تأجير الرحم والأم البديلة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين وعلى جميع عباد الله الصالحين وحسُن أولئك رفيقاً.
الأخ العزيز الأستاذ أسامة كامل أبو شقرا المحترم.
وصلتني رسالتك التي تتضمّن السؤال عن مسألة (تأجير الرّحم) أو ما سمّي بالأم البديلة. وهي من المسائل المستحدثة في عصرنا، وقد تصدّى لبيان حكمها الشّرعي جمعٌ من علماء الشريعة. والرّأي الفقهي الّذي تساعد عليه النّصوص الدينيّة هو القول فيها بالتّحريم والبطلان. ولا يتّسع المجال لذكر جميع النّصوص الدالة على ذلك، وعلى سبيل الإختصار نقول: إن مسألة تأجير الرّحم تخالف المستفاد من الكتاب والسنّة في لزوم حفظ الفروج، وقد ورد في القرآن الكريم في عدة آيات منها قول الله تعالى:)والحافظون فروجهم والحافظات ( ومنها قوله تعالى: )ويحفظن فروجهن) وهذا المعنى من لزوم حفظ الفرج وصيانته هو مؤّدى ما ورد أيضاً في أحاديث السُنّة النبويّة،منها:) الفرج أمانة ( وقد استفاضت الأحاديث الدالة على حرمة وضع الرجل نطفته في رحم لا تَحِلُّ له، وفي بعضها ) أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة رجلٌ أقرّ نطفتَه في رحمٍ لا تحلُّ له).
والمستفاد من القرآن الكريم أيضاً أن عناوين الأمومة والأبوّة والبنوّة ليست من الأمور الّتي تنالها العقود التجاريّة، وإنّما هي من العناوين الّتي تنتزع وتتولّد من أسبابها الحقيقيّة والشّرعية، فلا تكتسب صاحبة البويضة الّتي تمّ تلقيحها صفة الأم بدون أن تكون هي الّتي حملت ووضعت، كما جاء في قوله تعالى:)ووصّينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمّه كُرهاً ووضعته كُرهاً ( وقوله تعالى: ) قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ( وقوله تعالى: ) فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا) وقوله تعالى: ) إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ).
فإنّ المفهوم من هذه الآيات وغيرها أنّ الّتي تحمل عنوان الأم هي التي حملت ووضعت. وهذا المعنى هو ما نصّت عليه كتب اللغة أيضاً، وقد جاء فيها أن ضابط الأم هي كل من ولدتك فهي أمك حقيقة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى البنوّة والأبوّة، كما في قوله تعالى: ) .. وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ..) هذا ما تيسّر بيانه والله سبحانه وتعالى هو الأعلم.