الخميس , نوفمبر 6 2025
عناوين
سؤال وجواب

سؤال عن معنى الحسنة والسيئة في قوله تعالى: إن تصبهم حسنة ..

سؤال عن معنى الحسنة والسيئة في قوله تعالى: (إن تصبهم حسنة .. وإن تصبهم سيئة)

سؤال-ما معنى الحسنة والسيّئة في قول الله تعالى
(أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا(٧٩)-سورة النساء.

الجواب

يظهر من السياق في الآيتين أن الحديث فيهما كان عما يواكب الحرب من انتصار وفقدان أرواح،ونجاح وفشل،فقوله تعالى في أول الآية(أينما تكونوا يدرككم الموت…)يبدو أنها جاءت للرد على تعليقات بعض المشاركين في الحرب مع الرسول دفاعاً عن دعوته،وقد تضمنت تلك التعليقات ما يكشف عن ضعف الإعتقاد عند مطلقيها،فكانوا إذا رجعوا من الحرب بالسلامة والنصر يقولون هذا من عند الله.وإن أصابهم فيها الموت قالوا هذا من عند الرسول وبسببه.
وقد جاء التعليم للرسول بالرد عليهم (قل كل من عند الله) فعودتكم أحياءً منتصرين على عدوكم هي حسنة من عند الله، فالله هو الذي أعطاكم القدرة على النصر،وإن أصابكم سوء كفقدان بعضكم في الحرب فهو من عند الله أيضاً،فإن الموت يأتيكم ولو كنتم في بروج مشيدة،كما يشير إلى هذا المعنى قول الله تعالى في آية أخرى(الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).فالحسنة هنا جاءت بمعنى النصر،وجاءت السيّئة بمعنى الموت والفقدان.
وفي ضمن سياق الحديث عن الحرب جاء الخطاب إلى الرسول في الآية الثانية(ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) وفيه إشارة إليه بوصفه القائد لهم في الحرب إلى أن النجاح الذي يصيبك فيها هو حسنة من الله تعالى،والفشل والخطأ فيها سيّئة تنسب إليك وإن قام بها غيرك،لأن الموقع الأول فيها يتحمل مسؤولية الفشل وعدم النجاح .
وبالجملة ، فإن معنى الحسنة والسيّئة الوارد في الآيتين يتناسب مع المعنى الذي كان يتردد على ألسنة المعترضين وفي نفوسهم عن الحرب وماينتج عنها من موت وحياة، ومن نجاح وفشل.

وقد ورد استعمال كلمتي الحسنة والسيّئة في القرآن الكريم بمعاني أخرى مغايرة لما تقدم:
-منها:ورود الحسنة بمعنى فعل الحسن من الطاعات والخيرات،ويقابلها السيئة بمعنى فعل القبيح من المعاصي والشرور، كما في قوله تعالى: (إنّ الحسنات يذهبن السيّئات) وقوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) وقد نسب المجيء بهما إلى فاعلهما، وهو العبد، فالحسنة هنا صدرت من العبد، ولم تقع عليه ولم تصبه كما في المعنى المتقدم،وكذلك السيّئة هنا،فقد صدرت منه،وهو الذي جاء بها على حدّ التعبير الوارد في الآية.
-ومنها:ورود السيّئة بمعنى إيقاع العبد الظلم بغيره،ويقابلها الإحسان،كما ورد في قول الله تعالى(إدفع بالتي هي أحسن السيّئة)وقوله تعالى(وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ )والسّيّئة بهذا المعنى تنسب إلى العبد وحده،فهو الذي صدر منه الظلم لغيره،ولا يصح نسبتها إلى الله تعالى،كما جاء في قوله تعالى(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا).
وقد تأتي السيّئة بمعنى مقابل للرحمة،كما في قوله تعالى(وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ).
وقد وردت الكلمتان (الحسنة والسيّئة) في آياتٍ أخرى بمعان مغايرة لما تقدم.وقد ظهر لك أن إسنادهما إلى فاعل واحد،كما في قوله تعالى(قل كلٌّ من عند الله)أو إسناد كل واحدة منهما إلى فاعلها،كما في قوله تعالى(من جاء بالحسنة…) يرتبط بالمعنى المقصود منهما في تلك الموارد.والله تعالى هو الأعلم.

شارك وانشر