الأحد , مارس 23 2025
الامين | عاشوراء - العلاّمة السيد علي الأمين : كان في عهد الأئمة سيوف وسلاسل من حديد ولكنهم لم يضربوا بها رؤوسهم ولا رؤوس أطفالهم

عاشوراء – العلاّمة السيد علي الأمين : كان في عهد الأئمة سيوف وسلاسل من حديد ولكنهم لم يضربوا بها رؤوسهم ولا رؤوس أطفالهم

عاشوراء – العلاّمة السيد علي الأمين :

كان في عهد الأئمة سيوف وسلاسل من حديد ولكنهم لم يضربوا بها رؤوسهم ولا رؤوس أطفالهم

 

أسئلة موجهة لسماحة العلاّمة السيد علي الأمين، بمناسبة يوم عاشوراء:

. كيف ترون طقوس الشيعة حول العالم في هذا الْيَوْم من ضرب الجسد وإسالة الدماء؟

  • العلاّمة السيد علي الأمين: الكثير من الممارسات التي تجري في مناسبة عاشوراء أصبحت على مرور الزّمن من العادات والتّقاليد التي لا دليل عليها في أصل الشّرع، ولم يقم بممارستها أئمة أهل البيت في حياتهم،
    وقد كان في عهد الأئمة عليهم السلام سيوفٌ وسلاسل من حديد، ولكنّهم لم يضربوا بها رؤوسهم على الإمام الحسين ولا رؤوس أطفالهم ولم تفعل ذلك نساؤهم،ولم يُدْمُوا أجسادهم، وكانت لديهم الأيدي ليلطموا بها صدورهم وجباههم، ولم يسيروا على النار، إنهم أصحاب المصيبة ولم يفعلوا شيئاً من تلك الأمور التي تجري اليوم بتشجيع من قراء العزاء الذين يبتدعون شتى الطرق لترويج أنفسهم وأحزابهم الطائفية لأغراض دعائية وسياسية في ظلّ الصمت من المرجعيات الدينية.

إن المطلوب من الشيعة هو الإقتداء بأئمتهم في هذه المناسبة وغيرها،وهم كانوا على وحدة الأمة يحرصون،ويعملون على شد أزرها وزرع الألفة بين أبنائها،وقالوا لشيعتهم: كونوا لنا زَيْناً،ولا تكونوا علينا شَيْناً.

. من ابتدع هذه الطقوس؟

-العلاّمة السيد علي الأمين: هي خليط من طقوس وعادات انتقلت إلى بعض مجتمعاتنا من ممارسات شعوب من غير المسلمين،والكثير من العلماء ومراجع الدّين الشيعة لا يمارسون تلك الأعمال ولا يحبّذونها، بل يذهب بعضهم إلى تحريم بعضها كإدماء الرّؤوس والأجساد. وقد قال العلامة المجتهد الشيخ محمد جواد مغنيّة في بعض كتبه وهو من العلماءالذين عاصرناهم رحمهم الله: ( إنّ العادات والتقاليد المتبعة عند العوام لا يصحّ أن تكون مصدراً للعقيدة لأن الكثير منها لا يقرّه الدّين الذي ينتمون إليه حتى ولو أيّدها وساندها شيوخ يتسمون بسمة الدّين. ومنها ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وإيران من لبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم. فإن هذه العادة المشينة بدعة في الدين والمذهب وقد أحدثها لأنفسهم أهل الجهالة من دون أن يأذن بها إمام أو عالم كبير كما هو الشأن في كلّ دين ومذهب، إذ توجد به عادات لا تقرها العقيدة التي ينتسبون إليها ويسكت عنها من يسكت خوف الإهانة والضرر ولم يجرؤ على مجابهتها ومحاربتها أحد في أيامنا إلا قليل من العلماء وفي طليعتهم المرحوم السيد محسن الأمين الذي ألف رسالة خاصّة في تحريم هذه العادة وبدعتها وأسمى الرسالة “التنزيه لأعمال الشبيه”.
ويروي أصحاب السيرة الحسينية في كتبهم وصيّة الإمام الحسين لأخته السيدة زينب وفيها النّهي عن خدش الوجه وشقّ الجيب وغير ذلك من مظاهر الجزع عند المصاب الّتي ورد النّهي عنها في الشريعة الإسلامية.

. ما الذي تنصحون بفعله في هذا الْيَوْمَ بدلا من ضرب الجسد وإسالة الدماء؟

-العلاّمة السيد علي الأمين: إن أفضل ما يُدعى إليه في هذا اليوم وفي كل يوم هو الدعوة إلى أعمال البرّ والإحسان إلى المحتاجين، والسعي إلى شدّ روابط الأخوة والدين بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم وقومياتهم، والإبتعاد عن كل ما يثير الفتن في الأوطان، ولا شك في أن التبرع بوحدة دم لإنقاذ إنسان هي الأقرب لله تعالى من إراقتها في الشوارع والطرقات باسم الحزن على الحسين، ولا قيمة لدمع يذرف عليه إذا لم يغسل الأحقاد في الصدور ويزيل ما علق من الأدران في النفوس.

. كيف ترون توظيف بعض الميليشيات في الشرق الأوسط لهذه المناسبة الدينية لاستغلالها لمصالحهم؟

-العلاّمة السيد علي الأمين: مع الأسف، لقد تحولت مناسبة عاشوراء في بعض البلدان بفعل تخلي المرجعية الدينية عن إدارتها، وتركها لسيطرة الأحزاب والميليشيات على مجالسها إلى مناسبة للتعبئة الحزبية والترويج للمواقف السياسية وصولاً إلى التدخل في الحرب والقتال تحت شعارات مذهبية كما فعلت تلك الميليشيات والأحزاب في تدخلها في القتال على الأراضي السورية وغيرها تحت شعار كربلاء والحسين وغيرهما من الشعارات الطائفية والدينية استغلالاً لها في تعبئة الأنصار وتبريراً لتدخلاتها حين قال بعض زعمائها في مناسبة من مناسبات عاشوراء بأن من يترك القتال منا في سوريا هو كمن يترك الإمام الحسين ليلة عاشوراء!
وقد قلنا ونقول رداً على هذا الكلام الخطأ كفى استغلالاً للدين في طلب السلطة والنفوذ، واتخاذ مناسبة عاشوراء وغيرها من المناسبات جسرَ عبور إلى المشاريع السياسية، فإن الإمام الحسين ليس لحزب وليس لمذهب ولا لطائفة، إنه للأمة بكل أطيافها وتنوعاتها، هو للإنسانية كلها، فهو القائل:خرجت للإصلاح في أمة جدّي،أريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحقّ، ومن ردّ عليَّ أصبر حتى يحكم الله، وهو خير الحاكمين.
هذا شعاره، فهو لم يخرج للحرب والقتال، ولم يفرض دعوته بالسلاح، ولكنه قوتل وحورب، ولذا قلنا فيما مضى ونقول اليوم إن الإمام الحسين بدعوته وبقيمه الدينية ومبادئه الإنسانية غيرُ موجود في ساحات القتال الداخلي على الأراضي السورية وغيرها، فالقتال هناك هو صراع على السلطة والنفوذ بين دول وأحزاب، والمظلوم الوحيد في هذه الحروب الدائرة هو الشعب .
إن دعوة الإمام الحسين توجد في الوقوف إلى جانب المظلومين والمعذبين في أوطانهم والمبعدين بغير حق عن أرضهم وديارهم، وإن دعوة الإمام الحسين توجد في الأمر بالمعروف إلى الإلفة والإبتعاد عن الفتنة، ولهذا نرى بأن الخروج من القتال في سوريا ومن كل ساحات القتال بين الأهل والإخوة ليس تركاً للإمام الحسين في عاشوراء، بل هو خروج واجب من فتنة عمياء، وهو خروج يؤدي إلى نزع فتيل الأحقاد المذهبية وإبعاد نيران الطائفية والبغضاء عن مجتمعاتنا وأوطاننا، ويُسقط هذا الخروج منها حججَ المستفيدين من تأجيج العداوات الطائفية والمذهبية في المنطقة، ويفتح الطريق نحو الحلول السياسية والإستقرار.

عاشوراء السيد علي الامين sayyed ali al amin

 

شارك المعرفة وانشر