العلاّمة السيد علي الأمين:
نعمل كشيعة مستقلين لتأكيد نهج الأئمة بالوحدة
تدرك اوساط الشيعة المستقلة ان المهمة التي اختارتها لتحقيق أهدافها ليس سهلاً، خاصة وان الحراك النقدي داخل المشهد الشيعي المستقل يدور من خلال افراد وجماعات وهيئات لم تتأطر خارج الثنائية الحزبية الشيعية المتمثلة بـ((حركة امل)) و((حزب الله)) الذي كان لإنتقاله من المقاومة بعد التحرير عام 2000 والانتصار الذي حققه، ودخوله معترك الحياة السياسية عاملاً على تحقيق طموحاته في السياسة واستلام زمام الامور في القرار الشيعي مع مساهمات اقليمية الدور الكبير في اسكات الصوت الآخر، حتى بات كل شيعي خارج هذه الثنائية يتهم بأنه ليس شيعياً ولا يمت بصلة لأهل البيت الذي بات وكالة حصرية لمؤيدي ولاية الفقيه.
منذ ذلك الوقت أي بعد عام 2000 بدأ يتكون داخل الطائفة الشيعية مشهد ليس بجديد عن تلك الطائفة المتنوعة وهو مشهد الشيعة المستقلين وذلك بهدف استعادة التنوع الفكري والثقافي والسياسي للساحة الشيعية ولكن تظهرت الصورة بشكل اوضح بعد حرب تموز/يوليو ورفض عدد كبير من الشيعة استئثار الثنائية الحزبية وتحديداً حزب لله بقرارات الطائفة والسلطة.
لكن السؤال ما هو الدور الذي يضطلع به الشيعة المستقلون باستعادة هذا التنوع الفكري والسياسي والثقافي للساحة الشيعية؟
ولماذا لم يتأطروا حتى الآن ضمن حركة واحدة وكيف يحضرون للانتخابات النيابية وهل هم جاهزون لخوضها؟
اسئلة كثيرة ضمن هذا الملف طرحتها ((الشراع)) على قيادات من الشيعة المستقلين، وهذه الحلقة الاولى مع مفتي صور العلامة السيد علي الأمين.
السيد علي الامين# من هم المستقلون الشيعة وما هي اهدافهم وما هو الدور الذي يقومون به ولماذا اطلقوا على انفسهم اسم المستقلين الشيعة؟
– ((المستقلون الشيعة)) هو عنوان عام للأفراد والجماعات والهيئات التي ليس لها انتماء الى الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة امل، وهم لهم اعتراضات على اداء هذا الثنائي الشيعي الذي شكل فريقاً واحداً اتسم بالانفراد وبقرار الطائفة الشيعية والاستئثار بها والزامها بمشاريع سياسية وأعمال عسكرية داخلية لا ترضى بها الطائفة، وباعتقادنا ان هذا الاداء اساء لتاريخ هذه الطائفة وثوابتها الوطنية والعربية، وأوجد مشكلة للشيعة في الوطن العربي وفي الداخل اللبناني مع الطوائف اللبنانية الاخرى، وكان ذلك بسبب ارتباط الثنائي الشيعي بالمشاريع الخارجية وابرزها المشروع الايراني، وقد برز هنا الاعتراض على اداء الثنائي الشيعي بعد حرب تموز/يوليو 2006، وما أدت اليه سياستهم الخاطئة من اصطفافات مذهبية وطائفية غريبة عن تاريخ هذه الطائفة وثوابتها التي اعلنت عنها قياداتها في العقود الماضية، وأنها طائفة في صميم الكيان اللبناني وفي صميم الشعب العربي وليس لها مشروع خاص بها سوى مشروع الدولة اللبنانية الواحدة وعلى هذا الاساس تم تظهير هذا الاعتراض وهذا العنوان ((المستقلين الشيعة)) لإظهار الوجه الآخر والحقيقي للطائفة الشيعية وهو يعني الانتماء الى الدائرة الأوسع والأرحب وهي دائرة الوطن والعيش المشترك الذي نرى فيه ما ينسجم مع ثوابت الطائفة الشيعية.
# هل الحالة الشيعية في لبنان حالياً هي نتيجة طبيعية لارتباط الشيعة في لبنان بالثورة الايرانية بعد فشل حزب الدعوة العراقي بالوصول الى النخب اللبنانية ونجاح الثورة الاسلامية في ايران بالوصول الى الطبقات الشعبية لدى الشيعة؟
– ((حزب الدعوة)) سابقاً قبل انتصار الثورة الاسلامية في ايرن كان حزباً موجوداً على الساحة العراقية وبشكل سري ولم يكن له ظهور ولم يكن له ذلك الحضور الشعبي هناك فكيف يكون له تأثير على الطائفة الشيعية في لبنان، نعم كان له تأثير على مستوى افراد حيث انه في تلك المرحلة في السبعينيات والثمانينيات في العراق في المرحلة السرية، ونحن في تلك المرحلة كنا في العراق ولم يكن لـ((حزب الدعوة)) أي نشاط سياسي على الساحة العراقية سوى حلقات وخلايا سرية تعطى فيها الدروس الثقافية، ولم يكن في برنامج الحزب في تلك المرحلة العمل السياسي وكان المطروح هو العمل الثقافي وبعد اقتناع الأمة او الشعب بذلك تصل الى المرحلة السياسية هذا ما كنا ندرسه في الحلقات الثقافية بشكل سري في تلك المرحلة، وقد انتشر حزب الدعوة في بادىء الامر في وسط الحوزة الدينية وبما ان الحوزة ملتقى لطلاب عديدين من اقطار متعددة من لبنان والخليج وغيرهما فقد حصل الانتماء السري اليه من بعض الافراد والعلماء وعندما جاؤوا الى لبنان كان الحزب ما يزال في المرحلة السرية في العراق الى ان حصلت الثورة الاسلامية في ايران بدأ قسم منهم خرجوا الى ايرن وقسم في لبنان واكثرهم كانوا من العراقيين بدأ حزب الدعوة في الظهور على الساحة الايرانية، وقد عملت ايران في بداية الثمانينيات على دمج المنتمين الى حزب الدعوة من اللبنانيين ومجموعة الشباب المؤمن في حركة امل في ((حزب الله)) الذي تشكل جديداً لأن حركة ((امل)) في تلك المرحلة كان لها اجندة دينية وسياسية تختلف عن الرؤية الايرانية الجديدة.
# هل هنا بدأ الشرخ على الساحة الشيعية قبل انشاء الثنائية الحزبية الشيعية؟
– لقد قلنا نحن يومها انه اذا كانت ايران تدعم الطائفة الشيعية وتريد مساعدتها على أخذ حقوقها وعلى استرجاع الإمام موسى الصدر في تلك المرحلة، فهي بإمكانها ان تفعل ذلك من خلال تنظيمها السياسي الموجود آنذاك ومن خلال مؤسسة المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، ومن خلال حركة ((امل)) وهي افضل لها بكثير من ان تنشىء حركة جديدة تؤدي الى الانقسام في الطائفة الشيعية، لان هذا سيضعفها ويومها حتى انه كتبت رسائل في هذا الأمر، ولكن يبدو انهم وجدوا بأن التركيبة الموجودة داخل الطائفة الشيعية آنذاك ليست بذلك القدر من الطاعة والانقياد للقيادة الايرانية، فلذلك فضل الايرانيون آنذاك ان ينشئوا حزباً جديداً وعندئذ بدأ ينشأ صراع نتيجة ان الحزب الجديد الذي شكلته ايران كان يقرأ في كتاب مغاير للكتاب الذي اعتادت الشيعة ان تقرأ به في لبنان، فنشأت عندئذ ثقافة جديدة تتنافى مع الثقافة التي كانت موجودة عند الطائفة الشيعية عموماً، وأدى هذا في ما بعد الى صراع بين حركة ((امل)) و((حزب الله)) والذي انتهى بالاتفاقيات بعد سنة 1990 – 1991 وانتهى باتفاق دمشق الاول واتفاق دمشق الثاني، يبدو انه اعطى غلبة للمشروع الايراني في تلك المرحلة وبدأت مسيرة تطبيع جديدة بعد ان كانت الطائفة الشيعية في معظمها ترفض تطبيع العلاقات مع ايران، بسبب دورها في الحرب التي حصلت في الضاحية الجنوبية وفي الجنوب وفي اكثر الاماكن بين ابناء البيت الواحد.
بدأت المرحلة الجديدة و((حزب الله)) دخل في السلطة آنذاك، وبدأ يأخذ حصصاً في السلطة وطبعاً يأخذ هذه الحصص باسم الطائفة الشيعية وعندئذ شيئاً فشيئاً تخلى المجلس الشيعي وحركة ((امل)) عن الحالة الثقافية داخل الطائفة الشيعية واصبح ((حزب الله)) هو الذي يتولى تثقيف الطائفة الشيعية عبر وسائل اعلامه والمدارس التي أنشأها، وعبر انشاء الحوزات الدينية ايضاً، واستيراد طلاب العلوم الدينية من ايران وارسالهم من لبنان ثم استرجاعهم من ايران وهم يحملون ايديولوجية جديدة فعندئذ شيئاً فشيئاً وصلت هذه الثنائية الى درجة الاحادية التي كشفتها حرب تموز/يوليو فأصبح ((حزب الله)) المؤثر والفاعل برؤية الطائفة الشيعية عموماً، والممسك بقرارها الثقافي والسياسي والعسكري وغابت الرؤية الاخرى التي قامت عليها حركة امل والمجلس الشيعي.
# حزب الله انشىء في العام 1983 بهدف المقاومة لكن العلامة السيد محمد حسين فضل الله يقول ان المقاومة الاسلامية في لبنان جذورها نجفية وذلك قبل ان يتحول حزب الدعوة بعد انتصار الثورة في ايران الى حزب ولاية الفقيه؟
– لا اعتقد ان البذور للمقاومة الاسلامية هي نجفية لانها لم تظهر قبل ذلك في النجف في تلك المرحلة وما بعدها والاجواء التي كان يعيشها العلماء والطلاب في النجف الاشرف لم تكن بهذا الاتجاه، وعلى سبيل المثال البعض من كبار العلماء في لبنان والذين كانوا موجودين في فترة الاجتياح الاسرائيلي وهم من مدرسة النجف كان لهم وجهة نظر اخرى تمنع حالة المواجهة العسكرية غير المدروسة وغير المتكافئة، وباعتقادي ان المقاومة الاسلامية بشكلها الحاضر وجدت بعد الثورة الايرانية التي شجعت على الانخراط في صفوف حزب الله مستفيدة من وجود افراد عديدين كانوا يعملون في المقاومة الفلسطينية قبل ذلك وهذا يكشف لنا ان العامل السياسي كان له الدور الكبير في العمل المسلح.
# هل ما يحصل داخل الحالة الشيعية هو صراع طبيعي للصراع الفقهي الشيعي بين مؤيد لولاية الفقيه وغير مؤيد.
– ما يحصل داخل الحالة الشيعية ليس صراعاً فقهياً وانما هو صراع سياسي يحاول ان يعطيه البعض خلفية فقهية وقد كان الاختلاف حول ولاية الفقيه موجوداً على المستوى الفكري سابقاً ولم يكن هناك صراع بين الفقهاء ولكن بعد ان اصبحت ولاية الفقيه نظاماً سياسياً وسلطة فقد تحول الاختلاف الفكري الى صراع سياسي حيث يحاول انصار ولاية الفقيه ان يمحوا وجهة النظر الاخرى حول ولاية الفقيه وان يعطوا ولاية الفقيه مضموناً سياسياً يرفضه الكثير من العلماء الذين لا يرون في ولاية الفقيه مشروعاً سياسياً وانما هي مرجعية دينية في نشر الاحكام الشرعية وتبليغها من دون الدخول في لعبة الصراع على السطة والحكم كما كان هو دور معظم أئمة اهل البيت مع الحكام في زمانهم حيث وقفوا موقفاً سلبياً من الحركات المسلحة كما جرى في عهد العباسيين عندما قال الإمام جعفرالصادق (لا يخرج الخارج منا اهل البيت الا واصطلمته البلية واخترمته المنية وكان خروجه زيادة في مكروهنا ومكروه شيعتنا) وقد اراد الأئمة ان يخرجوا الشيعة من لعبة الصراع المسلح على السلطة وبقي هذا الامر في عصور الائمة واستمرت في عصر الغيبة ايضاً قروناً عديدة الى ان ظهرت ثورة الإمام الخميني في القرن الماضي واعلنت عن سعيها الصريح والواضح لاستلام السلطة وإقامة النظام السياسي على اساس ولاية الفقيه والاداء الذي يقوم به انصار ولاية الفقيه خارج ايران اعطى هذا الانطباع عن العمل السياسي لدى الطائفة الشيعية عموماً وغاب الوجه الآخر والذي يرفض الدخول في صراعات مسلحة على السلطة كما هو رأي الكثيرين.
والمستقلون الشيعة يرفضون هذا الطابع المسلح للتشيع وللطائفة الشيعية ويرفضون ادخال الطائفة الشيعية في صراعات مسلحة على السلطة، انطلاقاً من الاساس الذي اسسه الإمام علي (ع) في عهد الخلفاء الراشدين عندما قال ((لأسلمنّ ما سلمت امور المسلمين)) فالمهم ان تسلم امور المسلمين في علاقاتهم وحياتهم وتواصل بعضهم مع البعض الآخر وليس المهم الوصول الى السلطة والناس عند الإمام علي صنفان إما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق كما قال في عهده لمالك الأشتر عندما ولاّه على مصر وفيها المسلمون والمسيحيون.
# بعد الثورة الاسلامية في ايران هذا التشرذم الذي حصل في الطائفة الشيعية هل كان نتيجة طبيعية لخلاف المرجعيات الدينية بين مرجعية النجف ومرجعية ايران؟
– كانت المرجعيات الدينية متعددة قبل الثورة الاسلامية في ايران ولم يكن هناك خلاف ينعكس على الشيعة في اوطانهم ولكن التشرذم والانقسام حصل بعد صيرورة المرجعية الدينية في ايران سلطة سياسية وأصبح لها طموحات ومشاريع تخصها فجرت محاولات عديدة لإضعاف المرجعيات الدينية الاخرى في العراق ولبنان وحتى داخل ايران واصبحت مرجعية السلطة في ايران من خلال امكاناتها الكبيرة تروج لأفكارها ومرجعيتها الوحيدة وصوابية نظرتها وعلى العموم كانت مرجعية النجف مع النظرية التي ترفض الدخول في ادخال الشيعة في صراع مسلح مع الحكام لاستلام السلطة.
# كيف يمكن للشيعة استعادة مرجعية النجف وهل لمرجعية ولاية الفقيه تأييد واسع في لبنان؟ وبالتالي ما هو الدور الذي يمكن لكم ان تقوموا به كشيعة مستقلين ترفضون ولاية الفقيه لاستعادة دور مرجعية النجف؟
– استعادة الدور لمرجعية النجف يرتبط بمرجعية النجف نفسها من خلال اهتمامها بالحوزة العلمية الكبرى في النجف وكربلاء وغيرها من الحوزات العلمية داخل العراق وخارجها ومن خلال رعايتها للعلماء ونشر الوكلاء لها الذين يلتـزمون بمرجعية النجف كخط ومدرسة تعمل على رفض الصراعات الطائفية والمذهبية وتتبنى النهج الرسالي الذي اعتمدته النجف في عهودها المختلفة وعدم الدخول في المشاريع السياسية والتـزام نهج التعليم والارشاد.
ونحن في لبنان نعمل على هذا المنهاج الذي يعتمد على اظهار الطريقة التي سار عليه أئمة اهل البيت وعلى طرق عيشهم مع الحكام في عصرهم وحرصهم على وحدة الأمة والمجتمع.
والتأييد لمرجعية ولاية الفقيه هو تأييد سياسي ولا يقوم على اساس ديني عند الكثيرين فهناك من لا يؤمن بولاية الفقيه اجتهاداً او تقليداً ولكنه يؤيد مشاريعها السياسية خارج حدوده الجغرافية كما هو الحال في لبنان.
# لكن على الارض نجد ان رجال الدين مرتبطون بشكل مباشر بالتجاذبات السياسية، أي ان رجال الدين ايضاً انقسموا او دخلوا في الصراع السياسي ان كانوا مستقلين او غير مستقلين؟
– لا نستطيع القول بأن المستقلين الذين ليس لديهم احزاب سياسية ولا مؤسسات دينية قد دخلوا في التجاذبات السياسية ولكنهم وجدوا ان هناك خللاً كما قلت في اداء الثنائي الشيعي الذي يقول بأنه يمثل الطائفة الشيعية وحده حرباً وسلماً وديناً وثقافة وسياسية وفي كل الامور وقد رفضوا وجهة النظر الاخرى داخل الطائفة بزعم انهم يملكون الحقيقة الدينية والسياسية وحدهم مع ان وجهة النظر الاخرى داخل الطائفة لها انصارها ومؤيدوها وهي تنسجم مع تاريخ الطائفة الشيعية في علاقاتهم بشعوبهم وأوطانهم ودولهم.
المجلس الشيعي
# برأيك الا يسعى الايرانيون للسيطرة على المجلس الشيعي من خلال طرحهم النيابة الاولى للشيخ محمد يزبك وبالتالي بعد طول العمر للشيخ قبلان يصبح يزبك هو الرئيس؟
– هم يسيطرون على هذه المؤسسة ولا ينتظرون، فالشيخ يزبك في المجلس الشيعي وحزب الله في المجلس الشيعي ايضاً، والشيخ قبلان نفسه هو مع المشروع الايراني فأين هو الموقف الذي يختلف فيه مع المشروع الايراني وهو لا يختلف مع مشروع حزب الله وهي مؤسسة قد تخلت عن دورها الثقافي داخل الطائفة الشيعية وتركته لمؤسسات حزب الله التبليغية والثقافية في مختلف المدن والقرى الشيعية وهو مع المشروع السياسي الذي يطرحونه والحوزات الدينية التي تنشأ في لبنان هي في معظمها لحزب الله وايران وبعضها وان لم يكن لها بالاسم والشكل ولكنه يتلقى منها الدعم والتأييد.
# هل هذا يعني ان الاهداف التي من اجلها انشأ السيد موسى الصدر المجلس الشيعي قد سقطت؟
نعم، يمكن القول بأن معظم الاهداف قد سقطت فأين هو الدور الذي قام به المجلس اليوم لربط الطائفة الشيعية بمشروع الدولة أين دور المجلس في نشر الثقافة الدينية التي تنسجم مع العيش المشترك وأين هو التنظيم للسلك الديني والعمل على ابعاده عن الاطر الحزبية وأين هي الرعاية الدينية لرجال الدين وغير ذلك من الاهداف التي وضعها الإمام الصدر لمؤسسة ارادها نموذجاً للتعددية والحرية الفكرية في وطن العيش المشترك؟ ولا ارى بان هناك صراعاً حول الانتخابات في المجلس الشيعي وما يقال عن ذلك هو عملية اخراج للتعيينات حتى لا يقال بأن الامور قد دبّرت بليل. فهم يختلفون على من يكون عضواً أو رئيساً ومن يكون نائباً للرئيس اختلافاً ضمن التوجه الواحد والفريق الواحد وليس هناك من تعددية كما هو حال المجلس اليوم حيث لا وجود للرأي الآخر فيه فهو اختلاف ضمن البيت الواحد والتوجه الواحد والسياسة الواحدة.
المؤسسات الدينية غطاء للثنائية الشيعية
# لماذا يرفض الشيخ عبد الأمير قبلان تثبيته كرئيس للمجلس الشيعي وتعيين محمد يزبك (الوكيل الشرعي لخامنئي في لبنان) كنائب أول والشيخ حسن المصري كنائب ثانٍ وهل هناك صراع داخل المجلس؟
– أنا لا أعتقد ان هناك صراعاً داخل المجلس الشيعي لأنه واقع في قبضة الثنائي الشيعي الذي استيقظ على ضرورة إجراء الانتخابات لرئيس المجلس وهيئاته الشرعية والمدنية بعد ثمان سنوات من وفاة الإمام شمس الدين مع أن النظام الداخلي في المجلس ينصّ على لزوم إجراء الانتخابات بعد وفاة الرئيس بستة أشهر! وقد أثبتت الأحداث منذ سنة 2000 إلى 2006 إلى 7 أيار/مايو 2008 بأن هذه المؤسسة ليس لها دور مؤثر وفعال وهي تتبنى وجهة نظر القوى المهيمنة على الساحة الشيعية وعلى من يقرأ بيانات المجلس الصادرة عنه في تلك الفترة يرى انها تكرار لمواقف الثنائي الشيعي التي يطلقها على المنابر وفي وسائل الإعلام وعلى سبيل المثال كان المجلس مؤيداً للسابع من أيار/مايو وما سبقه وما لحقه من تصرفات للثنائي الشيعي كانت موضع تأييده واثبتت الأحداث ان سماحة الشيخ قبلان لا يعارض وجهة النظر الإيرانية ولا يعارض وجهة نظر حزب الله وقد تحولت هذه المؤسسة الدينية إلى غطاء ديني لما يقوم به الثنائي وتحكمها وجهة نظر أحادية ترفض الرأي الآخر.
# ولكن ألا يجب أن يكون لكم دور باستعادة أهدافه التي أنشىء من أجلها كحركة دينية ثقافية؟
– نحن مهمتنا أن نرفع الصوت للتنبيه على الأخطاء التي ترتكب والتذكير بما يجب أن يكون عليه حال المؤسسة التي يجب ان تستعيد دورها وأن تكون ممثلة لكل التوجهات والآراء في الطائفة الشيعية ويبقى على الهيئات والجهات الفاعلة والمؤثرة في العملية الانتخابية أن تحدث التغيير أما نحن فلسنا جزءاً من هذا الصراع المزعوم.
# من هي هذه الهيئات؟
– هناك مثقفون داخل الطائفة الشيعية لهم علاقة بعملية الانتخابات كالمحامين والمهندسين والأطباء ورجال الدين أيضاً يمكن لهؤلاء شيئاً فشيئاً أن يحدثوا شيئاً من التغيير. ونحن نريد أن لا يتم إخراج الطائفة الشيعية عن ثوابتها في السعي الجاد لعملية الانخراط في مشروع الدولة اللبنانية وقيام دولة المؤسسات والقانون والحفاظ على العيش المشترك وانتمائها إلى المحيط العربي ورفض ربط الطائفة بمشاريع سياسية خارجية لا بالمفاعل النووي ولا بغير النووي.
# هل يمكن ذلك وشريحة كبيرة من الطائفة الشيعية أصبحت مرتبطة بمشروع خارجي؟
– ليس أكثرية الطائفة الشيعية مرتبطة بالخارج، لأنه في النهاية لا يمكن القول انه إذا كان هناك فريق اختطفها وأصبح يتكلم بإسمها، لأن كل وسائل الإعلام ووسائل التدريس والتعليم في المدارس وكل المواقع النيابية بيده، نتيجة الظروف المعينة والمعروفة، رغم كل ذلك لا يمكن القول ان من وصل إلى الموقع الرسمي يمثل الواقع الشعبـي والرؤية الشعبية.
# هل يمكن للوزير الشيعي المستقل في الحكومة أن يضيف إلى الشيعة المستقلين شيئاً؟
– إن وصول وزير شيعي مستقل إلى السلطة التنفيذية تعتبر خطوة مهمة وجيدة ساعدت في كسر الوكالة الحصرية للثنائية الشيعية وهي عبرت بداية عن حضور سياسي للشيعة المستقلين في السلطة كان يجب الاستفادة منه بشكل أكبر في بروز وجهة نظر الشيعة المستقلين داخلياً وخارجياً. الفرصة ما تزال موجودة لتفعيل هذا الحضور من خلال المزيد من التواصل مع القواعد الشعبية التي تشكل أساساً في عملية التغيير داخل الطائفة.
# إلى أي مدى يمكن أن تخترق صرخة المستقلين الصفوف الشعبية الشيعية وتحدث تغييراً مهماً؟
– لعله قبل ثلاث سنوات، عندما رفعنا الصوت بعد حرب تموز/يوليو وقبلها، كان البعض يقول انها صرخة في وادٍ، وان الطائفة الشيعية هي ((بلوك)) مغلق ولا يوجد أي إمكانية.
# كان لكم قصيدة شهيرة بعد 7 أيار/مايو ما هو السبيل لكم كشيعة مستقلين للعمل على عدم تكرارها خاصة ونحن على أبواب انتخابات يتخوف البعض أن يتكرر ذاك المشهد؟
– عدم تكرار 7 أيار/مايو هذا أمر أصبح في عهدة اتفاق الدوحة الذين قالوا فيه انه لا يجوز استخدام العنف والسلاح من أجل فرض أي مشروع سياسي، وطبعاً يجب على الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية أن تحزم أمرها وأن تطبق قوانينها وأن لا تقف متفرجة كما حصل في 7 أيار/مايو. طبعاً من الواجب أن يستمر الحوار، وهذه المصالحات الشكلية أن نتجاوزها وأن نصل إلى قضايا العمق، لأن المصالحات تمت على أمور لم نختلف عليها، والمصالحات أصبحت شكلية، كإزالة الصور من بعض الأماكن، بينما حتى انه في الأماكن التي اتفقوا عليها لم تنـزع الصور. وهناك مناطق لا يمكن أن تصل إليها الدولة والصور فيها أكثر من البشر كما هو الحال في الضاحية وفي الجنوب أو في البقاع مثلاً. ولكن نحن لم نختلف على الصور بل اختلفنا على ثوابت أساسية، على أن الدولة هي المرجعية في السلم وفي الحرب، إن الدولة هي المرجعية في كل الخلافات التي تحصل وإن الدولة يجب أن تعود إلى مؤسساتها وأن نحتكم إليها عند الاختلاف وان علينا أن ننفذ قرارات الدولة، وليس انه من أجل أن ننقل موظفاً من مكان إلى آخر ان نحرق البلد.
هذه هي الأمور التي اختلفنا عليها فيجب إذاً أن نتجاوز الشكليات في هذه التهدئة والمصالحات إلى أن نبحث القضايا في العمق، وأن لا تكون جلسات الحوار كل شهرين أو ثلاثة، لأنه في الجلسة الثانية نكون قد نسينا ما حصل في الجلسة الأولى، وكأن المقصود هو تأجيل هذه الحوارات إلى ما بعد الانتخابات النيابية، مع ان جلسات الحوار تبت بأمور أساسية وهي مرجعية الدولة في قضايا أساسية.
الانتخابات النيابية ((المستقلة))
# كيف تستطيع الهيئات الشيعية المستقلة خوض الانتخابات النيابية وان تجد لها مكاناً في ظل الصراع بين الأطراف المتنازعة على المقاعد لا بل في ظل صراعات الفريق الواحد لإبقاء كل منهم على مواقعه؟
– تحتاج الهيئات الشيعية المستقلة إلى توحيد صفوفها ونظرتها في قضايا متعددة، ومنها الاستحقاق الانتخابي المقبل الذي لا يعتبر نهاية الاستحقاقات، ومن حق هذه الهيئات التعبير عن آرائها والسعي إلى إثبات حضورها في مجالات عدة، ويجب ألا يُنظر إلى التمثيل النيابي على انه هو أقصى الغايات ونهاية المطاف، وإنما هو خطوة على طريق التغيير. الأمر في ذلك متروك لتلك الهيئات في دراسة الظروف والإمكانات لخوض الانتخابات وفي قدرة الدولة اللبنانية على تأمين الفرص المتكافئة للناخبين والمرشحين للتعبير عن آرائهم واختياراتهم بعيداً عن تأثيرات السلاح غير المنضبطة على حرية الناس.
# في حال لم تفض الانتخابات النيابية إلى أكثرية الثلثين لأحد الفريقين، بمعنى ان الفرق قد يكون بسيطاً هل تجد انه سيكون هناك تغيير للطائف أو تغيير للصيغة اللبنانية؟
– الآن نحن نحتكم إلى الشعب وإلى صناديق الاقتراع، ولكن بعض الأفرقاء الذين يزعمون انهم سيذعنون إلى صناديق الاقتراع، رفضوا هذه الصناديق في 7 أيار/مايو وما قبل 7 أيار/مايو رُفضت نتائج صناديق الاقتراع تحت عناوين متعددة ولم ترجع للمؤسسات التي أقرت نتائج صناديق الاقتراع، فتم تعطيل المجلس النيابي، والمؤسسات الأخرى أيضاً شُلّت عن الفاعلية تحت شعار انه بعد استقالة الوزراء الشيعة أصبحت الحكومة بالنسبة لبعضهم غير شرعية وغير ميثاقية من دون أن تطرح فيها الثقة في المؤسسة التي أغلقت أبوابها أي المجلس النيابي، واستخدم السلاح، بالتالي نحن الآن لم نعد ننظر إلى النتائج، لأنه في ظل وجود سلاح لا نضمن زمان ومكان استخدامه فما هي قيمة أية انتخابات نيابية، وكأن البعض يقول انه حتى لو جرت الانتخابات النيابية، إذا نجحت فهذا يعني مع السلاح فأنا حاكم وإذا لم أنجح أيضاً، أنا سيكون لي تأثير في عملية الحكم لأن السلاح لم يزل بيدي. يجب أن يتم وضع ضوابط لعدم إمكانية استخدام السلاح مجدداً وعندئذ فلتكن النتائج مهما كانت.
حوار: هدى الحسيني