الجمعة , أكتوبر 11 2024

العلامة السيد علي الأمين: حكومة 14 آذار أسقطها تحالف المحاصصة واستبعاد قوى الإعتدال – قيام الدولة بواجباتها مع تصريحات القيادات يمنع من الفتنة الداخلية-الربيع العربي ينعكس إيجابياً على التعدّدية والعيش المشترك — نعم لانتظام السلاح في مشروع الدولة- – حياد لبنان لا يعني التخلّي عن المبادئ وحقوق الإنسان

العلامة السيد علي الأمين:


-حكومة 14 آذار أسقطها تحالف المحاصصة واستبعاد قوى الإعتدال


– قيام الدولة بواجباتها مع تصريحات القيادات يمنع من الفتنة الداخلية


– الربيع العربي ينعكس إيجابياً على التعدّدية والعيش المشترك


– نعم لانتظام السلاح في مشروع الدولة


– حياد لبنان لا يعني التخلّي عن المبادئ وحقوق الإنسان


* بعد ايام ذكرى 14 آذار المحطة المفصلية في تاريخ لبنان، كيف تقيّمون هذه الذكرى اليوم بعد الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري وتولّي فريق 8 آذار سدة الحكم؟ 


ج1 – لا شك أن ذكرى الرابع عشر من آذار هي محطّة تعني الكثير للمؤمنين بها باعتبار أنها المناسبة التي توحدت فيها صفوفهم واجتمعت فيها كلمتهم من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية على المطالبة بالتحرّر والإنعتاق من عهد الوصاية الخارجيّة ومن النّظام الأمني الذي كان تابعاً لها بعدما كان مجرّد التفكير بذلك في تلك المرحلة ممنوعاً قبل 14 آذار، وسوف تبقى هذه الذّكرى ملهمةً للّبنانيين الساعين لبناء وطنهم على أسس الحرية والعدالة والسّيادة والإستقلال، وسوف تبقى تحثّهم وتدفعهم باتجاه متابعة طريق الوحدة، وتجاوز الأسوار الطّائفيّة لتحقيق كامل الأهداف التي قامت جماهير 14 آذار من أجلها وإن تمّ تعطيل الوصول إليها كاملة بفعل قوى الهيمنة الدّاخليّة التي استجابت قوى 14 آذار للمشاركة معها في حكومات عديدة على قاعدة المحاصصة الطّائفيّة الّتي كرّست من خلالها الوكالات الحصريّة عن الطّوائف الّتي حصرت التّمثيل بقوى الهيمنة وحدها وهذا ما يتنافى مع روح حركة 14 آذار وتطلّعات جمهورها الّذي انطلق من رؤية وطنيّة سياديّة عابرة للطّوائف ورافضة للطّائفيّة. وقد كان من نتيجة تلك التحالفات والمحاصصات أن ظهرت اصطفافات مذهبيّة بشكلٍ حادّ أساء للعيش المشترك بين الطّوائف وأعاق التقدّم في مسيرة بناء الدّولة وفق طموحات جمهور 14 آذار. وقد زادت تلك التحالفات من سعي تلك القوى لمزيد من النفوذ والهيمنة والتعنّت في رفض الرأي الآخر وقمعه داخل طوائفها وانسحب ذلك إلى داخل التّركيبة الحكوميّة وسائر مفاصل الدّولة وإداراتها، وهذا ما أدّى في نهاية المطاف إلى تغيير الأكثريّة النّيابيّة بدون انتخابات بعدما كانت لصالح قوى 14 آذار ونتج عن ذلك سقوط حكومة الرّئيس الحريري بصيغة الثلث المعطّل الّذي تحوّل إلى الثّلث المُسقِط  بعد استرجاع قوى الثامن من آذار الوزير الوديعة!.  فكان أن سقطت حكومة الأكثريّة للرّئيس الحريري بنفس الصّيغة الّتي كانت قد رضيت بها عند التّشكيل على مبدأ المحاصصة غير الديمقراطي استجابةً لشروط قوى الثامن من آذار وتمّ اختيار حكومة  الرّئيس ميقاتي بأكثريّة جديدة. وقد حصدت قوى 14 آذار النّتيجة العكسيّة من تحالفها مع تلك القوى وخرجت بذلك من السّلطة وهي – فيما نراه – نتيجة طبيعيّة لاستبعاد القوى الّتي تلتقي مع قوى 14 آذار على بناء الدّولة وحصر التّحالف مع القوى الّتي تستقوي على الدّولة ولا تريد قيامها.


 


* ما هي بنظركم مقومات بناء الدولة اللبنانية الحديثة التي تحلمون بها؟


ج2- إنّ الدّولة الّتي نطمح إلى قيامها في وطننا لبنان هي الدّولة الّتي تكون مرجعيّة لجميع اللّبنانييّن والباسطة لسلطتها الوحيدة الكاملة على كلّ أراضيها، هي دولة المؤسسات والقانون الّذي يتساوى أمامه المواطنون على اختلاف انتماءاتهم الطائفيّة والسّياسيّة.


 


*هل تتخوفون في ظل ما يجري اليوم على الساحة اللبنانية من فتنة مذهبية سنيّة – شيعية؟


ما يجري على الساحة من خلاف بين السياسيين يجب أن يبقى في الدّائرة السياسيّة التي يحتكم فيها إلى مؤسسات الدّولة وعلى الدّولة أن تكون حاضرة لمنع خروج الخلاف من الدّائرة السياسيّة وأن لا تنأى بنفسها عن واجباتها في حفظ الأمن والإستقرار ولا تقف موقف المتفرّج كما حصل في السّابع من آيار، ونحن ننظر بإيجابيّة إلى التّصريحات المتكرّرة الصادرة من القيادات اللبنانية التي تضمنت العزم على منع وقوع الفتن المذهبيّة بين المسلمين خصوصاً والطائفية بين اللبنانيين عموماً.


*هل ترون ان حزب الله مرتبط بالمشاريع السياسية الخارجية ولا سيّما ايران وسوريا؟


ج4- لا يُخفي حزب الله ارتباط مشاريعه السّياسيّة ومواقفه بما يسمّيه محور الممانعة في المنطقة إبتداءاً من إيران ووصولاً إلى سوريا ولبنان وغزّة وهذا ما يعلن عنه في أيديولوجيّته الدّينيّة ورؤيته السّياسيّة ومواقفه الميدانيّة.


 


*هل تعتبرون انه لا يمكن الاستغناء عن سلاح حزب الله لمواجهة اسرائيل على الرغم من وجود الجيش اللبناني؟


ج5– نحن لا نريد أن يُلقى هذا السّلاح في البحر ولكنّنا نريد له الإنتظام في مشروع الدّولة اللّبنانيّة المسؤولة وحدها عن حفظ البلاد وأمن العباد كما هو معمول به في كلّ دول العالم. ومن خلال الإنخراط في مشروع الدّولة يصبح الجيش اللبناني أكثر قدرة على مواجهة الإعتداءات الإسرائيلية المحتملة.


 


*هل يخيفكم هذا السلاح في حال بقي في ايدي جهة لبنانية واحدة؟


ج6- طبعاً يخيفني ويخيف كلّ اللبنانيين هذا السّلاح وغيره عندما لا يكون خاضعاً لسلطة الدّولة والقانون، فالسّلاح غير المنضبط يصاحبه دائماً الإستقواء على الآخر والتّرهيب له والقمع للرّأي الآخر هذا مضافاً إلى أنّه مدعاة لإضعاف الدولة وإسقاط هيبتها ممّا يؤدّي إلى زعزعة الأمن والاستقرار وحدوث الفتن الدّاخليّة وقد فقد هذا السّلاح ثقة الكثير من اللبنانيين بعد الأحداث الّتي وقعت في السّابع من أيّار وغيره وقد ظهرت أسلحة أخرى في مناطق عدّة كان سلاح المقاومة غطاءاً لها أو سبباً لظهورها كما حصل في أحداث بيروت والجبل وطرابلس وعكّار وصور.


 


*كيف تنظرون الى الثورات العربية وبصورة خاصة الى الربيع السوري؟، وما هو رأيكم بسياسة النأي عن النفس التي يتبعّها لبنان؟


ج7- نحن نتطلّع بأمل إلى حركة الشّعوب العربيّة وسعيها باتجاه الحريّة والعدالة وتطوير دولها ومؤسساتها الديموقراطيّة وهذا ما سينعكس إيجابياً على شعوب المنطقة كلّها وإن كان الحكم النّهائي على النّتائج يحتاج إلى إعطاء فرصة لتلك القوى التي وصلت في تنفيذ برامجها لنرى مدى النّجاح والفشل فيها ولا أرى مبرّراً للخوف من المستقبل لأنّ تنامي حالات الوعي عند هذه الشّعوب الرّافضة للإستبداد ومناداتها بالحريّة والعدالة وحقوق الإنسان سوف يعزّز لغة التعدّدية والتّعايش في أوطانها مع مختلف المكوّنات الديّنيّة و السّياسيّة الأخرى لأنّ من يطالب بالحريّة والعدالة لنفسه لا يتوقّع منه أن يرفضها لغيره الشّريك معه في الوطن والمصير ومن هذا المنطلق لا يمكن أن ننأى بأنفسنا عمّا يجري حولنا خصوصاً في سوريا تحت شعار أن رسالة لبنان تفرض عليه الحياد، لأنّ الحياد المطلوب من لبنان هو عدم إدخاله في محاور الصّراعات الدّوليّة والإقليميّة وليس المقصود به الحياد عن منظومة القيم والمبادئ الأخلاقيّة وحقوق الإنسان الّتي تفرض علينا أن نكون مع المطالب المشروعة للشعوب بالحريّة والعدالة والإصلاح وأن نكون من الرّافضين لقمع الحريّات وسفك الدّماء. وقد رأينا في التّصويت الأخير للجمعيّة العامّة للأمم المتحدة الانحياز السّاحق لهذه المبادئ فكيف ينأى لبنان بنفسه عن هذا الرأي الدّولي العارم والمعبّر عن رأي عام لدى شعوب العالم خصوصاً وأنّ لبنان يفخر بأنّه عضو مؤسّس في هذه الجمعيّة ومشارك في وضع وثيقة حقوق الإنسان.


*كيف السبيل لتحقيق وحدة اللبنانيين في ظل هذا الانقسام الكبير القائم حالياً بين فريقي النزاع؟


إن السبيل الوحيدة لتحقيق الوحدة بين اللّبنانيين وتجنيبهم الفتن الدّخليّة وانعكاسات الأحداث الخارجيّة عليهم يكمن في عودتهم إلى اعتماد مرجعيّة الدّولة ومؤسساتها الدّستوريّة والقانونيّة والإحتكام إليها في حل الخلافات وهي الّتي تنصف الجميع وتحفظ الجميع وعليهم أن يخرجوا من منطق الإستقواء والتعصّب للآراء الّذي يؤدّي إلى مزيدٍ من التّباعد والإنقسام وفي ذلك الخسران للجميع.


موقع الكتائب اللبنانية – صونيا رزق
http://kataeb.org/News/301667