الطّاغية !
لَا تَجْعَلُوا زُعَمَاءَكُمْ أَرْبَابَا
فِرْعَوْنُ نَادَى قَوْمَهُ إِنِّي أَرَى*** مَا لَا تَرَوْنَ فَعَطِّلُوا الأَلْبَابَا
وَمَضَى يَقُولُ لَهُمْ بَنَيْتُ بِلَادَكُمْ *** وَخَلَقْتُ أَنْهَارَاً وَسُقْتُ سَحَابَا
كَذَبَتْ مَزَاعِمُ خَلْقِهِ لِوُجُودِهَا *** قَبْلَ الْوَرَى تَرْوِي رُبَىً وَهِضَابَا
قَدْ أَذْعَنُوا طُرَّاً لِدَعْوَتِهِ فَلَمْ *** يَسْتَنْكِرُوا إِدَّاً أَتَى وَخِطَابَا
هُمْ شَيَّدُوهَا قَبْلَهُ وَجُدُودَهُمْ *** وَبَنَوا لَهُمْ فَوْقَ الصُّرُوحِ قِبَابَا
وَتَنَقَّلُوا تَحْتَ السَّمَاءِ بِأَرْضِهَا *** وَتَنَعَّمُوا شِيبَاً بِهَا وَشَبَابَا
مَا كَانَ يَوْمَاً في الْبُنَاةِ لَهَا وَلَا *** هُوَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيَارِ وَغَابَا
هُوَ مثلَهُمْ قَدِمَ الحياةَ ولمْ يَكُنْ *** مِنْ قَبْلُ إلّا نُطْفَةً وَتُرَابَا
يَسْعَى لِنَيْلِ طَعَامِهِ وَيَمُوتُ مِنْ *** عَطَشٍ إذا فَقَدَ الْمِيَاهَ شَرَابَا
*************************
صَارَ الإِلَهَ لَهُمْ بزَعْمٍ كَاذِبٍ *** يُحْيِي وَيَقْطَعُ أرؤُسَاً وَرِقَابَا
قَبِلُوا بِهِ رَبَّاً وَمَا رَفَضُوا لَهُ *** طَلَبَاً وَقَالُوا قدْ زَعَمْتَ صَوَابَا
هُمْ يَعْلَمُونَ حُدُوثَ مَوْلِدِهِ وَأَنْ*** مَا قَالَ إِلَّا خِدْعَةً وَسَرَابَا
لَكِنَّهُمْ جَعَلُوا عَلَى أَبْصَارِهِمْ *** يَوْمَ النِّدَاءِ غِشَاوَةً وَحِجَابَا
عَجَبَاً لَهُمْ أَلِفُوا الْعَمَى لَمْ يَمْلِكُوا *** عِنْدَ السُّؤَالِ سِوَى الْخُضُوعِ جَوَابَا
قَدْ كَانَ فيهِمْ عِبْرَةٌ لِمَنِ اهْتَدَى*** وَأَبَى الْحَيَاةَ مَذَلَّةً وَعَذَابَا
*************************
فَقَدُوا الْبَصَائِرَ فَاسْتَخَفَّ بِهِمْ وَقَدْ *** صَارُوا عَبيداً عِنْدَهُ وَرِكَابَا
سَكَتُوا عَلَى اسْتِرْهَابِهِ لَمْ يُعْلِنُوا *** ذَمَّاً على طُغْيَانِهِ وَعِتَابَا
خَسِرَتْ تِجَارَتُهُمْ وَخَابُوا عِنْدَمَا *** خَذَلُوا الْحَقِيقَةَ رَهْبَةً وَثَوَابَا
طَلَبُوا الْبَقَاءَ طَمَاعَةً وَمَخَافَةً *** فَتَجَرَّعُوا كَأْسَ الْبَلَاءِ عِقَابَا
فَغَدَوْا لَنَا عِظَةً تُخَاطِبُنَا بِأَنْ *** لَا تَجْعَلُوا زُعَمَاءَكُمْ أَرْبَابَا
_________________________________________________
العلاّمة السيد علي الأمين