المصدر |
الشبكة الليبراللية السعودية |
الموضوع |
حوار مع العلامة السيد علي الأمين |
التاريخ |
تموز / 2011م |
التسلسل الرقمي |
الحلقة الثانية |
لقب (الأمين)
س ـ قرأنا بالسابق السيره الذاتيه للسيد علي الأمين وتوقفنا عند سبب الكناية بالأمين! أتمنى أن يحدثنا قليلاً عن صحة نسبه للرسول محمد عليه أتم الصلاة والتسليم وهل للكناية علاقة بالنسب ؟،،
ج – لا توجد علاقة بين لقب (الأمين) وبين ارتباط صاحبه بعلاقة نسبيّة برسول الله (ص). ولذلك توجد عائلات عربيّة كثيرة تحمل هذا اللّقب دون وجود علاقة نسبيّة مع آل الرّسول (ص). والمعروف أن لقب عائلتنا (الأمين) كان في السّابق (الحسيني) نسبة إلى الإمام الحسين الّذي تتصّل به عائلتنا من خلال رجوع نسبها إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين .
وقد حملت العائلة لقب الأمين فيما بعد من أحد أجدادها في جبل عامل – لبنان – الّذي كان يحمل اسم ( محمد الأمين الحسيني).
وعلى كلّ فإنّه مع الإعتزاز بهذا النّسب نقول إنّ خير نسب للإنسان هو عمله قال الله تعالى ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) و ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) ( فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون).
الخلاف مع حزب الله
س ـ هل أنتقادك لحزب الله وبصفتك أحد العلماء الشيعه يشير إلى أنحيازك عنهم تماما ؟
ج ـ إن الخلاف مع ( حزب الله) كان ولا يزال في معظمه حول المشروع السياسي الذي يحمله وحول طبيعة العلاقة التي يجب أن تكون مع إيران وحول الدّور العسكري خارج إطار الدّولة اللبنانيّة وضرورة انتظام السّلاح في مشروع الدّولة حتى لا يتحمّل لبنان وحده تبعات الصراع العربي الإسرائيلي بمعزل عن التّضامن العربي .
العلامة الأمين : يدعو الى التمسك بالآراء الجامعة والقواسم المشتركة
س ـ دأبت بعض القنوات الفضائية على اخراج ماهو مدفون بالكتب الاسلامية من أختلافات فقهية .. هل يرى سماحتكم ان مناقشة هذة الامور امام عامة الناس شيء جيد ومقبول ام من الافضل مناقشتها بين العلماء دون عامة الناس ؟
ج – نحن قد رفضنا في السابق مثل هذه السجالات ولا زلنا نرفض بعض النماذج التي تدفع باتجاه الإحتقان المذهبي وإظهار الغلبة لجماعة على أخرى نحن مع الحوار الّذي يتّجه نحو القواسم المشتركة والآراء الجامعة الّتي تظهر نمط الوسطيّة والإعتدال.
العلامة الأمين : يدعو الشيعة للرجوع الى تعاليم الأئمة (ع)
س ـ مارأي سماحتكم بما يحدث في يوم عاشورا من ضرب الرؤوس والبكاء والثارات وهل لهذا اليوم أصل ديني ؟
ج ـ إن جملة من الأمور التي تمارس في ذكرى عاشوراء تندرج تحت عناوين العادات والتّقاليد الّتي تراكمت عبر مئات السّنين وليس لها في معظمها أساس من الشّرع بمعنى عدم الأمر بها كضرب الرؤوس بالسيوف وإدماء الأجسام والسير حفاة على النّار وغيرها وقد تترسّخ بعض العادات إلى درجة يصعب معها الإقلاع عنها لأنها أصبحت بنظر القائمين بها جزءاً من الشعائر الدينية الّتي يعتقد صاحبها أنه ينال الأجر والثواب عليها وهنا يأتي دور العلماء والمثقّفين بالتّوجيه والإرشاد بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة .وعلى كل حال فإن الشيعة مدعوون أن يرجعوا إلى أئمتهم من أهل البيت الذين لم يمارسوا مثل هذه العادات والتقاليد في عاشوراء وأن يقوموا بما كانوا يقومون به.
العلامة الأمين : يدعو الى الإبتعاد عن استنهاض اللغة العنصرية
س ـ قرأنا راى للدكتور شريعتى عن التشيع العلوى والتشيع الصفوي فهل هناك تشيع صفوى وتشيع علوى ؟؟؟ وهل تم اختزال التشيع العلوى فى التشيع الصفوى خصوصا وان ما نراه الان من " طقوس " تمارس فى مواسم معينة لم نجد لها اى ذكر فى عهد ال البيت رضوان الله عليهم ولم نرى مرجع موثق عن ابا عبد الله رضى الله عنه يشرع لتلك " الطقوس "
ج ـ إن الماضي الذي جرى بين الدولتين الصفوية والعثمانية من صراع على السلطة والنفوذ في العالم العربي كان وراء إثارة نعرات طائفية ومذهبية لم تكن موجودة في العهود السابقة خصوصاً عي عهود معاصرة أئمة أهل البيت لمعظم الحكام والخلفاء في الدولتين الأموية والعباسية ولا شك أن الصراع وخصوصاً الدموي منه يولد ثقافة فيها الكثير من مدح الذات والجماعة والكثير من الكراهة والبغضاء للآخر وإظهار معايبه وكتم فضائله وتغييب المشترك معه وظهور العنصريات كما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ ……. كما أنّ عين السخط تبدي المساويا
والمطلوب في عملية التصحيح أن نبتعد عن استنهاض تلك اللغة العنصرية والمذهبية بالعودة إلى ينابيع الإسلام الأصلية من الكتاب والسنة وعرض موروثاتنا العقدية والفقهية عليها عملاً بقوله تعالى: (…فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا…) والرد إلى الله يكون بالعودة إلى القرآن الكريم والرد إلى رسوله يكون بالرجوع إلى سنته الجامعة غير المفرقة.
إختلاف المواقف بين السيد فضل الله والسيد الأمين
س ـ لماذا رفضك الشيعة بشكل قاطع وأغلبيتهم في كل الدول والعالم ولم يرفضوا السيد محمد حسين فضل الله رحمة الله تعالى عليه بالرغم من أن كلا الفكرين يسيران باتجاه واحد وهو الوحدة الإسلامية ؟!
ج – لعل السبب معظمه يعود إلى المواقف السياسية التي اتخذناها ضد السياسة الطائفية التي اعتمدتها الواجهة السياسية والحزبية للشيعة سواءً في لبنان والعراق وإيران وقد كان السيد فضل الله رحمه الله خصوصاً في سنواته الأخيرة غير معترض على الأقلّ على تلك السياسة التي اعتمدتها إيران في لبنان والعراق والخليج مع أن تلك السياسة هي المسؤولة عن تصعيد الخلافات المذهبية واسترجاعها من التاريخ فهو كان يرفض مثلاً ولاية الفقيه على صعيد علم الفقه ولكنّه لم يعترض على سياسة الفقيه الدّاخليّة والخارجية !
العلامة الأمين : ما يوجد في القلوب لا يعلمه إلا الله تعالى
س ـ السيد علي الأمين تنازل عن جميع الثوابت والمعتقدات الشيعية لإرضاء الأطراف الأخرى ( تقية ) مثلا ، أم أن النهج الذي تسيرون عليه هو إعتقاد جازم بالقضية التي تؤمنون بها ؟!
ج – إنّ إظهار الإنسان لشيء يبطن خلافه ليس خصوصيّة شيعيّة وإنّما هي حالة موجودة في سلوكيّات الأفراد من مختلف الطّوائف والأديان والقوميّات وقد توجد في البيت الواحد والأسرة الواحدة بين الزّوج وزوجه وبين الوالد وولده والأخ وأخيه والصّديق وصديقه وبين ربّ العمل والعامل وهكذا… ولكن القاعدة العامّة المتّبعة بين البشر في علاقاتهم الأخذ بظاهر الأقوال والأعمال وأمّا ما يوجد في القلوب فلا يعلمه إلاّ الله سبحانه وتعالى.
والتقيّة يمكن أن يمارسها البعض في بعض المجالس المغلقة والأحاديث الجانبيّة وفي حالات معدودوة أمّا عندما تصبح في الجهر والعلن ويخسر بسببها القريب و البعيد فلا تكون تلك من التقيّة التي تخفي معتقد صاحبها كما فعل الإمام زيد عندما رفض في العلن الطّعن في سيرة أبي بكر وعمر عندما طلب منه اهل الكوفة ذلك فقال لهم في الجواب ( ما سمعت من آبائي عنهما إلاّ خيرا ) وخسر بذلك الأنصار له في ثورته.
وعلى كلّ حال فإنّ التقيّة عند الإمام جعفر الصّادق لم تكن بالمعنى الّذي يذكره الفقهاء وفهمه الكثير من النّاس بسبب تقليدهم لهم وإنّما نفهمها على أنّها كانت توجيهاً للشّيعة بالتحرّك باتّجاه المشترك والعام وتقديمه على الخاصّ ولذلك كان يأمر شيعته بالذّهاب إلى المساجد وإقامة الصّلاة جماعة مع المسلمين المختلفين معهم في شكل العبادة وليس في جوهرها ومضمونها وكان يقول لهم ( إن المصلّي خلفهم كالمصلّي خلف رسول الله في الصفّ الأوّل…) ولم يكن ذلك العمل في حالة طارئة لأنّه كان يحثّهم على الذّهاب و المشاركة بشكل دائم ولم يطلب منهم إعادة العمل بعد ارتفاع الظّرف الموجب وهكذا كان العمل في سائر العبادات كالحجّ والصّوم ومختلف المناسبات الجامعة للمسلمين وهذا يعني أنّ تلك الإجتهادات في الشّكل مشروعة والعمل بها صحيح.
الطريقة المثلى لبناء الثقة
س ـ ما هي الطريقة المثلى لبناء الثقة عند الشيعة حتى يندمجوا في المجتمعات التي يشكلون أقلية فيها ؟ لأننا على سبيل المثال نرى شيعة كشيعة الكويت ينعمون بتمثيل سياسي واجتماعي مرموق ، ولا يعانون من تمييز مؤثر ، ومع ذلك يتضح لنا شعورهم بالتوجس وعدم الثقة ؟
ج – إن الطّريقة المثلى تكون في قيام الدّولة على أساس المواطنيّة الّتي يتساوى فيها جميع المواطنين وهي الّتي قامت عليها دولة الإسلام في المدينة المنوّرة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار والأوس و الخزرج واشترك فيها اليهود والنّصارى وغيرهم ممّن شارك في العقد الإجتماعي الجديد. وأن يكون تشكيل الأحزاب و الجمعيّات قائماً على أساس البرامج الإجتماعيّة الّتي يحتاجها المواطن وليس على أساس الطّائفة والمذهب.
العلامة الأمين : أعداء الأمة هم المستفيدون من إثارة الطائفية
س ـ من سيكون المستفيد من إثارة الطائفية والعنصرية بين المسلمين ؟
ج – إنّ المستفيد من إثارة الفتن هم أعداء الأمّة الطّامعون بخيراتها والخائفون من وحدتها ونهضتها ولذلك يجب أن نرفض خطاب التطرّف والتّكفير من كلّ الفئات وأن ندعم خطاب الوسطيّة والإعتدال الّذي يسعى لنجاة الأمّة بأسرها وأصحابه هم من الفرقة النّاجية لأنّهم يسعون إلى نجاة الأمّة كلّها من الفتن والإنقسامات ويعملون بقوله تعالى ( ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) وانظر إلى قوله تعالى حيث عبّر عنهم (أمّة) وأنّهم هم المفلحون . فهؤلاء هم النّاجون وليس الّذين يحتكرون النجاة لأنفسهم ومذاهبهم وجماعاتهم .
العلامة الأمين : الكفاءة ليست حكراً
س ـ ما رأيك فيما يحصل من تمييز عنصري للشيعة في السعودية مثلا .. من عدم توليهم مناصب قيادية وعسكرية وغيرها .. هل هو عدم ثقة بهم مثلاً .. أم هم ليسوا كفء ؟
ج ـ نحن مع تحقيق العدالة والسعي إليها بالوسائل المشروعة والسّلميّة والكفاءة موجودة في كلّ الجماعات وليست حكراً على طائفة دون أخرى.
العلامة الأمين : دعا الى تشكيل مجلس فقهاء مشترك
س ـ ما رأيكـ في إنشاء مجلس فقهي في السعودية لتكون جهة رسمية للشيعة هناك ؟
ج ـ بحسب التّجارب الّتي شهدناها في بعض الدّول العربيّة والإسلاميّة نرى أنّ المناسب هو تشكيل مجلس فقهاء مشترك من مختلف المذاهب و الطّوائف يكون مرجعيّة لعموم المسلمين.