السبت , نوفمبر 30 2024

أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة د.محمد البشاري يوجه رسالة إلى العلامة السيد علي الأمين

أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة د.محمد البشاري يوجه رسالة إلى العلامة السيد علي الأمين

رسالة من أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة د.محمد البشاري إلى العلامة السيد علي الأمين

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى سماحة العلامة السيد علي الأمين حفظه الله،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

استمعتُ إلى كلمتكم الأخيرة الموجهة إلى الشعب اللبناني عبر وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الظرف العصيب، حيث يعاني لبنان وأبناؤه من محنة قاسية نتيجة الخيارات السياسية العبثية والمزايدات التي لا تعود على الوطن إلا بالدمار والخراب. جاءت كلماتكم، كما عهدناكم دائماً، صوت الحكمة والاعتدال والمسؤولية الوطنية، حاملةً رؤية عميقة للخروج من الأزمات وتحقيق الدولة الجامعة التي تحمي جميع أبنائها.

لقد كان وجودكم في قم المقدسة مدرّساً للبحوث العليا، وفي النجف الأشرف قبلاً متعلماً ومدرّساً، وفي لبنان مدرّساً وموجهاً. وبعد أن عدتم من العراق إلى لبنان في فترة الثمانينيات لفترة وجيزة، اطلعتم على أوضاع الحوزات العلمية في إيران وأدخلتم منهاجاً جديداً في علم الأصول. وكان وجودكم هناك لمدة ثلاث سنوات، أو سنتين ونصف حسب الذاكرة. ثم أسستم في لبنان الحوزة وأعطيتموها دفعاً قوياً، وواصلتم عطاءكم المثمر في الشام أيضاً، مما يجعل إرثكم العلمي والتربوي علامة فارقة في مسيرة النهضة الدينية والفكرية.

كلماتكم الأخيرة حملت في طياتها نداءً صادقاً إلى جميع اللبنانيين للتفكير بعيداً عن الاصطفافات الطائفية والمصالح الفئوية، ووضعت رؤية واضحة لدولة القانون التي تحمي الجميع. قلتم بوضوح:

“علينا كمسلمين ومسيحيين أن لا نفكر مسيحياً أو إسلامياً، وإنما يجب أن نفكر وطنياً وإنسانياً في عملية بناء الدولة الحاضنة للجميع.”

إنها رسالة ملهمة تدعو إلى الوحدة، وتذكر الجميع بأن لبنان هو رسالة للعالم في التعايش المشترك والمحبة. كما أكدتم أهمية دور الدولة كمرجعية وحيدة لحماية لبنان وسيادته، حيث قلتم:

“نتطلّع إلى اليوم الذي تصبح فيه الدولة اللبنانية هي المسؤولة الوحيدة عن الأمن والدّفاع عن الأرض والشعب، وعن السياسة الخارجية، وعن الاقتصاد والتعليم، وعن سائر المهام التي تقوم بها الدول ذات السيادة.”

سماحة السيد، إن هذه الكلمات تنبع من تجربة عميقة ووعي واسع، وهي اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى لإنقاذ لبنان من محنته واستعادة مكانته كدولة قوية ذات سيادة.

وفي ختام هذه الرسالة، أُهديكم هذه الأبيات الشعرية التي تعبر عن إعجابي بمواقفكم وشجاعتكم:

يا سيدَ الفكرِ النبيلِ إمامُ
رأيٌ رصينٌ، حكمةٌ وإقدامُ
تبني الأساسَ بعزمِ أهلِ بصيرةٍ
فيك المحبةُ والكرامُ غمامُ

لبنانُ فيك أمانةٌ قدسيةٌ
وبك العطاءُ رسالةٌ لا تسأمُ
نورٌ على دربِ العدالةِ مُشرقٌ
والعدلُ منك منارةٌ وسلامُ

فامضِ على نهجِ الصوابِ موفَّقاً
فالحقُّ دربٌ يقتديك كرامُ
والناسُ تُجمعُ فيك حكمةَ قائدٍ
يبقى أماناً في الزمانِ دوامُ

أسأل الله أن يحفظكم ويبارك في جهودكم، وأن يعينكم على حمل أمانة الإصلاح والدعوة إلى العدل والوحدة، وأن يعيد للبنان أمنه واستقراره ليبقى منارةً للمحبة والعيش المشترك.

ابنكم المحب،
د. محمد بشاري
أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة