عن تعليم مادة الدين في المدارس وإذا كان ذلك يساهم في الاندماج الاجتماعي وتعميم ثقافة المواطنية يقول مفتي صور وجبل عامل العلامة السيد علي الأمين:
أدعو إلى إلغاء تعليم مادة الدين من المدارس بشكلها الحالي واستبدالها بكتاب يتحدث عن الأهداف العامة للأنبياء والرسالات السماوية
وفيق الهواري – شؤون جنوبية
“إن الطريقة المعتمدة في المدارس اللبنانية لتعليم مادة الدين هي طريقة مخالفة للمألوف والمعروف في كل مدارس الوطن العربي التي تدخل في برامجها مادة التعليم الديني بحسب ما نعرفه ، وقد أُدخلت هذه المادة بشكلها الحاضر الى برامج وزارة التربية اللبنانية في سبعينات القرن الماضي .
ويضيف : “من خلال التجربة التي عايشناها قبل ذلك مقارنة بالتجربة الفعلية ، فقد كانت المدارس تؤدي دورها في التعليم والتربية الوطنية بشكل أفضل مما عليه الحال اليوم حيث لم يكن الطلاب قبل إدخال مادة التعليم الديني يشعرون بأن هناك فوارق فيما بينهم عندما يجلسون على مقاعد الدراسة الواحدة ، وأذكر من الصور في تلك المرحلة عندما كنت طالباً وانتقلتُ من بعض مدارس الجنوب الى بعض مدارس الضاحية الجنوبية وبيروت حيث كان الطلاب يجتمعون فيها على موائد العلم والمعرفة من دون أن يعرف بعضنا دين زملائه أو مذاهبهم وفي حال عرفنا إنتمائهم الديني عن طريق الصدفة فإن ذلك لم يكن يعني لنا شيئاً خارجاً عن الإنتماء الوطني الواحد ، ولم يكن في مواد التعليم التي كنا ندرسها ما يذكرنا بأننا مختلفون في الدين والمذهب أو ما يشير الى هذا الإختلاف الديني والمذهبي الذي لا علاقة له ببناء الأوطان وقيامة الدول والمجتمعات . وأما التعليم الديني الذي يُمارس اليوم فقد أصبح مادة للتنبيه الدائم على الإختلاف بين أبناء المدرسة الواحدة والصفِّ الواحد حيث يُسمح للطالب المسلم في ساعة تعليم الديني المسيحي أن يخرج من الصف ويُسمح للطالب المسيحي أن يخرج في ساعة تعليم الدين الإسلامي، فنكون بذلك زرعنا الإختلاف والإنقسام في نفوس الطلاب صغاراً ثم نطلب منهم الوحدة كباراً !!
وقد أخبرني بعض الأساتذة ممن يدرسون في مدارس بيروت قبل مدة قصيرة من الزمن ، أن بعض الطلاب كانوا يقومون بأداء الصلاة عند سماع الآذان في الصف بحيث أن المُراد كان واضحاً وهو تحويل المدارس الى حوزات دينية لا الى مراكز تعليمية .
ثم إن الكتب الدينية التي يُسمح بتدريسها في كثير من المدارس اليوم هي مؤلفة وفق مذهب معين دون الأخذ بآراء المذاهب الأخرى مما يزيد من عملية الإختلاف في الصف الواحد والمدرسة الواحدة خصوصاً إذا أضفنا الى ذلك السياسة الطائفية التي دخلت عبر وسائل الإعلام الى كل بيت على مساحة إمتداد الوطن . كل هذه الأمور دفعتني الى أن أقترح منذ سنوات عديدة على بعض المسؤولين الكبار في الدولة إلغاء تعليم مادة الدين من المدارس بشكلها الحالي واستبدالها بكتاب يتحدث عن الأهداف العامة للأنبياء والرسالات السماوية . و قد إتُخذ قرار الإلغاء في مجلس الوزراء ولكن سرعان ما تم التراجع عنه نتيجة الضغوطات من المؤسسات الدينية وبعض القيادات الروحية . وأما الخصائص الدينية والمذهبية فهي مهمة المساجد والكنائس ورجال السلك الديني الذي أدعو الى تنظيمه تعليماً وتخريجاً ودوراً بما ينسجم مع ترسيخ الوحدة الوطنية والعيش المشترك .
شؤون جنوبية – العدد 65 أيلول 2007