مسألة ثبوت الهلال
———
سؤال إلى السيد فضل الله رحمه الله
س: كيف يكون اثبات الشهر فلكيا دون رؤية هلال الشهر علما ان الله عزوجل يقول في محكم كتابه ” فمن شهد منكم الشهر فليصمه” :
ج: ليس المراد بمن شهد من رأى بل المراد من حضر الشهر اي غير مسافر جامعا لشروط صحة الصوم بقرينة قوله تعالى “ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر” هذا وإن الرؤية المذكورة في الأخبار إنما هي كوسيلة للعلم بدخول الشهر القمري، وإلا فكيف يعتمد على البينة أو إكمال عدة الشهر السابق أحيانا، مع العلم أن رأينا ثبوت التولد الفلكي من خلال قول الفلكيين المفيد للعلم مع وجود الإمكانية لرؤية الهلال فحينئذ يرتب الأثر من جهة الصوم أو الإفطار…
————————
–قال العلامة السيد علي الأمين تعليقاً على الجواب:
معظم العلماء المجتهدين يقولون بعدم ارتباط ثبوت بداية الصوم ونهايته بالحساب الفلكي وإنما بالإحساس البشري المعتمد على الرؤية البصرية، وهذه مسألة ليس لها علاقة بحصول العلم من قول أهل الفلك،ولا بالدقة الحسابية وعدمها، وإنما هي مرتبطة بالأدلة الشرعية،وهذا نظير الدقة في المراصد التي تكشف على نحو العلم عن درجات الإهتزازات في باطن الأرض على ما يسمّى بمقياس (ريختر)،ولكن لا تجب فيها صلاة الآيات إذا لم يشعر بها البشر،لأن المستفاد من الأدلة الشرعية ارتباط وجوب صلاة الآيات بالإحساس البشري بها.
ولقائل أن يقول بأن الإعتماد على البينة كما في جواب السيد فضل الله -رحمه الله- لا ينافي الإعتماد على الرؤية البصرية لأن البيّنة التي يقبل بها كما في الأخبار هي البيّنة التي أخبرت برؤية الهلال،كما أن إتمام عدّة الشهر السابق ترجع إلى الرؤية أيضاً كما لا يخفى.
والقول بأن الرؤية الواردة في الاخبار هي مجرد طريق للعلم غير صحيح،لأن ذلك يتنافى مع ما ورد من استحباب النظر إلى الهلال والدعاء بالمأثور عند مشاهدته،وهذا مما يشير إلى أن الرؤية الواردة في النصوص الشرعية يقصد بها الرؤية البصرية،ويتضح الأمر زيادة بالرجوع إلى الكتاب.
الفقيه وعلم الفلك
_________
الفقيه ليس من أصحاب الإختصاص في علم الفلك،ولا يشترط في أهلية الرجوع إليه أن يكون منهم،وعلى هذا فهو لا يحصل له العلم الشخصي عادة بالولادة الفلكية للهلال،وإنما يعتمد الفقيه على خبر مباشر من أهل الإختصاص الموثوق بهم أو ينقل إليه ذلك بواسطة من يثق بهم،وهو بدوره ينقل لمقلديه ما أخبره به أهل الإختصاص من حصول الولادة التي بنى عليها حكمه،فهو لم يحصل على علم من خلال خبرته الخاصة،وإنما حصل له الوثوق بأهل الخبرة وخبرهم،وخبر الثقة لا يفيد العلم بحد نفسه له ولا لغيره من مقلديه وغيرهم،ومن المعلوم أن التقليد هو طريق ظنّي في معرفة الأحكام.
ثم إن المعروف عند الفقهاء أن العمل بفتوى مجتهد ميّت لا يصح بدون الرجوع إلى المجتهد الحي القائل بجواز العمل بفتوى الميت على مستوى الكبرى وعلى مستوى الصغرى أيضاً التي يصرح فيها باسم المجتهد الميّت الذي يصح عنده العمل بفتواه،وإذا وقع في تقليده اختلاف بين المجتهدين الأحياء فالمعتمد هو الرجوع إلى رأي الأعلم منهم.
_________
بداية الصوم ونهايته بين الرؤية الشرعية والمراصد الفلكية!
-….ويتساءل السيد الأمين عما إذا كان النص الديني “صوموا لرؤيته” يتساوى في الدلالة مع عبارة “صوموا لولادته” معتبراً انه إذا ثبتت هذه المساواة بين العبارتين امكن اثبات هلالي الصوم والافطار بغير الرؤية، من حسابات المراصد الفلكية التي تفيد العلم واليقين بالولادة، وإن لم تثبت هذه المساواة بين الجملتين لم يصح الاعتماد على المراصد الفلكية وان أفادت علماً بالولادة·
والحديث المشهور(صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) يستفاد منه أن الشريعة لا توجب الصيام والإفطار قبل رؤية الهلال، وبعضهم يستعجل الوجوب قبلها !.
والله يقول(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وفي الحديث إن الله(سَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا).ومن أراد التوسع فليرجع إلى ما كتبناه بعنوان (وهل يخفى القمر)
http://www.alamine.net/t293-topic