لقاء مع السيد علي الامين لم ينته!! / كتب الشيخ حسن حماده
مجلة الشراع 26/03/2024
متظللين بصوره المفكر الكبير السيد محمد حسن الامين ،جلسنا ننتظر آية الله السيد علي الأمين ،لننهل من معين فكره وعلمه، في واحة فكرٍ وتلاقٍ مع الآخر ومتنفس وئام نسمو عبره نحو العلياء، واحة من أجمل الواحات العصرية التي تجمع بين الدين والفكر والحداثة والسياسة، إنها جنوبية الموقع المتميز والمتألّق الذي عوّدنا دائماً على تلك اللّقاءات والندوات والمؤتمرات والسهرات الفكرية والعلمية والاجتماعية، كيف لا وهو موقع يتنفس فكر آل الأمين الكرام، الذين تميّزوا بنزعتهم الفكرية التنويرية الوحدوية الإنفتاحية الممزوجة بحبّ الوطن واحترام الأديان ، بما تمثّل من نهج قويم يهدف إلى خدمة الإنسان.
وبينما نحن كذلك نتناول أطراف الحديث مع ثلّة من أعلام الفكر والثقافة.. الوزير ابراهيم شمس الدين (نجل المفكر الكبير رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين)، والصحافي المخضرم الأستاذ حسن صبرا (رئيس تحرير مجلة الشراع) ، والكاتب والمفكر الأستاذ عبد الحسين شعبان والصحافي الأستاذ أحمد عياش (رئيس تحرير نداء الوطن) ، والسيد مهدي الأمين والسيد (نجل المفكر الكبير الراحل السيد محمد حسن الأمين)، والسيد حسن الأمين (نجل آية الله السيد علي الأمين)، والدكتور علي خليفة (رئيس حركة تحرّر)، ونخبة من المفكّرين والمثقّفين،
دخل سماحة الأمين وهنا تتساقط الألقاب (آية الله.. المفتي.. العلّامة.. الحجّة..) ويسمو السيّد الإنسان… بتواضعه النبوي، وأخلاقه الملائكية، وسيماته العلوية… كيف لا وهو سليل الأشراف الهاشميين، وبلهفة الأب الوقور، والناصح الغيور، صافحنا فرداً فرداً، دعا لنا بالخير، وجلس يحاضر فينا… كانت كلماته تخترق الحجب، تدخل مسامع القلب والفكر والوجدان، تناغي الروح، تخاطب الديني واللّا ديني… وبلسان المسيح (ع) ومحمد (ص) تناشد الإنسان: “إن الله يحبكم جميعاً… إن أكرمكم عند الله أتقاكم”…
وفي ميادين الصوم غاص سماحة المفتي، مسهباً في شرح فلسفة الإمتناع… فليس المراد فقط الصوم عن الطعام والشراب، بل الصوم عن الخطيئة والموبقات مهما كانت الخطيئة ومهما كانت الموبقات…
أمّا ما لم يقله السيد… فقد قرأتها في نظراته وصمته، وهو ينظر إلينا نظرة الأب القلق على أبنائه المتخبطين بين أمواج بحر هائج، يبحثون عن سفينة للخلاص.
قرأت العتب في عينيه، عتب كبير بحجم حبه لنا، وخوفه علينا… قرأت فيهما القلق على لبنان وأهله.
سألته توصيات لطلبة العلوم الدينية، فوجدته يكتم أكثر ممّا يقول… كأنه يتأسّف على واقع الحوزات العلمية اليوم، كيف لا وهو ابن حوزة النجف التي خرّجت فطاحل العلماء والمراجع… “أوصيكم ونفسي بتقوى الله” جاوبني السيد… بأربعة كلمات اختصر الجواب العميق الذي كان يحتاج إلى سلسلة من المحاضرات والندوات…
وفي الختام ودّعنا سماحته على أمل اللقاء مجدداً… لكنني أقسم أن هذا اللقاء لم ينتهِ، ما زال مستمراً… وما زلت أفكر بكلماته حتى اللقاء القادم…
الشراع