الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
العصمة
العصمة

العصمة

العصمة

– إنّ العصمة التي نؤمن بها لرسول الله (ص) هي بمعنى عدم صدور الذّنب منه بالإرادة والإختيار فإنّه لا معنى مقبول لرسول أو نبيّ يرتكب شيئاً هو قد نهى النّاس عنه!. هذا على مستوى السلوك وتطبيق أحكام الشّريعة على نفسه وأمّا على مستوى الإدارة والحكم فهو كسائر البشر قد يأخذ بخبر صحيحٍ في ظاهره ينكشف له خطأه فيما بعد، أو يعتمد في شؤون الإدارة على شخصٍ ينكشف له عدم أهليته للمسؤولية بعد ذلك. وأما عصمته من الخطأ والنسيان في تبليغ الرّسالة فهي منحة من الله تعالى له أداءاً للرّسالة وإتماماً لها، وهذا من مقتضيات بعث الرّسل والأنبياء لأنّ الله لا يرسل رسالةً مع من لا يوصلها تامّة لعباده وإلاّ كان ناقضاً لغرضه تاركاً لهدفه، وهذه العصمة في الأنبياء مقترنة بالوحي الإلهي.

وأمّا عصمة الأئمّة فهي بمعنى عدم تعمّدهم للخطأ في النّقل عن رسول الله، فهم الصّادقون الّذين لا يكذبون وهي عصمة ليست مقترنة بالوحي لاختصاص الوحي بالرّسل والأنبياء، وإنما هي عصمة تسديد كما في قوله تعالى (والّذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين). وأمّا العصمة من الذّنب فهي كما أسلفنا بمعنى عدم صدور الذّنب منهم بالإرادة والإختيار وهي تأتي بالكسب والمجاهدة وتوطين النفس على الطّاعة لله والإنقياد له.

وكذلك الكلام في صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي عنهم، فإن عنوان الصحابي لا يعطي براءة لحامله بل يحتاج ذلك إلى العمل الصالح كما قال الله تعالى (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) وقد وعد الله الصالحين منهم جنّات تجري من تحتها الأنهار. وقد جاء في بعض الأخبار أن رسول الله (ص) رفض قتل المنافق ابن أبيّ حتّى لا يقال أن محمّداً يقتل أصحابه. وهذا معناه أن عنوان الصحابي ينطبق على من خالف رسول الله (ص) قبل الفتح وعلى من حاربه وأسلم بعد ذلك فإن الإسلام يشمل كل من شهد الشهادتين والحساب عند الله سبحانه وتعالى. وعلى كل حال فإن ما نفهمه من الشريعة السمحاء أن الميزان في فضل الإنسان هو عمله وليس نسبه أو عرقه ولذا نقول بأن القرابة من رسول الله والصحبة له عليه الصلاة والسلام وإن كانتا من الشرف العظيم ولكنهما لا تعطيان لحاملهما امتيازاً في عصمة أو عدالة بمعزل عن العمل.

المصدر : من كتاب العلاّمة السيد علي الأمين:  ( زبدة التفكير في رفض السب و التكفير )

ص: 175 – 176

الناشر : دار مدارك للنشر