الجمعة , أكتوبر 11 2024
الولاية التكوينية - السيد علي الأمين

الولاية التكوينية

الولاية التكوينية

وأما الولاية التكوينية فيقصد بها إعطاء السلطة على الكون من الله تعالى للأئمة، وهي ليست من أصول العقائد، وثبوت هذا النحو من الولاية للأئمة من المسائل التي لم يتعرض لها معظم علماء الشيعة، وإذا ذهب إلى هذا الرأي بعض العلماء فهو رأي ينسب إليه وحده، لأن هذه المسألة حديثة وغير إجماعية فلا تصح نسبتها إلى المذهب الشيعي باعتبار أن باب الاجتهاد مفتوح وكل مجتهد هو الذي يتحمل مسؤولية الرأي الذي توصل إليه، لأن اجتهاد شخص لا يكون حجة على اجتهاد شخص آخر.

والمأثور عن أئمتنا أنهم كانوا لا يرون هذه الأوصاف لأنفسهم، وقد روي عن الإمام الرضا قوله: اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك لا نملك لأنفسنا نفعاً ولا ضرّاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، اللهم من زعم أنّا أرباب فنحن منه براء، ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا الرزق، فنحن براء منه كبراءة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى، اللهم إنّا لم ندعهم إلى ما يزعمون، فلا تؤاخذنا بما يقولون، واغفر لنا ما يدعون ولا تدع على الأرض منهم ديّاراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا”.

وعن الإمام جعفر الصادق (ع) (وما نحن إلا عبيد الذي خلقنا، والله ما لنا على الله حجّة، ولا معنا من الله براءة، وإنا لميّتون وموقوفون ومسؤولون) وقال الإمام جعفر الصادق (يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل.. وروي أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قوله محذرا الشيعة من الوقوع في حبائل أهل الغلوّ: “لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله”.

وقد كان الإمام زين العابدين معلقاً بأستار الكعبة يبكي ويستغفر الله فقال له بعض من رآه أنت ابن رسول الله وتفعل ذلك! فقال أما قرأت قول الله تعالى: { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ} وقوله تعالى: { وقفوهم إنهم مسؤولون}.

والصحيفة السجادية المروية عن الإمام زين العابدين شاهدة على نظرة العبودية الخالصة لله تعالى وأنهم ليسوا فوق مستوى البشر، وقد أكرمهم الله تعالى بالقربى من رسول الله وحكمها المودة كما في قوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى}.

 

المصدر : من كتاب العلاّمة السيد علي الأمين:  ( زبدة التفكير في رفض السب و التكفير )

ص: 172 – 174

الناشر : دار مدارك للنشر