الإثنين , أكتوبر 14 2024

العلاّمة السيد علي الأمين: صحة البدن التي هي مقصد عُقَلائِي في الأصل، لم تخالفه الشريعة بل حثّت عليه، وندبت إليه … ومنع الخروج من مكان الوباء ليس مطلقاً

العلاّمة السيد علي الأمين:

صحة البدن التي هي مقصد عُقَلائِي في الأصل، لم تخالفه الشريعة بل حثّت عليه، وندبت إليه … ومنع الخروج من مكان الوباء ليس مطلقاً

لا شك في أن من مقاصد الشرع الحفاظ على صحة الأفراد والجماعات والوقاية من الأمراض، وقد ورد في بعض النصوص الدينية “ألا وإن من البلاء الفاقة، وأشد من الفاقة مرض البدن، وأشد من مرض البدن مرض القلب، ألا وإن من النعم سعة المال، وأفضل من سعة المال صحة البدن (…)” و “سلامة الدين وصحة البدن خير من المال (…)” و “الصحة أفضل النعم” … وهذا يعني أن [bctt tweet=”صحة البدن التي هي مقصد عُقَلائِي في الأصل لم تخالفه الشريعة، بل حثّت عليه وندبت إليه” username=”SayyedAliElAmin”].

وقد كثر الحديث في أيامنا هذه عن الموقف الشرعي من الوباء الذي حلّ بأهل الأرض بسبب وباء كورونا، رفعه الله عن كل بلاده وعباده.

وقد تمسّك بعض أهل العلم بما جاء في الحديث “إذا سمعتم به – الوباء – في أرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فراراً منه”.
وقد أخذ هذا البعض بالحديث على إطلاقه، وفسره بطلب المنع من زيارة مكان الوباء حذراً من العدوى، وبعدم جواز الفرار منه عند نزوله، مع أن الخشية من انتقاله بالعدوى إلى غيره موجودة في الحالين! فإذا كان الإمتناع عن الذهاب إلى مكان الوباء مطلوباً فلماذا لا يكون الفرار من مكان نزوله
كذلك ؟

والخشية من العدوى إذا كانت تبرر عدم الزيارة لمكان الوباء كما في الحديث المنقول، فهي تبرر الإنتقال من مكان الوباء أيضاً طلباً للدواء إذا لم يكن موجوداً فيه، كما لا يخفى.

وما يُفهم من بعض الأحاديث “الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف”، أن منع الفرار من مكان الوباء ليس مطلقاً، وإنما هو مقيد بصورة كون المكث فيه بمثابة الزحف الواجب، كما لو كان جماعة في حال الرباط على ثغر من ثغور الوطن، وكالموجودين في زماننا لإدارة مرفق عام كالمطارات ومراكز الحدود، فإن لزوم المكث في مثل ذلك المكان وعدم جواز الفرار منه، لا يعني الصبر على الوباء بدون وقاية ولا علاج لعدم المنافاة بين الأمرين كما لايخفى. وهذا المعنى في تقييد الحديث يفهم مما ورد في بعض الروايات «(…) إن رسول الله عليه الصلاة والسلام إنما قال “الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف” في قوم كانوا يكونون في الثغور في نحو العدو فيقع الطاعون فيخلون أماكنهم ويفرون منها فقال رسول الله ذلك فيهم».