الخميس , نوفمبر 7 2024

المحرر السياسي : السيد علي الامين :صوت من الاسلام الحق ..


السيد علي الأمين: صوت من الإسلام الحق..

 قراءة في احداث الاسبوع


من الأفكار والمواقف ما لا يصح أن يمر من دون وقفة تأمل أو يتجاوزه حدث آخر مستجد. فقد قرأت للسيد علي الأمين مفتي صور وجبل عامل حواراً في جمعية الكشاف المسلم خلال الأسبوع الماضي يحسن أن نتوقف عنده قليلاً. قبل الحديث أختصر نقاطه ما أمكن، وإن هو الإختصار هنا في حديث السيد يأخذ الكثير من أبعاده ومقاصده، وقد يكون مفيداً التنبيه بأن النقاط المستخلصة منه أشبه ما تكون بالعناوين الكبرى ويصلح كل منها لموضوع مستقل.



 > يقول السيد الأمين في توصيفه لواقع لبنان: ليس الإختلاف على الدستور بل على الأمر المستور الذي يحاول كل من لا يريد الإستقرار للبلد أن يستتر وراءه.



> ويقول السيد: إن القيادات تستخدم الطائفة لتدعيم مواقعها وهي لا تختلف على حقوق طوائفها بل على حصصها، والمشكلة بين الناس ليست طائفية. يضيف: نحن مع دولة مدنية تؤمن بالعدالة والمساواة ولا تنظر للعلمانية على أنها شيء من الإلحاد ولا نرى مانعاً من أن تقوم دولة مدنية تساوي بين الناس.



 > ويقول السيد الأمين: يقولون إن هذه الحكومة غير شرعية وتناقض العيش المشترك ولكن الذي رفض العيش المشترك هو الذي استقال وليس الذي بقي. ويستغرب السيد أن يقوم الوزراء المستقيلون بتصريف الأعمال وقبض مرتباتهم ثم يعتبرون الحكومة غير شرعية. وعن حزب الله يقول السيد إن حزب الله لبناني وله الحق في العمل السياسي، ولكننا نختلف معه في أدائه وارتباطه الخارجي الذي يقدمه على مصلحة لبنان. كما نأخذ عليه سياسته في مواجهة الحكومة وفي الصراع العربي الإسرائيلي، فنحن لا نقبل أن يبقى لبنان ساحة لتصفية الحسابات وأن يتحمل تبعات هذا الصراع وحده. كما أن مسألة الحرب والسلام تتولاها الدولة وحدها ويجب أن يبقى السلاح في يدها.



هذا ملخص شديد التكثيف لبعض ما قرأت عن لقاء السيد الأمين الحواري في جمعية الكشاف المسلم في مركز جمعية العناية بالطفولة والأم في تلة الخياط، بحضور ممثلين رسميين ومهتمين بالشأن العام. هذا الكلام جديد وليس جديداً، يعرفه من يعرف السيد صراحة وصدقاً وعقلاً رصيناً ونفساً عالية كريمة الأصل والفصل عظيمة المواقف.


على أنه وهو يردده اليوم نشعر كم نحن بحاجة لمراجع ذوي رأي وصدق ووطنية تردده على مسمع الجميع، فتصحح ما اعوَجّ من سلوك القيادات أو خرج على المصلحة العامة مقدماً عليها مصالحه وارتباطاته ومنافعه. كان للعلماء ذوي الرأي والشجاعة في المنعطفات الخطرة من التاريخ مواقف طالما عززت رجاحة العقل ونزاهة القول وذهبت مثلاً.


 تحضرني بالمناسبة قصة لرجل دين معروف في تاريخ دمشق كان له أتباع وتلاميذ في الجامع الأموي أيام العثمانيين. وقد حصل أن عيّن الخليفة والياً على دمشق فحج إلى مقامه الوجهاء والأعيان، كالعادة، مهنئين إلا ذلك الشيخ العالم الجليل. سأل الوالي عنه فقيل له إنه لا يزور والياً ولا يطلب شيئاً. قال: لا بأس نحن نزوره. وذهب الوالي إلى مجلس الشيخ يوم الجمعة فلما انتهت الصلاة جلس الشيخ لحديثه في الناس ومد رجله وقد رأى الوالي الجديد يحيط به الحرس والمنافقون. وحين انتهى قام الوالي فسلم عليه وناوله كيساً من الذهب وقد ظن أنه مشتريه به، فنظر الشيخ إليه من كبرياء نفسه وعفة إيمانه وقال: من يمد رجله لا يمد يده. وذهبت مثلاً.


 السيد علي الأمين من ذلك الطراز من العلماء الذين لا يخشون في قولة الحق لوماً ولا يرجون منفعة. إنه الكلمة الصواب في وجه الخطأ، ووقفة العزة والكرامة في وجه الذلة والخوف والإنبهار، ومجابهة الغطرسة والباطل والسلاح والمال الخارجي بقوة الحقيقة: بإسلامها ولبنانيتها. لهذا الرجل الشجاع في الرأي والمصارحة به، في غيبة الرجال المؤتمنين على ما تبقى من الإسلام، تحية كل اللبنانيين والعرب والمسلمين.. وكل محبي الحرية والموقف الصادق الأمين.