الجمعة , أكتوبر 11 2024

العلامة السيد علي الأمين لـ الشروق الجزائرية : تدخُّل حزب الله في سوريا يزيد من الاحتقان الطائفي في سوريا ولبنان

المرجع الشيعي اللُّبناني، علي الأمين، لـ"الشروق":

تدخُّل حزب الله في سوريا يزيد من الاحتقان الطائفي في سوريا ولبنان
 
حاورته : سمية سعادة – جريدة الشروق – الجزائر
 
3-6-2013

يجيب المرجع الديني الشيعي اللبناني، علي الأمين، بوضوح على جملة من الأسئلة المطروحة حول الأزمة السورية ومسألة "الجهاد" فيها وتورط إيران وحزب الله علانية إلى جانب النظام، بدعوى حماية ظهر المقاومة وشرعية القضية الفلسطينية، وقال في حوار لـ"الشروق" إن صفة المقاومة لا تبيح للنظام السوري قمع حركة الشعب السوري وعدم الاستجابة لمطالبه المشروعة في الحرية والإصلاح، كما لا يعفي وجود جماعات متطرّفة من الاستجابة لمطالب الشعب بعيداً عن لغة العنف والسلاح والعقاب الجماعي، واعترف بأن السيد نصر الله، الذي يفتخر بكونه جنديا من جنود ولاية الفقيه في إيران، يعمل للحفاظ على نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط، وأبدى المرجع الشيعي أسفه لعدم تجاوب المرجعيات الدينية في العراق ومصر والمملكة العربية السعودية والعلماء مع دعوته لعقد مؤتمر وإصدار فتوى تحرم الجهاد في سوريا، مؤكدا أن فشل الجامعة العربية وشللها أفسح المجال للتدخلات الأجنبية في الدول العربية، ما جعل إسرائيل مرتاحة أكثر من قبل في ظلّ صراع العرب فيما بينهم.

 

أعلن حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، مؤخرا عن ضرورة دعمه للنظام في سوريا، معتبرا أنّ سقوط سوريا في أيدي أمريكا وإسرائيل ومن سار في فلكهما هو كشف لظهر المقاومة، إلى أيّ مدى يُعدُّ هذا الرأي صحيحا؟ 

لقد شاركت أمريكا في إسقاط النظام الليبي، وأسقطت قبله النظام العراقي، ولو كانت أمريكا وحلفاؤها يريدون إسقاط النظام السوري فلماذا لم يسقط هذا النظام حتى اليوم منذ اندلاع الأحداث على الأراضي السورية قبل سنتين؟  . 

أتأسف لتجاهل المرجعيات الدينية تحريم الجهاد في سوريا وإبطال التقاتل باسم الدين  

إن السيد نصر الله بإعلانه هذا يريد إعطاء صفة المقاومة والحامي لها تبريراً لوقوفه إلى جانب النظام السوري أمام حزبه وجمهوره، وعلى كل حال فنحن لا نرى أن صفة المقاومة تبيح للنظام السوري قمع حركة الشعب السوري وعدم الاستجابة لمطالبه المشروعة في الحرية والإصلاح، كما لا تبيح لحزب الله أن ينخرط مع النظام في مواجهة الشعب السوري كلّه أو بعضه، لأن مبادئ المقاومة التي تقوم على حق الشعوب في تقرير مصيرها يجب أن تدفع بصاحبها لتأييد الشعب المظلوم في مطالبه المشروعة  . 

 

  كثيرٌ من المتابعين للصراع الدائر في سوريا يعتبرون أن حزب الله هو ذراع إيران في المنطقة، ولا يستغربون أن يكون موقف الحزب مما يجري في سوريا هو كما نشاهده في الميدان.. تدخل في الصراع لحماية مصالح إيران في المنطقة؟ 

لا يخفي حزب الله ارتباطه بالسياسة الإيرانية في المنطقة وغيرها، وقد عبّر السيد نصر الله عن افتخاره بأنه جندي من جنود ولاية الفقيه في إيران، ولذلك هو في لبنان وفي تدخله في سوريا، يعمل للحفاظ على نفوذ إيران في المنطقة، وقد عبّرت الدولة اللبنانية ومعظم الشعب اللبناني عن رفض تدخُّل حزب الله في سوريا، وهو يعمل على خلافهما في ذلك.

 

وجّهتم دعوة قبل مدة إلى المرجعيات الدينية في الدول العربية من أجل تحريم المشاركة في القتال الدائر في سوريا، من برأيكم هي المرجعيات الدينية التي يمكن أن تؤثر في سبيل حقن الدماء في سوريا؟ 

لقد كنت أقصد بالدعوة المرجعيات الدينية في العراق ومصر والمملكة العربية السعودية وشخصيات أخرى في العالم العربي والإسلامي من العلماء وأصحاب الفكر والقلم، فإن انعقاد مؤتمر يجمعهم لإصدار فتوى بتحريم ذهاب أبنائهم للتقاتل في سوريا، سيكون له تأثير كبير على الشارع الإسلامي، ويبطل حجج التقاتل باسم الدين، وقد استغربتُ هذا الصمت من بعض مراجع الدين، وهم يرون أبناءهم يسقطون ويقتلون وعليهم يصلّون! وعن أسباب قتلهم لا يسألون! 

 

هناك من المحلّلين من يوجّه أصابع الاتهام إلى بعض الدول العربية الإقليمية بالتواطؤ من خلال الصمت، وبعضها يتمنى أن يكون النصر لصالح طرف سوري على آخر لإنجاز مآرب خاصة، وهذا ما يطيل أمد الصراع، ألا ترون أنّ الدول العربية والجامعة العربية قد وقّعت شهادة وفاتها بمواقفها المستندة إلى مصالح قطرية ضيّقة؟ 

إن الجامعة العربية ظهرت كمنظمة غير فاعلة في أحداث كثيرة حصلت في العالم العربي، وكان دورها يقتصر على بعض الزيارات والنصح والإرشاد في كثير من الأحيان دون وضع الحلول المناسبة للمشكلات، كما حصل في أكثر من بلد عربي، وعندنا في لبنان في فترة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وإغلاق المجلس النيابي وصولاً إلى اجتياح بيروت في 8 ماي 2008، وهذا ما يحصل في سوريا اليوم، حيث ترك الأمر لكل دولة عربية حسبما تراه، وهذا ما أفسح المجال للتدخلات الأجنبية، دون أن ننسى تعنُّت النظام السوري في البداية، الذي أفشل المبادرة العربية، ويعود ضعف دور الجامعة العربية إلى افتقارها إلى القدرة على اتخاذ القرارات التنفيذية ذات الصفة الإلزامية، بحسب قوانين تأسيسها.  

 

ما مصلحة شيعة العراق والنظام في بلد الرافدين في دعم نظام بشار الأسد؟ 

لا توجد أية مصلحة لشيعة العراق في دعم النظام السوري، ولكن من المعلوم أن الحكومة العراقية هي التي تقف إلى جانب النظام في سوريا تنفيذاً لرؤية النظام الإيراني الذي يمتلك نفوذاً كبيراً في العراق  . 

 

أطراف كثيرة عبّرت عن تخوّفها من بعض الفصائل الجهادية في سوريا، وعلى رأسها، جبهة النصرة، هل تقاسمون مخاوف أصحاب هذا الرأي؟ 

إسرائيل تبدو أكثر راحة الآن في ظلّ صراع العرب فيما بينهم وقمع الأنظمة 

لا يمكننا إنكار وجود بعض المجموعات الجهادية التي دخلت على خط حراك الشعب السوري المُطالب بحقوقه المشروعة في الحرية والعدالة والإصلاح في النظام السياسي، ووجود مثل هذه المجموعات المتطرفة الغريبة ـ عن طبيعة الشعب السوري المعروف بالاعتدال والوسطية ـ وإن كان يثير المخاوف من هيمنة التّشدّد، ولكنه لا يلغي صفة الثورة الشعبية عن الخارجين من الشعب السوري المطالبين بحقوقهم المشروعة، ولا يعفي وجود تلك الجماعات المتطرّفة النظام من الاستجابة لمطالب شعبه بعيداً عن لغة العنف والسلاح والعقاب الجماعي  . 

 

هل ترون لإطلاق يد حزب الله في سوريا، عواقب وخيمة على الوضع الداخلي في لبنان؟ 

في ظل الخلافات المتصاعدة بين اللبنانيين حول ما يجري في سوريا، لا شك في أن تدخل حزب الله العلني في القتال الدائر على الأراضي السورية، سيزيد من الاحتقانات الطائفية والمذهبية في لبنان والمنطقة، خصوصاً مع ضعف الدولة اللبنانية وانتشار السلاح مع الأحزاب والأفراد. 

 

 كيف ترون مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي في ظل هذا الواقع العربي المتشظّي؟ 

إن إسرائيل تبدو مرتاحة اليوم أكثر من قبل لانشغال العرب بأنفسهم، ولذلك فإنّ الصراع العربي الإسرائيلي، لم يعد يكتسب تلك الأهمية في ظلّ صراع العرب بعضهم مع البعض الآخر، وفي ظل أعمال القهر والقتل التي تمارسها الأنظمة القمعية ضدّ شعوبها  .