السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
سيدي سماحة العلامة السيد علي الأمين, حفظكم الله ورعاكم .
أنا سني من المدينة المنورة, ومن المحبين لسماحتكم والمتابعين لكم ولأطروحاتكم
ولدي سؤال لو تكرمتم ..
أنتم ياسيدي ذكرتم في غير ما موضع من لقاءاتكم وكتاباتكم أن أصول الدين ثلاثة: التوحيد والنبوة واليوم الاخر. وقرأت ذلك مؤخرا في كتابكم الكريم: السنة والشيعة أمة واحدة, إسلام واحد واجتهادات متعددة في الصفحة رقم 53 واستدللتم بقوله تعالى ( … ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا مبينا ) ونحن معشر السنة ياسيدي أصول الدين لدينا تزيد على ماتفضلتم به : الإيمان بالملائكة والكتب والقدر خيره وشره.
سؤالي لسماحتكم :
ما منزلة هذه الأركان لديكم ؟ وما موقعها على سلم الأصول ؟ حيث إنكم لم تذكروها ضمن رأيي الفقهاء، الرأي الذي يؤيده السيد الصدر والرأي الذي يؤيده السيد الخوئي
وشكرا لكم، وبارك الله فيكم وفي جهودكم في خدمة الاسلام والمسلمين
الأخ الكريم السيد محسن الردادي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نصّ جواب العلاّمة السيد علي الأمين على سؤالكم :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله الطاهرين وصحبه الغرّ الميامين وجميع عباد الله الصالحين،وبعد..
أخي الكريم دمت في حفظ الله ورعايته
إن مصطلح أصول الدين لم يرد في الكتاب والسنّة ولكنّه ورد في علم الكلام الذي يبحث فيه عن العقيدة، ويقصد به الأمور الكلية التي ترجع إليها سائر الفروع الإعتقادية والعملية وتشكل أسس الفكر الديني، وأما في علم الفقه فيقصد بها موجبات الدخول في الإسلام وجريان أحكامه، وقد يطلق عليها إسم أركان الدين،وهي تتحقق بالشهادتين المتضمنتين للتوحيد والنبوّة، ولا شك أن الإيمان بالنبوّة يستبطن الإيمان بالرسالة كتاباً وسنّةً وما فيهما من تعاليم وأحكام ثابتة على نحو القطع واليقين عند جميع المسلمين.
وقد ورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر، قال حدّثني أبي عمر بن الخطاب: قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا “.
وقد استنبط الفقهاء من هذا الحديث وغيره أن ما يوجب الدخول في الإسلام هو النطق بالشهادتين الإقرار بالوحدانية والإقرار بالنبوّة والإتيان بالفرائض الصلاة والزكاة والصوم والحج لبيت الله.
وهذه الفرائض العملية الأربع هي من الضروريات الدينيّة الثابتة في الشريعة كتاباً وسنّةً، فمن أنكر واحدة منها فقد أنكر الرسالة التي تضمّنها الإقرار بالنبوّة، ويلحق بهذه الفرائض الأربع كل ما علم بالضرورة ثبوته في الشريعة كالإيمان بيوم القيامة والملائكة والكتب والأنبياء،وقد اختصر بعضهم هذه الأمور بقوله بأن أصول الدين وأركانه تتحق بالشهادتين لأن الإقرار بالنبوّة يتضمّن الإقرار بكل ما جاء به رسول الله من عند ربّه.
وأما المسائل التي وقع فيها الإختلاف في تفسيرها بين العلماء كالإختلاف في تفسير القضاء والقدر، والإختلاف في لزوم العدل على الله وغير ذلك مما وقع فيه الخلاف بين مدرسة المعتزلة ومدرسة الأشاعرة فهي لا تدخل في الأصول والأركان التي يدور عليها الدخول في الإسلام والخروج منه، والله سبحانه وتعالى هو الأعلم بحقائق الأحكام،عليه التوكّل وبه الإعتصام