تجديد في منهج الإستنباط
نموذج :المسلم والمؤمن
-يجب اعتماد مفاهيم القرآن الكريم عند النزول ومصطلحاته قبل نشوء المعاني التوليدية لكثير من الألفاظ القرآنية في العهود المتأخرة عن القرآن سيما عصور المذاهب، فإن المعاني المقصودة عند النزول هي التي يجب التعبد بها شرعاً وهي التي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند القيام بعملية استنباط الأحكام .
وقد تأثرت بعض مناهج الاستدلال بالمصطلحات والمعاني المتأخرة عن عصر النزول وأدى ذلك إلى خلل كبير في عملية الاستنباط والاستنتاج .
وأضرب لذلك مثلاً لتوضيح الفكرة التي أرمي أليها ، فلنأخذ مثلاً سورة الحجرات من القرآن الكريم التي شرعت للعلاقة بين القيادة والقاعدة المؤمنة بها وبينت كيفية التعاطي معها ومع بعضهم البعض ومع غيرهم من المجتمعات الأخرى وقد استخدمت السورة المباركة في عملية التشريع هذه جملةً من العناوين التي أطلقتها على الأفراد، ومنها عنوان المؤمن وعنوان المسلم وعنوان الأخ وهذه العناوين تشكل موضوعات لمجموعة من الأحكام الشرعية .
ونلاحظ أن هذه العناوين قد أطلقت على أفراد المجتمع الذي صدق بالرسول وآمن به وبرسالته وليس هناك أي قيد آخر دخيل في صدق هذه العناوين وانطباقها عليهم في عصر النزول وهذا الإطلاق يجب ان يؤخذ بنظر الإعتبار عند القيام بعملية الإستنباط وتحديد المفاهيم وإثبات الأحكام لموضوعاتها، هذا، ولكننا نرى ان كثيراً من الفقهاء عند ممارسة صناعة الاستنباط في هذه المسألة يقولون أن للمؤمن معنىً إصطلاحياً وكذلك المسلم فيجعلون الايمان بالمذهب الذي لم يكن مولوداً عند الإطلاق القرآني دخيلاً في صدق عنوان المؤمن وانطباقه عليه ويرتبون على ذلك الأثر المعاكس فيقولون لا تحرم غيبة من لم يكن مؤمناً بالإصطلاح لأنه ليس بأخ أو ليس بمؤمن فلا تشمله الآية:
( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه )الحجرات-12-
ومن الواضح أن هذا الإستنتاج في غاية الخطأ والخطورة وهو يرجع إلى الخطأ في منهج الإستدلال والإستنباط الذي أبتعد عن مصطلحات القرآن ومفاهيمه وقت النزول.-١-
————-
-١-من خطاب وبحث العلامة المجتهد السيد علي الأمين في مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية الذي انعقد في سوريا-بتاريخ -10/نيسان/1999/