الثلاثاء , مارس 19 2024
الامين | أدعية الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)

البومة والغراب

البومة والغراب!

ورد السؤال التالي إلى مكتب العلامة السيد علي الأمين:

-السؤال: ما رأيكم بهاتين الروايتين عن البومة؟

-الرواية الأولى
 
في بحار الأنوار / جزء 45 / صفحة ( 213 ) :-
 
عن أبي عبد الله عليه السلام ( الامام الصادق ) قال: هل أحد منكم رآها – أي البومة – بالنهار ؟ قيل له: لاتكاد تظهر بالنهار ولا تظهر إلا ليلا قال: أما إنها لم تزل تأوي العمران أبدا فلما أن قتل الحسين عليه السلام آلت على نفسها أن لا تأوي العمران أبدا، ولا تأوي إلا الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة، حتى يجنها الليل فإذا جنّها الليل فلا تزال ترن على الحسين صلوات الله عليه حتى تصبح ) .
 
-الرواية الثانية
 
نفس المصدر السابق صفحة ( 214 )
 
– جواب الإمام الرضا (ع) على السائل – : ( ترى هذه البومة كانت على عهد جدي رسول الله صلى الله عليه وآله تأوي المنازل والقصور والدور، وكانت إذا أكل الناس الطعام تطير فتقع أمامهم، فيرمى إليها بالطعام وتسقى ثم ترجع إلى مكانها، ولما قتل الحسين بن علي خرجت من العمران إلى الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الامة أنتم قتلتم ابن نبيكم ولا آمنكم على نفسي.

-الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الروايتان ضعيفتان سنداً،وعلى العموم هذا النحو من الروايات لا يؤخذ به لمخالفته للواقع المعلوم ، وأما التشاؤم بها عند العرب فهو ليس بها، وإنما بالحالة التي كانت تلازمها من سكنى الخراب وغيرها،ولذلك تكنّى في لغة العرب ( أم الخراب ) و( غراب الليل ) باعتبار خروجها ليلاً ، كما تشاءموا بالغراب، فقالوا عنه ( غراب البين ) و( أشأم من غراب ) لأنه كان يأتي بعد رحيل القوم ليبحث عن بعض البقايا، فكانوا إذا شاهدوه من بعيد في مكان قصدوه علموا رحيل أهله، ولذا شبّهوا وجوده بخبر الشؤم،باعتبار أن وجوده ملازم في العادة لفراق الأهل ومغادرتهم للمكان الذي كانوا ينزلون فيه،وهو    لا علاقة له برحيلهم ، والتشبيه هو وجه من وجوه الأدب في اللغة العربية،وقد ورد تشبيه نزول الشَّيب بالبومة وتشبيه الشَّعر الأسود بالغراب في أبيات من الشِّعر المنسوب لأمير المؤمنين عليه السلام:

-أَأَنْعَمُ عيشاً بعدما حلَّ عارضي/طلائع شيبٍ ليس يغني خضابها
أيا بومةً قد عشَّشَتْ فوق هامتي/ على الرغم منّي حين طار غرابها
رأيتِ  خَرابَ العمر منّي  فزرتني / ومأواك  من كلّ  الديار  خرابها