الخميس , فبراير 13 2025

العلامة علي الأمين … نقد التأزيم الطائفي – الدكتور أحمد عبد الملك – كاتب وأديب قطري

العلامة علي الأمين … نقد التأزيم الطائفي

ميدل ايست أونلاين – بقلم : أحمد عبد الملك

 

استوقفني حديث للعلامة علي الأمين، المرجع الشيعي المعروف في جريدة "الوطن الكويتية"، يوم 18 نوفمبر 2013، لما حمله ذلك الحديث من معاني التسامح والتأكيد على حالة «التأزيم» التي تحاول بعض الأطراف الإقليمية ممارستها ضد الدول العربية!

واتهم «حزب الله» بأنه أداة من أدوات الفرز الطائفي في المجتمع، ونفى أن يكون حسن نصر الله مرجعية دينية و«أن ما يصدر عنه ليس ملزماً شرعاً». كما أشار إلى مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، بعد التقارب الأميركي الإيراني. وأن إيران «لن تكون في منأى عن تداعيات السياسات التي تعمل على استغلال الخلافات التاريخية بين السُنة والشيعة وتوظيفها في المشاريع السياسية».

وأشار إلى عدم جدية الولايات المتحدة في دعم «الاعتدال» في المنطقة. وأنها تركز على سياسات تزيد من عداء شعوب المنطقة للولايات المتحدة، وهو ما سيزيد من انتشار ثقافة الكراهية، التي حتماً ستغذي الإرهاب، وهو ما يعود بالضرر على كل الدول والشعوب. وعن دور «حزب الله» أشار الشيخ علي الأمين إلى أن هذا الحزب لم يعط صورة متميزة في المشهد السياسي، لا على الإصلاح في الدولة أو الإدارة».

تلكم هي شهادات من مرجعية شيعية لها وزنها في المجتمع اللبناني، وهي التي عُرفت بالتسامح وعدم التطرف، وترد على كل الأسئلة عن دور إيران في منطقة الخليج العربي، وكذلك سعيها لبسط هيمنة جديدة تلتف على المنطقة بدءاً من العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن. ويرى مراقبون خليجيون أن التقارب الخليجي الإيراني – بعد الاتصالات الأخيرة- يجب ألا يكون ردة فعل للتقارب الأميركي الإيراني!؟ ذلك أن أوراق اللعبة قد تغيّرت، وأن إيران التي دأبت على اتهام بعض الدول العربية بدعم «الشيطان الأكبر» ، هي التي تضع يدها في يد الولايات المتحدة.

وهذا التقارب الجديد يوفر مناخ «التوجس» من جدية الولايات المتحدة في تفهم أسباب التوتر بين ضفتي الخليج العربي، وإذا كان قرار الولايات المتحدة – بتقاربها الجديد مع إيران – استراتيجياً ، على حساب مصالحها الاستراتيجية مع حلفائها التقليديين في المنطقة، فإن أوراقاً جديدة لا بد وأن تضاف إلى اللعبة، قد لا تحقق إلا «استهجان» واشنطن!

نعود إلى حديث السيد علي الأمين المعروف في الأوساط اللبنانية بتسامحه الفكري وعدم تعصبه للمذهب الذي ينتمي إليه، واعترافه بحالات «التأزيم» التي تمارسها إيران في المنطقة، وهو يعني دعم «حزب الله» الشيعي في لبنان، والتدخل السافر لدعم الأخوة الشيعة في العراق، ودعم (الحوثيين) في اليمن، وكذلك دعم عمليات التخريب والإخلال بالأمن في مملكة البحرين.

ناهيك عن استمرارها احتلال جزر الإمارات الثلاث، وعدم تجاوبها مع الدعوات المخلصة من دولة الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عبر الحوار أو اللجوء إلى القضاء الدولي. كل ذلك لا يدعم أي اعتقاد بوجود نية صادقة لدى إيران لتطبيع علاقاتها مع العالم، فكيف أدارت إدارة أوباما المؤشر 360 درجة؟ بل إن الضربة التي كانت محتملة لسوريا كان ثمن إلغائها تحسُّن العلاقات الأميركية الإيرانية، والاتفاق على إخضاع المنشآت النووية الإيرانية للرقابة الدولية.

بالنسبة لحديث الشيخ عن «حزب الله» ووصفه له بأنه (أداة من أدوات الفرز الطائفي في المجتمع)، فهو حديث له دلالات كبيرة تؤكد التوجه قصير النظر للحزب، بعد أن فقد بوصلته السياسية وأصبح يتجاوز بعناصره جغرافية المقاومة ضد إسرائيل، ليصبح شريكاً في قتل الشعب السوري، بل والمدن ذات الأغلبية السنية!؟. وكان الأجدى به أن يقف مع المطالبين بالحرية والكرامة – كما كان يعلن سابقاً– لا أن يعقد تحالفاً مع الآلة العسكرية السورية التي تفتك بالأبرياء والآمنين والذين كانوا من المُبجلين لدور «حزب الله» في المقاومة! فكيف تتحول المقاومة إلى اعتداء على الإخوة والجيران؟ وكيف يتحول الذود عن الأوطان إلى احتلال للأوطان، وتسخير آلة القتل من أجل القضاء على من يختلفون مع (الحزب) في المذهب؟ وهل السوريون السُنة ليسوا مواطنين سوريين لهم الحق في العيش بكرامة وحرية!؟

أعتقد أن حديث العلامة الشيخ علي الأمين بحاجة إلى تفهم وتحليل ليس من قبل اللبنانيين والعرب فحسب، بل من قبل السوريين والعراقيين واليمنيين والبحرينيين من إخواننا الشيعة، لأن حديث العقل والاعتدال والتسامح من الأحاديث النادرة في هذا العصر.

أحمد عبد الملك

كاتب وأديب قطري

شارك المعرفة وانشر