الحرب الدفاعية
عاش الرسول بين المشركين من بني قومه يدعوهم سلميّاً إلى عبادة الله الرحمن وترك عبادة الأوثان،وقد رفضوا دعوته السلميّة، وقال لهم ما علمه الله(قل يا أيها الكافرون،لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد،لكم دينكم ولي دين)ولم يقبلوا بذلك، وقد حاصروه لسنوات في شعاب مكة وأخرجوه منها بعدما تآمروا على قتله،وعذّبوا من آمن بدعوته،ولاحقوه بعد إخراجه من دياره إلى مقره الجديد في المدينة معلنين الحرب عليه وعلى مجتمعه لمجرد إيمانهم بالله ودعوته السلمية،وهو لم يعلن الحرب عليهم ولا على غيرهم من الرافضين لدعوته،وقد كان شعاره قول الله تعالى(لا إكراه في الدين) وهم الذين أشعلوا نار الحرب فقام بالدفاع عن رسالته ومجتمع المؤمنين بها،فكانت حربه لهم دفاعية،ولم يبتدءهم بحرب،وعلى هذا الأساس تفهم آيات القرآن الكريم في القتل والقتال للمشركين وأعوانهم في تلك المرحلة،فأحكام الحرب كانت أحكاماً ظرفية ارتبطت بظروف الحرب وأسبابها،وقد انتهت بانتهائها.
…وقد جعل القرآن الكريم قاعدة العلاقة معهم تقوم على المودّة كما في قوله تعالى (ولتجدنّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) وعلى البرّ والقسط كما في قوله تعالى ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) وهذه الآية شاملة لكل من لم يعلن الحرب على الإسلام من أهل الكتاب وغيرهم.
وعلى هذه الأسس القرآنية من المودّة والبرّ والقسط يجب أن تكون العلاقات مع الآخر المختلف في الدين والعقيدة،وعليها أيضاً يقوم فهمنا لمسألة الحروب التي وقعت في عهد رسول الله(ص)…-١-
——
-١-كتاب زبدة التفكير في رفض السب والتكفير-ص-٤٨-إلى٥٦- العلامة السيد علي الأمين