الجمعة , أكتوبر 11 2024
سؤال وجواب

ما هي الكراهة المعتبرة في صحة الخلع؟

 ما هي الكراهة المعتبرة في صحة الخلع

_______

تنقسم الكراهة إلى ذاتية وعرضية:

والكراهة الذاتية هي المقصود بها ما كانت راجعة إلى قبح الذات وما لها من سوء الطباع والصفات،  والأولى كقبح الشكل والمنظر،  والثانية كَسوء الخُلُق الذي ينشأ عنه سوء المعْشر،  وفي هذين الموردين يقع الطلاق خلعيّاً بلا إشكال.

والكراهة العرضية يقصد بها تلك الناشئة من أفعال الزوج الخارجة عن طور الذات والصفات،  وهي على قسمين : فتارة تنشأ الكراهة من فعل غير سالب لحق من حقوق الزوجة،  كفعله للمنَفِّر، كما لو كان لا يزيل القذارة المقزّزة للنّفس عن جسده، فإن النظافة ليست من حقوقها عليه، وتارة أخرى تنشأ الكراهة من فعل سالب لحقٍّ من حقوقها،  كالإمتناع عن أداء النفقة إليها،  وكعدم إعطائها حقّ المبيت عندها،  والأول من هذين القسمين يرجع إلى الكراهة الذاتية ويلحق بها حكماً، وأما القسم الثاني فلا يرجع إلى الكراهة الذاتية ولا يأخذ حكمها في وقوع الطلاق خلعيَّاً.

هذا ما يستفاد من كلام السيد الخوئي رحمه الله في منهاجه، ويمكن أن يقال بأن الفعل السالب لحق الزوجة كالإمتناع عن النفقة على نحوين،  فتارة يكون مع الحاجة الشديدة إليها ،  وتارة أخرى يكون مع عدم الحاجة إليها كذلك،  كما لو كانت مستغنيةً عنها،  ففي الحالة الأولى يمكن القول بأن الكراهة الحاصلة تأخذ حكم الكراهة الذاتية في صحة الخلع لمخالفة الإمتناع من النفقة للمعاشرة بالمعروف المطلوبة في الآية المباركة،  وأما في الحالة الثانية فإن الكراهة الحاصلة لا ينطبق عليها عنوان المخالفة للمعاشرة بالمعروف فلا يقع الطلاق خلعيَّا في الصورة المذكورة،  ثمّ إن الإمتناع على التقديرين إنما يكون في ظرف القدرة على النفقة،  وأمّا مع العجز عنها فلا يصدق الإمتناع أصلاً،  والله أعلم.

-مساعي الإصلاح والطلاق الخلعي

والمستفاد هو بذل المساعي للإصلاح بين الزوجين عند وقوع الشقاق بينهما من قول الله تعالى(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا).

وتحدثت بعد فشل مساعي الإصلاح بينهما آيات في سورة البقرة عن طرق العلاج للشقاق الواقع بينهما، منها قوله تعالى( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ   بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

والمفهوم من هذه الآية المباركة بحسب السياق هو الورود من أجل بيان علاج الخلاف الواقع بين الزوجين الذي بلغ حدّ الخوف من تجاوز حدود الله.

ويتحقق العلاج لهذه المشكلة بين الزوجين بما يسمى عند الفقهاء بالطلاق الخلعي. وهو يحصل بقيام الزوجة بافتداء نفسها.  وفي هذه الوسيلة التي تحصل باختيار الزوجة لفراق زوجها ليس عليهما جناح، لا على الزوج في الأخذ، ولا على الزوجة في البذل،  كما جاء في الآية المباركة.

والتعبير فيها بصيغة الماضي (افتدت)لا يخلو من الإشارة إلى الوقوع المستلزم للقبول به من الزوج، فكأن عدم الجناح عليهما كان بعد حصول ما يتحقق به الفراق بينهما.

ولا يتوقف تأثير الإفتداء على قبول الزوج ورضاه، لأنه لو توقف عليه لم يكن الإفتداء علاجاً للمشكلة القائمة بينهما، وهذا ما يتنافى مع كون هذه الآية واردة في سياق المعالجة للخلاف الذي يصاحبه الخوف من إقامة حدود الله بينهما، كما تقدم ذكره. هذا ما تيسر فهمه من هذه الآيات، وهو ما تؤيده بعض الأخبار الواردة في طلاق الخلع، والله سبحانه وتعالى هو الأعلم.