الخميس , مارس 28 2024
الامين | رفض قرار الحكومة سحب الجيش اللبناني من قرية طيردبا-قضاء صور-

الوسيلة والتوسل والإستعانة

سؤال إلى سماحة السيد علي الأمين

س- لم يتضح رأيكم من حديثكم في قناة المستقلة في التوسل بالنبي (ص) و أهل بيته (ع) فهل ترون سماحتكم بأن التوسل غير جائز ؟ صحيح ان الدعاء و الإستعانة في الأصل هي لله تعالى ، و لكن الله رغب إلى العباد إتخاذ الوسيلة ، و ما الكعبة و المسجد و ما شابه إلا وسائل للتقرب إليه تعالى . و قد قال تعالى ” و ابتغوا إليه الوسيلة ” و قال أولاد يعقوب ” يا أبانا استغفر لنا ” و لم يزجرهم النبي يعقوب عليه السلام . كما قال سبحانه ” و لو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفرو ا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ” و في مسند أحمد و مستدرك الحاكم ان النبي (ص) علم أعرابيا كيف يستشفع به إلى الله تعالى ، و جاء فيه أيضا خطاب إلى النبي باسمه بطلب الشفاعة . و في الطبراني أن النبي (ص) توسل بالأنبياء من قبله و بذاته الشريفة عند دفن فاطمة بنت أسد . و في الكافي ان الإمام الهادي طلب من الجعفري أن يدعو له عند مرقد الإمام الحسين (ع) مع انه إمام معصوم . و لو كانت مطلق الإستعانة بغير الله تعالى ممنوعة ، لكانت الإستعانة بالدواء و الأطباء و اتخاذ الأسباب الطبيعية محرمة ! و لكن الله تعالى هو الذي أودع فيها تلك الخصائص و دعا إلى الإٍستعانة بها في الظاهر مع انه هو الشافي الحقيقي ، و كذلك الحال في الرزق و غيره . و هكذا بالنسبة للأنبياء و الأولياء فإن الله تعالى هو الذي أكرمهم و قربهم و جعلهم الوسيلة إليه . أما قول بعضهم يامحمد و يا علي و يا حسين، فإنه في ألأصل و العمق توسل بهم إلى الله تعالى بما أعطاهم و كرمهم و باركهم به ، و ليس عبادة لهم ، و شتان بينه و بين من قال ” نعبدهم ليقربونا إلي الله زلفى ” بل هم عباد مكرمون لا يسبقونه في القول و هم بامره يعملون .

المرسل:مشتاق اللواتي-عمان-
٢٠٠٩/٥/٩/
___________
ج- لقد كان الحديث في قناة المستقلة عن انحصار الدعاء بالله وحده ، وأمّا بالنسبة إلى طلب إخوة يوسف من أبيهم أن يستغفر الله لهم فهو لا يتنافى مع انحصار الدّعاء بالله تعالى فهم يطلبون منه أن يدعو الله لهم بالمغفرة، والدّعاء هو الوسيلة إلى ذلك، وفي القرآن ما يشير إلى ذلك المعنى: (أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذوراً ) سورة الإسراء،آية 57. وقد ورد في الحديث ما معناه :(أدعني بلسان غيرك ) أو ( بلسانٍ لم تعصني فيه). ومن معاني الوسيلة القربة و الطاعة والدرجة كما في الدّعاء ( وآت محمّدا الوسيلة) وقد فسّرت بأنها مقامه ودرجته في الجنّة. وفي وصيّة الامام عليه السلام لولده الحسن (ع) ما يدلّ على انحصار اللجوء إلى الله تعالى (.. وألجئ نفسك في أمورك كلّها إلى إلهك فإنّك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز وأخلص في المسألة لربّك فإنّ بيده العطاء و الحرمان) وكلمة ( أمورك كلّها ) تدلّ على العموم كما هو مذكور في علم أصول الفقه. ونحن لا نرى مانعاً من التوسّل إلى الله بالأنبياء و والأوصياء والصالحين لأنّه في حقيقة الحال هو طلب من الخالق وليس طلباً من المخلوق. والكعبة والمسجد الحرام وغيرهما من المساجد وأماكن العبادة لا ندعوها وإنّما ندعو الله فيها. وهكذا الحال بالنسبة إلى مقامات الأنبياء والأوصياء والصّالحين فإنّها بحكم المساجد وأماكن العبادة التي لا ندعوها ولا نعبدها، ولا ندعو أصحابها ولا نعبدهم ولكنّنا ندعو الله تعالى ونعبده فيها.

وأمّا ما ذكرته من الذّهاب إلى الطبيب وغيره وأنّه قد يفهم أنّه من الاستعانة الممنوعة فإنّ ذلك لا يتنافى مع الاستعانة بالله تعالى لأن الله تعالى هو مسبّب الأسباب وهو الّذي ربط النتائج بأسبابها، فالأخذ بالأسباب الّتي تتولّد منها النتائج بإذن الله تعالى وقدرته ومشيئته هي معدودة من الاستعانة بالله تعالى كما قال سبحانه : (واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ..) البقرة،153 وكما أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى وكما ورد في جملة من الأحاديث ( أن من شكى حاجته إلى مؤمن فكأنما شكى حاجته إلى الله تعالى ) وما ورد فيها من ( أن الدواء من القدر ) وغير ذلك من الروايات والأحاديث التي تدلّ على انّ الأخذ بالأسباب والتعاون بين المؤمنين في شؤون دينهم ودنياهم لا يتنافى مع الاستعانة الّتي يجب أن تكون بالله سبحانه وتعالى.