الخميس , فبراير 13 2025

سبي النساء وقوانين الحرب

سبي النساء وقوانين الحرب

وعلى هذه الأسس القرآنية من المودةّ والبرّ والقسط يجب أن تكون العلاقات مع الآخر المختلف في الدين والعقيدة، وعليهاأيضاً يقوم فهمنا لمسألة الحروب التي وقعت في عهد رسول الله (ص) والتّشريعات الواردة فيها كالجزية واتخاذ النساءوالرجال غنائم حرب واعتبارهم من الأشياء التي يملكها الإنسان،فإنها من الأحكام الظرفيّة التي فرضتها قوانين الحرب التيكانت سائدة في المجتمع البشري قبل الاسلام،وما ورد فيها من ثبوت الجزية وغيرها من أحكام قتالية هو حكم مختصٌّبالمحاربين الذين أعلنوا الحرب،وليس حكماً عاماً شاملاً لكل المختلفين في الدين،فلا يثبت الحكم المذكور وغيره من أحكامالحرب على كل أهل الكتاب وغيرهم ممن لم يكونوا شركاء في الحرب كما تدل عليه الآية المباركة التي أخرجت عن عموم تلكالأحكام الذين لم يقاتلوا المسلمين في الدين ولم يخرجوهم من ديارهم،ومما يدل على اختصاص الحرب بالأسباب الدفاعيةوأنها خاصّة بالذين اختاروا إشعال نارها قول الله تعالى(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحبُّالمعتدين) وقوله تعالى (وقاتلوا المشركين كافّة كما يقاتلونكم كافّة واعلموا أن الله مع المتّقين) فالحرب في الإسلام ليست كمايظنها البعض حرباً على كل من خالف المسلمين في العقيدة! فإن هذا الظنّ لا يتفق مع ما سبق ذكره من آيات ولا مع غيرهاكقوله تعالى (لا إكراه في الدين ) (وقل الحق من ربّكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وقوله تعالى(ولو شاء ربّك لآمن منفي الأرض كلّهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).ولذلك يقال بأنّ بعض ما ورد في كتب السيرة عن بعض الوقائع وما سمّي بالغزوات لا يمكن أن نفهمها ونقبل ببعض ما رويعن جريانه فيها بمعزل عن القرآن الكريم باعتباره المصدر الأول لتلك الأحكام التي كان الرسول مؤتمناً على تبليغها وتطبيقها.وقد انتفت بعض تلك الأحكام فيما بعد من المجتمعات الإسلاميّة لانتفاء موضوعها، فلم يبق هناك من عبيدٍ ولا إماء، وليس هناكمن جزية على أهل الكتاب وغيرهم سوى الضرائب التي يدفعها المواطنون للدولة،وهي كما أسلفنا لم تكن ثابتة على أهلالكتاب وغيرهم من الذين لم يدخلوا في الحرب، وإنما كانت على الفئة التي دخلت الحرب وطلبت بعدها الصلح فتفرض عليهاالجزية، وهذا خلافاً لما يظهر من الفقهاء في أبحاثهم الفقهية التي لم تأخذ بنظر الإعتبار ظروف الحرب وأسبابها الموضوعيةوأطرافها ومقاصدها التي يظهر انحصارها بالدفاعية.والحاصل أن قوانين الحرب وأحكامها ينبغي أن نفهمها على ضوء آيات القرآن الكريم التي تشكل المرجع الأساس لأخبارالسيرة وغيرها.وقد تطورت النظرة إلى مواطني الدولة الإسلامية كما يظهر من اعتبارهم جزءاً من الرعيّة متساوين مع غيرهم في المحافظةعلى حقوقهم كما جاء في عهد الإمام علي عليه السلام إلى مالك الأشتر عندما ولّاه على مصر التي كانت تجمع بين المسلمينوالمسيحيين حيث جاء فيه:(…وأشعر قلبك الرحمة للرعيّة والمحبّة لهم والعطف عليهم واللطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهمصنفان، إمّا أخ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق).-١-
——
—١-كتاب زبدة التفكير في رفض السب والتكفير-ص-٥٣-العلامة السيد علي الأمين
شارك المعرفة وانشر