الإثنين , نوفمبر 11 2024

العلامة السيد علي الأمين لـ – الجزيرة – خادم الحرمين الشريفين رفع الصوت عالياً من أجل وضع حد للمأساة بلزوم إصغاء النظام السوري إلى أصوات شعبه المطالبة بحقوقها المشروعة

بيروت – منير الحافي:


كلما اشتدت الأحداث السياسية وغير السياسية سخونة.. عليك بالسيد علي الأمين! وكلما زاد الخطر من تجاذب طائفي أو مذهبي في لبنان أو في العالم العربي المضطرب، عليك بالسيد، «العلامة» في الفقه الشيعي، لكنه «العلامة» في التوازن بين المذاهب الإسلامية وغير الإسلامية.. تذهب إليه لتستمع إلى حكمة مَن يرفض إلغاء الآخر باسم الدين أو الطائفة أو المذهب. «داعية» إلى الحوار والتلاقي في لبنان والعالم العربي. يلتقي مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في الحوار مع القريب والبعيد. «الجزيرة» التقت به في لبنان، بعد زيارة إلى الرياض حيث كان في ضيافة الحرس الوطني السعودي ضمن مهرجان التراث والثقافة «الجنادرية». وكان حديث في السياسة والحوار.


* سماحة السيد، كنتم وكنا في عداد الوفد السياسي والعلمائي والإعلامي الذي شارك في مهرجان الجنادرية الثقافي، وكان لنا شرف لقاء خادم الحرمين الشريفين والتواصل مع فعاليات سعودية وعربية. بداية بماذا تميز المهرجان هذه السنة برأيكم؟


– مهرجان الجنادرية، يتجاوز في أهميته البعد الوطني السعودي له إلى كونه مؤتمراً للتواصل والتعارف بين قطاعات عديدة من المفكّرين والعلماء والمثقفين من مختلف الأقطار والثقافات والمذاهب والأديان، يجري الحوار بينهم في قضايا عديدة تساهم في زيادة الوعي وتقديم التصورات والحلول للكثير منها. وقد تميز المهرجان في هذا العام بحواراتٍ هامة تناولت الربيع العربي وآثاره الإيجابية على دول وشعوب المنطقة.


* سماحة السيد، في السياسة هذا العام، كان واضحاً كلام خادم الحرمين الشريفين في الموضوع السوري. وهناك من يعتقد بأن خطابه فتح المجال واسعاً لضغط خليجي لا سابق له على النظام السوري من أجل وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين. كيف تقرأ الموقف السعودي والخليجي عموماً؟


– لقد كان كلام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بشأن الموضوع السوري منطلقاً من حرصه على وقف نزيف الدماء الذي يُنذر استمراره بأفدح الخسائر والأضرار على سوريا كلّها، ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. وهو لذلك رفع الصوت عالياً من أجل وضع حدّ للمأساة بلزوم إصغاء النّظام إلى أصوات شعبه المطالبة بحقوقها المشروعة في الحريّة والعدالة.


* انطلاقاً من ذلك، كيف ترون نهاية الموضوع السوري؟ وهل برأيكم يقود الروس والصينيون جهوداً معينة مختلفة عما فعلوه في مجلس الأمن من فيتو، لتغيير الوضع الحالي. إذ إن هناك من يعتقد أن روسيا والصين ستقتنعان في النهاية بضرورة تغيير النظام.


– إن الاستمرار في اعتماد النظام على الحلّ العسكري سيؤدّي إلى تعقيد الأمور، وربما إلى خروجها إلى مسارات لا تُحمد عقباها ولن يفلح النظام بهذه الطريقة في الحفاظ على صيغته القائمة في كلّ الأحوال، ولذلك فليس من البعيد في ظل تزايد الضغوط الدولية والمعطيات الداخلية أن تغيّر كلٌّ من روسيا والصين من سياستهما المعلنة تجاه النظام في وقت غير بعيد. ومن المؤشرات لتغيير سياستهما، بداية تحولهما من دور الحلفاء إلى دور الوسطاء بين النظام والمعارضة.


* كيف ترون الموقف الإيراني من الأزمة السورية. هل تعتقد حقاً أن إيران تبعث بمقاتلين لمساعدة الجيش السوري النظامي خصوصاً أجهزة أمنه؟


– لا يُخفي النظام الإيراني وقوفه إلى جانب النظام السوري وهو من الأمور المستغربة، من نظام وصل إلى السلطة من خلال حركة شعبيّة طالبت بالحرية والعدالة. فكيف لا يكون منحازاً إلى جانب نفس المطالب الشعبيّة في سوريا؟! ونحن لا نعتقد أن النّظام السوري وصل إلى درجة من الضعف يحتاج معها إلى مساعدات من المقاتلين الإيرانيين وغيرهم، وهي مجرّد أخبار تناقلتها بعض الوسائل الإعلامية وليس عليها دليل ملموس من مصادر مستقلّة.


سياسياً، هل ترى أن إيران (الذي يزداد المحافظون فيها سلطة بعد نتائج انتخابات مجلس الشورى وفوز مؤيدي خامنئي) يمكن لها في النهاية أن تقتنع بالتخلي عن دعمها للنظام السوري الحالي؟ وكيف ذلك؟


– من المستبعد جدّاً في ظل ازدياد سلطة المحافظين أن تتغيّر سياسة النّظام الإيراني في تأييد النظام السوري. نعم إذا تغيّرت الموازين الدّاخليّة والدّوليّة فإنّ النظام الإيراني سوف يتخلّى عن حليفه النظام السوري حينئذٍ ولن يبقى متمسّكاً به.


* في لبنان، جرى مؤخراً تحرك للشيخ أحمد الأسير وأنصاره لدعم الشعب السوري، قوبل بتحرك في الساحة نفسها (ساحة الشهداء وسط بيروت) لدعم النظام. هل تعتقد أن لبنان سيبقى «نائياً بنفسه» في النهاية عما يجري في سوريا في ظل هذه التطورات؟ وما المطلوب من الحكومة اللبنانية في مجال مساعدة النازحين خصوصاً وأن المجتمع الدولي يطالب السلطات اللبنانية بمساعدة النازحين حتى لو كانوا أعضاء من المعارضة السورية.


– إنّ مأساويّة الأحداث الجارية في سورية ودمويّتها تفرض على الساحة اللبنانية وغيرها التأثّر بها والتعاطف معها، وليس باستطاعة الحكومة اللبنانية أن تبقى على الحياد في هذه المسألة الإنسانيّة القريبة منها جغرافياً والمتداخلة معها اجتماعياً.


ثمّ إن الحياد المطلوب منها هو في عدم إدخال لبنان في صراعات المحاور الإقليمية والدّوليّة وليس في إخراج لبنان من منظومة المبادئ والقيم الأخلاقية وحقوق الإنسان التي تفرض عليه أن يكون إلى جانب الشّعوب المطالبة بالحريّة والعدالة رافضاً للقمع وسفك الدّماء.


* كيف ترون «الربيع العربي»؟ هل ترون أن الشعب العربي سيكمل في هذا الاتجاه؟ وكيف تقومون ما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن؟ وهل تعتقدون أنه يمكن أن يصل هذا الربيع نحو إيران، رغم أن هناك من يعتقد أن الربيع بدأ فعلاً في إيران من خلال «الثورة الخضراء» التي تم إخمادها.


– نأمل أن تنتهي الأوضاع المأساوية في سوريا لأن استمرارها سيُفاقم من الأخطار في الداخل السوري ويمكن أن تكون له انعكاسات تتجاوز الساحة السورية إلى المنطقة وليس فقط لبنان. ولذلك فإنّ الدّولة اللبنانيّة يجب أن تقوم بدورها في بسط سلطتها وإثبات حضورها بالشكل الذي يمنع من حصول تلك الانعكاسات المحتملة على الساحة اللبنانية.


* كلمة أخيرة للسيد علي الأمين؟


– يجب إعطاء الفرصة للقوى التي أنتجتها حركات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن حتّى تطبق برامجها قبل الحكم النّهائي عليها فلا تزال التجربة في بداياتها.


وعلى كل حال، فإنّ ما تكشف عنه حركة الشعوب العربيّة من تنامي لدرجات الوعي والشجاعة من خلال رفض الاستبداد والمطالبة بالحريات الديموقراطيّة والعدالة الاجتماعية، يبشر بمرحلة جديدة في قيام العلاقات وبناء الدول على أسس من التعددية والاحترام لحقوق الإنسان، وسيتأثّر بهذه النهضة الكثير من شعوب العالم خصوصاً القريبة من العالم العربي كإيران الّتي بدأت فيها الحركة الخضراء في الاعتراض على قمع الحريّات ومنع المعارضات من المشاركة في الحياة السّياسيّة. لذلك فإنّ الرّبيع العربي سوف يشجعها على العودة إلى السّاحة مجدّداً ويعطيها الدّعم المعنوي في سعيها للإصلاح والتّغيير.