الأيام تحاور العلاّمة السيد علي الامين:
الدّولة المدنيّة الحاضنة للجميع وتعديل المناهج الدينية والأكاديمية وأسس قيام الأحزاب والعلاقة المباشرة بين الدّولة والمواطن وإطفاء نار التطرّف بماء الإعتدال
حاوره ـ سعيد الحمد
العدد7702 | الاربعاء 12 مايو 2010 الموافق 27 جمادى الأولى1431هـ
- وظيفة سلاح حزب الله ليست وطنية خالصة.. السيد علي الأمين في حواره مع «الايام »:
- ولاية الفقيه نظرية مذهبية لا يمكن أن تعيش في وسط متعدد
ألقى المرجع الديني اللبناني العلامة السيد علي الأمين يوم أمس محاضرة في جمعية المنتدى حول (ولاية الدولة وولاية الفقيه) و«الأيام» انتهزت فرصة تواجد السيد الأمين في البحرين لتجري معه حواراً حاولت فيه أن تتعرف على جزء من مشروع السيد علي الأمين وأفكاره، بوصفه صاحب مشروع حضاري يؤسس له ضمن هذا المناخ العربي الإنغلاقي الذي نعاني منه.
وفي هذا الحوار، أكد السيد الأمين على أن نظرية ولاية الفقيه غير قادرة على الاستمرارية لأنها نظرية مذهبية لا يمكن أن تعيش في وسط متعدد، إضافة لكونها أساساً مرفوضة من فقهاء وتيارات من داخل المذهب الشيعي نفسه، كما اعتبر الأمين أن تجربة الدولة الإسلامية في المدينة كانت تجربة مدنية وليست دينية، بدليل وثيقة المدينة التي تعتبر شاهداً على أن الجميع اختار نسيج العلاقات المدنية بين المجتمع.
واعتبر الأمين أن ما يضعف الحركات الدينية هو أن تنشئ الدولة علاقة بينها وبين المواطن دون وساطة الحركات الدينية في الخدمات، مؤكداً أن هذه العلاقة هي التي تحرر المواطن من الارتهان لتلك الحركات والأحزاب.
[ عنوان ندوتكم ومحاضرتكم بين ولاية الدولة وولاية الفقيه، المفارقة أن ولاية الفقيه أصبحت مفهومة لدى العامة في حين أن ولاية الدولة وهي الأقدم أصبحت ملتبسة وغير مفهومة لدى العامة، حدثنا عن ولاية الدولة كيف ترونها؟
– كما تفضلتم إن الجديد أصبح واضحاً والقديم الذي عايشناه أصبح أمراً ملتبساً، مع أنه لا شك بأن الدولة الناظمة للأمر والتي تشكل ضرورة من ضروريات المجتمع هي صاحبة هذه الولاية، ولم يبحث سابقاً عن ثبوت ولاية لها باعتبار أن وجودها لما كان ضرورياً فهو لابد وأن تثبت لها هذه الولاية التي هي سلطة الأمر والنهي، وما تحتاجه من صلاحيات لإدارة شؤون البلاد والعباد.
المفهوم الجديد الذي جاء كما يأتي في العنوان هو باعتبار ما جاء أخيراً من عنوان نظرية ولاية الفقيه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وأصبح على رأس هذه السلطة أحد رجال الدين من الفقهاء، فأصبح يطرح النظرية وكأنها لعموم المسلمين في مختلف الأمصار، ولا يمكن أن يكون ثمة شرعية للدولة إلا إن كان على رأسها فقيه، وهو أمر جديد لم يعهد في تاريخنا الإسلامي حيث لم يشترطوا في من يكون على رأس الدولة أن يكون فقيهاً وإنما أن يتمتع بقدرة على إدارة الدولة بغض النظر عن الفقاهة والدين كما هو الحال في مختلف العهود الإسلامية، وكان ثمة فصل بين مسألة العلماء وبين مسألة الحكام والأمراء.
التجربة الإسلامية في المدينة كانت مدنية وليست دينية
[ الدولة الدينية هي مشروع الأحزاب الإسلامية السياسية، أو الإسلام الحزبي ولا نريد أن نجادل في مشروعية هذا المشروع ولكننا سنسأل من خلال الواقع، هل هذا المشروع يتسق وينسجم مع النسق المعاصر للحياة وللدولة، وهل ثمة إمكانية لاستمرار هذه الدولة الدينية حتى لو قامت وتأسست وعلى رأسها (الولي الفقيه) أو غيره، هل ترى أن للدولة الدينية مستقبلاً في هذا العصر؟
– لو تحدثنا عن نظرية ولاية الفقيه، فسنرى أنها غير قادرة على الاستمرارية باعتبارها نظرية مذهبية خاصة، ولا يمكن أن تعيش في وسط فيه شيء من التعددية المذهبية، وأن تفرض وجهة نظر مذهب على مذاهب أخرى هذا سيؤدي لصراعات، مضافاً إليه أن هذه النظرية أيضاً مرفوضة من فقهاء وتيارات من داخل المذهب، ومعظم فقهاء الشيعة وعلى مر العصور لم يذهبوا إلى مسألة ولاية الفقيه، وقد رأينا هذا الرفض لهذه النظرية انتفضت ضد رؤية ولاية الفقيه لكثير من القضايا.
أما على مستوى الدولة الدينية فإنها هي الأخرى ستعاني حين تتبنى ديناً ما في مقابل أديان أخرى موجودة داخل المجتمع، ومن هنا توجد إشكالية بأن تصف الدولة بالدينية، ونحن نقول بأن مرادنا هو الدولة المدنية، وحتى الدولة التي قامت في عهود إسلامية كانت دولة مدنية تقوم بشأن مدني، وكان دور الحاكم هو دور مدني يدير فيه شؤون الناس بغض النظر عن الانتماء السياسي أو الديني، وفي الفقه الإسلامي ثمة مفهوم (الرعايا) بمعنى المواطنين، وهو مفهوم لا ينظر للانتماء الديني والمذهبي.
وحتى في التجربة الإسلامية كانت الدولة مدنية وكان النبي هو من اتفقت عليه الكلمة في مجتمع المدينة المنورة، وأسسوا هذا المجتمع عبر وثيقة المدينة التي كانت شاهداً على أنهم كانوا يريدون نسيجاً من العلاقات المدنية بين المجتمع، ولم تكن بين المسلمين وحدهم بل بين المسلمين واليهود وغيرهم بل وحتى الوثنيين الذين لم يؤمنوا بالدين الجديد وقتها. وثيقة المدينة جمعت بين هؤلاء على قواعد عامة في الفكر والسلوك الاجتماعي.
[ كيف نتعاطى في واقعنا الذي يغلب عليه الآن مدّ الدين السياسي وهيمنة الأحزاب الدينية، والتي تدير الإلغاء ليس باسم الحوار والفكر بل باسم المقدس؟
– وهو ليس مقدساً.. لأنه أيضاً بشر، ومن يقول بأنه أصاب المقدس قد يكون أخطأه أيضاً، فهو ليس قيماً ووصياً على الفكر الديني، فللفكر الديني آفاق واسعة، والأحزاب والمرجعية الدينية لا يمكنها أن تضع حدوداً لهذا الفكر، بل هناك قواعد عامة من الكتاب والسنة، يمكن أن يأخذ بها العلماء والمفكرون من دون أن يخرجوا على الإطار الديني.
أعتقد أن العلاج هو الحوار وتظهير قوى الاعتدال الديني والسياسي والمدني في مجتمعاتنا، لأن الصوت الظاهر في مجتمعاتنا والذي يجيب عن تساؤلات شبابنا الدينية والسياسية وغيرها هو هذه الجهات الدينية التي تزعم احتكار المقدس، وعندما تعمل الجهات الرسمية والسياسية والمدنية على تظهير قوى الاعتدال هو الذي يطفئ نار التطرف والغلو، أما أن نطلق تطرفاً في مقابل تطرف، فهو إشعال نار بنار تزداد اشتعالاً وتحرق الجميع.
يجب على الدولة أن تحمي هذا الرأي الآخر
[ ألا تلاحظون بأن قوى الاعتدال ما عادت قوى بالمعنى العلمي لمصطلح قوى، بل أصبحت تخاف من أن تجهر برأي، ولم يعودوا يمثلون قوى حقيقية بل لا يعدون عن كونهم أفرادا.
– لماذا تخاف هذه القوى؟
لأن المنتسبين للاعتدال في مجتمعاتنا هم أكثرية صامتة، وأتكلم عن لبنان كتجربة فأنا أرى أن مساحة الرأي الآخر داخل الطائفة الشيعية على وجه الخصوص تزداد يوماً بعد يوم، ولكن هؤلاء طلاب دون مدرسة تحميهم، لأن الدولة لا تحميهم، ولا يمكنها أن تدافع عن هذا الرأي الآخر، ومشكلة هذا الرأي ليس في عدد أنصاره بل في عدم وجود الحضن الذي يحتضنه والدولة التي تحمي هذا الرأي إذا ظهر، إضافة إلى أن الإمكانيات كلها لدى القوى المهيمنة والمسيطرة، فهم يسيطرون على الدولة وكذلك على ما يأتي للدولة من الخارج الذي لابد وأن يمر من خلالهم. لذلك أصبحت مصالح الناس مرتبطة بقوى الأمر الواقع المهيمنة التي تدعي احتكار المقدس.
يجب على الدولة أن تحمي هذا الرأي الآخر، وتمنع من الاعتداء عليه، ولابد أن تنشئ الدولة علاقة بينها وبين المواطن بدون وساطة الحركات الدينية في الخدمات والوظائف وغيرها، والعلاقة المباشرة بين الدولة والمواطن تحرر المواطن من الارتهان لتلك الحركات والأحزاب.
[ ولكن الأنظمة العربية بدأت تتحالف مع الحركات الدينية المنغلقة والمتطرفة، لكي تتقي شرهم، وبدأت تتنازل عن دورها المدني والحضاري والحمائي للآخر المختلف، ما هي خطورة نتائج هذا التحالف على الدولة وعلى النظام والمجتمع؟
– تزعم بعض الأنظمة أنها تتحالف مع هذه القوى والحركات للتخفيف من أضرارها ومن خطورتها، ولكن هذه الحركات لا يمكن أن تؤمن بشرعية الدولة القائمة إلا إن كانت هي الشرعية، ولذلك فإن الدولة حين تتعاطى مع هؤلاء لابد أن تتعاطى بشكل واضح، فهذه الحركات هي جزء من حركة سياسية في المجتمع وليس لها ولاية وسلطة خارج إطار الدولة التي يجب أن تكون حامية للجميع.
التنازل سيؤدي لما حدث في لبنان حيث أصبحت هذه الحركات هي التي تمسك بالقرار حقيقة داخل إدارات الدولة وليست الدولة.
[ هل تخشى على الحريات الشخصية والمدنية والطابع المدني الحضاري الذي كان عليه المجتمع العربي قبل ما يسمى بالصحوة هنا والثورة الإسلامية هناك؟
– هذا أمر نراه في كثير من المجتمعات العربية، فكثير من المفكرين يكفرون ويخوفون ويرهبون، وبعضهم تحتل بيوتهم ومكاتبهم، مكتبتي لحد الآن منذ 2008م لم أتمكن من استرجاع كتاب واحد منها منذ أن استولت عليها قوى الأمر الواقع في منطقة صور.
هذا أمر نخشى منه ليس فقط في لبنان بل في العالم العربي ككل.
الذي أوصلنا لحافة الصراع وجود أحزاب تنطلق من الإصطفافات الطائفية
[ هل نحتاج لأفغاني جديد، لمحمد عبده آخر، أم أننا نحتاج لما هو أكثر، لتجمع يمثل كل المعتدلين، فالواقع يفرض أن هذا الزمن ليس زمن أفراد، بل زمن مؤسسات وتجمعات بحسب تشخيصي، فعلى من نعتمد في الدعوة لمجتمع متحضر ومعتدل برأيك، على الفرد أم على التجمعات؟
– نحتاج للإثنين معاً، لا يمكننا أن نستغني عن الفرد ولكن هذا الفرد يجب أن ينضوي لجماعة أكبر لكي تصبح الفاعلية أكبر لأن المخاوف أكبر، ونحن بحاجة لعمل جماعي مؤسساتي وليس لعمل فردي.
[ كيف تنظر إلى إصلاح الخطاب الديني؟
– نحتاج لإصلاح هذا الخطاب بإيجاد المؤسسات التعليمية التي تنظم الفتوى والتعليم الديني الذي ما يزال غير منظم سواء في المدارس الأكاديمية أو الحوزات والمدارس الدينية.
وتجربتنا في لبنان في السبعينات تؤكد ذلك حيث طالبت بعض المرجعيات الدينية بالتعليم الديني في المدارس واعتبرت إنجازه انتصاراً خصوصاً مع المدّ اليساري في تلك الفترة، غير أن ما حدث أن التعليم الديني قسّم الناس داخل المدارس، مسلم ومسيحي، شيعي وسني، وأصبحنا نقسم الناس صغاراً ثم نطلب منهم أن يتوحدوا كباراً.
الطالب يجب أن يأخذ أموره الدينية من بيئته، أما المدرسة الرسمية فليست مهمتها أن تفصل بين الناس في مذاهبهم وأديانهم، بل يجب أن تصنع المواطن الذي نبني من خلاله وطناً لجميع المواطنين بالمساواة.
[ هل مشكلتنا هي السماح لقيام الأحزاب على أساس ديني ومذهبي، هل نحتاج لقانون يمنع قيام الأحزاب على اساس ديني، أنت تعلم أن الدين إن اشتغل بالسياسة على أساس مذهبي متعصب يخلق الكثير من الإشكالات داخل المجتمع وهي تجربة معاشة لا يمكن إنكارها، وقد سبقتنا أوروبا لذلك في منع قيام الأحزاب على اساس ديني؟
– أنا طرحت هذا الأمر في لبنان بعد الأحداث التي عصفت بالمجتمع اللبناني في الآونة الأخيرة، ويومها صار بعض المفكرين يبحثون عن مخرج لتلك الأزمة، وأنا صرّحت وقتها بأنه يجب إعادة النظر في تشكيل الأحزاب، وأن الذي أوصلنا إلى حافة الصراع الطائفي هو وجود أحزاب لم تنطلق من البرامج الوطنية بل من الإصطفافات الطائفية والمذهبية، الأمر الذي أوجد كثيرا من الاصطدامات داخل المجتمع.
يجب إعادة النظر في قوانين الأحزاب، هذا الأمر لا يخص لبنان وحده، بل إن لبنان يمكن أن يكون نموذجا لجميع المجتمعات المتنوعة، وما يضعف هذه الأحزاب أكثر هو أن تتوجه الدولة لإيجاد علاقة مباشرة بينها وبين المواطن دون أن يأخذ المواطن حقه عبر مثل هذه الأحزاب والجماعات. فأن يأخذ المواطن حقه من الدولة هذا يعزز ولاءه للدولة ويضعف من ولائه للأحزاب.
[ هل معنى هذا أن الأحزاب فهمت هذه اللعبة فأخذت الدور الخدماتي المباشر من الدولة، لفصل المواطن عن الدولة؟
– طبعاً، وهي توظف هذا الدور في مشاريعها التي غالباً ليست مشاريع داخلية بل لها ارتباطات خارجية.
هذه الحركات هبطت من علياء الدعوة للصراع على السلطة
[ بعض المفكرين العرب يأسوا من نهوض الدولة المدنية من جديد، ونقرأ كتابات كثيرة في هذا السياق، أين تقف أنت من هذا النهوض؟
– أنا متفائل، وهذه التجارب التي أمر بها ومرت بها كثير من مجتمعاتنا تكشف أننا بحاجة للدولة المدنية التي ترعى جميع المواطنين وأن الدولة القوية هي التي من الممكن أن نحقق طموحاتنا في الإصلاح دون الإصطفافات المذهبية الضيقة، وضعف الدولة يشكل منفذ جميع أمراض المجتمع.
[ تفاؤلك هذا قائم على وقائع؟ هل بعد أن جرب الإنسان العربي الدولة الدينية أو سيطرتها هي والحركات الدينية بدأ يكتشف حقيقة الهيمنة الحزبية العصبوية السياسية، وان القضية ليست قضية قدسية؟
– بالتأكيد، الرأي الآخر في حالة تنامي من خلال ما يكتشفه من تجارب سيئة، كما نرى في لبنان وفلسطين والعراق والصومال، وكل هذا له أثره في كثير من النفوس.
نحن فهمنا الدعوة الدينية عندما انتمينا إليها باعتبارها تدعو لتوعية الأمة، وتعليمها، وهذا ما كنا نشعر به حين انتمينا للحركات الدينية في العراق وغيرها أيام شبابنا، وكان الهدف هو الدعوة وليس السلطة أبداً، ولم يكن يدخل في بالنا أن هذه الحركات تريد سلطة وزعامة، ولكن بعد ذلك الذي تبين للناس ولنا أن هذه الحركات استغلت الرؤية الدينية والدعوة الدينية لمشروع سلطة وطموحات سلطوية خاصة هي خلاف نظم الأمر في كثير من الأماكن. يتضح للناس أن هذه الحركات هبطت من علياء الدعوة للصراع على السلطة.
[ نموذج عالم الدين كان في السابق مثقفاً يتعاطى وفروع الثقافة المختلفة من آداب وفنون وعلوم وغيرها، فما الذي جرى ليصبح رجل الدين اليوم رافضاً لكل هذه الفروع الثقافية، بل ويحرّمها، هذا التحول الذي نراه لدى بعض الطلبة الدينيين هل له تفسير؟
– هذه الظاهرة مستغربة ولا أدري كيف يمكن أن يرفض الإنسان الأدب والشعر وغيرها، وهذه الفنون كانت جزءاً من الدراسة الدينية في السابق، لعلها تأثرت ببعض التيارات الدينية المتشددة.
[ هل الدولة معنية بحماية الثقافة وأصحاب الفكر الثقافي؟
– الدولة يجب أن تكون مرجعية للجميع وحاضنة للجميع، وألا تتبنى وجهة نظر دون أخرى، وأن ترفض أن تطغى بعض فئات المجتمع على الأخرى.
سلاح حزب الله يشكل مصدر قلق وخوف لدى معظم اللبنانيين
[ ندخل للبنان كتجربة، ونتحدث عن سلاح حزب الله، حيث كل الميليشيات والأحزاب أنهت تسلحها الذي أدخل لبنان في حرب بشعة استمرت طويلاً، ولكن ما يزال سلاح حزب الله موضع خلاف وموضع تبرير للمقاومة، كيف تنظر أنت لسلاح حزب الله خصوصاً بعد تجربة 7 أيار؟
– لا شك أن سلاح حزب الله يشكل مصدر قلق وخوف لدى معظم اللبنانيين، لأنه خارج عن قرارات الدولة اللبنانية، ولأنه قد يدفع فئات أخرى للتسلح عند تصارع الأحزاب، ووظيفة سلاح حزب الله ليست وظيفة وطنية خالصة، بل هو مرتبط بارتباطات إقليمية بإيران مثلاً، خصوصاً وحزب الله لا يخفي ارتباطه بولاية الفقيه، وأنه يطيعها في أوامرها وتوجهاتها، وهذا يجعلنا نؤمن أن هذا السلاح له وظيفة خارج الإطار الوطني، وهذه عوامل تجعل من هذا السلاح وكأنه يستدرج عروض الحرب الخارجية على لبنان وإدخالنا في حروب غير متكافئة.
ويمكن أيضاً ان يحدث هذا السلاح شيئا من الصراع الداخلي كما حدث في 7 أيار 2008م عندما توجه هذا السلاح للداخل اللبناني وقتل اللبناني أخاه اللبناني بسلاح المقاومة الذي كان يقال إنه موجه للأعداء فقط، ومن هنا فقد معظم اللبنانيين الثقة بهذا السلاح.
[ ما هو مستقبل هذا السلاح؟
– هناك مساعٍ وطاولة حوار، وحوار بين قيادات لبنانية حول مصير هذا السلاح، ولو كانت الدولة قادرة أن تفرض سلطتها على هذا السلاح لكان من الممكن أن تفرض الدولة سلطتها على هذا السلاح حتى دون حوار، وعجز الدولة هو ما يدفعها لمثل هذا الحوار، ولا ندري متى يمكن أن يصل هذا الحوار لنتيجة، فمراراً جلسوا على طاولة الحوار دون أن نجني منها الثمار.
[ ألا تخشى على نفسك من إعلانك عن أفكارك والترحال بها في العالم العربي؟
– لا شك بأن هناك درجة من الخوف خصوصاً عندما لا تتوفر الحماية اللازمة لهذا الشخص، وأنا تكلمت بهذا عندما كنت مفتياً في مدينة صور، وصارحت تلك القيادات الحزبية قبل حرب تموز 2006م وبعدها، وصارحتهم بأنه يجب أن نخرج من هذا النفق المظلم الذي يبقي على الجنوب ساحة وحيدة للحرب دون أن يكون لنا فيها ناقة ولا جملا، وهم رفضوا غير أني لم أتمكن أن أتحمل ما رأيته من أضرار ومصائب لحقت بأهلنا وبوطننا، لا أدري ما المصلحة من ورائها، ما المصلحة من أن ندفع آلاف الشهداء والجرحى والبيوت التي دمرت، نحن جزء من أمة عربية، ولا يجوز أن يتحمل الجزء ما يجب على الكل.
وتخوفت بالفعل ولكن الإنسان يرى أن حياته في حريته، وعندما يميت قناعته في الخوف فهو ميت فعلاً، ونتيجة لذلك هجموا على دار الإفتاء في صور.
قرار الأحزاب الدينية هل بيدها أم بيد الخارج؟
– الهامش الأكبر بيد الخارج وليس بيد الداخل