الجمعة , أكتوبر 11 2024

السيد الأمين .. وأبعاد المؤامرة الطائفية! – الدكتور سعد بن عبد القادر القويعي

السيد الأمين .. وأبعاد المؤامرة الطائفية!

 الدكتور سعد بن عبد القادر القويعي*

 27-10-2013جريدة الجزيرة

يزداد تقديري، واحترامي يوما بعد يوم – بالعلامة الشيعي – السيد علي الأمين، فقد أثبت أنه أهل لتحمل المسؤولية، ومقدر لحجم الأخطار، والمؤامرات التي تحاك ضد أوطان العالم العربي. فكم من مرة دعا إلى نبذ خطاب العنف الطائفي بين السنة، والشيعة، وعدم الانجرار وراء الدعوات الطائفية الهادفة إلى شق الصف. وكم من مرة أكد على مسؤولية العلماء في توحيد الأمة، وعلى حرمة دم المسلم، وماله، وعرضه، ونشر قيم التسامح، والمحبة، والوفاء. وكم من مرة حذر من الأخطار المحدقة بالأمة، التي ستحرق الأخضر، واليابس.

قبل أيام، خاطب العلامة السيد علي الأمين بعض الشخصيات الدينية، ودعاهم إلى أن يضمنوا دعوتهم لغة الابتعاد عن العنف، وعدم المساس بالحرمات، وضرورة التأكيد في الدعوة إلى نزع السلاح في سوريا من طرف «حزب الله»، إذ لا مصلحة من إشعال فتيل فتنة -سنية شيعية-، وذلك في سياق إشعال فتيل فتنة إقليمية، من خلال تحويل الخلافات السياسية -رؤية وعملا-، إلى مدخل لصراع طائفي، إن على مستوى الخطاب، أو على مستوى السلاح. وهو ما أكد عليه، بأنه لا يصح أن تكتفي المرجعيات الدينية بتشييع أبنائنا القتلى من العراق، ولبنان، وغيرهما، بل دعا السيد السيستاني، وسائر المرجعيات الدينية في العالم العربي، والإسلامي بالمطالبة بفتوى صريحة، تحرّم القتال في سورية، فليس المطلوب من المرجعيات الدينية، أن تفتي الناس بطهارة الثوب، ونجاسته؛ من أجل الصلاة، وهناك دماء تسفك، وهم يسكتون عن ذلك، بل المطلوب من المرجعيات السياسية الخروج عن صمتها -أيضاً-.

لقد أسهمت إثارة النعرات الطائفية في تهديد الوحدة الوطنية، واستقرار النظام، والأمن العام. ولفداحة الخسائر الناجمة عن الجرائم الطائفية، بات من الضروري إصدار فتاوى من تلك المرجعيات؛ للحد من هذه الظاهرة المقيتة، تمهيدا للقضاء عليها، وذلك من خلال تجريمها، وتحريمها، والعمل على ضرورة تعزيز قيم المواطنة، -خصوصا- بعد أن أثبتت الأحداث، ألا فائدة من تدخل حزب الله المباشر في الأزمة السورية، الذي لن يغير كثيرا من موازين القوى على أرض الواقع، بل سترتد الفتنة سلبا إلى الداخل اللبناني، -لاسيما- أن خطاب زعيمه، كان فيه إشارة مبطنة منه، إلى أن عناصر حزبه، -ومثلها- المراجع الشيعية في كافة أنحاء العالم، تؤكد أن الولي الفقيه أعطى الضوء الأخضر، وبارك لكل عنصر شيعي مسلح، بخوض معركة تحويل سوريا إلى المحافظة 35 بالمفهوم الديني لا الإداري، -فضلاً- عن تعجيل ظهور الإمام الثاني عشر حسب مفهومه.

كثيرة هي المعطيات في المشهد السياسي، سواء كان إقليميا، أو دوليا، تؤكد أن الاستقرار السياسي في المنطقة، لن يكون قائما إلا باللجوء إلى الحوار، ورسم خارطة طريق للمطالب، وتنفيذ ما هو مشروع منها، يمثل مخرجا مهما للأزمات التي نعاني منها اليوم، التي تصب في طاحونة العنف، باعتبار أن النار الطائفية عندما تشتعل، فإنها لن تحرق الآخر -فقط-، وإنما ستحرق موقدها. -لذا- فإن تفكيك الاصطفافات الطائفية، والتعامل معها كجزء أصيل من النسيج الاجتماعي، والوطني، أصبحت مطالب مشروعة.

جاءت الأحداث الأخيرة؛ لتطرح من خلالها المسألة الطائفية، كإحدى أهم السمات المميزة للأزمة السورية الراهنة. وسيكون أمام هذه الشخصيات الدينية، التي أشار إليها -العلامة- السيد علي الأمين، الكثير من الملفات الشائكة، التي لا يمكن التغاضي عنها؛ من أجل لجم الخطاب الطائفي التحريضي، ودعوة «حزب الله اللبناني» إلى الخروج من سوريا، والنأي بنفسه عن هذه الفتنة.

باحث في السياسة الشرعية*