يتابع العلامة المجتهد السيد علي الأمين تفاصيل المرحلة بدقة متناهية، محاولا توجيه البوصلة في الاتجاه الصحيح لمصلحة لبنان والشيعة وحزب الله، مؤكدا : إن الطائفة، طائفة الشيعة، وإن وقفت مع حزب الله في مواجهة الإحتلال، لن تقف معه في مواجهة مشروع الدولة. ويطلق السيد على الدولة مقولة :العين بصيرة واليد قصيرة، فهي ترى وتسمع :الترهيب والتصعيد ولا تحرك ساكنا. ويستبعد إقدام حزب الله على أي خطوة انقلابي، فالسلطة :أعطته الكثير من الشرعية القانونية وهو مستفيد منها، وأي خطوة انقلابية ستجعله يخسر ما بقي له من تعاطف ويصبح وحيدا. هنا الحديث مع العلامة المجتهد السيد علي الأمين:
نوال نصر – المسيرة – النجوى:
س1_ هل البلد في حيرة وماذا بعد صدور القرار الظني ؟ما رأيك ؟ ماذا سيحصل ؟
ج_1 نحن نرى أن اللبنانيين عموماً يعيشون حالة تزيد على الحيرة فهم بفعل التصريحات التصعيدية بدأوا يعيشون حالة من القلق والحذر والخوف على ما يمكن أن يأتي به المستقبل القريب والدولة التي يجب عليها أن تعطي الأمن والأمان والإطمئنان للناس _لأن ذلك في صلب واجباتها_تقفُ عاجزةً عن لجم التصعيد والتَّرهيب فالمسؤولون فيها يستمعون الى ذلك ويرون بأمّ العين ولكنَّهم لا يحرِّكون ساكناً من أجل فرض سلطة القانون على حالات التصعيد في الخطاب التي تخيف المواطنين وتزرع الفرقة بينهم وتهدد السلم الأهلي وصدق فيهم المثل ” العين بصيرة واليد قصيرة “.
س2_ حزب الله يهدد عبر قيادييه أن ما بعد صدور القرار الظني لن يكون كما قبله وان التاريخ سيكتب هذا …ماذا سيحصل ؟
ج2_ إن لغة التهديد أياً كان مصدرها عندما توجه إلى الداخل اللبناني ومن أية جهة أتت هي لغة لا تخدم الإستقرار الداخلي ولا تساعد على مواجهة الأخطار الخارجية ومن يريد مواجهة المؤامرات الخارجية يجب أن يجمع اللبنانيين حوله ويخاطبهم بالكلمة الطيبة التي تجعلهم مقتنعين بالوقوف معه والدفاع عنه خصوصاً وأن الشعب اللبناني ليس له علاقة بما يمكن أن يصدر عن المحكمة الدولية من قراراتٍ ولذلك فإننا نرى إن من أهم الوسائل في مواجهة تلك القرارات هو المحافظة على الإستقرار وعلى وحدة اللبنانيين وعلى بقاء مؤسسات الدولة لأن كل هذه العناصر تشكل الأدوات الحقيقية لدفع الإتهامات الباطلة وإسقاط فاعليَّتها والمنع من تأثيرها ..
س3_يقال إن المقاومة المتمثلة بحزب الله تملك وفرة في الخيارات التي ستجعلها تحمي كرامتها …كيف يؤثر صدور القرار على كرامة الحزب ؟ وما حدود تلك الخيارات برأيك ؟ وهل ستأتي على حساب الإستقرار ؟
ج3_لا نعتقد أن مجرد صدور قرار ظنيّ سيؤثر على كرامة الحزب خصوصاً إذا كان الحزب يمتلك آلية الردِّ القانونية التي تبطل حيثيَّات القرار الظنِّي وتكشف عن تسييسه وعن نقاط الضعف فيه أمام الرأي العام .هذا ما نراه الخيار الأوفر حظاً والأجدى في مواجهة تداعيات القرار على المستوى الشعبي حيث سيجد حزب الله أن الناس معه إذا اعتمد هذا الخيار الذي يحفظ به الإستقرار ويدفع عنه وعن اللبنانيين عموماً الأخطار وبذلك تسقط الفتنة التي يراد وقوع اللبنانيين فيها .ونحن نذكر قيادات حزب الله بأنّ ما أسقط القرار 1559 عن التأثير هو اتّفاق اللبنانيين على أن مسألة سلاح حزب الله شأن لبناني داخلي يتم التفاوض بشأنه بين اللبنانيين وهذا الأسلوب هو ما نراه فاعلاً في مواجهة القرار الظنِّي وتداعياته وليس أسلوب التهديد والوعيد الذي يضعف حجّة حزب الله ويعزله عن محيطه اللبناني ولا يقنع الرأي العام الخارجي المتعاطف معه.
س4_هل تتوقع انقلابا ما ؟ وإذا حصل وفق أي إطار سياسي ؟ أمني ؟
ج4_لست أرى ما يدل على التحضير لحالة إنقلابية على السلطة القائمة لأنها بتشكيلتها القائمة قد أعطت حزب الله الكثير من الشرعية القانونية في الداخل والخارج وحزب الله مستفيد منها وليس متضرراً وهو من خلال مشاركته يأخذ الغنائم ولا يتحمل مسؤولية التردي في الأوضاع المعيشية والإقتصادية والخدماتية بينما الحالة الإنقلابية ستجعله المسؤول الأول في كل المجالات وسيكون الإنقلاب على تقدير وقوعه هروباً إلى المشكلة الأكبر ووقوعاً فيها وليس فراراً منها ولذلك لا أتوقع أن يقدم حزب الله على مثل هذه الخطوة الإنقلابية التي ستجعله يخسر ما بقي له من تعاطف واحترام في الداخل والخارج وسيكون وحيداً في مواجهة المجتمع الدولي .
ج5_ ليس بالإمكان تغيير وجه لبنان لأن لبنان بصيغته التّعدديّة صنعته إرادة اللبنانيين من الآباء والأجداد فكان رسالةً إنسانية سامية ووطن التسامح والعيش المشترك والحرية والمساواة وسيبقى وجه لبنان مشرقاً كما كان ما دام اللبنانيون اليوم متمسكين بهذه المبادىء وقد مرّت على لبنان عواصف شديدة في الماضي أرادت تغييره ولكنّها تحطمت جميعها على صخرة العيش المشترك والوحدة الوطنية وبقي لبنان .
س6_الى أي مدى هناك ترابط بين وضع الطائفة الشيعية بأسرها ووضع حزب الله بالتحديد ؟
ج6_الطائفة اللبنانية الشيعية كانت موجودة قبل حزب الله وهي من المكونات الأساسية للشعب اللبناني وهي قد آمنت بالوطن اللبناني لجميع أبنائه وطوائفه وبالعيش المشترك منذ قرون عديدة وفي العهود المختلفة وهي مع قيام دولة المؤسسات والقانون والتي تشكِّل مرجعيَّة واحدة لكلِّ اللبنانيين وهي كما سائر الطوائف اللبنانية لا يختزلها حزب أو تنظيم كما لا يختزل الوطن طائفة وهي إن وقفت مع حزب الله في مواجهة الإحتلال لكنَّها لا تقف مع حزب الله في مواجهة مشروع الدولة ولذلك هي لا تتحمل تبعات السياسة الداخلية والخارجية التي يعتمدها حزب الله وحلفاؤه.