الجمعة , أكتوبر 11 2024
محمد الامين

تجريم خطاب الكراهية ومواجهته بالإعتدال

تجريم خطاب الكراهية ومواجهته بالإعتدال

 

بقلم اﻷستاذ محمد اﻷمين *
من المعروف أن خطاب الكراهية يعني كل عبارة تؤيد التحريض على العدوانية والتمييز والعنف وما يتعارض مع إحترام حقوق الآخرين وقيم التسامح والعيش بسلام .
ومع انتشار وسائل التواصل والفضاء الإعلامي المفتوح صار من الممكن لأي فكرة أو حركة أو جمعية أو حزب أو مؤسسة أو لفرد الحصول السريع على الدعم والتأييد لما يطرح من أفكار من خلال الكلمات والتصريحات والتعليقات والصور والفيديوهات والصوتيات والمقابلات فتنتشر الفكرة كالنار في الهشيم، فإذا كانت الفكرة تحمل عناوين التفرقة المذهبية والطائفية والمناطقية التي تزرع الكراهية بين الطوائف والشعوب فإنها تجد لها بيئة من أصحاب المواقع الدينية والطائفية السياسية ومن هواة الشهرة الذين لا يمكنهم الإستمرار من دون العمل على نشر الحقد وثقافة نبذ الآخر واغتيال كل دعوة للسلام والمحبة في المجتمع, وبذلك تتحول الكراهية إلى منظومة واسعة الإنتشار تطل من الشاشات ومقدمات الأخبار والصحف ومواقع التواصل وبيوت الله ..
وأيضا من بعض دعاة الحوار الذين لا يؤمنون بوجود الآخر ليتم الحوار معه، وهذه العناوين التي تتغدى بعضها ببعض من خلال أي دعوة في ظاهرها أو باطنها روح الإقصاء والتهديد والتخويف , وتأتي الدعوة الى زرع الكراهية أحيانا من خلال مناخ سائد ومنها حالات الفقر والظلم الفردي أو الجماعي لتضفي على دعواتها شعارات المطالبة برفع القهر والحرمان، ومن هذا المنطلق يرى البعض من الأتباع لتلك الأفكار حصول المبرر للخوض في الدماء وإطاحة مفاهيم الشراكة والإنقضاض على الأخوة الإنسانية والتمرد على قوانين السماء والأرض، وبتعبير آخر تسعى هذه الجهات لإستغلال الدين للوصول إلى ما تريد وهي بطريقها للوصول إليه تطيح بكل القيم دون النظر إلى جرمية وحرمة الوسيلة وصحتها .
ومن خلال هذا النمو المتسارع والمنتشر لدعوات تخوين الآخر والسعي إلى إقصائه وتشويه صورته والإتيان بكل بهتان للوصول إلى القتل المعنوي أو الجسدي والذي يجد قوته في عملية التشبيك بين السياسي والديني أحزاباً ومؤسسات وقوى ليقوم كل منهم بالاستفادة من تأثير الآخر على مجتمعه وطرح فكر سياسي يلبسه عباءة الدين وفكر ديني متعصب يلتحف عباءة السياسين الذين يمسكون بمقدرات البلاد ورقاب العباد، وبهذا يستقوي كل منهم بالآخر ويسعون إلى كم الأفواه والحد من التعبير وتوجيه الجمهور إلى حيث يريدون.
وبعد هذا الإستغلال المبرمج المؤسس لديانة الكراهية وإتباعهم من جمهور واسع الذين لا يقدرون عواقب الأمور، صار من اللزوم العمل بقوانين تحمي الأوطان والمجتمعات وكل الأفراد صغيرها وكبيرها من هذا الوباء المنتشر وملاحقة المدبر والمحرض والمنفذ بعقوبات تردع كي لا تنمو وتتكاثر هذه البيئة التي تشكل خطراً عدائياً على كل مختلف، ولهذا فإن المطلوب من مراكز الحوار و أهل الفكر والثقافة والإعتدال المطالبة والعمل لدى الحكومات والجهات الرسمية المختصة على استصدار قوانين تجرم المرتكب لهذا الفعل العدواني الذي ينشر الكراهة في المجتمع والعمل أيضاً على مواجهته الثقافية من خلال القيام بخطوات عملية تنزل ذلك القانون الى المجال التعليمي والتربوي وإدخاله في المناهج التعليمية المدرسية والمعاهد الدينية ووسائل التواصل والإعلام، وبهذا نكون قد ساهمنا بنشر ثقافة الإعتدال التي تخمد نار الكراهية، ونكون قد قدمنا الدواء لإزالة هذا الوباء،وبذلك نبعد عن مجتمعاتنا وشعوبنا محاولات توظيف الدين في الأغراض السياسية عبر استخدامه من قبل الأحزاب والجماعات لتكثير أتباعهم غطاءً لنشر الكراهية بين الشعوب والمجتمعات باسمه .
 • مؤسسة العلامة الأمين للتعارف والحوار