العلاّمة الأمين اليوم الخميس 26-1-2012 في برنامج ،إضاءات، مع تركي الدّخيل – الساعة الثانية عصراً بتوقيت مكة المكرمة – قناة العربيّة
يعاد بث البرنامج: الأحد 29-1-2012 –
:التوقيت
GMT 14.00
– بيروت 16.00
مكة المكرمة: 17.00
قال المرجع الشيعي اللبناني السيد علي الأمين إن مطالب الشعب السوري تعبر عن طموحه إلى الحرية والعدالة، وإن إيران تطالب بالتعددية في كل مكان، لكنها مع النظام السوري لم تؤمن بالحرية والحقوق، لأن النظام حليف لها. وعبر الأمين عن استغرابه من صمت رجال الدين الإيرانيين عن ما يجري في سوريا. وأضاف الأمين :” نطالب إيران بأن تكون علاقاتها مع دول الخليج على أساس السيادة. إن خسارة إيران لدول الخليج يعني خسارة لبوابة أساسية”.
جاء ذلك في حوار الإعلامي: تركي الدخيل معه في برنامج “إضاءات” على قناة “العربية” والذي سيبث في الساعة الثانية ظهراً من يوم الخميس 26 يناير.
وحذر المرجع الشيعي في حديثه لتركي الدخيل من تحويل التجارب التاريخية إلى عقائد، تكون سبباً للعداء والولاء، مطالباً كل المسلمين بالتحاكم إلى القرآن الكريم وصحيح السنة.
كما تحدث الأمين عن الصعوبات التي واجهها في محيطه الشيعي، بعد إعلانه لمواقفه تجاه ما وصفه بالمسائل التاريخية التي تحولت إلى أصول في الدين مثل “الإمامة” التي قال إنها يجب أن لا تكون من أصول الدين ولا من ضرورياته، بل هي مسألة اختلفت عليها الأمة، وليست محل إجماع. نافياً أن تكون الإمامة سياسية أو دينية من أصول الدين، حاصراً أصول الدين بالمتفق عليه بين المسلمين جميعاً، مثل التوحيد والنبوة واليوم الآخر.
وعن سبب تكفيره من قبل بعض رجال الدين الشيعة أرجع السيد علي الأمين ذلك إلى أفكاره حول تبسيط الإسلام:”فالإسلام أبسط مما نتخيل، لقد عشت في صغري ولعبت مع السني والمسيحي، ولم نكن أصلاً نعرف من أي دينٍ هذا الإنسان”. وربط الأمين نمو الظاهرة الدينية بحقبة السبعينيات، أثناء الصراع بين الإسلاميين واليساريين.
واقترح الأمين في حديثه للعربية خيارين للأمة الإسلامية وهما: إلغاء التعليم الديني من المدارس وحصره بأماكن العبادة، وثانيهما: وضع كتاب مشترك بين المسلمين يكون مرجعاً للمسلمين جميعاً من دون تفريقٍ أو تمييز. موضحاً أن توحيد الله هو الأساس للارتباط العقائدي.
اسم البرنامج: إضاءات
مقدم الحلقة: تركي الدخيل
تاريخ الحلقة: 26 يناير 2012م
ضيف الحلقة: السيد علي الأمين
“المرجع الشيعي اللبناني”
تركي الدخيل: أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حيَّاكم الله في حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي (إضاءات)، ضيفي في هذه الحلقة هو السيد علي الأمين “المرجع الشيعي اللبناني”، حيَّاك الله يا سيد علي.
السيد علي الأمين: حيَّاك الله.
تركي الدخيل: سيد علي لنبدأ من حيث البيان الذي أصدرتموه حضرتكم في (31 أغسطس آب 2010م) وأذاعته قناة المستقلة حول ما أثير حينها كما في النص الذي ذكرتموه حول ما أثير حينها من تعرض بعض الشيعة لزوج النبي عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنها- قلتم في بيانكم: “تعقيباً على ما ذكره البعض الذين أساؤوا إلى أمنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ونُقل الخبر عن بعض المشايخ وهذا للحقيقة أمر أرعبني وخوَّفني كثيراً وارتعدت له فرائسي، ولا أخفي عليكم أيها الإخوة المستمعون أن ما نقله أخي السيد حسن الحسيني عن بعض أهل العلم ممن تعرض لأم المؤمنين عائشة بالقذف وهو من المحرَّمات وكبائر الإثم، وأصدقكم القول بأني لم أسمع بهذا القول من قبل لم أسمعه في صغري وبيئتي الدينية المحافظة، ولم أسمعه عندما انتسبت إلى سلك طلاب العلوم الدينية قبل بلوغي العشرين وهأنذا قد زرفت على الستين وتنقلت في حوزات النجف وقم والشام ولبنان دراسةً وتدريساً ولم أسمع بهذا الرأي المخيف والمرعب والمعبر عن جرأة فظيعة على الله ورسوله، وغاية ما كنا نسمعه هي مسألة اللوم على المشاركة في حرب الجمل، وهذا ما وضع له حد أمير المؤمنين عليه السلام عندما قال، ولها بعد حرمتها الأولى والحساب على الله، وانتهى الأمر عند هذا الحد، وقد عبَّر القرآن الكريم عن ذلك القول الباطل بالإفك وهو الصادق المصدَّق من عند الله فويل لمن كذَّب القرآن وخالف أحكامه وأخباره، اللهم إن التعرض إلى أم المؤمنين هو فرية وبهتان عظيم نبرأ إليك منه، ويمكن أن أنسب هذا الرفض والاستنكار والتنديد والبراءة إلى الطائفة الشيعية بأسرها، وإننا ندعو من يذهب إلى هذا القول الذميم والإثم العظيم أن يستغفر الله من هذه الخطيئة الكبرى التي يهتز لها عرش الرحمن”، سيد علي الأمين وُصمت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- من قبل بعض طلاب العلوم الدينية أو المشايخ الشيعة بأوصام قلت حضرتك في بيانك أنها ترتعد منها فرائسك، هل هؤلاء جاؤوا كنبتة شيطانية أم أنهم استندوا على تراث موجود هنا وهناك في هذا المذهب أو ذاك؟
السيد علي الأمين: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين، لا سيما المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا أبو القاسم محمد عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار أفضل التحية والسلام، وبعد لاشك بأن يعني هذا الذي تحدَّث ببعض الأمور يمكن أن يكون قد قرأ في بعض الكتب أو في بعض الروايات التي لا يُعتمد عليها باعتبار أن الميزان الصحيح الذي يجب الرجوع إليه هو كتاب الله، والصحيح عن سنة رسول الله -عليه أفضل الصلاة والسلام-، ولذلك هذه الرواية لو كانت شائعةً يعني والعياذ بالله لكانت انتشرت في أجوائنا وفي بيئتنا، يعني أنا لم أسمع بهكذا رواية عندما درست في النجف، أو عندما ذهبت إلى إيران ودرّست فيها أو في حوزات لبنان والشام لم أسمع بهذا الرأي..
تركي الدخيل: أيّ رأي هو؟
السيد علي الأمين: هو الرأي -والعياذ بالله- قذف السيدة عائشة أم المؤمنين يعني بما يسيء إلى عرض رسول الله -عليه أفضل الصلاة والسلام- هذا أمر لم نسمعه ولم ندرسه، ولذلك إنه ارتعدت فرائسي؛ لأننا نعرف بأن هذا الحكم من المحرَّمات الكبائر فكيف إذا كان المقصود به أيضاً أم المؤمنين التي تُشكّل رمزاً من الرموز الدينية لكل المسلمين ليست لفريق دون آخر لأنه بنص الكتاب (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)(الأحزاب: من الآية6) يعني زوجات النبي هم أمهات المؤمنين، فكيف يمكن للمرء الذي ينتسب إلى هذا الدين أن ينسب -والعياذ بالله- أو يقذف أم المؤمنين؟
تركي الدخيل: يعني القذف محرم في حق آحاد الناس فما بالك ببيت النبوة؟
السيد علي الأمين: فكيف بمن هي في بيت النبوة وبمن هي أم المؤمنين وبمن برأها الله -سبحانه وتعالى- في قرآنه وفي كتابه يعني القرآن الكريم قال هذا من الإفك والبهتان العظيم والإثم المبين، وتوعَّد أولئك الذين يعني ظنوا بهذا الحديث صدقاً توعَّدهم ناراً وذمهم وشتى أنواع اللعن والطرد من رحمته توعَّدهم بها، فكيف يمكن إذاً أن يجرؤ إنسان على أن يقوم بهذا الأمر؟ ولذلك أنا فوجئت يومها وذكرت بأن هذا الأمر بحسب ما درسناه وما رويناه وما يعني عايشناه وتربينا عليه أن هي من الرموز أن السيدة عائشة أم المؤمنين -رضوان الله عليها- هي من الرموز الدينية الكبيرة التي لا يجوز إلا أن نوجه لها كل احترام وكل محبة وكل تقدير.
هل هناك بعض الروايات في كتب الشيعة استند إليها من قال بهذا القول في حق السيدة عائشة؟
تركي الدخيل: هل هناك بعض الروايات وإن كانت مثلاً غير معتبرة في بعض الكتب لدى الشيعة -مثلاً- تتحدث عن رواية استند إليها من وصل إلى هذا القول في حق السيدة عائشة؟
السيد علي الأمين: فيه كثير من الأحيان “وما آفة الأخبار إلا رواتها”، يعني في كثير من الأحيان هو يصنع الرواية ويرويها، وهو يعني راوي الخير يكون المشكلة فيه، يعني مثل ما قال الشاعر العربي قديماً:
هم أيقظوا رقط الأفاعي ونبهوا عقارب سوء غاب عنها حواتها وهم نقلوا عني الذي لم أفه به وما آفة الأخبار إلا رواتها
المقصود أنه أنا لم أطَّلع على هذا الخبر لم أقرأه أصلاً ولم يكن في معرض أن يُدرس أو أن يقرأ، ولذلك كان من المستنكر يعني جداً أن يؤتى بمثل هكذا خبر وأن يُنشر من أجل زرع الفرقة والبغضاء بين المسلمين.
تركي الدخيل: من أين جاء إذاً هذا السَّب وحضرتك تشير إلى أنك لم تسمع في مراتع الصبا والطلب في أماكن متعددة من تلقين العلم لدى الشيعة بهذا القول، منين جاء؟
السيد علي الأمين: هذه المسألة التي تحدثنا عنها وهي مسألة التعرض إلى عرض رسول الله -عليه أفضل الصلاة والسلام- هذا شيء ومسألة يعني الشتم واللعن والسَّب شيء آخر في أبواب أخرى.
تركي الدخيل: آه يعني هناك من يقول بالشتم والسَّب.
السيد علي الأمين: هناك من يفعل موش بس يقول هناك من يفعل هذا الشيء، لكنه يعني أعدنا هذا الشيء إلى الأسس التي ينبغي أن نحتكم إليها لوجدنا أن هذا السلوك منهي عنه من قِبَل مدرسة أهل البيت، يعني هم يقولون بأنهم يلعنون -مثلاً- يعني بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
تركي الدخيل: كنت أود أن أسألك حضرتك سيد علي الأمين عن هذا السؤال؛ لأنك في بداية حديثك صليت على النبي وآله وصحبه، الحديث عن الصحابة أيضاً هو جزء من الخلاف السني الشيعي الطويل الذي يمتد لأكثر من ألف سنة، فأود أن تسهب في هذا الموضوع أيضاً.
السيد علي الأمين: أقول إنه يعني نحن موقفنا من الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- هو ما ذكره القرآن الكريم، وما ذكرته السنة النبوية، يعني في القرآن الكريم امتدح السابقين الأولين المهاجرين (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)(المائدة: من الآية119)، في كثير من الآيات لقد تاب الله عليهم، إلى آخره هناك آيات عديدة في القرآن الكريم وأنا ذكرتها في بعض كتاباتي، فهذه كلها تشهد على أن الله -سبحانه وتعالى- يعني قد رضي عن هؤلاء الذين قاموا بدور أساسي في احتضان الرسالة وفي حماية الرسول وفي الاستمرار بحمل هذه الرسالة ونشرها، ومدرسة أهل البيت أيضاً نفسها نرى أن العلاقات التي كانت بين أهل البيت وبين الصحابة هي علاقات ود واحترام ومصاهرة وقرابة، لم تكن علاقة يعني تنازع وتصارع واختلاف قد يكون هناك اختلاف في وجهات نظر ولكنها لم تصل إلى حد أن يكون هناك يعني التخريج من الدين، كما حاول البعض أن يوحي بأن الخلافات التي حصلت بعض الفقهاء حكم بالخروج من الدين، هذه كانت مشكلة الفقهاء التي أحدثوها فيما بعد يعني حوَّلوا المسألة السياسية التي يجوز فيها الاختلاف حوَّلوها إلى مسألة دينية فيما بعد وشكَّلوا ركيزة عندئذٍ وأساساً لتكفير هذا الفريق أو لتكفير فريق آخر.
هل السِّجال السني الشيعي هو سِجَال سياسي لا عقدي؟
تركي الدخيل: إذاً حضرتك ترى أنه الصراع أو السجال السني الشيعي هو سجال سياسي لا عقدي كما يري كثير من الناس؟
السيد علي الأمين: المسائل التي وقع الخلاف عليها وهي بعد وفاة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام اختلفوا كيف يملأ الفراغ القيادي، يعني ما هي الطريقة التي اعتمدت بعد وفاة النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- لملأ الفراغ الذي سوف يحدث بوفاته، معظم المسلمين يقولون بأن الطريقة لملئ الفراغ هي طريقة الشورى، الشيعة ذهبوا إلى أن الطريقة المتبعة هي كانت الوصية والتعيين للإمام علي بن أبي طالب، هذا خلاف سياسي في طريقة الحكم، مع أنه طبعاً لم يعد له كما قلت أنا يعني لم يعد له أي تأثير في عصرنا؛ لأنه في مجتمعاتنا تغيَّرت أنظمة الحكم وأشكالها وأصبح هناك عقود اجتماعية تحكم المجتمع المتعدد والمتنوع، ويرتضون أي حكم ما له علاقة، بس الكلام أنه في عهد النبي كانت مسألة سياسية..
تركي الدخيل: بعد عهد النبي؟
السيد علي الأمين: نعم؛ لذلك عندما حصلت سقيفة بني ساعدة واختير الخليفة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، الإمام علي رفض هذا الأمر رفض وبايع بعد فترة من الزمن، لكنه لم يحكم عليهم بالكفر وبالخروج عن الدين.
تركي الدخيل: بس ألا تقتضي البيعة ولو بعد زمن بالموافقة؟
السيد علي الأمين: وافق الإمام علي بايع بعد فترة من الزمن خصوصاً بعد أشهر يعني من مجيء حرب الردة، دخل الإمام علي في جيش الخلافة وحارب مع أبي بكر المرتدين إلى أن يعني انتصر الإسلام وزهق الباطل، كما هو يُعبِّر ويقول: “بايعت أبا بكر مناصحاً ومطيعاً فيما أطاع الله..” إلى آخره يُعبِّر عن هذا الأمر، إذاً هذا يكشف على أن الخلاف كان خلافاً سياسياً، لم يكن مسألةً دينية توجب أن إذا لم يُختر هذا خليفةً إذاً خرج أولئك عن الدين ولزم الكفر.
تركي الدخيل: لذلك حضرتكم تعبرون عن أنه بذور الصراع السني الشيعي هي بذور سلطوية تاريخية وليست دينية.
السيد علي الأمين: على مسألة السلطة لم يختلفوا على الصلاة وعلى الصيام وعلى الحج وعلى أي شيء، وإنما اختلفوا ما هي طريقة الحكم بعد وفاة النبي هل هي بالشورى أم أنها بالوصية والتعيين.
تركي الدخيل: واعتبار الخلافة جزء من مسائل الاعتقاد هو في تقديركم..
السيد علي الأمين: جاءت فيما بعد.
تركي الدخيل: فيما بعد.
السيد علي الأمين: الإمامة جعلت فيما بعد لعله في القرون المتأخرة لعله في القرن الثالث الهجري أو الرابع الهجري جاء فريق من علماء الكلام جعل من الإمامة السياسية مسألةً من مسائل أصول الدين حتى بعضهم اعتبرها من مسائل أصول الدين أنه يجب أن يؤمن بالإمامة السياسية للإمام علي ولسائر الأئمة حتى يكون مسلماً.
تركي الدخيل: وحضرتكم ماذا تقولون؟
السيد علي الأمين: أنا كتبت طبعاً في عدة مقالات بأن الإمامة ليست من أصول الدين، يعني الإمامة بكل شقيها لا الإمامة الدينية ولا الإمامة السياسية هي من أصول الدين، وإنما أصول الدين هي أمور متفق عليها بين المسلمين تجمعهم جميعاً هي: التوحيد، والنبوة، واليوم الآخر؛ هذه الأصول الثلاثة، وأما الإمامة فليست من أصول الدين، من ثبت لديه بالدليل أنها يجب الاعتقاد بها عندئذ هو يكون ملزماً بها لكنه لا يمكن أن يلزم الآخرين باعتقاده، ومن أنكرها لا يكون منكراً لأصل من أصول الدين.
تركي الدخيل: طيب، سنعود بعد مواصلة حوارنا بعد فاصل قصير فاصل قصير أيها الإخوة والأخوات نعود بعده مع (إضاءات) والسيد علي الأمين “المرجع الشيعي اللبناني” فابقوا معنا.
((فاصل إعلاني))
ألا يختلف السُّنة والشيعة في تحديد كتب السُّنة التي يعتبرونها مراجع يمكن الاستناد إليها؟
تركي الدخيل: حيَّاكم الله في إضاءات مجدداً لا يزال حوارنا أيها الإخوة والأخوات مع “المرجع الشيعي اللبناني” السيد علي الأمين سيد علي طرحتم كتاباً في الآونة الأخيرة عنوانه “السنة والشيعة أمة واحدة إسلام واحد واجتهادات متعددة دراسة فقهية وكلامية في مسألة الخلافة والإمامة تسقط أسباب الخلاف وتثبت حق الاختلاف”، هذا الكتاب الذي حظي بقبول لدى المثقفين، لكنه أيضاً حظي برفض من قبل المتشددين في الطرفين، أو لنقل حظي برفض من المتدينين في الطرفين -إن صحت العبارة- هل تودون من خلال هذا الكتاب أن تجمعوا السنة والشيعة على اعتبار أن الخلاف كما تفضلتم ليس خلافاً عقدياً بل هو خلافاً سياسي؟
السيد علي الأمين: أنا أريد في هذا الكتاب أن أعود إلى الأصول التي جمعت المسلمين وجعلت منهم أمة واحدةً مع غض النظر عن التجربة التي حصلت، يعني بحيث إنه الإسلام هو عقيدة وشريعة وتجربة، طيب العقيدة والشريعة هي تجمع الجميع، التجربة قد نختلف على أن هذه التجربة..
تركي الدخيل: صحيحة أو غير صحيحة.
السيد علي الأمين: التي قادها أشخاص بعضهم أخطأ بعضهم أصاب، لكنها لا تؤدي هذه التجربة إلى أن تصبح هي أساساً وأصلاً من أصول الإسلام، أصول الإسلام موجودة في الدين عقيدة وشريعة وهذه العقيدة والشريعة لا تزال تنادينا حتى اليوم بأن ننضوي تحت لوائها، وأن نعود إليها، وأن نحتكم إليها؛ فكان الهدف أن البعض الذي جعل من مسائل التجربة جعل منها سداً يعني يفصل بين المسلمين، فقلنا نحن بأن علينا أن نعود إلى الأصول أن هذا الموروث الذي ورثناه يجب أن نعرضه على الكتاب والسنة، الكتاب والسنة يشكلان المرجعان اللذان يجب أن نحتكم إليهما، وأن نعود إليهما، ونحن في العقيدة لا يوجد لدينا اختلاف.
تركي الدخيل: ألا يختلف السنة والشيعة والشيعة والسنة في تحديد كتب السنة التي يعتبرونها مراجع يمكن الاستناد إليها؟
السيد علي الأمين: الاختلاف في المرجعيات الكتب يمكن أن تُحلّ هذه المسألة.
تركي الدخيل: طيب أي سُنَّة اللي بنرجع لها؟
السيد علي الأمين: السُّنة التي يجب أن نرجع لها هي السُّنة الثابتة السُّنة الصحيحة.
تركي الدخيل: طيب لا يختلف الثابت هنا عن الثابت هناك؟
السيد علي الأمين: الثابت هنا والثابت هناك يجب أن نعود في نهاية المطاف؛ لأن ما يكون ثابتاً قد يكون ثابتاً في الكتاب الآخر هو في كثير من الأحيان يعني البعض لأنه لم يطَّلع على الكتاب الموجود عند الفريق الآخر يظن أنه الحديث هنا غير موجود هناك، مع أنه يمكن إذا عملنا يعني جمعاً بين الكتب وغيرها من الأحاديث أن نجد لا أن هذه الأحاديث موجودة عند الفريقين موجودة، فالسُّنة يمكن أن نتفق عليها لأنه عندما نتفق نحن على وثاقة الأشخاص، وعلى وثاقة الرواة، وعلى أن المضمون غير مخالف لكتاب الله فعندئذ يمكنا أن نصل إلى السُّنة الصحيحة وإن كانت موجودة في هذا الكتاب وفي الكتاب الآخر..
تركي الدخيل: بس هل وُجد هذا التصور هل وجد أي -مثلاً- نموذج خلال ألف وأربعمائة سنة أم أنه أنموذج تطرحونها أنتم وتتمنون أن يتم تطبيقه؟
السيد علي الأمين: يعني هذا النموذج أنا في رأيي كان موجوداً عندما كانت الحوزات الدينية مشتركة يعني في المدينة وفي مكة وفي البصرة وفي بغداد كانت الحواضر الإسلامية كان علماء المسلمين يدرس بعضهم عند البعض الآخر لم تكن هناك حوزة خاصة بهذا..
تركي الدخيل: متى إذاً أصبح هناك تفريق؟
السيد علي الأمين: بدأت بالقرن الخامس والقرن السادس الهجري.
تركي الدخيل: لماذا؟
السيد علي الأمين: صار هناك فتن، في بغداد حصلت بعض الفتن انفصلت الحوزات، وإلا كانت الحوزة في بغداد كانت مشتركة، يعني كان الشريف الرضي والشريف المرتضى لهم علاقة بالسيد أحمد الفالي المعروف اللغوي المشهور، وكان الشيخ المفيد كان يدرس عند الشيخ علي بن عيسى الروماني أيضاً كان من علماء الحنابلة أو الحنفية المشهورين في بغداد، فكانت دراسات مشتركة، ولذلك لم يكن ثمة..
تركي الدخيل: مفارقات وفرز.
السيد علي الأمين: نعم؛ ومن فرز حصل بعد إذاً عندما فُرزت الحوزات أصبح هذا يدرس الكتاب المختص به وذاك ولا يطّلع على كتب الآخرين لذلك زادت المسألة..
هل تطالبون بنسيان التاريخ والبدء من جديد من أجل التقريب؟
تركي الدخيل: الشُّقة، طيب أنتم سماحة السيد تطالبون بنسيان التاريخ والبدء من جديد من أجل التقريب.
السيد علي الأمين: أنا لا أقول إنه ننسى التاريخ، التاريخ حصل لا يمكن أن ننساه، ولكن لا يجوز لنا ونحن نستنبط الأحكام الشرعية أن نُسقط مسائل التاريخ على طريقة الاستنباط، يعني أنا لا يمكنني أن أرفض حديثاً فقهياً لأن الراوي له -مثلاً- ينتسب إلى مدرسة معينة، أو هو يرفض أيضاً هذه الرواية لأن راويها ينتسب إلى مدرسة معينة، العبرة بهذه الرواية مش في انتمائي العقائدي وإنما في سلوكه ومصداقيته وفي وثاقته، فإذا كان ثقةً يجب أن نأخذ به مهما كان يعني لون انتمائه السياسي أو الاعتقادي في الماضي.
شاركتم في حوار سجال ديني بين السُّنة والشيعة على قناة المستقلة، هل ترون أن هذا السجال يمكن أن يفيد؟ ألا ترون أن فيه الكثير من التنابز بين الطائفتين؟
تركي الدخيل: هل تصلكم وأنتم تطرحون منذ سنوات أطروحات مشابهة لهذه الأطروحة وشاركتم في حوار سجال ديني بين السنة والشيعة في رمضان قبل الماضي على قناة المستقلة، هل ترون أن هذا السجال يمكن أن يفيد؟ ألا ترون أن فيه الكثير من التنابز بين الطائفتين؟
السيد علي الأمين: هو عموماً يعني لا يمكننا أن نقول بأن كل الحوارات التي حصلت هي بريئة من التنابز، بالعكس هناك طبعاً فيه تنابذ وهناك حدَّة في بعض الأحيان بس الطريقة التي اعتمدت نحن في الحوار الذي سلكناه كانت طريقة تعتمد الحجة والبرهان ودون الطعن في الآخر، هذه الطريقة يمكن أنا واجهت بعض الصعوبات يمكن في محيطي، ولكن فيما بعد رأيت أن كثيرين يعني عندما هدأت الأمور..
تركي الدخيل: لماذا واجهت صعوبات في محيطك؟ ما تعودوا الناس في محيطك على هذا النوع من الحوار؟
على الأمين: نعم؛ لم يعتادوا على هذا الحوار لأنه كان نقداً في الأسس التي اعتقدوا أنها ألف وأربعمائة سنة هذه تعتبر من الأصول التي لا يمكن أن تُهز وأنها من الثوابت.
تركي الدخيل: اللي هي الإمامة قصة الإمامة.
على الأمين: اللي هي قصة الإمامة وأنها من أصول الدين، فجئنا لهم بآراء من الفقهاء من الشيعة ومراجع وأدلة من الآيات ومن الروايات الدينية أنها ليست من أصول الدين، وأنها لا تكون فيصلاً بين الكفر والإيمان وبين الكفر والإسلام، وإنما هي مسألة اختلف عليها المسلمون، ولذلك هي ليست من ضروريات الدين، وإذا كانت ليست من ضروريات الدين واختلف عليها المسلمون فإذاً يجب أن يعذر المسلمون بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه، أما المسألة المجمع عليها هي التي يمكن أن تُشكِّل فيصلاً بين الإسلام والكفر، أما هذه المسألة لم يُجمَع عليها بين المسلمين، فلذلك استغربوا حتى بعض أهل العلم وبعض العلماء كانوا غائبين عن هذه..
تركي الدخيل: تقصد في المحيط الشيعي.
على الأمين: في المحيط الشيعي طبعاً.
تركي الدخيل: وماذا وجدت من المحيط السني؟
على الأمين: المحيط السُّني وجدت أنا الحقيقة يعني من خلال لقاءاتي أيضاً مع بعض العلماء وأهل العلم وجدت أن هناك تجاوباً لم أجد يعني هناك رفضاً لهذه الأفكار حتى في منطق التكفير الذي أنا يعني تعرَّضت له عند الفريقين.
تركي الدخيل: كُفِّرت أنت من قبل السنة والشيعة على حد سواء.
على الأمين: أن عقيدة الإسلام هي من البساطة بشكل لا تحتاج إلى أن يُكفِّر البعض البعض الآخر على أي قضية من القضايا، هي قضية واضحة وسهلة وبسيطة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، هذا هو الإسلام، أما أنه والله فلان ماذا يصنع في خلواته؟ ماذا يقصد في قلبه؟ كما قال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لأسامة.
تركي الدخيل: « أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ »؟
السيد علي الأمين: « أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ »؟ أنت ما لك علاقة بقلبه لقد قال لا إله إلا الله وانتهى، ويجب أن تكفّ عن قتله وعن تكفيره، هذه بساطة العقيدة، فوجدت بعضهم قد يرفض هذا الأمر بس على العموم أنا أعتقد أنما كُتب في هذا الكتاب وما جرى في الحوارات الماضية هو قفز في عملية التقريب قفزة إلى الأمام تجاوزت كل المؤتمرات السابقة؛ لأن المؤتمرات السابقة -أستاذ تركي- كانت تحصل وتنتهي ببيان، ثم يعود المجتمعون كلٌ إلى محيطه ليمارس نفس دوره، وليقول له أنا قلت كذا وأنا قلت كذا بدون أن يكون حواراً يسمعه الناس، أما هذا الحوار الذي جرى في المستقلة وفيما جرى في الكتاب هنا هذا حوار قرأه كل الناس، وأبدوا أرائهم وأعتقد أنه سيُغيِّر نظرة السنة إلى الشيعة ونظرة الشيعة إلى السنة ونظرة الشيعة إلى أنفسهم أيضاً سيُغيِّر.
تركي الدخيل: طيب، جاء في تعريف حضرتكم على موقع “ويكيبيديا” سيد على الأمين وُصفتم بأنكم مساهم كبير في الوحدة الإسلامية والولاء للأوطان وأن من الإيمان حب الأوطان، وأنكم تدعون إلى إنشاء كتاب ديني موحد مشيراً إلى الناشئة أننا نُفرِّقهم صغاراً ثم نطلب الوحدة منهم كباراً بحيث تُدرس في هذا الكتاب قيم الأنباء والصالحين ومثلهم وأن التعليم الديني ليس مهمة المدارس بل هي مهمة المساجد والكنائس، هذا الكتاب الذي تطالبون فيه ليكون يعني كلمة سواء بين الطرفين هل يحتاج إلى لجنة من المفكرين متعددي التوجهات والانتماءات المذهبية؟
السيد علي الأمين: هو في الحقيقة هذا كان يعني في مرحلة التسعينات هذا طرح؛ لأنه عندنا في لبنان أوجد إشكالية التعليم الديني التعليم الديني في لبنان نتيجة تعددية الطوائف صار المدرسة المشتركة التي فيها طلاب مسلمون وطلاب مسيحيون في ساعة تعليم الدين الإسلامي يُسمح لطالب المسيحي بالخروج، وفي ساعة تعليم الدين المسيحي يُسمح لطالب المسلم بالخروج..
تركي الدخيل: على اعتبار أنه لا ينتمي لهذا الدين أو المذهب وبالتالي ما يحضر.
السيد علي الأمين: نعم؛ فأنا يومها قلت لأحد رؤساء الجمهورية آنذاك في تلك المرحلة إنه طيب نحن كيف يمكن..
تركي الدخيل: نفهم بعضنا بعضاً.
السيد علي الأمين: نفهم بعضنا بعضاً، وكيف يمكن أن نبني وطناً واحداً إذا كنا نُقسِّمهم صغاراً ثم نطلب منهم الوحدة كباراً؟ هذا أمر غير منطقي وغير سليم فلذلك إما أن يلغى التعليم الديني لأنه التعليم الديني مهمة المساجد والكنائس..
تركي الدخيل: أو البيوت.
السيد علي الأمين: يعني نحن سابقاً قلت له يوماً أنا كنت سابقاً مثلاً أذكر في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كنا نجلس على مقاعد المدرسة الواحدة دون أن يعرف بعضنا انتماء زميله ورفيقه لمذهبه..
تركي الدخيل: ما كنتم تلبسون عمايم ذاك الوقت؟
السيد علي الأمين: لا؛ كنا نعيش المسيحي والسني والشيعي كنا نعيش في بيئة واحدة، يعني مرابع الصبا واحدة، الملاعب واحدة، لم نكن نعرف إنه هذا والله من أي دين ثم بالسبعينات..
تركي الدخيل: وترى أن هذا إيجابي؟
السيد علي الأمين: كان إيجابياً لأنه جاء التعليم الديني في السبعينات، وبدأ يفرز أنه كأنه البعض يريد أن يحرم اليسار بعض المؤسسات الدينية، فاعتبرت أن كسب ساعة تعليم ديني هذا كسب ضد الأحزاب اليسارية، بينما هذه وصلتنا على أن نُقسِّم أنفسنا كمواطنين ثم بعد إذاً زاد الأمر في الطين بلة أنه في زمانا أنا كنت في صور في التسعينات وفي الألفين وفيما بعدها في مناطق التعليم الديني الإسلامي أصبح هناك مشكلة أنه أنت أي دين أي مذهب تريد أن تُعلِّمهم، بعض الجمعيات التعليم الديني في لبنان تعلمه -مثلاً- طريقة المذهب الجعفري طيب هناك طلاب غير جعفريين بالصف كيف تفرض عليهم هذا الأمر؟
تركي الدخيل: شافعية أو أحناف.
السيد علي الأمين: أو أحناف أو مالكية إذاً كيف تعلمهم أصبح يوجد لنا مشكلة أيضاً، ولذلك أنا اقترحت يومها أنه إما أن يُلغى التعليم الديني ومهمة المشايخ المفتين ومدرسين الإفتاء والمساجد والكنائس هي التي تدرِّس هذه المواد وبيئته، أو أن ننشئ كتاب دينياً جامعاً يتحدث عن القيم والأخلاق الدينية والقواسم المشتركة بين الأديان كلها اللي هي الفضائل، ومن أراد التخصص بعدئذٍ يذهب إلى الأزهر أو يذهب إلى النجف أو يذهب إلى روما أو يذهب إلى أي مكان آخر يريد أن يتخصص في هذه الأمور هذا كان..
تركي الدخيل: ولم يحدث ذلك.
السيد علي الأمين: لم يحدث إلى اليوم مع الأسف لا يزال التعليم الديني موجوداً مع أنه رئيس الجمهورية آنذاك أصدر قراراً بإلغاء التعليم الديني.
تركي الدخيل: لكن لم يُطبَّق على الأرض.
السيد علي الأمين: لم يتمكن لأن المؤسسات الدينية رفضت منه هذا الطلب.
تركي الدخيل: كانت أقوى من الرئيس.
السيد علي الأمين: نعم؛ ألغت القرار.
تركي الدخيل: طيب، سأنتقل إلى فاصل قصير ثم نواصل بعده أيها الإخوة والأخوات حوارنا مع السيد علي الأمين “المرجع الشيعي اللبناني” في (إضاءات) فابقوا معنا.
تركي الدخيل: حيَّاكم الله في (إضاءات) مجدداً أيها الإخوة والأخوات، لا يزال حواري هذه الحلقة مع السيد علي الأمين “المرجع الشيعي اللبناني” سيد تحدثنا في القضايا الدينية لننتقل قليلاً إلى السياسة، حضرتك في لقاء لك مع جريدة الأنباء الكويتية في (8 مايو 2011م) ذكرت أن حركة أمل وحزب الله ربطوا رؤيتهم السياسية بالرؤية الإيرانية واعتبرت أن هذا خطئاً كبيراً يجب أن يتحمل وزره هذا الثنائي -تقصد أمل وحزب الله- وتقول: عموماً نحن نرفض أن يكون هناك أي تدخل سواء بشئون البحرين أو غيرها، ونحن جزء من شعب تحكمه دولة تقرر السياسية الخارجية وليس حزباً هنا أو جماعةً هناك. هل يعتبر السيد علي الأمين الذي يكافح من أجل بناء الدولة في لبنان أن الدولة اللبنانية رغم هشاشتها على الأرض يمكن أن تقوم بهذا الدور يمكن أن تكون محضناً لرؤية سياسية تجمع الطوائف والفئات المختلفة في لبنان؟
السيد علي الأمين: يعني هذا ما يجب أن تكون عليه الدولة اللبنانية
تركي الدخيل: يعني قبل شوي مولانا أنت قاعد تقول أنه لم يستطيع رئيس الدولة أن يلغي التعليم الديني لأن الجمعيات الدينية أقوى منه.
السيد علي الأمين: المؤسسات الدينية كانت يومها رفضت هذا الأمر ولا يزال، طبعاً هذا أمر نحن نكافح من أجل أن نحصل عليه، نحن نريد من لبنان أن يكون دولة تمثل مواطنيها يعني لا أن تنطلق سياسة هذه الدولة من هذا الحزب أو من تلك الجماعة، يعني أنا كمواطن لبناني أريد أن لبنان هو أن يُدلي بصوته وبرأيه في العلاقات بينه وبين الدول الأخرى؛ بين البحرين، بينه وبين إيران، بينه وبين سوريا وسائر الدول في العالم، فلذلك نحن نكافح من أجل أن نصل إلى حالة من الاستقلالية ومن الدولة التي تُمثِّل جميع مواطنيها من دون أن يكون هذا التمثيل حكراً على هذا الحزب أو على تلك الجماعة.
تركي الدخيل: لكن حضرتكم ألا تلاحظون أن مثلاً أمل وحزب الله الذي تنقدون رؤيتهم وربط رؤيتهم السياسية بإيران أنهم يختزلون المشهد الشيعي اللبناني بينما حضرتكم ومن هم على خلاف مع هذه الرؤية ليس لهم حضور على الساحة؟
السيد علي الأمين: هذا لأن طبيعة الوضع في لبنان هم تمكن هذا الثنائي أن يستأثر بالطائفة الشيعية موش وحدها فقط استأثر الآن بعملية الحكم في لبنان، فكيف لا يمكن أن يكون هو الوحيد على المشهد؟ لأنه الدولة اللبنانية ساعدته، ولم يجد هناك من يعارضه، ولذلك عندئذ اختزل هو صوت الطائفة الشيعية بل صوت الدولة اللبنانية الآن هو يختزلها بنفسه، يعني هو يتحكم بسياسة لبنان الدفاعية بسياسة لبنان الخارجية بسياسة لبنان الداخلية، فبطبيعة الحال الأصوات الأخرى داخل الطائفة الشيعية هي أصوات لم تجد من يحتضنها حتى الدولة اللبنانية التي دافعوا عنها، لكن نحن وصلنا إلى مرحلة في لبنان أن الدولة اللبنانية التي يعني تدافع أنت عنها هي غير قادرة على أن تدافع عن نفسها.
تركي الدخيل: وبالتالي ستتخلون عن الدفاع عنها؟
السيد علي الأمين: لن نتخلى، سنبقى نطالب بها وندافع عنها ونضحي من أجلها؛ لأنه لا خلاص لنا في لبنان إلا بالدولة الواحدة دولة المؤسسات والقانون.
كيف تُفسِّرون موقف إيران من الثورات العربية؟ خاصة حين تؤيد إيران ما يحدث من احتجاجات في البحرين ثم ترفضها في سوريا؟
تركي الدخيل: طيب في مقابلة أيضاً أجريتموها وأُجريت معكم سيد علي الأمين من قبل جريدة الرأي الكويتية في (8 مايو أيار 2011م) قلتم فيها: هناك بعض الأنظمة الأيديولوجية المعروفة سواء دينياً أو فكرياً تعتبر الخروج على الغير نضالاً وجهاداً وثورة بينما الخروج عليهم مروق وخروج وخيانة، فالذين خرجوا في إيران للمطالبة بالإصلاحات والحريات اعتبروا أعداءً للنظام، بينما حظيت أحداث البحرين بالتأييد وشهدنا سكوتاً على ما يجري في سوريا، هذه الأنظمة تصف التحركات بأوصاف مختلفة تكيل المديح لما يحقق مصالحها، وتنتقد ما ضدها مما يعطي صورة عن تعدد المعايير. كيف تفسرون سماحة السيد علي الأمين “المرجع الشيعي اللبناني” موقف إيران من الثورات العربية هذا الموقف المختلف بحيث ما يحدث من احتجاجات في البحرين يتم تأيدها، الثورة في مصر يتم تأيدها، بينما ترفض الاحتجاجات في إيران أو حتى في سوريا؟
السيد علي الأمين: كما قلت أنا في هذا المقال بأن يعني منشأ الاعتراض هو أنه تعتبر الدولة الدينية عادةً تعتبر نفسها أنها هي خليفة الله على الأرض، وأن شرعيتها مستمدة من السماء ومن الدين، ولذلك أي خروج عليها يعتبر خروجاً على الشرعية وعلى الشرع..
تركي الدخيل: أو على حلفائها السياسيين.
السيد علي الأمين: وحلفاءها السياسيين كأنهم يستمدون شرعيتهم ليس من شعبهم، وإنما يستمدون شرعيتهم من تحالفهم مع الدولة ذات الشرعية الدينية، فمن هنا جاءت المفارقة، والكيل بمكيالين، واختلاف المعايير، وهذا طبعاً يُضعف الموقف؛ لأنه لا معنى لأن تكون أنت مع شعب يُطالب بحقوقه في مكان ولست مع شعباً يطالب بحقوقه عندك أنت، يعني المعارضة الإيرانية ما الذي طلبته؟ طالبت أيضاً بأن تكون انتخابات حرة كالذي يحصل -مثلاً- في سوريا مثلاً من المطالب الشعبية التي تُطالب بالحرية وما شاكل ذلك، لكن هذه مشكلة أنظمة الرأي الواحد التي لا يمكنها أن تستوعب الرأي الآخر، ولذلك هي تطالب بالتعددية..
تركي الدخيل: عند الآخرين.
السيد علي الأمين: عند الآخرين؛ في البحرين، في مصر، في تونس، في غيرها، ولكن في نظامها أو الأنظمة يعني المتحالفة معها تعتبر أن التعددية هو لون من ألوان المروق.
لماذا لا يتحدث علماء الدين في إيران عما يجري في سوريا؟
تركي الدخيل: لماذا في تقدير سماحتكم لا يتحدث علماء الدين في إيران عما يجري في سوريا؟
السيد علي الأمين: أنا سمعت أن بعضهم يتحدث، وإنما يتحدث بالشكل الذي يدافع فيه عن النظام، لا يأتي على يعني المصائب التي أُصيب بها الشعب السوري والنكبات والاضطهاد الذي ناله؛ لأنه طبعاً أغلبية رجال الدين في إيران هم يتبعون النظام وولاية الفقيه، ولذلك لا يمكنهم أن ترتفع لهم أصوات تتنافى مع رؤية نظام الجمهورية الإسلامية.
كيف يمكن أن تنأى دول الخليج بأنفسها عن الأيادي الإيرانية؟
تركي الدخيل: طيب، سيد أيضاً في حوار لكم نشر في (9 مايو 2011م) مع صحيفة “عالم اليوم الكويتية” اعتبرتم أن تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين شأن خليجي داخلي، وذلك تمّ من خلال طلب السلطات البحرانية دخول هذه القوات من خلال معاهدات واتفاقات تحكم دول مجلس التعاون الخليجي، وهي خطوة تعتبر من خطوات الشأن الداخلي لهذه الدول لمساعدة السلطة البحرينية، لا أؤيد أي تدخل خارجي فهي ليست قوات احتلال، وما قالته الإدارة الإيرانية أمر غير مقبول بحسب العلاقات الدولية التي تحكم الدول والشعوب بأن هذا ليس تدخلاً في شئون البحرين، ولا يجب أن تكون هذه القوات التي دخلت البحرين عائقاً لقيام أحسن العلاقات بين إيران ودول الخليج، فمثلاً هناك قوات أمريكية بالعراق، ولن تمنع هذه القوات أن تكون هناك علاقات بين إيران ودول الخليج، فمثلاً هناك قوات أمريكية بالعراق لم تمنع العلاقات بين إيران والعراق بأحسن أحوالها، فلماذا تمنع إيران هذه القوات الصديقة التي دخلت لمساعدة البحرين؟” أنتم تشيرون دائماً إلى أن هناك أيادٍ إيرانية تحاول أن تتدخل في العالم العربي وفي الخليج تحديداً، كيف يمكن في تقديرك الخليجيين أن ينأوا بأنفسهم من هذه الأيادي الإيرانية؟
السيد علي الأمين: نحن كما قلنا إنه نحن لا نريد أن نعادي إيران، وإنما نريد أن تكون هناك أفضل العلاقات بين إيران وبين دول الخليج؛ علاقات طبعاً تقوم على السيادة، وعلى الاحترام المتبادل، وعلى عدم التدخل بالشئون، وإيران من مصلحتها يعني أن لا تخسر بوابتها إلى العالم العربي والإسلامي اللي هو الخليج، وحتى لا تخسر يجب أن تكون العلاقات قائمة على الاحترام المتبادل، وعلى الاعتراف بالسيادة لكل الدول بدون تدخل بالشئون تنأى دول الخليج بأن تطبق قوانينها على شعوبها وفي بلادها يعني هذا الذي ينأى بها عن ذلك عندما هي تطبق قوانينها وأنظمتها التي يعني آمن بها الناس ووافقوا عليها عندئذٍ هي تبتعد عن مثل هذه التدخلات.
هل تطالبون بحوار سياسي كالذي جرى في (2006م) أم تريدون فقط رموز الطوائف لتدخل في حوار ديني؟
تركي الدخيل: طيب في (4 يوليو من عام 2011م) سماحة السيد علي الأمين المرجع الشيعي اللبناني أثناء استقبالكم في مكتبكم لعدد من رجال الدين قلتم أنكم تشددون على مناشدة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشيل سليمان للقيام لدعوة عاجلة لمؤتمر حوار وطني جامع لمختلف الفرقاء السياسيين والفاعليات الفكرية الثقافية والدينية لدراسة المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها، وبذلك تمسح بالسجلات الساخنة وإيقاف المؤتمرات والتصريحات المتعددة عبر وسائل الإعلام حول القرار الاتهامي الذي تزيد من حدة التصعيد والاحتقان. هل تطالبون حضرتكم بحوار سياسي كالذي جرى في (2006م) أم تريدون فقط رموز الطوائف لتدخل في حوار ديني؟
السيد علي الأمين: أنا كنت قاصد أنه في فترة صدور القرار الاتهامي ارتفعت حدة السجالات والاعتراضات والإشكالات
تركي الدخيل: والتنابز.
السيد علي الأمين: والتنابز طبعاً بين هذه الأفرقة يعني بعضهم حاول أن يعتبر أن القرار الاتهامي هو قرار مبرم أصبح، والبعض يقول هذا لا ليس قراراً صحيحاً وارتفعت الحدة، فقلنا لا مجال يعني لسحب هذه القضية من التداول في الخارج إلا أن يقوم رئيس الجمهورية بدور؛ بأن يدعو إلى مؤتمر وطني للحوار مش الحوار السابق الحوار السابق كان حواراً عقيماً، وإنما أن يدعو لهذا الحوار على صعيد مش طاولة الحوار وإنما مؤتمر وطني للحوار يدعو فيه مختلف الشخصيات السياسية والفكرية والدينية والثقافية إلى مؤتمر يتحاورون فيه حول هذه القضايا.
تركي الدخيل: ترى إنه هناك أزمة في الحوار بين الفرقاء اللبنانيين؟
السيد علي الأمين: نعم طبعاً.
تركي الدخيل: طيب بالعادة هذه الحوارات ينأى عنها المتعصبون أو المتطرفون سواء سياسياً أو دينياً، فكيف يمكن أن نؤثر على هؤلاء إذا كانوا لا يحضرون مثل هذا النوع من الحوارات؟
السيد علي الأمين: إذا كان هناك مؤتمر وطني عام وحضره مختلف الأطراف إلا الفريق الذي لا يريد حضوراً يمكن أن يؤثر عليه على مستوى الرأي العام يؤثر عليه.
تركي الدخيل: لكن هل ترون أي بوادر لهذا الحوار؟
السيد علي الأمين: يعني نأمل نحن أن يقوم رئيس الجمهورية بهذه الخطوة بس أن تكون خطوة موسَّعة لا أن نقتصر فيها على الماضي على طاولة الحوار لمجموعة من المسئولين وينتهي الأمر؛ لأنه رأيناه سنوات عديدة لم تثمر شيئاً، فنحن نريد حواراً أوسع وأجدى مختلف الشرائح تدخل فيه لعله عندما يكون هناك رأي عام يضغط على هذا الفريق أو على ذاك الفريق الآخر.
تركي الدخيل: سيد علي الأمين “المرجع الشيعي اللبناني” شكراً لكم على هذا الوقت.
السيد علي الأمين: حيَّاكم الله شكراً لكم.
تركي الدخيل: شكراً لكم أنتم أيها الإخوة والأخوات على متابعة هذه الحلقة من (إضاءات) حتى ألقاكم في حلقة مقبلة هذا تركي الدخيل يترككم في رعاية الله وحفظه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.