الدين و الانسان
العلاّمة السيد علي الأمين
إن الدين ينطلق في نظرته إلى الإنسان من خلال إنسانيته التي يتساوى فيها أفراده بعيداً عن النظر إلى انتمائهم العرقي والديني.
وهذا التعدد في الأفراد والجماعات والتّنوّع في الأعراق والديانات والثقافات، وإن كان يعني وجود المختلفين خارجاً وحقيقةً، ولكنه لا يعني بالضرورة أن يكونوا على خلاف فيما بينهم وإن اختلفت الآراء والأفكار والمعتقدات، لأن معيار التفاضل ليس في تلك الإختلافات والإنتماءات، وليس في أصل الخلق الواحد المتساوين فيه والذي يجمعهم،فالواحد منّا يساويه غيره ويعادله في الإنسانية الموجودة فينا بالتساوي، كما جاء في القرآن الكريم مخاطباً الناس كل الناس: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) وفي الإنجيل: (أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى؟).
فهذه المساواة في أصل الخلق تبطل دعوى الإمتياز في العنصر، والله يقول في القرآن الكريم (وكرّمْنَا بني آدم) و(إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم).
وهذا يعني أن معيار التفاضل عند التعدد والإختلاف هو في العمل الصالح، وهو ما تخاطبنا به التعاليم الدينية بعد أصل المساواة في الإنسانية كما جاء في الحديث: (أحبب لغيرك ما تحب لنفسك واكره لغيرك ما تكره لنفسك).
وكما ورد في الإنجيل (كل ما تريدون أن يعاملكم الناس به، فعاملوهم أنتم به أيضاً: هذه خلاصة تعليم الشريعة والأنبياء) وفيه أيضاً: (وإن سلّمتم على إخوتكم فقط فأيَّ فضل تصنعون؟ أَلَيسَ الْعَشّارون أيضاً يفعلون ذلك؟).
وفي الحديث الديني: (ليس منا من دعا إلى عصبية) و (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى) و (إذا كان لا بد من عصبيةٍ فليتعصبوا إلى مكارم الأخلاق وإلى محاسن الأمور وإلى محامد الأفعال) و(الخلق كلهم عيال الله وأحبُّهم إليه أنفعهم لعياله).
ولا يمنع الدين من أن يحب الرجل قومه، فقد جاء في الحديث: (ليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية أن يرى شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين).
فكل دعوة فيها انحياز من صاحبها إلى قومه بالباطل هي دعوة مرفوضة دينيّاً، وقد ورد في القرآن الكريم قول الله تعالى: (ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).
من كلمة العلاّمة السيد علي الأمين
#مجلس_حكماء_المسلمين
الندوة العالمية: الإسلام والغرب .. تنوع وتكامل