الإثنين , نوفمبر 11 2024

أفضّل لو اعتصم النوّاب في الصنائع حيث بات أهلنا في العراء” الأمين: الدولة القويّة العادلة تقوم بعد التسليم بسلطتها الكاملة وكيف الحديث عن انتصار ونحن نناشد العالم فكّ الحصار؟

 

 

"أفضّل لو اعتصم النوّاب في الصنائع حيث بات أهلنا في العراء"

الأمين: الدولة القويّة العادلة تقوم بعد التسليم بسلطتها الكاملة
وكيف الحديث عن انتصار ونحن نناشد العالم فكّ الحصار؟

المستقبل – الاربعاء 6 أيلول 2006 – العدد 2378 – شؤون لبنانية – صفحة 7

 

اعتبر مفتي صور وجبل عامل العلامة السيّد علي الأمين ان الهدف من الجريمة التي استهدفت المقدم سمير شحادة "ضرب مسيرة الأمان والاستقرار التي بدأ أهل الجنوب يشعرون بها مع انتشار الجيش اللبناني مدعوماً بقوات الطوارئ الدولية، إضافة إلى تعكير المسيرة التي أعادت للدولة دورها ومسيرة الملفات التي بعهدة المجتمع الدولي".
وذكّر بأن الإمام السيّد موسى الصدر "كان يطالب بعودة الجنوب إلى حضن الوطن، وانه لا يجوز أن يتحمّل الجنوب وحده، وبالتالي لبنان، ضريبة الصراع العربي ـ الإسرائيلي"، معتبراً ان "مطالبته هذه أدّت إلى اختطافه وتغييبه، ومَن ورثوه نسوا الكثير مما طالب به".
وأشار إلى "اننا لم نرَ الانتصار في الحرب الأخيرة"، واعتبر ان "الانتصار الذي يجري الحديث عنه قد يكون مجازياً معنوياً وليس استراتيجياً"، متسائلاً: "كيف يتحدث (رئيس المجلس النيابي) نبيه برّي وغيره عن انتصار ونحن نناشد دول العالم فك الحصار؟".
وأكد ان الطائفة الشيعية "لم تكن يوماً خارج مشروع الدولة التي تبسط سلطتها كاملة، أي دولة القانون التي تتحمّل مسؤولياتها في الأمن والدفاع وصون الحريات وتتولى أداء الخدمات للمواطن كي يبقى مرتبطاً بها".
ورفض ما يطرحه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بأنه يريد الدولة العادلة والقوية "فهذه الدولة تتم بعد التسليم الكامل بأن السلطة للدولة، عندئذ يبدأ النضال سلمياً وسياسياً من خلال مؤسسات الدولة والمجتمع الأهلي لتحقيقها"، مشدداً على ان الدولة "ليست حكراً لأحد، بل تقوم على مشاركة الجميع فيها".
وأشار إلى ان مهمة الجيش المرسل إلى الجنوب "تحددها القيادتان السياسية والعسكرية فقط، والحكومة حددت مهمته بالنقاط السبع التي تشدد على ان لا سلاح غير سلاح الدولة اللبنانية".
وقال الأمين في حديث إلى برنامج "بكل جرأة" من "المؤسسة اللبنانية للارسال" مساء أمس: "لقد بدأنا نشعر بالأمان منذ أن وطأت أقدام الجيش اللبناني والقوات الدولية الجنوب، فوصول قوات بهذا الحجم إلى الجنوب يكشف تصميم المجتمع الدولي على مساعدة الدولة اللبنانية في بسط سلطتها على أرض الجنوب إضافة إلى تصميم الحكومة على بسط سلطتها واستعادة الجنوب لأحضانها".
ولفت إلى ان "المشاهد المرحبة التي رأيناها في بنت جبيل وسواها من القرى وهي تستقبل الجيش، تكشف مدى الرغبة والانتظار لهذا الحبيب، الذي يشكل عنوان السيادة".
أضاف: "قوات الطوارئ مرحب بها كذلك لأن مهمتها تقضي بمساعدة الدولة على بسط سلطتها واستعادة سيادتها على كامل أراضيها وخصوصاً الجنوب".
وأكد ان "التساؤلات عما جرى تزداد، ما الذي قبضناه ثمناً لهذا الثمن الذي دفعناه؟ وماذا طلبنا؟ وماذا حدث في الجنوب؟ خصوصاً ان أهل الجنوب يحفظون شعار الإمام الصدر عندما قال: الجنوب أمانة ويجب أن نحفظه بأمر من الله والوطن".
وعمّن يقصده بأنه خان الأمانة، قال: "كان هناك تقصير وليس خيانة، الإمام الصدر كان يريد عودة الجنوب إلى حضن الدولة منذ السبعينات، أراد أن يقول للجميع انه لا يجوز أن يتحمّل الجنوب وحده ضريبة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وبالتالي لبنان الذي هو جزء من الأمّة العربية، وإذا فرضت الحرب فهي تكون على الجميع".
وعن علاقته بـ"حزب الله" أجاب: "كانت هناك اتصالات بيننا وبين القيادات بالحزب، كنا نطرح بعض الامور المتعلقة بالجنوب والوضع العام في المنطقة، وكنت أجد آذاناً صاغية للاستماع، ولم يكن هناك من اشكالات، لكن بعة الحرب بلغني استياء البعض من تصريحاتي، مع انني طالبت بقيام حوار داخل الطائفة الشيعية حول مجريات الامور قبل وبعد 12 تموز، وطرحت هذا الأمر على جملة من القيادات ويبدو أنهم رفضوا".
أضاف: "من واجبنا تصحيح الأخطاء التي حصلت والتنبيه إلى أين يؤخذ الجنوب وبالتالي لبنان، خصوصاً أن بعضهم كان يرفع شعار عدم العودة بالجنوب إلى ما قبل عام 1982، وكنت أسأل بعض القيادات كيف تقبلون اليوم ما كنتم ترفضونه للفلسطينيين عام 1982؟".
ورأى ان "الدولة اللبنانية وحزب الله لم يكونا على استعداد لهذه الحرب، والدليل يظهر في الدمار والخسائر التي حصلت وإسرائيل التي وصلت إلى حيث ما وصلت".
وقال: "نحن لم نرَ الانتصار، وأسأل: هل كنا قبل 12 تموز من الخاسرين لنحتاج لمثل هذا الانتصار؟ في اللغة العربية هناك الحقيقة والمجاز، قد يكون هذا الانتصار مجازياً معنوياً وليس استراتيجياً، لأن ضرب حيفا ليس انتصاراً، انتصار العام 2000 كان مستمراً وكان بالإمكان حينها الاندماج بمشروع الدولة من دون أن تفرض علينا هذه الحرب".
وعمّا إذا كان الإمام الصدر قد دفع ثمن مطالبته بإرسال الجيش إلى الجنوب، قال "لا شك أن مرحلة مجيء الإمام الصدر في السبعينات عندما طرح حركة "أمل" وبدأ التحرك سياسياً، كان همّه الأول حفظ الجنوب من خلال عودته إلى حضن الدولة التي غُيِّبت عنه منذ اتفاق القاهرة، وأصبح ساحة حرب حقيقية من دون اعدادات واستعدادات، وكان أهل الجنوب يدفعون الثمن، ويشكلون المتراس لهذه الامور في تلك المرحلة، وخصوصاً بعد تهجير عام 1978، رفع الإمام الصدر صوته عالياً وتساءل: كيف يهجر هذا الشعب وتدمر دياره وهناك صمت عربي ومحلي، وعرف ان سبب المشكلة هو تغييب الدولة عن الجنوب، فطالب بعودة الدولة إلى الجنوب وبسط سلطتها الكاملة عليه، وطالب حينها بانتشار الجيش الذي نسيّ المطالبة به كثيرون ممن ورثوه بعد ذلك. قد تكون مطالبته بمشروع الدولة وانتشار الجيش اللبناني واخراج الجنوب عن كونه ساحة صراع كبرى اقليمية ودولية أسباباً لاختطافه وتغييبه".
وأشار إلى انه بعد العدوان الاسرائيلي عام 1996 "قلنا لبعضهم ألم نناضل من أجل أن يكون قرار الجنوب بأيدينا وأيدي الدولة اللبنانية، فتبين لنا انه ليس بأيدينا، فكان جوابهم ألا تعرف ان القرار ليس بأيدينا؟".
وأوضح ان قرار رفض نشر الجيش في الجنوب "كانت وراءه في السابق القوى العسكرية الكبرى الموجودة على الأرض والمرتبطة آنذاك بوضع ايران والوجود السوري في لبنان".
وعن المبررات التي كانت تعطى بأن الجيش إذا انتشر سيكون حامي حدود لإسرائيل، قال: "الجيش اللبناني لم يكن في يوم من الأيام مرفوضاً حتى يقال انه مقبول اليوم، الجيش اللبناني كان دائماً مطلباً أساسياً لأهل الجنوب، كان التعجب من ادعاءات البعض بأن نشر الجيش اللبناني هو لضبط الحدود الإسرائيلية، مهمة الجيش حماية الحدود اللبنانية من الاعتداءات والحريات"، مستغرباً "سكوت القيادات التي ورثت الإمام الصدر على رفض نشر الجيش في الجنوب".
وعمّن يقصد، أجاب: "القيادة في
 حركة أمل إضافة إلى القواعد الشعبية وأهل الجنوب، ومع ان الجيش اللبناني كان موجوداً في منطقة صور وغيرها وتحقق إنجاز العام 2000 بتحرير الأرض ولم يكن هناك تصادم بين الجيش والمقاومة".
أضاف: "لو شكّل الجيش عائقاً أمام المقاومة لما تحقق انجاز عام 2000، فالجيش كان موجوداً وكان السلاح يصل للمقاومة كاملاً، ولم يعق هذه الامور".
وعما إذا كان الرئيس برّي قادراً على إعادة الشيعة إلى دائرة الدولة، أكد الأمين ان "الطائفة الشيعية لم تكن يوماً خارج مشروع الدولة، وقادت العديد من التنظيمات والأحزاب من أجل مشروع الدولة التي تبسط سلطتها الكاملة، أي دولة القانون وليس التي يريدها بعضهم".
وقال: "بعضهم يقول أنا مع الدولة وموجود فيها، الرئيس برّي موجود في الدولة وكذلك حزب الله، سألناهم أي دولة تريدون؟ يريدون الدولة التي حينما يشاؤون يوافقون على انتشار الجيش، وساعة مع المقاومة والانتصار وأخرى مع فك الحصار، بعضهم يريد دولة من دون قانون، يريدون دولة عنوانها ان هناك مخفراً في العديسة يرفع علماً لبنانياً، هذه هي الدولة أما الأمن والدفاع والاقتصاد والسياسة كل هذه الامور بأيدي قوى الأمر الواقع. نريد دولة تتحمل وحدها مسؤولية الأمن والدفاع وصون الحريات وتتولى أداء الخدمات للمواطن كي يبقى مرتبطاً بها".
وعن قول السيد نصرالله انه عندما يقول حزب الله بوجوب قيام مشروع الدولة القوية إنما يستند لرؤية فكرية وفقهية وايديولوجية، أجاب: "الدولة القوية والعادلة والمقاومة، تتم بعد التسليم الكامل بأن السلطة للدولة، عندئذ يبدأ النضال سلمياً وسياسياً من خلال مؤسسات الدولة والمجتمع الأهلي لتحقيق هذه الامور، وليس بالعكس، أي أن لا أسلم بمشروع الدولة حتى تصبح عادلة، وهي لا تصبح عادلة إلا بعد خروج الإمام المهدي؟ إذاً لن يكون هناك دولة".
أضاف: "الدولة ليست لي وحدي، كما قال أحدهم نحن ندافع عن بلدنا، هذه الدولة ليست لك وحدك بل لي كذلك وينبغي أن ندافع عنها، فأنت تختار وسيلة يمكن ان تضر بي، إذاً لا بد من مشاركة الجميع في هذه الدولة".
ورفض "عزل الشيعة عن بقية أفراد الشعب فهم جزء من الشعب اللبناني الذي تمثله الدولة اللبنانية، وليس لأي فريق من الشيعة أو اللبنانيين الادعاء بصنع سياسة دفاعية لكل اللبنانيين أو سياسة خارجية أو مالية، وهذا أمر ليس سليماً، الدولة اللبنانية منبثقة من العيش المشترك وهو تفاعل وتفاهم وتوافق بين الجميع".
وعما إذا كان يوافق على تسليم سلاح "حزب الله"، اعتبر ان "الجيش اللبناني الذي أرسلته الحكومة اللبنانية إلى الجنوب لا أحد يحدد له المهمة المنوطة به سوى قيادتيه العسكرية والسياسية، والقيادة السياسية المتمثلة بالحكومة اللبنانية قد أعلنت في النقاط السبع التي قدمتها للمجتمع الدولي ووافقت من خلالها على القرار 1701 انه لا يوجد سلاح سوى سلاح الشرعية في الجنوب اللبناني، مما يعني عدم وجود سلاحين أحدهما ظاهر والآخر غير ظاهر، عندما تقول الدولة لا سلاح سوى سلاح الدولة اللبنانية يعني انها المسؤولة وحدها عن الأمن والدفاع".
وعما إذا كان متخوفاً من التلاعب مع المجتمع الدولي، رأى ان الحكومة اللبنانية "لن تقع في مثل هذا الخطأ الذي وقعت فيه سابقاً، لأن القرارات التي تصدر من أي جهة كانت، مَن يعلن عن تنفيذها هو هذه الجهة، وكان مستغرباً صدور قرار عن الحكومة اللبنانية ان القرار 1559 نفذ من دون مراجعة الجهة التي أصدرته، المسألة أصبحت في طريق الحل الذي يطول".
وعن مصدر أموال "حزب الله"، قال: "لا أعتقد ان أموال الخمس والزكاة قد تبلغ مثل هذا الحجم، لأنه أمر مستبعد جداً، يمكن أن يكون قسم من مال حزب الله من الخمس والزكاة".
وعما إذا كانت ايران صادقة في دعم تنفيذ القرار 1701، أجاب: "نحن ملزمون بالأخذ بظاهر هذه المواقف، لذلك نقول لاخواننا في لبنان ايران تقول نحن مع تنفيذ الـ1701 بكل بنوده، هنا البعض يتحفظ، يجب أن نلزم ايران بقولها امام الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان".
وعن قول البعض ان المقاومة حافظت على كرامة اللبنانيين، قال: "دعونا لا نتحدث عن الكرامة، هل الكرامة أن ينام الانسان في العراء والمدارس والشوارع والأفران، أي كرامة كانت؟ هناك صمود وشجاعة وإيمان بالقتال والمواجهة، لا أشك انه كان هناك صمود لكن كل الذي جرى كي يقال عنا صامدون وشجعان؟ هذه الشجاعة كانت ثابتة سابقاً".
وانتقد الاعتصام النيابي في مجلس النواب "فكنت أفضّل أن يكون هذا الاعتصام في حديقة الصنائع التي نام فيها أهلنا في العراء، فلينظروا لمصائب الناس ومعاناتها ولا يناموا في فندق خمسة نجوم"، وقال: "كيف يزعم الرئيس برّي وغيره الانتصار وهم يناشدون العالم فك الحصار؟ ألهذا الحد تسطيح القضايا؟ هناك شهداء ومجازر وتضحيات قدمت، لكن بعد الغالي الذي دفعناه ماذا قبضنا؟، أهي الأموال؟ هل يبيع أحد هذه المعاناة بالأموال؟".
وشدد على "اننا لا نريد إيجاد فريق شيعي ثالث أو رابع، بل يجب أن يترك للناس حرية اختيار، وأعتقد انه إذا بسطت الدولة سلطتها كاملة سيكون هناك متغيرات كاملة".