وثيقة الأخوة الإنسانية: لن نرضى بغير الحب دينا
بقلم الاستاذ محمد الأمين*
وثيقة الأخوة الإنسانية التي صدرت من أبو ظبي بتوقيع من قداسة البابا فرنسيس بابا السلام ومن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إمام الإعتدال، هي بمثابة دستور عالمي يرسم للبشرية صورة التعايش الأخوي بسلام واحترام بين الدول والأفراد والشعوب والجماعات والأمم، وهذه الوثيقة التاريخية هي دعوة لكل الدول والقيادات في العالم لنبذ الصراعات والعمل بقيم الحرية والمحبة والسلام، وبهذه التعاليم الموجودة في الوثيقة يتجنب العالم شرور الحروب ومآسيها ويعمل على مساعدة الفقراء وجسر الهوة بينهم وبين الأغنياء، وبذلك يضمن العالم استمرار التقدم والإزدهار في أمن وأمان. 
هذا ما قاله العلامة السيد علي الأمين الذي كان من المستقبلين والمشاركين مع أعضاء مجلس الحكماء المسلمين لقداسة البابا عن وثيقة الأخوة الإنسانية وهو دلالة على عمق ما ورد في الوثيقة التاريخية التي نصت على قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحقوق الطفل وعلاقة الشرق والغرب وحرية الاعتقاد ونشر الاخلاق ومفهوم المواطنة وحقوق المرأة وحماية الفئات الضعيفة، وهذه العناوين الأكثر حضوراً وحاجة في مجتمعاتنا والتي من خلالها ستؤسس لمجتمعات سالمة ومسالمة محررة من الاستغلال الديني والسياسي ومبتعدة عن العصبية البغيضة التي تزهق الأرواح وتدمر البلاد ..
إن الوثيقة التاريخية التي تدعو الى كل هذه القيم والعمل بها أرست مدماك التعاون والتنسيق بمفهوم الأخوة الذي لا يعتريه أي مصلحة خاصة أو أنانية تطغى على طرف دون آخر واي استغلال لكل الطاقات الجماعية والفردية والأهم أنها تسحب البساط وتصادر الإحتكارلكل دولة أو مجموعة أو مؤسسة أو زعامات تدعوا الى العنف أو تمارسه أو تبرره للوصول إلى مبتغاها وعرت كل من يستعمل المنصات والمواقع والنفوذ بأسم الاديان لتقول لنا بأنه لا يمكن لأي دين أن يحمل الشر ولا لمؤمن بتعاليم السماء أن يشيع لغة القتل ويمارسه وأن يعتبر نفسه أنه الحق والصحيح وحده دون غيره ..
انها وثيقة تحول مفهوم التعايش الى تعاون انساني يخدم البشرية بكل مكوناتها والوانها واعراقها ولهذا تطرقت الوثيقة الى دور الأسرة والطفل والتغذية والتعليم والمسنين وحقوق المرأة. والوثيقة أبرزت مفهوم المواطنة ودعت كل ذي شأن للعمل على ترسيخها في مجتمعاتنا والابتعاد عن مصادرة الحقوق المدنية والدينية لأي فرد تحت مفهوم الأقليات.
ولأجل أن تأخذ الوثيقة طريقها في عالمنا وللإستفادة من مضمونها بكل تفاصيله ولتصبح عنواناً للتواصل ونموذجاً للتلاقي بين الديانات ولإنها صوت السلام والتسامح والمحبة الذي يخاطب العالم على أهمية العيش الواحد المحتوم بينهم، وتماشياً مع العمل الجبار لرسل السلام في الأزهر والفاتيكان الذي أخرج الوثيقة العمل من قبل أهل الفكر وصناع السياسات والهيئات الدينية والثقافية والتربوية والتعليمية السعي إلى إدراج بنود الوثيقة في قوانين تحفظ تطبيقها وفي مناهج دراسية نتعلمها.
أن أوطاننا بحاجة إلى كل بذرة صالحة تنمو وتتكاثر لنتحول من مجتمعات يتمسك كل منها بما لديه ولو كان باطلاً إلى التمسك بالقيم الروحية والأخلاق الإنسانية.
وأخيراً إنه اللقاء بين المسيحية والإسلام رسالتان تحملان مفاهيم الخير وتعاليم السماء التي تدعو إلى الأخوة بين الناس، انها وثيقة لغد مشرق ينير عهود العيش بيننا في كل مكان كما جاء في كلمة العلامة الأمين التي ألقاها في أستقبال قداسة البابا: معاً عشنا بأر ضِ الشرقِ دهراً نصارى إخوةً للمسلمينا ونحنُ على خُطى الأجدادِ نمضي بإيمانٍ وعزمٍ لن يلينا ونبقى الأوفياءَ لما وَرِثْنَا بِسِلْمٍ وَاعْتِدالٍ مؤمنينا نصونُ بذاك عهدَ العيشِ أهلاً ولن نرضى بغيرِ الحبّ دينا.
* مؤسسة العلامة الأمين للتعارف والحوار – لتعارفوا