والإسلامية التي لا نعتبرها في الحقيقة رمزا لطائفة أو مذهب وإنما هي رمز للمسلمين جميعا وأعني السيدة عائشة رضي الله عنها لانها ليست رمزا للسنة أو الشيعة وإنما هي رمز للمسلمين جميعا لأنها في نص القرآن الكريم هي أم المؤمنين جميعا ولذلك كان ينبغي ببعضهم الذي يمكن أن لا يكون قاصدا الإساءة والعياذ بالله الى هذه المكانة الكبرى لأم المؤمنين رضي الله عنها، كان يمكن لهذا الحقن الذي استمر اياما وقد يؤسس لأمور سيئة في المستقبل، لا سمح الله، أن ينتهي بكلمة واحدة بأننا لم نقصد الإساءة إلى هذا الرمز الكبير وينتهي الأمر من دون أن تأخذ الأمور هذا الجدل، لذلك اقول إنه لا توجد ارضية لاقتتال طائفي في لبنان، لانه حتى الاحزاب الدينية سواء كانت عند الطائفة الشيعية او السنية يؤكدون أننا ضد أي فتنة طائفية، مضافاً إلى أنّ الأرضيّة الموجودة للتعايش بين المسلمين منذ عهود وقرون لا تساعد على أن يعتدي الأخ على أخيه لمجرد الإختلاف معه في رأي الفقه أو في رأي الدين.
مطالب داخلية
بالانتقال إلى الأوضاع في المنطقة، ما هو موقفكم مما شهدته بعض الدّول العربية أو ما بات يعرف بالربيع العربي؟
*أعتقد أن المنطقة وعلى الرغم من حالة الإحتقان والتخوّف، إلا أن حركة الشعوب من خلال القضايا التي ترفعها والشعارات التي تحملها تبشر بمستقبل أفضل للمنطقة، وهذا الحراك الشعبي الذي شهدناه في أكثر من دولة عربية وصولاً إلى سوريا له أسبابه الداخلية لا الخارجية، والأسباب الداخلية هي أنه بعض الأنظمة مثلاً جعلت هناك فواصل بين الحاكم والمحكوم، الحاكم الذي هو في قصره لا يستمع إلى أصوات الشعب وإلى معاناته لذلك هم لا يطالبون مثلاً بتدخلات أجنبية بقدر ما يقولون للحاكم إعدل واستمع لأصواتنا وامنحنا حرية التعبير، لذا نرى هذه المطالب كالعدالة والحرية هي مطالب داخلية وليست أموراً آتية من الخارج، وقد تكون هناك محاولات خارجية ممكنة، إلا أنّ هذه الحركات التي نشأت من وعي وثقافة ورؤية تمنع من مثل هذه التسللات ومن أن تنجرف هذه الأمور إلى غير مصلحة شعوبها وبلادها.
الإسلام المعزول والمنزوي
وماذا عن الإسلام السياسي الذي يخشى البعض من وصوله إلى الحكم؟
إن الأمور مرهونة بالأداء. والتجربة الآن لا تزال في طورها الأوّلي حتّى نرى أنّ هذه الوجوه التي وصلت إلى السلطة ماذا يمكنها أن تقدّم لتلك الشّعارات ولتلك القضايا التي تحرّكت من أجلها الشعوب على أساسها يمكن أن يحكم الإنسان، لا يمكن أن نقول بأن الشعوب وصلت إلى الجنة من خلال وصول بعض الإسلاميين هنا أو هناك إنما العبرة بالأداء والممارسة وبالعمل، لا أعتقد أن هناك تخوفاً لأن الإسلام السياسي في هذه المرحلة وبعد تجاربه العديدة و الطويلة لم يعد ذلك الإسلام المعزول والمنزوي والذي يرفض الآخر، وإنما أصبح إسلاماً يقبل بالرأي الآخر ويتطلع إلى بناء المجتمع على أسس من الحرية والعدالة والتعايش السلمي مع الآخر ضمن الدولة الواحدة.
منطق الدولة
ما هي أبرز التحديات التي تواجه العراق بعد الإنسحاب الأميركي منه؟
*إن التحدي الذي يواجهه العراق بعد الإنسحاب الأميركي هو في أن يستعيد الشعب العراقي وحدته وأن تبسط الحكومة العراقية سلطتها على كامل أراضيها وأن يعود العراق واحداً أرضاً وشعباً ومؤسسات وأن يعيش الأمن والاستقرار، والشعب العراقي بكل مكوناته يريد منطق الدولة ومنطق الوطن الواحد والدولة الواحدة المركزية التي تقسّم الثروة على كل المناطق بعدالة نابذة المنطق الطائفي أو المذهبي أو المناطقي وأن يستعيد العراق عافيته ويعود دولة واحدة موحّدة وفاعلة في المنطقة وأن يرفض التدخلات في شؤونه.
الصراعات الداخلية
ما هو انعكاس هذا الانسحاب على موازين القوى في المنطقة ومن المستفيد من هذا الانسحاب؟
*لا شكّ أن إيران مستفيدة حتّى من دون الإنسحاب الأميركي من العراق، ومن الواضح أن لإيران نفوذاً كبيراً في العراق رغم الوجود الأميركي، واعتقد أن النفوذ الإيراني سيقوى لكن المطلوب أن يقال لإيران بأن هذا النفوذ يجب أن يتحوّل إلى علاقات متكافئة بين البلدين يستفيد منها العراقيون لوحدة بلدهم، لا أن نؤجج الصراعات الداخلية في البلد والمطلوب أن يعمل من أجل استقلال حقيقي للعراق حتى يعود مؤثراً وفاعلاً في المنطقة.
الأهداف المعلنة للغزو
هل بتقديركم تحققت الأهداف المرجوة من وراء الغزو الأميركي للعراق؟
*من الواضح أن الهدف الأميركي من غزو العراق لم يكن الاحتلال الدائم له، وقد خرج العراق بعد الغزو من دائرة الدولة القويّة في المنطقة ولم يعد له تأثير في أحداثها وقضاياها المصيرية. نعم بإمكاننا القول بأن بعض الأهداف المعلنة للغزو الأميركي للعراق قد فشلت أميركا في تحقيقه وهو هدف إقامة نظام سياسي ديمقراطي فيه، وهو لا يزال أمراً بعيد التحقق كما نشاهده اليوم من صراعات بين الأطراف السياسية على الحكم ولا يزال مشروع الدولة المركزية الواحدة في معرض الخطر حيث لا توجد المؤسسات التي يمكن أن يجمع عليها كل الشعب العراقي بكل مكوناته.
مطالب تعجيزية
إلى أين تتجه الأزمة السورية في ضوء المبادرة العربية التي لم تلق تجاوباً سورياً؟
*لا أعتقد أن الأزمة السورية انتهت وما يجري في سوريا من أحداث يؤلمنا وكلنا أمل بأن يضع النظام السوري حداً لهذه المعاناة من خلال الاستجابة لمطالب الشعب التي هي ليست مطالب تعجيزية، في بداية الأمر عندما وقعت أحداث درعا لم تكن مطالب الشعب تعجيزية أنه يريد الحرية ، هذه الحرية ما الذي يمكن أن يخسر النظام اذا منحت لشعبه، من هنا نأمل أن يستجيب النظام لهذه المطالب المشروعة لشعبه وأن يتوقف هذا السيل من الدماء وأن يتوقف العنف بكل أشكاله وبكل مصادره، كما نرفض أن يكون هناك عنف من أي فريق، ولدينا مخاوف من التدويل لأننا رأينا النموذج الليبي إلى أين اوصل البلاد والأوضاع التي يعاني منها اليوم الشعب الليبي وبالتالي لا نريد أن تصل سوريا إلى هذه الدرجة ونعتقد أن الإستجابة للمبادرة العربية يمكن أن يدفع خطر التدويل، فالجامعة العربية طرحت مبادرة ووجدنا أن هناك رأيا عاما عربيا وعالميا لهذه المبادرة لكن يمكن البعض في النظام السوري يفكر بأن الحل الأمني هو الذي يمكن أن يوصله إلى نتيجة، ونعتقد أن الحل الأمني والعسكري مع الشعب لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور وازديادها صعوبة. وأنا أعتقد أن أي نظام لا يتحالف مع شعبه هو الذي سيدفع الثمن في نهاية المطاف لأن خير حليف للنظام وللحاكم هو شعبه وليست روسيا أو الصين أو غيرهما.