حوار – موسى عساف | |
حذر سماحة العلامة السيد علي الأمين من استغلال المذاهب في التفريق بين أبناء الشعب، منوهاً إلى أن الولاء للوطن يأتي بالدرجة الأولى متقدماً على ما سواه، وبين سماحته أن استغلال المذاهب والمعتقدات له أهداف سياسية خبيثة هدفها النيل من وحدة الأمة العربية والإسلامية. وأشار سماحته في لقاء مع ”الوطن” على هامش مشاركته في مؤتمر ”الهوية العربية في الخليج.. التنوع ووحدة الانتماء” الذي انعقد في الفترة من 15–16 الشهر الجاري تحت الرعاية الملكية السياسية بتنظيم من معهد البحرين للتنمية السياسية، إلى أن الشيعة العرب لم ولن يكونوا في يوم من الأيام إلى أية حماية أو رعاية من قبل الدولة الإيرانية، وإن ولاية الفقيه هي مسألة مرتبطة في الدول الإيرانية ولا يجوز مدها إلى خارج حدودها، إذ أن الولاية في الدول الأخرى هي للسلطة الشرعية هناك. وأشاد سماحة العلامة بالمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وبالعفو الملكي الكريم الذي تم بموجبه الإفراج عن 179معتقلاً، واعتبرها خطوة على طريق تجسيد وإشاعة أجواء التسامح والانفتاح، ودعا سماحته المعارضة إلى الاستفادة من هذه الخطوات لجلالة الملك. ونبه سماحته إلى أنه وبالعفو الكريم من لدن جلالة الملك؛ فإن الأعذار بالابتعاد عن المشاركة في العملية السياسية قد سقطت، وأشار إلى أن المعارضة لا تطلب من أجل المعارضة فقط وإنما هي الطريق نحو المزيد من الإصلاحات والتطوير للحالة السياسية والاقتصادية ولكن ضمن القانون ومنظمات المجتمع المدني الرسمية. ؟ بعد مشاركتكم في مؤتمر الهوية في الخليج العربي الذي انعقد في البحرين في الفترة من 15–16 الجاري، كيف تنظرون إلى إشكالية الهوية العربية والتحديات التي تواجهها داخلياً وخارجياً؟ – بداية أتقدم بالشكر الجزيل لمعهد البحرين للتنمية السياسية على دعوته للمشاركة في هذا المؤتمر، ولابد من التنويه والإشادة بحسن الإدارة والتنظيم لأعمال المؤتمر من قبل المشرفين عليه، الرعاية الملكية من جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله. ولابد من الإشادة أيضاً بأوراق العمل التي قدمت في المؤتمر من قبل المشاركين وبالمداخلات والمناقشات التي رفدت المؤتمر بالكثير من الأفكار التي أغنت الحوار عن الهوية وعن مختلف المحاور والعناوين المتعلقة بها. وقد ظهر لي من خلال البحث أن الخطر الكبير على الهوية يأتي من خلال داء التطرف الذي يحدث الانقسامات داخل الأمة ويضر بوحدة المجتمعات والشعوب في أوطاننا والذي يؤدي على مستوى الخارج إلى صنع الأعداء للأمة وتكثيرهم واجتماعهم عليها. ولذلك يجب العمل على نشر ثقافة الحوار والتسامح والاعتدال وإعادة القراءة للتاريخ والنصوص، وإعادة النظر في مناهجنا السياسية والتعليمية في بلادنا ومدارسنا وجامعاتنا بالشكل الذي ينسجم مع روح العصر الذي يسير نحو توسيع دائرة المشترك بين الدول والشعوب لأن الوحدة الداخلية في مجتمعاتنا وأوطاننا هي الأساس لكل بنيان وهي السلاح الذي نحبط به كل مخططات الإضعاف لهويتنا والتفكيك لبنيتنا المجتمعية. ؟ كان لكم خلال مشاركتكم في مؤتمر الهوية في الخليج رأياً متميزاً بشأن تدريس العلوم الدينية في المدارس النظامية، هل تعتقدون أنه لو طبق هذا الرأي سيساهم في تخفيف حدة التوتر الطائفي؟ – لقد تكلمت من خلال التجربة اللبنانية حيث يتميز لبنان بالعيش المشترك الذي يتطلب التسامح والاعتدال والتعليم الديني كان يقسم الطلاب في المدارس بين مسلمين ومسيحيين، وفي بعض المناطق الإسلامية بدأ يصنفهم بين شيعة وسنة، وهذا ما يؤدي إلى تقسيم أولادنا صغاراً ثم نطلب الوحدة منهم كباراً!! لذلك طالبت بكتاب ديني مشترك يتحدث عن فضائل الدين والأنبياء والصالحين وأما الخصائص الدينية والمذهبية فيأخذها الطالب من بيئته ومحيطه ومن مراكز العبادة أو المعاهد الدينية. أعتقد أن هذه الطريقة خطوة صحيحة في سبيل تعزيز المواطنة وإزالة الاحتقانات الطائفية والمذهبية فالمدرسة يجب أن تعلم الطلاب شعار (كلنا للوطن). ؟ ينظر كثير من الإخوة الشيعة العرب إلى إيران كدولة حامية للمذهب الجعفري، وفي كثير من الأحيان يأتي ذلك على حساب الوحدة الوطنية الداخلية، هل لنا أن نسمع توجيهاً من سماحتكم بهذا الخصوص؟ – لقد كان العرب الذين يعتنقون المذهب الجعفري موجودين في أوطانهم وشعوبهم العربية قبل وصول الإمام الخميني إلى السلطة في إيران، وكان المذهب الجعفري في عداد المذاهب الإسلامية الموجودة في العالم العربي والإسلامي منذ قرون عديدة وصولاً إلى عهد أئمة أهل البيت (ع)، ولم يكن المذهب الجعفري في حالة الخطر في البلاد العربية حتى يحتاج إلى الحماية من إيران، وفي إيران نفسها لم يكن المذهب الجعفري في خطر قبل وصول الإمام الخميني إلى السلطة، ولم تكن للمذهب من مشكلة في المنطقة العربية والإسلامية لأن المذهب كان بعيداً عن الصراعات السياسية التي تقوم بين الأنظمة، ولكن بعد حصول الثورة الإسلامية في إيران أصبح المذهب الجعفري في واجهة النظام السياسي من خلال نظام ولاية الفقيه ورجال الدين الذين أمسكوا بزمام الأمور في إيران، والهدف من ذلك هو حماية النظام الجديد وقياداته وليس الهدف هو حماية المذهب الجعفري ولا حماية الشيعة، لذلك نراهم قد ضيقوا على مراجع الدين الذين لم يوافقوا على ولاية الفقيه وحرموا من لا يؤمن بولاية الفقيه من المواقع الدينية والمناصب الرسمية مع أن تأييد ولاية الفقيه ليس أصلاً من أصول الدين ولا شرطاً من شروط المذهب الجعفري! وما هو الشيء الذي فعله النظام الإيراني لحماية الشيعة في أفغانستان؟! وما الذي فعله لحماية الشيعة في العراق؟! وما الذي فعله للدفاع عن الشيعة في لبنان في حرب تموز؟! وما الذي فعله النظام الإيراني عند وقوع الصراع الشيعي الشيعي في لبنان بسبب التدخل الإيراني في تلك الفترة؟! ولذلك لا أرى وجهاً صحيحاً للقول بأن إيران تحمي الشيعة. إن حماية الشيعة لا تأتي إلا من خلال التمسك بأوطانهم ودولهم وليس من خلال إيران التي يجب أن تكون علاقتها مع الشيعة من خلال دولهم المسؤولة عنهم وليس من خلال أحزاب أو جماعات، والمذهب الجعفري في العصور المختلفة حفظته الحوزات الدينية عندما كانت بعيدة عن الهيمنة السياسية. ؟ الانتماء للوطن والانتماء للمذهب؛ إشكالية لا تزال قائمة في كثير من البلدان العربية ما هو رأي سماحتكم بهذه القضية؟ – إن علاقة الإنسان مع وطنه وقومه هي حالة سابقة على الانتماء الديني والمذهبي، والدين بتعاليمه لا يريد سلخ انتماء الإنسان لوطنه وشعبه وإنما أراد ترسيخ هذه العلاقة وتنظيمها، ولذلك دعا الدين إلى حب الإنسان لوطنه وشعبه كما ورد في بعض النصوص (حب الأوطان من الإيمان) و(عمرت البلدان بحب الأوطان) وورد أيضاً (إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل فانظر حنينه إلى وطنه) و(ليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن من العصبية أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين) وهذه التعاليم وغيرها تدلنا على أن الانتماء العقائدي لا يتنافى مع الانتماء الوطني الذي يجب أن يبقى الإنسان مخلصاً له في كل الأحوال ولذلك قلنا بأن الروابط الدينية والمذهبية بين شعب وآخر لا يجوز أن تكون على حساب الثوابت الوطنية. ؟ في تاريخ المذهب الجعفري كان هناك الكثير من العلماء العرب المجتهدين، لكن في الآونة الأخيرة تراجع الكثير منهم من مواقعهم (طوعاً أو كرهاً) لصالح علماء من الخارج، فما هو موقع العلماء الشيعة في الوقت الحاضر في هرم الاجتهاد والإفتاء؟ – لقد كان طلب العلوم الدينية في الماضي بعيداً عن السياسة ولذلك كانت تظهر الطاقات والقدرات العلمية وتعبر عن نفسها من خلال واقعها العلمي في الحوزات العلمية والمعاهد الدينية، ولكن بعد دخول السياسة والحالات الحزبية إلى عالم الدراسة الدينية بدأ التراجع لأن القوى السياسية المسيطرة على المال والإعلام أصبحت هي
الوسومالسيد علي الأمين |