العلاّمة السيد علي الأمين في روما مشاركا في الملتقى العالمي الثالث حول الشرق والغرب
العلاّمة #السيد_علي_الأمين وصل روما مشاركا اليوم في الملتقى العالمي الثالث حول الشرق والغرب نحو حوار حضاري في قصر المستشارية الرسولية في ايطاليا روما بين مجلس حكماء المسلمين برئاسة شيخ الأزهر ومؤسسة سانت ايجيديو وكانت كلمات للكاردينال جان-لويس توران والامام الشيخ احمد الطيب ومعالي الدكتور أحمد زقزوق ومعالي د. أندريا ريكاردي ورئيس مجلس الشيوخ الإيطالي بياترو جراسو و د. أنجيلو سيكويري و فخامة المشير سوار الذهب و د. أوليفيي روا والعلاّمة السيد علي الأمين.
وألقى سماحته كلمة قال فيها:
سماحة الإمام الأكبر شيخ الأزهررئيس مجلس حكماء المسلمين
معالي الدكتور اندريا ريكاردو مؤسس جمعية سانت ايجيديو
السادة السيدات
الأخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذا المحور الذي سأبتدئ به و هو محور ( الأديان والدولة ): نحن نعتقد أن الأديان ليس لها دور في بناء الدولة بل دورها الأساسي هو في هداية الإنسان ودعوته إلى الصلاح ولذلك كانت دعوات الرسل والأنبياء عبر التاريخ كثيرةً ولكن اقامة الدولة الدينية كانت نادرة وقليلة. ولذلك كانت دعوة الرسل والأنبياء هو للإصلاح وللهداية والدولة كانت مؤسسة مدنية وبشرية يمكن أن نستفيد من قيم الدين ومبادئه في تضمينها لتلك القيم ولكنها ليست كائناً بشرياً تُدعى للإلتزام بدين كما يقال مثلاً : دولة إسلامية أو دولة مسيحية أو دولة يهودية .الدولة هي دولة ، مؤسسة يصنعها الإنسان وليست مؤسسة تصنعها الأديان . ولذلك كيف تقوم هذه الدولة ؟
الإشكالية في قيامة هذه الدولة عبر التاريخ، عندما قامت على أسس ضيقة طائفية أو مذهبية أو عشائرية، نشأت هناك صراعات داخل المجتمع، ولكن عندما تطورت هذه الدولة كما وصل إليها علماء الإجتماع الحديث في عصرنا، وهي الدولة التي تقوم على قاعدة المواطنة التي تتجاوز الإمتيازات الدينية والطائفية والمذهبية والتي تصنع عيشاً مشتركاً حقيقياً يقوم من خلال قيامها بوظيفتها في تحقيق العدالة من خلال النظام السياسي.
فالدولة لا يطلب متها أن يكون لها دين ، وإن كان ثمة من دين لها فليكن دينها الإنسان وإقامة الحق والعدل لهذا الإنسان في مجتمعه .
ولذلك في هذا اللقاء المتعدد والذي نسعى فيه إلى نشر ثقافة التواصل واللقاء والحوار ينبغي أن نسلط النظر على هذه القضية.الدولة هي التي يمكن أن تصنع لنا عيشاً مشتركاًوأن تصنع لنا ثقافة مشتركة من خلال أخذها لهذه القيم المشتركة في المواطنية وتطبيقها في قوانين .
نحن نجتمع في لقاءات عديدة، نتحدث عن أفكار وعن لقاءات وعن قيم دينية أو دنيوية نتفق عليها، ولكن الذي يجعلها ثقافة سائدة هي التزام دولنا بهذه القيم وتحويلها الى قوانين. عندما تتحول هذه التوجيهات والتوصيات إلى قوانين في بلادنا، إلى وسائل في مدارسنا التعليمية عندئذ يمكننا أن نُحدث الكثير من اللقاء والتواصل بين مختلف الشعوب والأمم وخلال أوطاننا وبذلك يمكننا ان نحاصر خطاب التطرف والأصولية التي تعتمد في كثير من الاحيان على الشعبوية وعلى الإنقسامات الدينية والطائفية والمذهبية .
ولذلك أنا أتكلم عن تجربة عشتها في لبنان بلد العيش المشترك، الذي كنت في خمسينات القرن الماضي في المدرسة لا أعرف أن هذا صاحبي الطالب في المدرسة هو مسيحي أو مسلم أو سني أو شيعي .كنا ندخل الى مقاعد الدراسة ونجلس عليها ولا نعرف ان هذا الاستاذ الذي يدرسنا مسيحي أو مسلم او غير ذلك. كانت ملاعب الصبا واحدةلنا ، لكن السياسة فرقتنا وبدأت فيما بعد تدخل مادة التعليم الديني الى المدارس .في السبعينات بدأت تدخل مادة التعليم الديني في المدارس ، فقلنا لهم : على أي دين أنتم تعلمون الطالب ؟ في ساعة تعليم الدين الإسلامي للطالب المسيحي أن يخرج، وفي ساعة التعليم المسيحي للطالب المسلم أن يخرج، ثم بعد ذلك ، بدأت نتيجة ضعف الدولة أنه هذا على أي مذهب تدرسه الدين ؟على المذهب الشافعي أو على المذهب الشيعي أو على أي مذهب من المذاهب .
فبدأنا نقسم طلابنا صغاراً ، ونطلب الوحدة منهم كباراً ، كيف يمكن هذا ؟
بينما عندما كان التعليم الديني غائباً عن المدارس ،كنا شعباً واحداً ، كانت مدارسنا واحدة.
قلنا لهم: إلغوا لنا التعليم الديني من المدارس .التعليم الديني هو مهمة المساجد والكنائس ، هو مهمة المعاهد الدينية .
أنا كنت منتسباً إلى عائلة محافظة وكنت آخذ تعاليم ديني من بيئتي ، وبيئتي كانت بيئة مشتركة ، فيها العيش المشترك بين مختلف الطوائف والمكونات في البلد ، ولم اكن أشعر بحساسية من اللعب ومن التعايش ومن التواصل مع الأمم الأخرى والطوائف الاخرى، لأن الكتاب كان كتاباً موحداً.
أما عندما نجعل كتاباً دينياً متعدداً ونثقف هذا وهؤلاء الطلاب في المدارس الثقافات الدينية المتعددة دون البحث عن الشتركات، فنحن نقسمهم وعندئذ تحصل هذه الأصوليات وهذه الانقسامات.
ولذلك قلنا نريد كتابا، اذا كان ولا بد من التعليم الديني في المدارس الاكاديمية، هو كتاب ديني موحد يتحدث عن فضائل الانبياء والصالحين وعلاقات المواطنين بعضهم البعض في بناء اوطانهم من دون الخصوصيات الطائفية والمذهبية.
ولذلك الدولة اذا لها دور مهم ونحن من خلال هذا اللقاء نؤكد على دعوة الازهر والفاتيكان والى جمعية سانت ايجيديو الى إنشاء معهد مشترك لحوار الاديان والثقافات.
ونحن كما قلنا في بلادنا: نحن لا نتضرر من مسيحية الحاكم ولا ننتفع من إسلامه. يقال لنا هذا الحاكم مسيحي وذاك الحاكم مسلم، او هذه الدولة مسيحية او هذه مسلمة، نحن لا نتضرر من مسيحية الحاكم ولا ننتفع من اسلامية الحاكم، وانما ننتفع من العدل ونتضرر من الظلم، أيًا كان الحاكم، مسلمًا او مسيحيًا.
هذا هو ما أردت أن اركز عليه في قضية الاديان والدول، وأنقل لكم التي الصورة التي عشناها في بلادنا وسنبقى عليها نقول :
معا عشنا بارض الشرق دهرًا
نصارى إخوة للمسلمينا
ونحن على خطى الاجداد نمضي
بايمان وعزم لن يلينا
ونبقى الاوفياء لما ورثنا
بسلم واعتدال مؤمنينا
نصون بذاك عهد العيش اهلاً
ولن نرضى بغير الحب دينا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته