بيروت – صبحي الدبيسي:السياسة 27 كانون الأول 2007
رأى مفتي صور وجبل عامل السيد علي الأمين أن الواقع السياسي اللبناني يتجه من الشلل إلى شبه التعطيل الكامل للحياة السياسية بسبب تخلي مجلس النواب عن مسؤولياته في التشريع والرقابة والمحافظة على الدستور بعد أن أصبح هذا التعطيل أمراً متعمداً ويسير بشكل منظم من تأجيل إلى تأجيل, ما يفتح الأبواب على المجهول المظلم, مشبهاً الدعوات للانتخاب بمن يدعو جماعة إلى العشاء فيحضر المدعوون ويغيب صاحب الدعوة وتغيب المأدبة ومعه, ما يؤكد عدم جدية هذه الدعوات المتكررة امتناع صاحب الدعوة نفسه مع كتلته عن حضور جلسات الانتخاب التي يدعو إليها, كاشفاً أن الرئيس بري لم يكن مالكاً لورقة التفاوض من الأساس وإنما كان يفاوض بالوكالة عن »حزب الله« و»التيار الوطني الحر« الأساسيين في المعارضة وبعد أن ظهر للعماد عون أن بري تخلى عن ترشيحه ولم يطرح اسمه كرئيس توافقي سُحبت الوكالة منه, واصفاً بري بالشريك الأضعف لدى السوريين.
السيد الأمين وفي حوار مع »السياسة« رأى أنه لا توجد وسيلة لدفع الخطر المحدق بلبنان سوى تمسك اللبنانيين بمشروع الدولة الواحدة وعودة القيادات إلى العمل ضمن المؤسسات الدستورية وفي طليعتها البرلمان, معتبراً ان اعتراض المعارضة على تعديل الدستور يكشف إرادة أطرافها الاستمرار بالفراغ وما دام »حزب الله» وحركة »أمل« يحصلان على كل المكاسب من الدولة وهما خارجها سيطول غيابهما عن مشروع الدولة.
وأكد أن لا خيار للطائفة الشيعية سوى خيار الدولة اللبنانية الواحدة, وهي لم تعط وكالة لأحد ليخرجها من مشروع الدولة, وإن من حق أي حزب أن يخرج من الدولة, ولكن ليس من حقه أن يخرج باسم الطائفة أو يحتكر المواقف والمناصب باسمها, مؤكداً استمرار العماد سليمان بترشيحه لأن وجوده بالنسبة للبنانيين مسؤولية وطنية كبرى.
وفيما يلي نص الحوار:
* ما قراءتكم للواقع السياسي اللبناني في ضوء تأجيل انتخاب رئيس للجمهورية للمرة العاشرة وهل تعتبرون كلام الرئيس بري مريحا بأنه سيستمر بالدعوة إلى الانتخابات الى ما بعد نهاية السنة?
إن الواقع السياسي اللبناني يتجه من الشلل إلى شبه التعطيل الكامل للحياة السياسية لأن المؤسسة الوحيدة في النظام البرلماني والقادرة على إنتاج حياة سياسية جديدة هي مجلس النواب الذي يتخلى عن مسؤولياته في التشريع والرقابة والمحافظة على الدستور الذي يتمثل بملء الفراغ الرئاسي ولا توجد سلطات قضائية وعسكرية تلزم النواب بالقيام بواجباتهم كما هو موجود في كل الأنظمة الديمقراطية حيث لا يسمح فيها بتعطيل الدستور وإيجاد الفراغ القيادي والذي يبدو للمراقب والمتتبع أن هذا التعطيل أمر متعمد ويسير بشكل منظم من تأجيل إلى تأجيل مما يفتح الأبواب على المجهول المظلم والاستمرار بالدعوة إلى الجلسات الفارغة هو أسلوب لتخريج التعطيل وتلطيفه لأن الدعوة إلى جلسات لانتخاب رئيس للجمهورية ليست مطلوبة لنفسها وإنما هي مطلوبة لغيرها وهو انتخاب رئيس للجمهورية فلا تبقى قيمة لهذه الدعوات إذا لم يحصل الانتخاب وهي أشبه شيء بمن يدعو جماعة إلى مأدبة عشاء فحضر الجميع وغاب صاحب الدعوة وغابت المأدبة معه !. ومما يكشف عن عدم الجدية في هذه الدعوات المتكررة امتناع صاحب الدعوة نفسه مع كتلته عن حضور جلسات الانتخاب التي يدعو إليها.
بري بالوكالة
* لماذا تم سحب ورقة التفاوض من يد الرئيس بري إلى العماد عون, ولماذا ترفض الأكثرية التفاوض مع عون?
لم يكن الرئيس بري مالكا لورقة التفاوض في الأساس وإنما كان يفاوض بالوكالة عن »حزب الله« و»التيار الوطني الحر« الطرفين الأساسيين في المعارضة وبعدما ظهر للعماد عون أن الرئيس بري تخلى عن ترشيحه ولم يطرح اسمه كرئيس توافقي سحبت الوكالة منه. وفي رأيي أن هذه الوكالة لم تكن مناسبة للرئيس بري من أول الأمر والأكثرية شعرت بضرورة الانفتاح على العماد عون وجرى لقاء بينه وبين رئيس كتلة المستقبل النيابية الشيخ سعد الحريري ولكن الصيغ المغلقة والشروط المسبقة التي يطرحها العماد عون هي التي منعت من استمرار التفاوض معه.
* هل أصبح بري شريكا غير مقبول لدى السوريين ولم يتقدم عليه حزب الله والعماد عون ?
لا أعتقد أن الرئيس بري أصبح الشريك غير المقبول في المعارضة المدعومة من السوريين ولكنه أصبح الشريك الأضعف ولذلك يتقدم عليه حزب الله والتيار الوطني الحر.
* في ضوء السجال القائم بين الإدارة الأميركية والنظام السوري, هل تلحظ جدية في تعاطي واشنطن مع الملف اللبناني, وهل يعد كلام بوش الأخير بمثابة إنذار لنظام بشار الأسد?
هناك متغيرات حصلت على مستوى العالم لا بد من أخذها في الاعتبار, فالسياسة اليوم تختلف عما كانت عليه قبل سنوات والذي نراه أن هناك إصرارا أميركيا يدل على أن الملف اللبناني اليوم يختلف عن الماضي وكلام الرئيس بوش الأخير والذي جاء بعد مؤتمر أنابوليس يؤكد الإصرار الأميركي وأنه لا توجد صفقات ومساومات على الموقف من الملف اللبناني.
* على خلفية كلام الشرع بأن حلفاء سورية في لبنان باتوا أقوى, وتأكيد الوزير المعلم بأن لا نية لدى دمشق للضغط على المعارضة…إلى أين تسير الأمور وهل وصلت الأكثرية إلى مأزق?
يمكن أن يفهم كلام الشرع على أنه رسالة إلى الخارج وفيها إظهار لمدى قدرة سورية على المعارضة وعلى حل الأزمة التي لا تعتبر أزمة للأكثرية وحدها أو المعارضة وحدها, إنها جعلت الوطن كله في أزمة حادة تنذر بأسوأ العواقب التي تطال الجميع.
* كيف يمكن للبنان أن يتحصن من خطر زواله عن الخارطة السياسية?
oلا يوجد وسيلة لدفع الخطر المحدق بلبنان سوى تمسك اللبنانيين بمشروع الدولة الواحدة وعودة القيادات إلى العمل ضمن المؤسسات الدستورية وفي طليعتها البرلمان وابتعاد الأحزاب والطوائف عن الارتباطات الخارجية.
* بعد اقتراح الحكومة تعديل المادة 49 وزيادة فقرة تجيز للمجلس انتخاب العماد سليمان, هل أصبحت الحرب مفتوحة بين المعارضة والأكثرية?
إن اقتراح الحكومة تعديل المادة 49 يكشف جدية الحكومة والأكثرية في انتخاب العماد سليمان ووضع حد للفراغ الرئاسي واعتراض المعارضة على ذلك يكشف إرادة أطرافها استمرار الفراغ والتعطيل وأنهم لا يريدون انتخاب قائد الجيش لموقع رئاسة الجمهورية فإذا كان التعديل يمكن أن يقوم به المجلس النيابي منفردا فلماذا لم يقم به حتى الآن?! فهل منعته الحكومة غير الموجودة وغير الشرعية من ذلك?!! وإذا كان بإمكان المجلس النيابي التعديل والانتخاب من دون الحكومة فإن اقتراح الحكومة للتعديل لا يكون معرقلا لانتخاب العماد سليمان وإنما يكون تعزيزاً وتأكيداً على انتخابه, وإذا كان المجلس النيابي لم يقم بأقل ما يلزم عليه, فكيف يكون اقتراح الحكومة للتعديل من لزوم ما لا يلزم!!
* إلى متى سيطول غياب حركة أمل وحزب الله عن المشاركة في بناء دولة لبنان الحديث?
ما دام حزب الله وحركة أمل يحصلان على كل المكاسب من الدولة وهما خارجها سيطول غيابهما عن مشروع الدولة.
لاخيار سوى الدولة
* إذا قررت الحكومة تعيين بدائل عن الوزراء الشيعة المستقيلين فهل أنتم مستعدون لتسهيل هذه المهمة?
لقد اقترحنا على الحكومة منذ زمن طويل تعيين بدلاء عن الوزراء المستقيلين قبل أن نصل إلى الفراغ في سدة الرئاسة.
* هل تعتبرون أن الطائفة الشيعية أصبحت خارج إطار الدولة وهل يحق لحزب سياسي أن يخرج وزراءه من الحكومة ويحتمي بحقوق طائفته?
الطائفة الشيعية لا يوجد لها خيار سوى خيار الدولة اللبنانية الواحدة وهي لم تعط وكالة لأحد ليخرجها من مشروع الدولة ومن حق أي حزب أن يخرج وزراءه من الحكم ولكن ليس من حقه أن يخرج باسم الطائفة وليس من حقه أن يحتكر المواقع والمناصب باسم الطائفة.
* بعد اتجاه الفوضى في العراق إلى الانحسار, متى تتوقعون زوال المحنة عن لبنان?
زوال المحنة في لبنان يبدأ بالدولة القوية التي تبسط سيادتها وتفرض القانون والدستور على الجميع.
* لوحظ غيابكم عن اتخاذ مواقف سياسية منذ دخول لبنان مرحلة الاستحقاق الرئاسي. ما مبرر هذا الغياب وهل صحيح انك تلقيت تهديدات منعتك من اتخاذ مواقف مؤيدة للأكثرية?
كنا نتوقع أن يأخذ الاستحقاق الرئاسي مجراه ضمن المهلة الدستورية واللعبة الديمقراطية خصوصاً أن بعضهم كان يقول إنه لن تمر المهلة الدستورية دون رئيس جديد وإنه لن يخالف الدستور ولكن الذي حصل عكس ذلك, ولم أشعر بوجود شيء جديد على صعيد التهديدات سوى المزيد من الدعايات والمقاطعة.
* هل تتوقعون انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية أم سيقوده الجو المتفجر للاعتذار وبالتالي كيف يمكن للأكثرية أن تتصرف?
لا أتوقع اعتذار العماد سليمان عن ترشيحه لسدة الرئاسة لأن هذا الترشح أصبح بالنسبة إلينا كلبنانيين مسؤولية وطنية كبرى والذي نعرفه عن العماد سليمان أنه الرجل الذي يتحمل المسؤولية في سبيل وطنه وشعبه في الأوقات العصيبة.