ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات:
نقف متكاتفين جنباً إلى جنب لمحاربة إساءة معاملة الأطفال
واستغلالهم من خلال شبكة الإنترنت في شتى أنحاء العالم
العلاّمة السيد علي الأمين :
“تحالف الأديان” محطة مهمة للتلاقي والحوار
أبو ظبي – وكالات وصحف
نص “بيان أبوظبي” : “في ظل الإيمان الراسخ بأهمية المحافظة على الكرامة المتأصلة لدى جميع الأطفال، تعهدت القيادات الدينية والإيمانية على مستوى العالم والمشاركين في الملتقى بالتوحد من أجل وقاية الأطفال من التعرض للإساءة، والإسهام بشكل بناء في العمل على تطوير قدرات وإمكانات أطفال العالم بدنياً، واجتماعياً، ونفسياً، وروحانياً، والدعوة إلى مفهوم عالمي مفاده أن التطور في أي مجال، لا يبرر أي شكل أو نوع من الإساءة للطفل وأنه يجب مراعاة ذلك في كافة المجالات”.
وأكد البيان أن البشر يولدون وهم يتمتعون بالحق في حياة كريمة لينموا ويزدهروا في بيئة مستقرة ومجتمع آمن يحترمهم ويعلي مكانتهم، فالطفل يمثل اللبنة الأساسية لبناء واستقرار المجتمعات، وسر نهضتها، وازدهارها، وتقدمها ..ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على كرامة الأطفال يمكن أن يلعب دوراً محوريا في تعزيز تقدم ونهضة مجتمعاتنا والعالم الذي نعيشه، وهو أمر تكفله كافة الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية والعادات والتقاليد والأعراف الإنسانية التي أكدت جميعها على حق الطفل في عيش حياة آمنة وكريمة.
وأشار البيان إلى أنه وفي الوقت الذي تمكن فيه الجيل الناشئ في عصرنا هذا من تسخير التكنولوجيات المتطورة، بات الأطفال اليوم يمثلون أكثر من ربع مستخدمي الإنترنت على مستوى العالم بإجمالي ثلاثة مليارات نسمة، فإننا نجد أن الملايين من هؤلاء الأطفال يتعرضون للإساءة والاستغلال في العالم الرقمي من خلال الاستخدام السلبي لبعض الابتكارات التكنولوجية الحديثة التي أصبحت في كثير من الأحيان مصدراً رئيسياً للاستغلال الجنسي للطفل، والمتاجرة بطفولتهم البريئة وفي الإعلانات والمواد الإباحيَّة، وارتكاب الجرائم الإلكترونية، وتجنيد الجماعات الإرهابية للأطفال والمراهقين عبر شبكة الإنترنت.
وأكد البيان ، أنه ولمواجهة هذا التحدي المعاصر، فإنه يتوجب على الجميع العمل سوياً وبشكل مشترك مع القيادات الدينية كافة، لوضع الحلول الفاعلة لهذه المشكلات وتفادي تلك المخاطر التي تستهدف الأطفال بما قد يؤثر على أمن واستقرار مجتمعاتنا، وذلك انطلاقا من الإيمان بأن حماية كرامة الأطفال هو أمر يسعى الجميع إلى تحقيقه وتوحيد الجهود والرؤى للوصول إليه على اختلاف المشارب والانتماءات الخاصة، وأنه هنالك اليوم ما نحتاجه من الفرص، والوعي، والحكمة، والابتكار، والأدوات التكنولوجية، لتحقيق هذا الواجب الديني والأخلاقي والإنساني.
إلى ذلك، تعهد المشاركون بتعزيز قيمة الحوار، من خلال دور العبادة للتأكيد على دور قادة المجتمعات في تعزيز أمن مجتمعاتهم وضمان كرامة الأطفال وحمايتهم وبخاصة في العالم الرقمي، وبناء الشراكات الفاعلة بين القيادات الدينية والإيمانية بمختلف مستوياتها بهدف معالجة تأثيرات الإساءة للطفل واستغلاله في العالم الرقمي، والعمل على إلهام القيادات الدينية والإيمانية بجميع مستوياتها ولجميع الأديان لتوحيد جهودهم الروحانية والعملية والتعليمية للتعامل بشكل متكامل مع كيفية الاستجابة لحالات إساءة معاملة الأطفال وكيفية تقديم يد العون للضحايا وعائلاتهم.
بالإضافة إلى ذلك، تعهد المشاركون بإطلاق الحملات والبرامج التوعوية للتأكيد على ضرورة مراعاة حق الأطفال في العيش بكرامة إنسانية وعدم تأثر ذلك بالتطورات التقنية والتكنولوجية، على أن تكون هذه الحملات بمشاركة القيادات الدينية والإيمانية والروحية والتي لها تأثيرها في المجتمع، وإعلان عام 2019 عام “كرامة الطفل وحمايته من المخاطر الناجمة عن العالم الرقمي” بهدف إلقاء الضوء على هذه القضية الخطيرة والمهمة.
كما دعا المشاركون المؤسسات العلمية والتربوية إلى تبني مقرر دراسي يتم تدريسه في مراحل التعليم الأساسي لتوعية الأطفال من مخاطر الاستخدام السلبي للتقنيات الحديثة، ومطالبة المؤسسات الحقوقية بتعقب كافة مظاهر الاستخدامات السلبية للتقنيات الحديثة وتأثيراتها الضارة على الأطفال والكشف عنها وملاحقتها قانونياً وقضائيا، فضلاً عن عقد مؤتمر سنوي يناقش بشكل دوري الجديد في هذه القضية وغيرها من القضايا الأخرى التي تتعلق بأمن المجتمعات واستقرارها وما تم تحقيقه من انجازات في هذا الجانب وما يطرأ من تحديات، بما يسهم في تنمية الوعي المجتمعي بهذه القضايا.
وشهدت فعاليات اليوم الثاني من اعمال الملتقى جلسات متزامنة سعت إلى إيجاد حلول وآليات مشتركة ضمن ثلاثة مجالات، هي الحماية والاستجابة والشراكات الفاعلة، وذلك بحضور واسع من قادة الأديان والمتخصصين وعدد كبير من الحضور.
وكانت انطلقت يوم الإثنين، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، فعاليات النسخة الأولى من ملتقى “تحالف الأديان لأمن المجتمعات” والمنعقدة تحت عنوان كرامة الطفل في العالم الرقمي برعاية الفريق أول محمد بن زايد أل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات، ومشاركة الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية الإماراتي.
وافتتح الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي وزير الداخلية، فاعليات الملتقي” بمركز أبوظبي الوطني للمعارض، أدنيك.
ويهدف الملتقى الذي يضم نحو 450 من القيادات الدينية وزعماء الأديان إلى معالجة التحديات الاجتماعية الأكثر إلحاحا في العالم، إضافة إلى تعزيز جهود قادة الأديان، والعمل على الخروج بأفكار موحدة لتعزيز حماية المجتمعات، وخصوصا الأطفال، من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.
ويأتي انعقاد الملتقى في دولة الإمارات “تأكيدا على المكانة الاستراتيجية التي تتميز بها على المستوى العالمي في تعزيز الحوار السلمي، من خلال نموذجها الريادي في ترسيخ قيم الاعتدال والتعايش السلمي بين شعوب العالم”.
وقال الشيخ سيف بن زايد آل نهيان في كلمته الافتتاحية: «نجتمع هنا، على نهج أسلافنا مقتدين بأعز بني البشر الأنبياء والرسل والصالحين، الذين جاؤوا للبشرية بلغة السلام والتعايش والمحبة، فكانوا قدوتنا ومناراتنا وهدينا للطريق والصراط المبين، فاجتمعتم اليوم مهتدين بنهجهم لما فيه خير البشرية جمعاء، ويقف اليوم معكم، كل محبي الخير في العالم، كل محبي الصلاح والفلاح الذين يحرصون على بث الروح الإيجابية في مواجهة السلبية».
وأضاف : لقد حبانا الله في هذه المنطقة من أرض الله الواسعة بقيادة أسس قيمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فسار على نهج حب الخير والإنسانية، لأنه رحمه الله اقتدى بروح ونهج الأنبياء وتعلم من أخلاق سيدنا الرسول الكريم، محمد، عليه الصلاة والتسليم ومن أنبياء الله جميعاً الذين حملوا رسالة الله على الأرض من سيدنا إبراهيم إلى سيدنا يعقوب، وسيدنا يوسف، وسيدنا موسى، وسيدنا عيسى، عليهم أفضل الصلوات والتسليم، وسار أبناؤه في الإمارات على هذا النهج تحت راية التسامح والتلاقي.
وقال : إن هذه القيم والأخلاقيات ورّثها لنا، طيب الله ثراه، فحمل محبة الأديان والاقتداء بها لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، و صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذين عملوا على ترسيخ هذه الأخلاقيات، وبث قيم المحبة والتسامح والعدالة.
وكان المؤتمر قد بدأ فعالياته بكلمة لفاطمة الكعبي أصغر مخترعة في دولة الإمارات بعمر 17 عاماً، بوصفها ممثلة لصوت الطفولة والأطفال، والتي أشارت فيها إلى أن الملايين من الأطفال حول العالم يعيشون في مناطق خطرة، ويعانون فيها إما من الحرمان أو هم عرضة لمخاطر العالم الرقمي، منوهة بأن شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تحظى بإقبال واسع من جميع الأطفال حول العالم، وهي التي قد يجري استغلالها كوسيلة لتدمير الطفولة».
يذكر أن ملتقى “تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات” نتج عن مؤتمر “كرامة الطفل في العالم الرقمي” الذي عقد خلال شهر أكتوبر عام 2017 وصدر عنه “بيان روما” وأيده البابا فرانسيس، حيث استعرضت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة خلال المؤتمر جهودها في تعزيز حوار الأديان ورغبتها في استضافة ملتقى عالمي يؤكد التزامها بالمضي قدما في تمكين الحوار والعمل بين الأديان، حيث أثمرت جهودها في أن يكون ملتقى تحالف الأديان أحد مخرجات ذلك المؤتمر.
وشارك في الملتقى نحو 450 من قادة الأديان بهدف إثراء الحوار ومواجهة ومناقشة التحديات الاجتماعية الخطيرة، إضافة إلى تعزيز جهود قادة الأديان والعمل على الخروج بأفكار موحدة لتعزيز حماية المجتمعات وخاصة النشء من جرائم الابتزاز عبر العالم الرقمي ومخاطر الشبكة العنكبوتية.
وحظي الملتقى بدعم من الأزهر الشريف، فيما ينطلق بالشراكة مع عدد من المؤسسات والهيئات والمنظمات الدينية العالمية، من بينها “تحالف كرامة الطفل”، ومنظمة “أرغيتو” الدولية غير الحكومية، والشبكة العالمية للأديان من أجل الطفل، ومبادرتي “نحن نحمي” و”إنهاء العنف ضد الأطفال”، ومنظمة “يونيسف”، و”الأديان من أجل السلام”، والجامعة البابوية الجريجورية، وجامعة الأزهر، ومنظمة “ورلد فيجين” الدولية، و”شانتي آشرام”، وبعثة العدالة الدولية.
وكان الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية في أبوظبي أمس ” الاثنين ” كرم في متحف اللوفر في أبوظبي المشاركين في اعمال ملتقى تحالف الأديان لأمن المجتمعات من قادة أديان وممثلين لمؤسسات دولية تعنى بحماية الأطفال ، بمنحهم ميدالية خدمة المجتمع تقديراً لما يقومون به من خدمات جليلة ايجابية تسهم في تعزيز أمن المجتمعات الانسانية. حضر اللقاء والتكريم ، معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح وعدد من الضيوف والمشاركين في الملتقى.