الثلاثاء , نوفمبر 5 2024

العلامة السيد علي الأمين : نرفض التدخّل في أحداث سورية

العلاّمة السيد علي الأمين : 

 نرفض التدخّل في أحداث سورية
 
أ- مخاطر التدخل في الأحداث السورية على الشيعة ولبنان
 
ب- ساحة الجهاد في دفع الأعداء وليست بالمشاركة في القتال بين الأشقاء
 
ج-خطاب الحريري الأخير دعوة الإعتدال لاجتناب الوقوع في الفتنة
 
د- الهيمنة على مواقع القرار في الدولة اللبنانية
 
هـ-مهمتنا نشر العلوم الدينية وتوعية الرأي العام 
 
و-لسنا بصدد المنافسة مع القوى السياسية 
 
ز- الثنائي الشيعي(حزب الله وأمل) وصناعة المخاوف والأزمات
 
أجرى الحوار : الصحافي علي الحسيني 
 
 كيف ترون الواقع الشيعي في لبنان، وهل تخشون من حصول فتنة مذهبية سنية – شيعية؟
– إن الواقع الشيعي في لبنان هو الواقع الذي صنعته الواجهة السياسية في الطائفة الشيعية المتمثلة بقيادة الثنائي( حزب الله وحركة أمل) وهو واقع جدير بصناعة المخاوف والأزمات من خلال الهيمنة على الدولة ومنطق الإستقواء بالسلاح الذي استخدموه في الداخل واستمرارهم برفض الحوار الجاد حول انتظام هذا السلاح في مشروع الدولة، وهذا ما قلنا سابقاً بأنه سوف يؤدي إلى ولادة أسلحة أخرى خارجة عن الدولة تزيد من ضعف الدولة وتزرع المخاوف من اندلاع صراعات داخلية تأخذ العناوين طائفية إنطلاقاً من هذا الواقع الموجود الذي يحمل الصفة المذهبية خصوصاً إذا نظرنا إلى الإحتقانات الطائفية في المنطقة بسبب الأزمة السورية وأحداثها الدموية.
 
هل يوجد فعلاً هيمنة على القرار الشيعي في لبنان ومن أين تأتي هذه الهيمنة؟
– قد ذكرنا في الجواب على السؤال الأول بأن الإستقواء بالسلاح هو مصدرالهيمنة على الدولة برمّتها، وقد فرضوا آراءهم على سياسة الدولة الخارجية والدفاعية والداخلية، ولم تستطع الدولة أن تبسط سلطتها الكاملة على الأراضي اللبنانية خصوصاً في المناطق التي يهيمن عليها الثنائي الشيعي، وكلنا يذكر أن الدولة لم تستطع نقل موظف عسكري من المطار قبل اندلاع أحداث السابع من أيار2008 ! وإذا كانت الهيمنة على الدولة حاصلة فمن الطبيعي أن يكون القرار داخل الطائفة الشيعية واقعاً تحت هذه الهيمنة ، بل تكون هي الأشد عليه ، وهذا ما يفسّر حالة الرفض للرأي الآخر والقمع له خصوصاً داخل الطائفة الشيعية كما جرى معنا في مدينة صور عندما قامت جماعة مسلحة 
منهم باحتلال دار الإفتاء الجعفري وما زالوا فيها حتى اليوم! وما جرى معنا كان رسالة لكل معارض لهم بالرأي أو يريد أن يظهر هذا النوع من المعارضة المؤثرة في الأوساط الشعبية.وما جعل هذه الهيمنة موضعاً للتساؤل عن وجودها أحياناً على الرغم من ظهورها للعيان الذي يغني عن الدليل والبرهان هو مشاركة القوى السياسية الأخرى لهم بالسلطة والحكم بشروطهم التي حصلوا عليها بقوة السلاح ، وهذا ما شكّل شيئاً من الغطاء لكل تلك التجاوزات التي مرّت بدون حساب ، وشجّعتهم على الإستمرار في نهج الهيمنة والتسلّط تحت شعار القانون المنبثق عن الدولة التي يحكمون ! فأصبحوا هم الشرعية والدولة، وأصبح المعارض لهم بالرأي مخالفاً للدولة وقوانينها.
 
يُقال أن الثنائي الشيعي "حزب الله" وحركة "أمل" وتحديداً الاول، هما اللذان يُعبّران حقيقة عن الصوت الشيعي في لبنان، أما ما تبقّى من أشخاص فهم مجرد أصوت ترتفع بين الحين والاخر كما انها لا تمثل إلا نفسها. ما هو رد سماحتكم على هذا الامر؟
 
– نحن لا ننكر للثنائي الشيعي تمثيله لشريحة كبيرة من الطائفة الشيعية في لبنان ،ولكنها ليست الشريحة التي تلغي الشرائح الأخرى فيها، وقد بلغت نسبة المشاركة في الإنتخابات النيابية السابقة الاربعين بالمئة تقريباً في مناطق هيمنة الثنائي الشيعي وهذا يعني وجود شريحة كبرى تخالف في الرأي قوى الأمر الواقع، وعلى كل حال لا يمكن اختزال الطائفة بهذا الحزب أو بذاك التنظيم ، لأن الطائفة الشيعية كسائر الطوائف اللبنانية فيها التعدد والتنوع في الآراء والافكار وهي بكل المعايير أكبر من الأحزاب والتنظيمات والقيادات والزعامات. ومن الطبيعي جدّاً أن يظهر جمهور للثنائي الشيعي المنظم والمدعوم من دول إقليمية جعلته قادراً على صنع دويلة لها إعلامها الخاص بها والمؤسسات التربوية والإجتماعية والدينية التي جعلته مسيطراً على كل مراكز التعليم والثقافة والتوجيه، يضاف إلى ذلك ما يحصل عليه من الدولة اللبنانية التي يمتلك فيها المواقع والمناصب وكل أسباب الخدمات التي تحتاجها الطائفة الشيعية من خلال إعطائه الوكالة الحصرية عنها بسبب منطق المحاصصة الذي اعتمد فيما سمي حكومات الشراكة والوحدة الوطنية والتي حصرت التمثيل بالثنائي في كل مواقع السلطة، فهم يمتلكون كل عناصر السيطرة على الشارع واحتكاره ، بينما البارزون من أصحاب الرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية لا يملكون شيئاً من كل هذه العناصر، والدولة التي حملوا شعار الدفاع عنها والدعوة إلى التمسك بمرجعيتها الوحيدة منذ عقود لم تتمكن من حمايتهم من قوى الهيمنة والتسلط التي شهرت السلاح بوجه الدولة وعملت على إسقاط هيبتها. 
ونحن خاصّة من خلال موقعنا الديني لم نكن بصدد منافسة هذه القوى على حضورها وحجم تمثيلها، وقد كان دورنا الديني يدعونا ومايزال إلى نشر العلوم الدينية وتدريسها والعمل على الإرشاد وتوعية الرأي العام وتوجيهه نحو المواطنية الصالحة وتنبيهه على السياسات الخاطئة التي تهدد الوطن وتعيق قيام مشروع الدولة وتضر بالوحدة الوطنية ، وهذا الدور سنبقى نقوم به حسب المستطاع وإن أصابنا بسببه ظلم ذوي القربى وإن ضاقت صدورهم برأينا الناقد لسياستهم التي أدخلت البلاد في الأزمات وجرت على الجنوب والوطن الويلات، وسنستمر بالقيام بدورنا هذا وإن لم نتلق الدعم من أحد في مهمتنا هذه لا من الدولة التي دافعنا عنها ولا من غيرها، لأننا ننطلق في ذلك من واجباتنا الدينية والوطنية .
 
 إلى اين برأيكم يأخذ "حزب الله" شيعة لبنان وتحديداً من خلال تدخله المباشر في الأزمة السورية، وهل تعتبرون من يسقط من صفوف الحزب في الداخل السوري هم شهداء في الدين والوطن؟
 
– إن السياسة التي اعتمدها حزب الله خصوصاً بعد تحرير الجنوب وتحوله بشكل كامل إلى الداخل اللبناني مروراً بحرب تموز وتداعياتها وأحداث السابع من أيار مدعوماً في كل ذلك من حلفائه في الداخل اللبناني خصوصاً (حركة أمل) وصولاً إلى وقوفه إلى جانب النظام السوري وتأييده المطلق له ، هذه السياسة ساهمت في الإحتقان الطائفي الذي نشهده اليوم في لبنان والمنطقة وجعلت من الطائفة الشيعية مسؤولة عن هذه السياسة بنظر غيرها وهذا ما أضرّ بسمعة الطائفة ومكانتها وبمصالح الكثير من أبنائها وأساء إلى علاقتها مع محيطها العربي ومع شركائها في الوطن من الطوائف الأخرى .وقد نصحنا عبر وسائل الإعلام مراراً بضرورة تغيير هذه السياسة خصوصاً فيما يعود إلى التدخل في الأحداث السورية وقلنا بأن ساحة جهادنا هي الدفاع عن وطننا من هجمات الأعداء وليست في القتال على ساحة الأهل والأشقاء، ومن يقتل في تلك الأحداث فقد قتل في الموقع الخطأ . إن الواجب علينا كلبنانيين أن نبذل الجهود في الإصلاح بين إخواننا السوريين ووقف سفك الدماء بينهم ما استطعنا، وأن ننصرف إلى العمل على بناء دولة المؤسسات والقانون في بلدنا والحفاظ على عيشنا المشترك ووحدتنا الوطنية وبهذا نجنب شعبنا وأهلنا الإنجرار إلى الفتن التي يراد لها أن تنتقل إلى لبنان والمنطقة كلها، وبهذا نكون قد ابتعدنا عن سياسة الإرتباط بالمحاور الخارجية من إيران وغيرها ، وأيضاً نكون قد طبقنا حقيقة الدور الإيجابي المطلوب من لبنان القيام به ، وهذا هو التطبيق الجدّي النافع لسياسة النأي بالنفس المعلنة من قبل الحكومة اللبنانية .
 
 مجموعة من الفساد التي ارتكبت خلال الأشهر المنصرمة، بدت وكانها أصبحت العناوين الأبرز لكل ما يرتكبه "حزب الله"، لماذا برأيكم وصل الحزب إلى هذا الحد من التجاوزات، منها ما يُرتكب في لبنان وفي الخارج أيضاً أخرها كان إتهامه بتفجير الحافلة في بلغاريا؟
 
– إن انغماس حزب الله في مشاريع السلطة والحكم جعله كغيره من أحزاب أخرى كانت تغرق جمهورها قبل الوصول إلى السلطة بوعود الإصلاح والعدالة وإزالة الحرمان ! ولكنهم بعد الوصول إليها تجرهم السلطة إلى طلب المزيد من نعيمها ومغرياتها فيقع أصحابها في الفساد وظلم العباد خصوصاً في أجواء غياب رقابة الدولة وغياب الرقابة الداخلية من الأحزاب الأحادية التي تتبدل أولوياتها واهتماماتها من العام إلى الخاص بعد الوصول إلى السلطة .
 
 كيف قرأتم رسالة الرئيس سعد الحريري التي توجه بها إلى الشيعة في خطابه الأخير، وهل يمكن ان تلقى أذاناً صاغية؟
– لقد اتسم الخطاب الأخير للرئيس سعد الحريري -كالعادة- بالإعتدال والحرص على العيش المشترك بين الطوائف اللبنانية، وفيما خص به الطائفة الشيعية من خطابه أراد أن يبعد شبح الفتنة السنة الشيعية التي تلوح في المنطقة ، باحثاً عن اليد الأخرى التي تلاقيه للعمل على تجنيب البلاد أخطارها،
 وكلنا يعلم أن نهج الرئيس الحريري هو امتداد لنهج والده الشهيد رفيق الحريري الذي رسّخ برؤيته وسياسته الحكيمة نهج الإعتدال والوحدة الوطنية التي أخرجت لبنان من حروب الطوائف من خلال دوره في اتفاق الطائف ، ونحن في وطن لا يمكن أن يكتب له الإستمرار والإستقرار إلاّ من خلال
 تلاقي أيدي أبنائه وقياداته المعتدلة على التوافق والتلاقي إنطلاقاً من مرجعية دولة المؤسسات والقانون، ونأمل أن تلقى دعوة الرئيس الحريري الصدى الإيجابي لدى الأطراف المعنيين الذين يقولون بأننا لا نريد للفتنة أن تقترب من لبنان.
 
السؤال الاخير: كيف تصفون الوضع العام في لبنان في ظل ما يجري من حولنا؟
 
– الوضع في لبنان قابل للإصلاح وللبعد عن التأثر بما يجري في المنطقة خصوصاً الأحداث السورية إذا تلاقت جهود المسؤولين والقيادات على حوار جدي يبعد لبنان عن مجريات الأحداث ويحصل ذلك من خلال الإتفاق على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وأما إذا بقيت التجاذبات بين الأطراف على حالها فإن الأمور تزداد سوءاً وضعف الدولة يساعد على نمو الحالات الخارجة عن القانون وظهور حركات التطرف وهذا ما ينذر بأخطار كارثية على الدولة والمجتمع .