السيد علي الأمين لـ”Tripoliscope”: تخبط حزب الله يعكس عدم قدرته على إمساك الشارع
العلامة السيد علي الأمين من قلائل علماء الدين في لبنان العالم العربي الذين يقدمون العلم والعقل والحكمة والتبصر على كل الامور الثانوية الاخرى التي من شأنها تأجيج المشاعر الفتنوية وتغذية الروح التقسيمية بين المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الديني او السياسي.
ولأنه كذلك دفع العلامة الامين أثمانا باهظة في احداث 7 ايار عام 2007، ورغم ذلك لم يرد الامين الاساءة بمثلها لانه مؤمن بحديث الرسول محمد عليه الصلاة والسلام “احسن الى من اساء اليك”، لذا اكتفى بمعاتبة من فعل هذا الامر الشنيع واعتذر باسمهم من اهل بيروت في قصيدته الشهيرة التي كتبها آنذاك: ” بيروت معذرة.. لله شكوانا” حيث جاء في مطلعها:
ييروتُ معذرةً، قد جئتُ أعتـــذرُ |
إن كان عذرٌ لمنْ قَدْ رامَ يعتـــــذرُ |
إنّي أقرُّ بذنبٍ لا يفارقُنــي |
وخْزُ الضَّــميـر وصدري كاد ينفجرُ |
أوزارُهُ أَثْقلتْ ظهري وما بــَــــرِحَــتْ |
نيرانُه في الحشى تَغلي وتَسْتـعـرُ |
غيري جَنَاهُ و لكن ما يُعذّبــنــــي الْـــــــ |
ـمَظلومُ ليس لهُ حـامٍ و مُنتصِـرُ |
في هذا الحوار نسأل العلامة الأمين عن موقفه من الثورات العربية، وتأثيرها على لبنان، وعن تأثير هذه المتغيرات على حزب الله وخاصة في علاقته مع جمهوره في الضاحية الجنوبية.
وفي ما يلي نص الحوار:
- كيف ينظر العلامة الامين الى المتغيرات السياسية في العالم العربي؟
” إنّ ما يحدث في العالم العربي من حركات شعبية وثورات هو نتيجة للاستبداد الذي استمرّ عقوداً، وعدم استجابة الحكام للمطالب المشروعة لشعوبهم في الحريّات وحقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية. وستصل الشعوب إلى ما تصبو إليه على الرّغم من المآسي الحاصلة بسبب القمع الدّموي الذي تمارسه الأنظمة المستبدّة ضدّ شعوبها وسينتقل العالم العربي إلى مرحلة جديدة من الحريّة وبناء الأنظمة والأوطان على أسس من العدالة والمساواة والتعددية والإحترام لحقوق الإنسان”.
- ما تأثير استلام الحركات الاسلامية الحكم في بعض الدول العربية على لبنان المتنوع دينيا وثقافيا؟
“لا أرى تأثيراً سلبياً على لبنان بوصول حركات إسلامية إلى الحكم في البلاد العربيّة لأنّ هذه الحركات أعلنت مراراً أنّها عازمة على إقامة الدولة المدنيّة التي تحترم حقوق الإنسان في الحريات السياسية والمعتقدات الدينية وهذا ما ظهر من خلال الشعارات الإصلاحية التي رفعها جمهور تلك الحركات الإسلامية وما ظهر أيضاً من الوثائق السياسية التي أعلنوا عنها في أكثر من مناسبة وهي لا تتنافى في مضامينها مع العيش المشترك والتعددية الدينية والسياسية القائمة في لبنان وغيره من البلدان العربيّة.”
- كيف تصف عدم مقدرة حزب الله على السيطرة على الضاحية الجنوبية خاصة بعد اختطاف اللبنانيين في سوريا؟ وهل فعلا اصبح الحزب غير قادر على مسك شارعه؟ واستطرادا كيف تقييم موقف الحزب الرافض للثورة في سوريا والمؤيد لها في البحرين؟
” لقد اعتاد الناس الموجودون في مناطق نفوذ حزب الله طيلة السنوات الماضية على مظاهر قطع الطرقات من خلال السياسة التي اعتمدها حزب الله في مناسبات كثيرة وفي مناطق متعددة ولذلك جاءت ردّة الفعل لعوائل المخطوفين اللبنانيين في سوريا بخروجهم إلى الشارع بعد عجز حزب الله عن إدارة ملفّ المخطوفين وغيره من الملفّات كالكهرباء، والملفّات المعيشيّة وليس بإمكانه أن يمنع تحرّك النّاس نحو الشارع باتجاه هذه المطالب التي تمسّ مصالح الناس مباشرة في الوقت الذي كان يطلب منهم الخروج إلى الشارع لمطالب سياسية خاصة به وبنفوذه، ولذلك عاش حزب الله وحلفاؤه حالة من التخبّط وأصدروا الفتاوى بحرمة الخروج إلى الشارع وقطع الطرقات ولسان حال الناس يقول لماذا تحرّمون علينا اليوم ما كان حلالاً لكم بالأمس؟!. ومن مظاهر هذا التخبّط في القضايا الداخلية، الإزدواجية في المواقف السياسية من الحركات العربية فهم أعلنوا عن تأييدهم لحركات شعبيّة في البحرين وغيرها ولكنّهم رفضوا الوقوف إلى جانب المطالب المشروعة للحراك الشعبي في سوريا ووقفوا إلى جانب النّظام السوري في قمع الحراك الشعبي وهذا التخبّط في المواقف أدّى إلى ضعف الثقة لدى النّاس بقدرة حزب الله وحلفائه على مواجهة الأحداث وبدأ يعكس عدم قدرتهم على الإمساك بالشارع.”
- ماذا عن “ظاهرة الشيخ احمد الاسير”، هل تعتبرونها رد فعل طبيعياً على خطاب حزب الله؟ ام ان لها خلفيات وتداعيات اخرى؟
“لا أرى في ولادة ظاهرة الشيخ أحمد الأسير خروجاً على المألوف في ظلّ سياسة الهيمنة والتسلّط التي اعتمدتها قوى الأمر الواقع في الجنوب وبيروت والتي فرضت مطالبها على الدّولة وسائر الأطراف بقوّة السّلاح في محطّات عديدة وإذا تمكّنت هذه القوى من خلال القمع والترهيب أن تُسكت الرأي الآخر داخل طائفتها المطالب بالعودة إلى الدولة والتمسك بالقانون فهي لن تتمكّن أن تسكت الأصوات الأخرى من سائر الطوائف الذين يرفضون الهيمنة والترهيب والذين يريدون للدولة أن تبسط سلطتها في كلّ المناطق اللبنانية. ولذلك أرى أنه يجب الإستماع إلى هذه الأصوات والتحاور معها لأنها تعبّر عن شريحة كبرى في المجتمع اللبناني وهي التي يمكنها ان تنفّس الإحتقان الطائفي والسياسي وليست تلك الأصوات التي تردّد مقولة قوى الأمر الواقع والتي ترضى بها عند حصول التقاسم للنفوذ والسلطة.”
- هل انت راضٍ عن تعاطي الدولة اللبنانية مع الانتهاكات السورية المتواصلة على الحدود اللبنانية؟
“إن عدم حسم الدولة اللبنانية لكثير من الملفّات الداخليّة خصوصاً ملف بسط سلطتها الكاملة على أراضيها انعكس على معالجتها للحوادث التي وقعت على الحدود اللبنانية السورية والمرشحة للمزيد في ظلّ التّراخي الحاصل وعدم الإمساك الكامل بالملف الأمني”.
حاوره: مصطفى العويك